فصل: (سورة النساء: آية 141):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة النساء: آية 141]:

{الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)}

.اللغة:

{يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ} ينتظرون ما يتجدد لكم من ظفر أو إخفاق.
وفي المصباح: تربصت الأمر تربّصا: انتظرته. والرّبصة وزان غرفة: اسم منه، وتربصت الأمر بفلان: انتظرت وقوعه به. ويغلب أن تردفه كلمة الدوائر، وهي تكون دائما في الشر، لأنها دائرة، أي الأمور التي تدور وتحدث في الزمن من النوائب والمحن، ولكنها هنا محتلة للخير والشر معا، بدليل التفصيل بقوله: فإن كان لكم فتح. إلخ.
{نَسْتَحْوِذْ}: مضارع استحوذ، وهو ما شذّ قياسا وفصح استعمالا، لأن من حقه نقل حركة حرف علته إلى الساكن قبلها وقلبها ألفا. كاستقام واستعاد ونحوهما. والاستحواذ: التغلب على الشيء والاستيلاء عليه، يقال: حاذ وأحاذ، فهو ثلاثي ورباعي بمعنى.
وأحوذ، ومن لغة من قال أحوذ قول لبيد في صفة غير وأتن:
إذا اجتمعت وأحوذ جانبيها ** وأوردها على عوج طوال

.الإعراب:

{الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ} اسم الموصول صفة للمنافقين أو منصوب على الذم، وجملة يتربصون بكم صلة الموصول {فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} الفاء استئنافية، وإن شرطية، وكان فعل ماض ناقص فعل الشرط، ولكم متعلقان بمحذوف خبرها المقدم، وفتح اسمها المؤخر، ومن اللّه متعلقان بمحذوف صفة لفتح، وقالوا فعل وفاعل في محل جزم جواب الشرط، وجملة ألم نكن معكم في محل نصب مقول القول، ومعكم ظرف متعلق بمحذوف خبر نكن {وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ} الواو عاطفة وإن شرطية، وكان فعل ماض ناقص في محل جزم فعل الشرط، وللكافرين جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر كان المقدم، ونصيب اسمها المؤخر {قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ} قالوا فعل وفاعل في محل جزم جواب الشرط، وجملة ألم نستحوذ عليكم في محل نصب مقول القول {وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} نمنعكم عطف على نستحوذ، ومن المؤمنين متعلقان بنمنعكم {فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ} الفاء استئنافية، واللّه مبتدأ، وجملة يحكم خبر، وبينكم ظرف متعلق بيحكم، وكذلك يوم القيامة {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} الواو عاطفة، ولن حرف نفي ونصب واستقبال، ويجعل مضارع منصوب بلن، واللّه فاعل، وللكافرين متعلقان بيجعل بمثابة مفعولها الاول، وسبيلا مفعولها الثاني. وعلى المؤمنين متعلقان بمحذوف حال لأنه كان صفة لسبيلا وتقدمت عليه.

.البلاغة:

في هذه الآية مجاز مرسل، وذلك في قوله فتح فقد سمى الظفر الذي ناله المسلمون فتحا باعتبار ما يئول اليه الظفر. لأنه أمر تبتهج له النفوس، وتطمئن اليه القلوب، وتتفتح له أبواب السماء.
وقد رمق الشعراء سماء هذا المعنى وكان السابق في هذا الميدان أبا تمام الطائي في قصيدته فتح الفتوح التي مدح بها المعتصم باللّه، ووصف وقعة عمورية، وقد قالها سنة مئتين وثلاث وعشرين للهجرة.
وعمّورية من أعظم بلاد الروم في آسية الصغرى. وكان السبب في زحف المعتصم إليها أن تيوفيل بن ميخائيل ملك الروم خرج إلى بلاد المسلمين فبلغ زبطرة، وهي بلدة في آسية الصغرى بين ملطية وسميساط، وفيها ولد المعتصم، فاستباحها قتلا وسبيا، ثم أغار على ملطيه وغيرها، فقتل وسبى ومثّل بالأسرى. وبلغ الخبر المعتصم فاستعظمه، وقيل: إن عربية صاحت وهي في أيدي الروم: وا معتصماه! فأجاب وهو على سريره: لبيك، لبيك. ونهض ونادى بالنفير وسار إلى عمورية. وتقول الرواية العربية: إنها المدينة التي ولد فيها تيوفيل، وحاصرها واستدل على عورة في السور فرمى السور من هذه الناحية فتصدع، ودخل العرب المدينة، وذبحوا سكانها وأحرقوها وسبوا نساءها وأولادها، وكان أبو تمام في صحبته وشهد الواقعة بنفسه، وكان المنجمون قد زعموا للمعتصم أن الزمان لا يوافق الفتح، وأن المدينة لا تفتح إلا في وقت نضج التين والعنب، فلم يسمع المعتصم لقولهم وسار بجيشه ففتحها. ونجد أبا تمام يتحدث عن هذا كله في قصيدته فكأنها سجل تاريخي لهذه الموقعة العظيمة، وقد استهلها بقوله:
السيف أصدق أنباء من الكتب ** في حده الحد بين الجد واللعب

بيض الصفائح لا سود الصحائف ** في متونهن جلاء الشك والريب

فتح الفتوح تعالى أن يحيط به ** نظم من الشعر أو نثر من الخطب

فتح تفتح أبواب السماء له ** وتبرز الأرض في أثوابها القشب

ثم يقول مخاطبا المعتصم:
لقد تركت أمير المؤمنين بها ** للنار يوما ذليل الصخر والخشب

ويتحدث عن هزيمة ملك الروم:
لما رأى الحرب رأي العين توفلس ** والحرب مشتقة المعنى من الحرب

ولى وقد ألجم الخطي منطقه ** بسكتة تحتها الأحشاء في صخب

تسعون ألفا كآساد الشرى نضجت ** جلودهم قبل نضج التين والعنب

ومن البلاغة بالمكانة العالية أنه سمى ظفر المسلمين فتحا، وسمى ظفر الكافرين نصيبا، تعظيما لشأن الأولين وتنويها بأن النتيجة الحتمية هي للصابرين المؤمنين المتذرعين بالعقيدة التي لا تتحلحل ولا تهون، وللإشعار بأن ظفر الكافرين ما هو في عمر الزمن إلا حظ دنيّ، ولحظة من الدنيا يصيبونها، وملاوة من العيش يسبحون في تيارها.

.[سورة النساء: الآيات 142- 143]:

{إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143)}

.اللغة:

{مُذَبْذَبِينَ}: المذبذب: الذي يذبّ عن كلا الجانبين. أي:
يذاد ويدفع فلا يقرّ في جانب واحد. وفي الذبذبة تكرير ليس في الذّب، كأن تكرير الحروف إشعار بتكرير المعنى، فهم مترجحون متطوحون في سيّال الحيرة، كلما مال بهم الهوى إلى جانب دفعوا إلى جانب آخر.

.الإعراب:

{إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ} كلام مستأنف مسوق لبيان نمط آخر من أعمالهم القبيحة. وإن واسمها، وجملة يخادعون اللّه خبرها، والواو واو الحال، وهو مبتدأ وخادعهم خبر، والجملة نصب على الحال {وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى} الواو عاطفة وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط، وجملة قاموا في محل جر بالإضافة، والى الصلاة جار ومجرور متعلقان بقاموا، وجملة قاموا الثانية لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم، وكسالى حال {يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} الجملة حالية، وقد التبس الأمر على أبي البقاء فأعربها بدلا من كسالى، وهي ليست كلّا له، ولا بعضا منه، وليس هو مشتملا عليها. وأصل يراءون يرائيون، فجري عليها الإعلال المعروف. والناس مفعول به، ولا يذكرون اللّه عطف على يراءون الناس، وإلا أداة حصر وقليلا مفعول مطلق، أي: ذكرا قليلا، أو ظرف أي: وقتا قليلا {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ} مذبذبين حال، لأنه اسم مشتق، وبين ظرف متعلق بمذبذبين، وذلك مضاف إليه، والاشارة إلى الكفر والايمان {لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال، أي لا منسوبين إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} الواو استئنافية، ومن اسم شرط جازم مبتدأ، ويضلل اللّه فعل الشرط، والفاء رابطة وجملة لن تجد له سبيلا في محل جزم جواب الشرط، وفعل الشرط وجوابه خبر من.

.البلاغة:

1- المشاكلة في قوله: {وهو خادعهم} وقد مرت، فجدد بها عهدا. وقد سمى العقاب والجزاء باسم الذنب.
2- جناس التحريف: وهو ما تماثل ركناه لفظا واختلف أحد ركنيه عن الآخر هيئة، وذلك في قوله: {مذبذبين بين ذلك}. ومن أمثلته في الشعر قول صفي الدين الحلي:
شديد البأس في أمر مطاع ** مضارب كل أقوام مطاعن

.[سورة النساء: الآيات 144- 146]:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطانًا مُبِينًا (144) إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146)}

.اللغة:

{الدرك}: بسكون الراء وفتحها: أقصى قعر الشيء، يقال بلغ الغواص درك البحر. وقال الحريري في درّة الغواص: ويقولون لما ينحدر فيه درجا وهو درك، وما يرتقى فيه درج. وفي الحديث: «إن الجنة درجات والنار دركات» وتعقّبه بعضهم فقال: إن الأمر في هذا سهل، لأن ما ينحدر فيه يرتقى فيه أيضا.

.الإعراب:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} تقدم اعراب هذا النداء، فجدّد به عهدا {لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} كلام مستأنف مسوق للنهي عن اتخاذ الكافرين أولياء وأصفياء. ولا ناهية، وتتخذوا فعل مضارع مجزوم بلا، وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعل، والكافرين مفعول به أول وأولياء مفعول به ثان، ومن دون المؤمنين جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لأولياء {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطانًا مُبِينًا} كلام مستأنف مسوق للإنكار عليهم لجنوحهم إلى اقامة الحجة على أنفسهم بأيديهم. والهمزة للاستفهام الإنكاري، وتريدون فعل مضارع وفاعل، وأن تجعلوا المصدر المؤول من أن وما في حيزها مفعول تريدون، وللّه جار ومجرور متعلقان بتجعلوا بمثابة المفعول الاول، وعليكم متعلقان بمحذوف حال، وسلطانا مفعول به ثان لتجعلوا، ومبينا صفة {إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} الجملة مستأنفة لبيان مصير المنافقين وهو الدرك الأسفل من النار.
وإن واسمها، وفي الدرك متعلقان بمحذوف خبر إن، والأسفل صفة للدرك، ومن النار جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال {وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} الواو عاطفة، ولن حرف نفي ونصب واستقبال، وتجد فعل مضارع منصوب بلن، ولهم جار ومجرور متعلقان بـ {نصيرا}، ونصيرا مفعول تجد {إِلَّا الَّذِينَ تابُوا} إلا أداة استثناء، والذين مستثنى وجملة الاستثناء حالية، وجملة تابوا لا محل لها صلة الموصول {وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} عطف على تابوا، ودينهم مفعول أخلصوا، وللّه جار ومجرور متعلقان بأخلصوا {فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} الفاء استئنافية، واسم الاشارة مبتدأ، ومع ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر أولئك، والمؤمنين مضاف اليه مجرور بالياء {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} الواو استئنافية، وسوف حرف استقبال، ويؤتي اللّه فعل وفاعل، والمؤمنين مفعول به أول، وأجرا مفعول به ثان، وعظيما صفة.

.[سورة النساء: آية 147]:

{ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللَّهُ شاكِرًا عَلِيمًا (147)}

.الإعراب:

{ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ} كلام مستأنف مسوق لتقرير أن اللّه سبحانه لا يجلب لنفسه بعذابكم نفعا، ولا يدفع عنها به ضررا. فأي حاجة له في عذابكم؟ وما اسم استفهام في محل نصب مفعول به مقدم ليفعل، ويفعل اللّه فعل مضارع وفاعل، والجار والمجرور متعلقان بيفعل، والاستفهام هنا معناه النفي، والجملة مستأنفة مسوقة لزيادة الإنكار عليهم {إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} إن شرطية، وشكرتم فعل ماض في محل جزم فعل الشرط، وجواب الشرط محذوف تقديره: فقد تفاديتم العذاب، والجملة مستأنفة أيضا، وآمنتم عطف على شكرتم {وَكانَ اللَّهُ شاكِرًا عَلِيمًا} الواو استئنافية، وكان واسمها وخبراها.

.الفوائد:

الشكر من اللّه هو الرضا بالقليل من عمل عباده، وإضعاف الثواب على هذا القليل. والشكر من العباد الطاعة.
لمحة عن المنافقين:
اتفق العلماء على أن المنافق هو من أظهر الايمان وأبطن الكفر.
واتفقوا على أن المنافق أشد عذابا من الكافر، لأنه ساواه في الكفر، وضمّ إلى كفره الاستهزاء بالإسلام وأهله، وموالاة الكافرين، ومدّ أيدي الاستسلام إليهم حجة بينة على النفاق. وعنه عليه السلام:
ثلاث من كن فيه فهو منافق، وإن صلى وصام: من إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان. وقيل لحذيفة: من المنافق؟ فقال:
الذي يصف الإسلام ولا يعمل به.

.[سورة النساء: الآيات 148- 149]:

{لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149)}

.اللغة:

{الْجَهْرَ}: رفع الصوت بالقول وغيره وجهر الأرض: سلكها من غير معرفة وجهر الشيء: كشفه وحزره وجهر الأمر علن وانتشر.

.الإعراب:

{لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ} كلام مستأنف مسوق لتنبيه العاقل إلى الاشتغال بنفسه والجهر بعيوبه قبل البحث عن عيوب الناس ولا نافية ويحب اللّه الجهر فعل مضارع وفاعل ومفعول به وبالسوء جار ومجرور متعلقان بالجهر ومن القول جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من السوء {إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} إلا أداة استثناء ومن مستثنى منقطع لأن جهر المظلوم لا يندرج في عداد الذين يجهرون بالسيئ من القول، ويجوز أن يكون متصلا على تقدير حذف مضاف أي إلا جهر من ظلم، أو في محل رفع على البدلية من فاعل المصدر الذي هو الجهر والمعنى: لا يحب أن يجهر أحد بالسوء إلا من ظلم فيجهر أي يدعو اللّه بكشف السوء الذي أصابه، وظلم بالبناء للمجهول أي لا يؤاخذه اللّه بالجهر به بأن يخبر عن ظلم ظالمه ويدعو عليه {وَكانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} الواو استئنافية وكان واسمها وسميعا خبرها الأول وعليما خبرها الثاني {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ} الجملة مستأنفة وإن شرطية وتبدوا فعل الشرط والواو فاعل وخيرا مفعول به وأو حرف عطف وتعفوا عطف على تبدوا وعن سوء جار ومجرور متعلقان بتعفوا {فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} الفاء رابطة وان واسمها وجملة كان واسمها المستتر وخبريها في محل رفع خبر إن والجملة المقترنة بالفاء في محل جزم جواب الشرط: وهو تعليل للجواب المحذوف أي: فالعفو خير وهو أدنى.