فصل: تفسير الآية رقم (32):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم عن أنس قال: «ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر فقال: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، قول الزور أو شهادة الزور».
وأخرج الشيخان والترمذي وابن المنذر عن أبي بكرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس فقال: ألا وقول الزور. ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت».
وأخرج ابن أبي حاتم: «عن ابن عمرو. أنه سئل عن الخمر فقال: سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هي أكبر الكبائر، وأم الفواحش، من شرب الخمر ترك الصلاة، ووقع على أمه وخالته وعمته».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس. أنه كان يعد الخمر أكبر الكبائر.
وأخرج عبد بن حميد في كتاب الإيمان عن شعبة مولى ابن عباس قال: قلت لابن عباس: إن الحسن بن علي سئل عن الخمر أمن الكبائر هي؟ فقال: لا. فقال ابن عباس: قد قالها النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا شرب سكر وزنى وترك الصلاة، فهي من الكبائر».
وأخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، أو قتل النفس- شك شعبة- واليمين الغموس».
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني في الأوسط والبيهقي عن عبد الله بن أنيس الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أكبر الكبائر الشرك بالله، وعقوق الوالدين، واليمين الغموس، وما حلف حالف بالله يمين صبر فأدخل فيها مثل جناح بعوضة إلا جعلت نكتة في قلبه إلى يوم القيامة».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه. قالوا: وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يَسُبُّ أبا الرجل فيسب أباه، ويَسُبُّ أمه فيسب أمه».
وأخرج أو داود وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق، ومن الكبائر السبتان بالسبة».
وأخرج الترمذي والحاكم وابن أبي حاتم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من جمع بين الصلاتين من غير عذر، فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال: الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قتادة العدوي قال: قُرِئَ علينا كتاب عمر، من الكبائر جمع بين الصلاتين. يعني بغير عذر، والفرار من الزحف، والنميمة.
وأخرج البزار وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن أبي حاتم بسند حسن عن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الكبائر؟ فقال: «الشرك بالله، واليأس من روح الله، والآمن من مكر الله».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن أبي الدنيا في التوبة عن ابن مسعود قال: أكبر الكبائر الإشراك بالله، والإياس من روح الله، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله.
وأخرج ابن المنذر عن علي أنه سئل ما أكبر الكبائر؟ فقال: الأمن لمكر الله، والإياس من روح الله، والقنوط من رحمة الله.
وأخرج ابن جرير بسند حسن عن أبي أمامة. أن ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا الكبائر وهو متكئ فقالوا: الشرك بالله، وأكل مال اليتيم، وفرار يوم الزحف، وقذف المحصنة، وعقوق الوالدين، وقول الزور، والغلول، والسحر، وأكل الربا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأين تجعلون {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا} [آل عمران: 77] إلى آخر الآية؟».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس مرفوعًا «الضرار في الوصية من الكبائر».
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي قال: الكبائر الشرك بالله، وقتل النفس، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، والفرار من الزحف، والتعرب بعد الهجرة، والسحر، وعقوق الوالدين، وأكل الربا، وفراق الجماعة، ونكث الصفقة.
وأخرج البزار وابن المنذر بسند ضعيف عن بريدة. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «أن أكبر الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، ومنع فضل الماء، ومنع الفحل».
وأخرج ابن أبي حاتم عن بريدة قال: إن أكبر الكبائر الشرك بالله، وعقوق الوالدين، ومنع فضول الماء بعد الري، ومنع طروق الفحل إلا بجعل.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة قالت: ما أخذ على النساء فمن الكبائر. يعني قوله: {أن لا يشركن بالله شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين...} [المتحنة: 12] الآية.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والطبراني والبيهقي عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرأيتم الزاني، والسارق، وشارب الخمر، ما تقولون فيهم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: هن فواحش، وفيهن عقوبة، ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله، ثم قرأ {ومن يشرك بالله فقد افترى إثمًا عظيمًا} [النساء: 48] وعقوق الوالدين، ثم قرأ {أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير} [لقمان: 14] وكان متكئًا فاحتفز فقال: ألا وقول الزور».
وأخرج عبدُ بن حميد عن ابن مسعود قال: إن من أكبر الذنب عند الله أن يقول لصاحبه اتق الله، فيقول: عليك نفسك من أنت تأمرني.
وأخرج ابن المنذر عن سالم بن عبد الله التمار عن أبيه أن أبا بكر وعمر وأناسًا من الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكروا أعظم الكبائر فلم يكن عندهم فيها علم ينتهون إليه، فأرسلوني إلى عبد الله بن عمرو بن العاص أسأله عن ذلك فأخبرني أن أعظم الكبائر شرب الخمر، فأتيتهم فأخبرتهم فأنكروا ذلك، وتواثبوا إليه جميعًا حتى أتوه في داره، فأخبرهم أنهم تحدثوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن ملكًا من بني إسرائيل أخذ رجلًا فخيره أن يشرب الخمر، أو يقتل نفسًا، أو يزني، أو يأكل لحم خنزير، أو يقتله إن أبى. فاختار شرب الخمر، وإنه لما شربها لم يمتنع من شيء أراده منه، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما أحد يشربها فيقبل الله له صلاة أربعين ليلة، ولا يموت وفي مثانته منها شيء إلا حرمت عليه الجنة، وإن مات في الأربعين مات ميتة جاهلية».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال: الكبائر الإشراك بالله، لأن الله يقول: {لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} [يوسف: 87]، والأمن لمكر الله، لأن الله يقول: {فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون} [الأعراف: 99]، وعقوق الوالدين، لأن الله جعل العاق جبارًا عصيًا، وقتل النفس التي حرم الله، لأن الله يقول: {فجزاؤه جهنم...} [النساء: 93] إلى آخر الآية، وقذف المحصنات، لأن الله يقول: {لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} [النور: 23]، وأكل مال اليتيم، لأن الله يقول: {إنما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا} [النساء: 10]، والفرار من الزحف، لأن الله يقول: {ومن يولهم يومئذ دبره...} إلى قوله: {وبئس المصير} [الأنفال: 16]، وأكل الربا، لأن الله يقول: {الذين يأكلون الربا لا يقومون...} [البقرة: 275] الآية، والسحر، لأن الله يقول: {ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق} [البقرة: 102]، والزنا، لأن الله يقول: {يلق أثامًا} [الفرقان: 68] الآية، واليمين الغموس الفاجرة، لأن الله يقول: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم...} [آل عمران: 77] الآية، والغلول، لأن الله يقول: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} [آل عمران: 161]، ومنع الزكاة المفروضة، لأن الله يقول: {فتكوى بها جباههم...} [التوبة: 35] الآية، وشهادة الزور، وكتمان الشهادة، لأن الله يقول: {ومن يكتمها فإنه آثم قلبه} [البقرة: 283]، وشرب الخمر لأن الله عدل بها الأوثان، وترك الصلاة متعمدًا، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ترك الصلاة متعمدًا فقد برئ من ذمة الله ورسوله».
ونقض العهد، وقطيعة الرحم، لأن الله يقول: {لهم اللعنة ولهم سوء الدار} [الرعد: 25].
وأخرج عبد بن حميد والبزار وابن جرير والطبراني عن ابن مسعود أنه سئل عن الكبائر قال: ما بين أول سورة النساء إلى رأس ثلاثين آية منها.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: الكبائر من أول سورة النساء إلى قوله: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه}.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود. أنه سئل عن الكبائر؟ فقال: افتتحوا سورة النساء فكل شيء نهى الله عنه حتى تأتوا ثلاثين آية فهو كبيرة، ثم قرأ مصداق ذلك {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه...} الآية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أنه قرأ من النساء حتى بلغ ثلاثين آية منها، ثم قرأ {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} مما في أول السورة إلى حيث بلغ.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم قال: كانوا يرون أن الكبائر فيما بين أول هذه السورة، سورة النساء إلى هذه الموضع {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه}.
وأخرج ابن جرير عن ابن سيرين قال: سألت عبيدة عن الكبائر فقال: الإشراك بالله، وقتل النفس التي حرم الله بغير حقها، وفرار يوم الزحف، وأكل مال اليتيم بغير حقه، وأكل الربا، والبهتان، ويقولون اعرابية بعد الهجرة. قيل لابن سيرين: فالسحر... قال: إن البهتان يجمع شرًا كثيرًا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مغيرة قال: كان يقال: شَتْمُ أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من الكبائر.
وأخرج ابن أبي الدنيا في التوبة والبيهقي في الشعب عن الأوزاعي قال: كان يقال: من الكبائر أن يعمل الرجل الذنب فيحتقره.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس قال: لا كبيرة بكبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة بصغيرة مع الإصرار.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس. أنه قرأ {تكفر} بالتاء ونصب الفاء.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} قال: إنما وعد الله المغفرة لمن اجتنب الكبائر.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {نكفر عنكم سيئاتكم} قال: الصغار {وندخلكم مدخلًا كريمًا} قال: الكريم: هو الحسن في الجنة.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة أنه كان يقول: المدخل الكريم. هو الجنة.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس أنه قرأ {مدخلًا} بضم الميم. اهـ.

.تفسير الآية رقم (32):

قوله تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

.قال البقاعي:

ولما نهى عن القتل وعن الأكل بالباطل بالفعل وهما من أعمال الجوارح، ليصير الظاهر طاهرًا عن المعاصي الوخيمة؛ نهى عن التمني الذي هو مقدمة الأكل، ليكون نهيًا عن الأكل بطريق الأولى، فإن التمني قد يكون حسدًا، وهو المنهي عنه هنا كما هو ظاهر الآية: وهو حرام والرضى بالحرام، والتمني على هذا الوجه يجر إلى الأكل والأكل يعود إلى القتل، فإن من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه، والنهي هنا للتحريم عند أكثر العلماء فقال: {ولا تتمنوا} أي تتابعوا أنفسكم في ذلك {ما فضل الله} أي الذي له العظمة كلها، فلا ينقصه شيء {به} اي من المال وغيره {بعضكم عن بعض} أي في الإرث وغيره من جميع الفضائل النفسانية المتعلقة بالقوة النظرية كالذكاء التام والحدس الكامل وزيادة المعارف بالكمية والكيفية، أو بالقوة العملية كالعفة التي هي وسط بين الجمود والفجور، والشجاعة التي هي وسط بين التهور والجبن، والسخاء الذي هو وسط بين الإسراف والبخل، وكاستعمال هذه القوى على الوجه الذي ينبغي وهو العدالة، أو الفضائل البدنية كالصحة والجمال والعمر الطويل مع اللذة والبهجة، أو الفضائل الخارجية مثل كثرة الأولاد الصلحاء، وكثرة العشائر والأصدقاء والأعوان، والرئاسة التامة ونفاذ القول، وكونه محبوبًا للناس حسن الذكر فيهم؛ فهذه مجامع السعادات وبعضها نظرية لا مدخل للكسب فيها، وبعضها كسبية، ومتى تأمل العاقل في ذلك وجده محض عطاء من الله، فمن شاهد غيره أرفع منه في شيء من هذه الأحوال تألم قلبه وكانت له حالتان: إحداهما أن يتمنى حصول مثل تلك السعادة له، والأخرى أن يتمنى زوالها عن صاحبها وهذا هو الحسد المذموم، لأنه كالاعتراض على الله الذي قسم هذه القسمة، فإن اعتقد أنه أحق منه فقد فتح على نفسه باب الكفر، واستجلب ظلمات البدعة، ومحا نور الإيمان، فإن الله فعال لما يريد، لا يسأل عما يفعل فلا اعتراض عليه، وكما أن الحسد سبب الفساد في الدين فهو سبب الفساد في الدنيا؛ فعلى كل أحد أن يرضى بما قسم له علمًا بأن ذلك مصلحة، ولو كان غير ذلك فسد، فإن ذلك كله قسمة من الله صادرة عن حكمه وتدبيره وعلمه بأحوال العباد فيما يصلحهم ويفسدهم.