فصل: (سورة النساء: الآيات 103- 104):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة النساء: الآيات 103- 104]:

{فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيامًا وَقُعُودًا وَعَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتابًا مَوْقُوتًا (103) وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104)}

.الإعراب:

{فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيامًا وَقُعُودًا وَعَلى جُنُوبِكُمْ} الفاء استئنافية، والكلام مستأنف مسوق لتقرير ما يندب بعد أداء صلاة الخوف على الوجه الكامل المبين. وإذا ظرف مستقبل متضمّن معنى الشرط، وجملة قضيتم الصلاة في محل جر بالإضافة، والفاء رابطة، وجملة اذكروا اللّه لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم، وقياما حال وقعودا حال ثانية، وعلى جنوبكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال ثالثة عن طريق العطف {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} تقدم إعرابها، والجملة معطوفة على ما تقدم {إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتابًا مَوْقُوتًا} الجملة تعليل لما سبق، وإن واسمها، وجملة كانت خبر إن، وعلى المؤمنين متعلقان بـ {موقوتا} وكتابا خبر كانت، وموقوتا صفة، أي: محدودا بأوقات {وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ} الواو عاطفة أو استئنافية، ولا ناهية، وتهنوا فعل مضارع مجزوم بلا وفي ابتغاء القوم متعلقان بتهنوا {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ} إن شرطية جازمة، وتكونوا فعل مضارع ناقص فعل الشرط، والواو اسم كان، وجملة تألمون خبرها، وجملة الشرط لا محل لها لأنها تعليلية للنهي، فانهم الفاء رابطة للجواب، وان واسمها، وجملة يألمون خبرها والجملة المقترنة بالفاء في محل جزم جواب الشرط وكما تألمون في محل نصب على المفعولية المطلقة أو على الحالية، وقد تقدمت له نظائر {وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ} عطف على جملة يألمون، وما اسم موصول مفعول به لترجون، وجملة لا يرجون لا محل لها لأنها صلة {وَكانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} تقدم إعرابه كثيرا.

.[سورة النساء: الآيات 105- 106]:

{إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106)}

.الإعراب:

{إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ} كلام مستأنف للتحذير من التعجل في الحكم، وهو عام، وإن واسمها، وجملة أنزلنا خبرها، وإليك متعلقان بأنزلنا والكتاب مفعول به، وبالحق متعلقان بمحذوف حال {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ} اللام للتعليل وتحكم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والجار والمجرور: لام التعليل والمصدر المؤول من أن المضمرة والفعل تحكم متعلقان بأنزلنا وبين الناس ظرف متعلق بتحكم، وبما متعلقان بتحكم وجملة أراك اللّه لا محل لها لأنها صلة للموصول، والإراءة هنا بمعنى المعرفة والعلم، فالكاف مفعوله الأول والثاني محذوف، وهو العائد المحذوف، أي: بما أراكه اللّه {وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيمًا} الواو عاطفة ولا ناهية وتكن فعل مضارع ناقص مجزوم بلا، واسم تكن مستتر تقديره أنت، وللخائنين جار ومجرور متعلقان بخصيما، وخصيما خبرها. {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا} عطف على ما تقدم، وقد تقدم إعراب نظائره.

.[سورة النساء: الآيات 107- 108]:

{وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108)}

.اللغة:

{يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ}: يستريبون بها ويخونونها بالمعاصي.
{يَسْتَخْفُونَ}: يستترون.
{يُبَيِّتُونَ} يدبرون الأمر بليل. ولا يكاد يستعمل إلا في الشر، وعبارة المبرّد في كامله: يقال بيّت فلان كذا وكذا إذا فعله ليلا، وفي القرآن: {وإذ يبيتون ما لا يرضى من القول} أي: أداروا ذلك ليلا بينهم.

.الإعراب:

{وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ}
الواو عاطفة ولا ناهية، وتجادل فعل مضارع مجزوم بلا والفاعل أنت، وعن الذين متعلقان بتجادل، وجملة يختانون أنفسهم لا محل لها لأنها صلة الموصول {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّانًا أَثِيمًا}
تعليل للنهي، وان واسمها، وجملة لا يحب خبرها ومن اسم موصول مفعول به، وجملة كان صلة الموصول وخوانا خبر كان، وأثيما صفة، أو هما خبران لكان {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ}
الجملة مستأنفة مسوقة لمجرد الإخبار بأنهم يطلبون الستر، أو حالية من من على أنها موصولة، وجملة ولا يستخفون من اللّه عطف على الاولى، الواو حالية، وهو مبتدأ، والظرف معهم متعلق بمحذوف خبر، والجملة حالية {إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ}
إذ ظرف لحكاية الحال الماضية، وجملة يبيتون في محل جر بالإضافة، وما اسم موصول مفعول به وجملة لا يرضى صلة الموصول، ومن القول متعلقان بمحذوف حال {وَكانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطًا}
تقدم اعراب نظائرها كثيرا.

.البلاغة:

1- المبالغة في قوله: {خوانا أثيما}: فقد استعمل صيغتين من صيغ المبالغة، لأن اللّه كان عالما من طعمة بن أبيرق الذي سرق درعا من جار له وأودعها عند يهودي، الإفراط في الخيانة وركوب المآثم.
2- المجاز في الاستخفاء: إذ الاستخفاء من اللّه محال، لأن اللّه يعلم الجهر وما يخفى، فيكون مجازا عن الحياء.

.[سورة النساء: آية 109]:

{ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109)}

.الإعراب:

{ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا} كلام مستأنف مسوق لتبكيت قوم طعمة بن أبيرق، وهم بنو ظفر من الأنصار الذين حاولوا ستر جنايته وسرقته. وها للتنبيه وأنتم مبتدأ وهؤلاء خبره، وجملة جادلتم خبر ثان، وأعرب بعضهم هؤلاء منادى محذوف منه حرف النداء، وجملة النداء اعتراضية وهو صحيح. وعنهم جار ومجرور متعلقان بجادلتم، وفي الحياة متعلقان بمحذوف حال، والدنيا صفة {فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ}
الفاء عاطفة، ومن اسم استفهام انكاري مبتدأ، وجملة يجادل اللّه خبر، وعنهم متعلقان بيجادل، ويوم القيامة ظرف متعلق بمحذوف حال {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا}
أم حرف عطف، ومن اسم استفهام مبتدأ، ويكون فعل مضارع ناقص واسمها ضمير مستتر تقديره هو يعود على من والجملة في محل رفع خبر من، وعليهم جار ومجرور متعلقان بـ {وكيلا} ووكيلا خبر يكون.

.البلاغة:

في هذه الآية الالتفات، في قوله: {ها أنتم جادلتم عنهم...}
فقد انتقل من الغيبة إلى الخطاب، لمشافهتهم بالتوبيخ والإنكار.

.[سورة النساء: الآيات 110- 112]:

{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112)}

.الإعراب:

{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} كلام مستأنف مسوق لحمل طعمة على التوبة، ومع ذلك أصر على ركوب متن الشطط، وأبى أن يتوب، والواو استئنافية ومن اسم شرط جازم مبتدأ، ويعمل فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل هو، وسوءا مفعول به، وأو حرف عطف. ويظلم نفسه عطف على يعمل، ونفسه مفعول به {ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} ثم حرف عطف، ويستغفر اللّه عطف على ما تقدم، ويجد اللّه جواب الشرط، وفعل الشرط وجوابه خبر من، وغفورا مفعول به ثان، ورحيما صفة {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ} عطف على ما تقدم، وهو مماثل له في إعرابه. وجملة فإنما جواب الشرط، وفعل الشرط وجوابه خبر من، وعلى نفسه متعلقان بيكسبه، لأن وبال الإثم متعلق بها {وَكانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} تقدم إعرابها.
{وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا} تقدم إعرابه {ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا} عطف على يكسب ووحد الضمير تغليبا للإثم، وبه متعلقان بـ {يرم}، وبريئا مفعول به {فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} الجملة في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه خبر من، والمعنى: فله عقوبتان.

.[سورة النساء: آية 113]:

{وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)}

.الإعراب:

{وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ} الواو عاطفة أو استئنافية إتماما لقصة بني ظفر الذين حاولوا إضلال النبي، ولكن اللّه عصمه. والواقع أن الخطاب عام، يتناول الناس جميعا في مختلف ظروف الزمان والمكان.
ولولا حرف امتناع لوجود متضمن معنى الشرط، وفضل اللّه مبتدأ محذوف الخبر، وعليك متعلقان بفضل ورحمته عطف على فضل {لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ} اللام واقعة في جواب لولا، وجملة همت طائفة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم، وقد يرد على ذلك انتفاء الهمّ، لأن لولا لا تقتضي انتفاء جوابها لوجود شرطها، ولكن المنفي في الحقيقة أثر الهمّ، وسيرد هذا كله في مكانه من هذا الكتاب، وأن يضلوك مصدر مؤول منصوب بنزع الخافض، والجار والمجرور متعلقان بهمت، أي همّت بإضلالك {وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} الواو حالية وما نافية، ويضلون فعل مضارع علامة رفعه ثبوت النون، وإلا أداة حصر، وأنفسهم مفعول يضلون، والجملة في محل نصب على الحال {وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ} الواو عاطفة وما نافية ويضرونك فعل مضارع وفاعل ومفعول به، وهو معطوف على يضلون، ومن حرف جر زائد وشيء مجرور لفظا منصوب على ال..
شيئا من الضررد متضمن معنى الشرط، وفضل اللّه مبتدأ محذوف الخبر، وعليك متعلقان بفضل ورحمته عطف على فضل {لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ}
اللام واقعة في جواب لولا، وجملة همت طائفة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم، وقد يرد على ذلك انتفاء الهمّ، لأن لولا لا تقتضي انتفاء جوابها لوجود شرطها، ولكن المنفي في الحقيقة أثر الهمّ، وسيرد هذا كله في مكانه من هذا الكتاب، وأن يضلوك مصدر مؤول منصوب بنزع الخافض، والجار والمجرور متعلقان بهمت، أي همّت بإضلالك {وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ}
الواو حالية وما نافية، ويضلون فعل مضارع علامة رفعه ثبوت النون، وإلا أداة حصر، وأنفسهم مفعول يضلون، والجملة في محل نصب على الحال {وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ}
الواو عاطفة وما نافية ويضرونك فعل مضارع وفاعل ومفعول به، وهو معطوف على يضلون، ومن حرف جر زائد وشيء مجرور لفظا منصوب على الل به، والحكمة عطف على الكتاب {وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ}
عطف على ما تقدم، وما اسم موصول مفعول علمك الثاني، وجملة لم تكن صلة وجملة تعمل خبر تكن {وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}
عطف أيضا، وكان فعل ماض ناقص وفضل اللّه اسمها، وعظيما خبرها، وعليك جار ومجرور متعلقان بفضل.

.[سورة النساء: آية 114]:

{لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)}

.اللغة:

{نَجْواهُمْ}: النجوى في الأصل مصدر، وهو التناجي في السر، وقد يطلق على الأشخاص مجازا، قال تعالى: {وإذ هم نجوى}، ولا تكون النجوى إلا بين اثنين فصاعدا.

.الإعراب:

{لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ} كلام مستأنف مسوق لإتمام قصة بني ظفر. وهي عامة في حق الناس جميعا. ولا نافية للجنس وخير اسمها المبني على الفتح، وفي كثير جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبرها، ومن نجواهم متعلقان بمحذوف صفة لكثير {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} إلا أداة حصر، ومن اسم موصول بدل من كثير أو من نجوى، فالاستثناء على هذا متصل على حذف مضاف، وقيل: هي نصب على الاستثناء المنقطع، لأن من للاشخاص، وليس التناجي من جنسها، ويكون المعنى: لكن من أمر بصدقة ففي نجواه خير كثير. وبصدقة جار ومجرور متعلقان بأمر، وما بعدها معطوف عليها، وبين الناس ظرف مكان متعلق بإصلاح {وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ} الواو استئنافية ومن اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ، ويفعل فعل الشرط، وذلك مفعول به وابتغاء مرضاة اللّه مفعول لأجله {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} الفاء رابطه للجواب وسوف حرف استقبال ونؤتيه فعل مضارع ومفعول به أول. وأجرا مفعول به ثان، والفاعل مستتر تقديره نحن. وعظيما صفة، والجملة المقترنة بالفاء في محل جزم جواب الشرط، وفعل الشرط وجوابه خبر من.

.[سورة النساء: آية 115]:

{وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيرًا (115)}

.اللغة:

(المشّاقّة): المخاصمة والمخالفة.
{نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى} نجعله واليا لما تولى من الضلال، أي ما اختاره.

.الإعراب:

{وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى} كلام مستأنف مسوق للتعقيب على قصة طعمة المرتدّ، والمراد عموم الحكم وشموله الناس. ومن اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ، يشاقق فعل مضارع فعل الشرط والرسول مفعول به، ومن بعد متعلقان بيشاقق، وما مصدرية وهي مع تبين في تأويل مصدر مجرور بالإضافة، وله متعلقان بتبين، والهدى فاعل {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} عطف على يشاقق، وغير سبيل المؤمنين مفعول به {نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى} نوله جواب الشرط، والهاء مفعوله الأول، وما اسم موصول مفعوله الثاني، وجملة تولى صلة الموصول وجملة فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر من {وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيرًا} عطف على نوله، وجهنم مفعول به ثان لنصله، ومصيرا نصب على التمييز، والمخصوص بالذم محذوف، أي: جهنم.

.الفوائد:

روي أن الامام الشافعي رحمه اللّه سئل عن آية في كتاب اللّه تعالى تذل على أن الإجماع حجة، فقرأ القرآن ثلاثمائة مرة حتى وجده في هذه الآية: {ومن يشاقق الرسول...} إلخ، وتقرير الاستدلال أن اتباع غير سبيل المؤمنين حرام، فيجب أن يكون اتباع سبيل المؤمنين واجبا، وبيان المقدمة الاولى أنه تعالى ألحق الوعيد بمن يشاقق الرسول ويتبع غير سبيل المؤمنين ومشاققة الرسول وحدها موجبة لهذا الوعيد، فلو لم يكن اتباع غير سبيل المؤمنين موجبا له لكان ذلك ضمّا لما لا أثر له في الوعيد إلى ما هو مستقل باقتضاء ذلك الوعيد، وأنه غير جائز، فثبت أن اتباع غير سبيل المؤمنين حرام، وإذا ثبت هذا لزم أن يكون عدم اتباع سبيلهم واجبا، وذلك لأن عدم اتباع سبيل المؤمنين يصدق عليه أنه اتباع لغير سبيل المؤمنين، فاذا كان اتباع سبيل غير المؤمنين لزم أن يكون عدم اتباع سبيل المؤمنين حراما وإذا كان عدم اتباعهم حراما كان اتباع سبيلهم واجبا. هذا ولعلماء الأصول مناقشات طويلة، وأسئلة وأجوبة، حول صحة الاستدلال بهذه الآية، يرجع إليها في مظانّها.