فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والمراد بإتياء نصيبهم النصرة والنصيحة والمصافاة. وقال الأصم: المراد التحفة بالشيء القليل كقوله: {وإذا حضر القسمة} [النساء: 8] وذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يرث المولى الأسفل من الأعلى. وحكى الطحاوي عن الحسن بن زياد أنه قال: يرث، لما روى ابن عباس أن رجلًا أعتق عبدًا له فمات المعتق ولم يترك إلاّ العتيق فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثه للغلام. والحديث عند الجمهور محمول على أن المال صار لبيت المال ثم دفعه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغلام لفقره، وقال أبو حنيفة: لو أسلم رجل على يد رجل وتعاقدا على أن يتعاقلا ويتوارثا صح وورث بحق الموالاة، وخالفه الشافعي فيه. وحكى الأقطع أن هذه المولاة لا تصح عند أبي حنيفة أيضًا إلا بين العرب دون العجم لرخاوة عقدهم في أمورهم، {إنّ الله كان على كل شيء شهيدًا} لأنه عالم بجميع الجزئيات والكليات فشهد على الخلق يوم القيامة بكل ما عملوه، وفيه وعيد للعاصين، ووعد للمطيعين.
هذا وقد مر أن النساء تكلمن في تفضيل الله الرجال عليهم في الميراث ونحوه، فذكر في هذه الآية ما يشتمل على بعض أسباب التفضيل فقال: {الرجال قوّامون} يقال: هذا قيم المرأة وقوّامها بناء مبالغة للذي يقوم بأمرها ويهتم بحفظها كما يقوم الوالي على الرعية ومنه سمي الرجال قوّامًا. والضمير في بعضهم للرجال والنساء جميعًا أي إنما كانوا مسيطرين عليهن بسبب تفضيل الله بعضهم- وهو الرجال- على بعض- وهم النساء. وقيل: وفيه دليل على أن الولاية إنما تستحق بالفضل لا بالتغلب والاستطالة والقهر. وذكروا في فضل الرجال العقل والحزم والعزم والقوة والكتابة في الغالب والفروسية والرمي، وأن منهم الأنبياء والعلماء والحكماء، وفيهم الإمامة الكبرى وهي الخلافة، والصغر وهو الاقتداء بهم في الصلاة، وأنهم أهل الجهاد والأذان والخطبة والاعتكاف والشهادة في الحدود والقصاص بالاتفاق وفي الأنكحة عند الشافعي، زيادة السهم في الميراث والتعصيب فيه، والحمالة تحمل الدية في القتل الخطأ، والقسامة والولاية في النكاح والطلاق والرجعة وعدد الأزواج وإليهم الانتساب، وكل ذلك يدل على فضلهم، وحاصلهم يرجع إلى العلم والقدرة. ومنها سبب خارجيّ وذلك أنهم فضلوا عليهن بما أنفقوا أي أخرجوا في نكاحهن من أموالهم مهرًا ونفقة. عن مقاتل أن سعد بن الربيع، وكان من نقباء الأنصار، نشزت عليه امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير، فطلمها. فانطلق بها أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: افرشته كريمتي فلطمها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتقتص منه، وكانت قد نزلت آية القصاص، فانصرفت مع أبيها لتقتص منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارجعوا هذا جبير أتاني وأنزل الله هذه الآية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أردنا أمرًا وأراد الله أمرًا والذي أراد الله خير ورفع القصاص».
فلهذا قال العلماء: لا قصاص بين الرجل وامرأته فيما دون النفس ولو شَجها ولكن يجب العقل، وقيل: لا قصاص إلاّ في الجرح والقتل، وأما في اللطمة ونحوها فلا. ثم قسم النساء قسمين، فوصف الصالحات منهن بأنهن قانتات مطيعات لله وللزوج حافظات للغيب قائمات بحقوق الزوج في غيبته، والغيب خلاف الشهادة. ومواجب حفظ غيبة الزوج أن تحفظ نفسها عن الزنا لئلاّ يلحق الزوج العار بسبب زناها، ولئلاّ يلحق به الولد الحاصل من نطفة غيره، وأن تحفظ أسراره عن الإفشاء وماله عن الضياع ومنزلها عما لا ينبغي شرعًا وعرفًا. عن النبي صلى الله عليه وسلم: «خير النساء امرأة إن نظرت إليها سرتك وإن أمرتها أطاعتك وإن غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها» وتلا الآية.
وما في قوله: {بما حفظ الله} موصولة والعائد محذوف أي بالذي حفظه الله لهن أي عليهن أن يحفظن حقوق الزوج في مقابلة ما حفظ الله حقوقهن على أزواجهن حيث أمرهم بالعدل فيهن في قوله: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة: 229] فقوله: {بما حفظ الله} يجري مجرى قولهم هذا بذاك أي هذا في مقابلة ذاك، أو مصدرية والمعنى: أنهن حافظات للغيب بحفظ الله إياهن فإنهن لا يتيسر لهن حفظ الغيب إلاّ بتوفيق الله، أو بما حفظهن حين وعدهن الثواب العظيم على الأمانة، وأوعدهن العذاب الشديد على الخيانة. ومن قرأ {بما حفظ الله} بالنصب فما أيضًا موصولة أي بالأمر الذي يحفظ حق الله وأمانته وهو التعفف والتحصن والشفقة على الرجال والنصيحة لهم، أو مصدرية أي بسبب حفظهن حدود الله وأوامره فإن المرأة لولا أنها تحاول رعاية تكليف الله وتجتهد في حفظ أوامره وإلا لما أطاعت زوجها. ثم ذكر غير الصالحات منهن فقال: {واللاتي تخافون} تعرفون بالقرائن والأمارات {نشوزهن} عصيانهن والترفع عليكم بالخلاف من نشز الشيء ارتفع، ومنه نشز للأرض المرتفعة {فعظوهن} وهو أن يقول: اتقي الله فإن لي عليك حقًا، وارجعي عما أنت عليه، واعلمي أن طاعتي عليك فرض ونحو ذلك. {واهجروهن في المضاجع} أي في المراقد أي لا تداخلوهن تحت اللحف، وقيل: هو أن يوليها ظهره في المضجع. وقيل: في المضاجع أي ببيوتهن التي يبتن فيها أي لا تبايتوهن. وفي ضمن الهجران الامتناع من كلامها. ولكن ينبغي أن لا يزيد في هجره الكلام على ثلاث، فإذا هجرها في المضجع فإن كانت تحب الزوج شق ذلك عليها فتركت النشوز، وإن كانت تبغضه وافقها ذلك الهجران فكان ذلك دليلًا على كمال نشوزها فيباح الضرب وذلك قوله: {واضربوهن} والأولى ترك الضرب لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا تضربوا إماء الله».
فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ذئرت النساء على أزواجهن أي اجترأن فرخص في ضربهن. فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم» ومعناه أن الذين ضربوا أزواجهم ليسوا خيرًا ممن لم يضربوا. وإذا ضربها وجب أن لا يكون مفضيًا إلى الهلاك ألبتة، وأن يكون مفرقًا على بدنها لا يوالي به في موضع واحد، ويتقي الوجه لأنه مجمع المحاسن، وأن يكون دون الأربعين. وقيل: دون عشرين لأنه حد كامل في شرب العبد، ومنهم من لا يرى الضرب بالسياط ولا بالعصا. وبالجملة فالتخفيف مرعي في هذا الباب ولهذا قال علي بن أبي طالب: يعظها بلسانه فإن انتهت فلا سبيل له عليها، فإن أبت هجر مضجعها، فإن أبت ضربها، فإن لم تتعظ بالضرب بعث الحكمين. وقال آخرون: هذا الترتيب مرعي عند خوف النشوز، فأما عند تحقق النشوز فلا بأس بالجمع بين الكل. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «علق سوطك حيث يراه أهلك» {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا} بالأذى والتوبيخ، واجعلوا ما كان منهم كأن لم يكن {إن الله كان عليًا} لا بالجهة {كبيرًا} لا بالجثة {فاحذروا} واعلموا أن قدرته عليكم أعظم من قدرتكم على أزواجكم وأرقائكم. روي أن أبا مسعود الأنصاري رفع سوطه ليضرب غلامًا له فبصر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فصاح به: أبا مسعود، الله أقدر منك عليه. فرمى بالسوط وأعتق الغلام. وفيه أنه مع علوه وكبرياء سلطانه تعصونه فيتوب عليكم فأنتم أحق بالعفو إذا رجع الجاني عليكم، أو أنه مع علوه وكبريائه لا يكلفكم إلا ما تطيقون فكذلك لا تكلفوهن محبتكم فلعلهن لا يقدرن على ذلك، أو أنه مع علو شأنه وكبريائه يكتفي من العبيد بالظواهر ولا يهتك السرائر فأنتم أجدر بأن لا تفتشوا عما في قلبها من الحب والبغض إذا صلح حالها في الظاهر، أو أنهم إن ضعفن عن دفع ظلمكم وعجزن عن الانتصاف منكم فالله تعالى قادر قاهر ينتصف لهن منكم. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}.
خصَّ الرجال بالقوة فزيد بالحمل عليهم؛ فالحمل على حسب القوة. والعبرة بالقلوب والهمم لا بالنفوس والجثث.
قوله: {وَاللاَّتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعَظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ في المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}: أي ارتقوا في تهذيبهن بالتدريج والرفق، وإنْ صَلُحَ الأمر بالوعظ فلا تستعمل العصا بالضرب، فالآية تتضمن آداب العِشْرة.
ثم قال: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا}: يعني إن وَقَفَتْ في الحال عن سوء العشرة (.....) ورجعت إلى الطاعة فلا تَنْتَقِمْ منها عمَّا سَلَفَ، ولا تتمنع من قبول عذرها والتأبِّي عليها.
يقال: {فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} بمجاوزتك عن مقدار ما تستوجب من نقمتك. اهـ.

.من فوائد الألوسي في الآية:

قال رحمه الله:
{الرجال قَوَّامُونَ عَلَى النساء} أي شأنهم القيام عليهن قيام الولاة على الرعية بالأمر والنهي ونحو ذلك.
واختيار الجملة الاسمية مع صيغة المبالغة للإيذان بعراقتهم ورسوخهم في الاتصاف بما أسند إليهم، وفي الكلام إشارة إلى سبب استحقاق الرجال الزيادة في الميراث كما أن فيما تقدم رمزًا إلى تفاوت مراتب الاستحقاق، وعلل سبحانه الحكم بأمرين: وهبي وكسبي فقال عز شأنه: {بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ} فالباء للسببية وهي متعلقة بـ {قَوَّامُونَ} كعلى ولا محذور أصلًا، وجوز أن تتعلق بمحذوف وقع حالًا من ضميره والباء للسببية أو للملابسة و(ما) مصدرية وضمير الجمع لكلا الفريقين تغليبًا أي قوّامون عليهن بسبب تفضيل الله تعالى إياهم عليهن، أو مستحقين ذلك بسبب التفضيل، أو متلبسين بالتفضيل، وعدل عن الضمير فلم يقل سبحانه بما فضلهم الله عليهن للإشعار بغاية ظهور الأمر وعدم الحاجة إلى التصريح بالمفضل والمفضل عليه بالكلية، وقيل: للإبهام للإشارة إلى أن بعض النساء أفضل من كثير من الرجال وليس بشيء، وكذا لم يصرح سبحانه بما به التفضيل رمزًا إلى أنه غني عن التفصيل، وقد ورد أنهن ناقصات عقل ودين، والرجال بعكسهن كما لا يخفى، ولذا خصوا بالرسالة والنبوة على الأشهر، وبالإمامة الكبرى والصغرى، وإقامة الشعائر كالأذان والإقامة والخطبة والجمعة وتكبيرات التشريق عند إمامنا الأعظم والاستبداد بالفراق وبالنكاح عند الشافعية وبالشهادة في أمهات القضايا وزيادة السهم في الميراث والتعصيب إلى غير ذلك {وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أموالهم} عطف على ما قبله فالباء متعلقة بما تعلقت به الباء الأولى، و(ما) مصدرية أو موصولة وعائدها محذوف، و{مِنْ} تبعيضية أو ابتدائية متعلقة بأنفقوا أو بمحذوف وقع حالًا من العائد المحذوف وأريد بالمنفق كما قال مجاهد المهر، ويجوز أن يراد بما أنفقوه ما يعمه، والنفقة عليهنّ، والآية كما روي عن مقاتل نزلت في سعد بن الربيع بن عمرو وكان من النقباء، وفي امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير وذلك أنها نشزت عليه فلطمها فانطلق أبوها معها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أفرشته كريمتي فلطمها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لتقتص من زوجها، فانصرفت مع أبيها لتقتص منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ارجعوا هذا جبرائيل عليه السلام أتاني وأنزل الله هذه الآية فتلاها صلى الله عليه وسلم ثم قال: أردنا أمرًا وأراد الله تعالى أمرًا والذي أراده الله تعالى خير».
وقال الكلبي: نزلت في سعد بن الربيع وامرأته خولة بنت محمد بن سلمة وذكر القصة، وقال بعضهم: نزلت في جميلة بنت عبد الله بن أبيّ وزوجها ثابت بن قيس بن شماس، وذكر قريبًا منه، واستدل بالآية على أن للزوج تأديب زوجته ومنعها من الخروج وأن عليها طاعته إلا في معصية الله تعالى، وفي الخبر: «لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لبعلها» واستدل بها أيضًا من أجاز فسخ النكاح عند الإعسار عن النفقة والكسوة وهو مذهب مالك والشافعي لأنه إذا خرج عن كونه قوامًا عليها، فقد خرج عن الغرض المقصود بالنكاح، وعندنا لا فسخ لقوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] واستدل بها أيضًا من جعل للزوج الحجر على زوجته في نفسها ومالها فلا تتصرف فيه إلا بإذنه لأنه سبحانه جعل الرجل قوامًا بصيغة المبالغة وهو الناظر على الشيء الحافظ له.
{فالصالحات} أي منهن {قانتات} شروع في تفصيل أحوالهن وكيفية القيام عليهن بحسب اختلاف أحوالهن، والمراد فالصالحات منهن مطيعات لله تعالى ولأزواجهن {حفظات لّلْغَيْبِ} أي يحفظن أنفسهن وفروجهن في حال غيبة أزواجهن، قال الثوري وقتادة: أو يحفظن في غيبة الأزواج ما يجب حفظه في النفس والمال، فاللام بمعنى في، والغيب بمعنى الغيبة، وأل عوض عن المضاف إليه على رأي، ويجوز أن يكون المراد حافظات لواجب الغيب أي لما يجب عليهن حفظه حال الغيبة، فاللام على ظاهرها، وقيل: المراد حافظات لأسرار أزواجهن أي ما يقع بينهم وبينهن في الخلوة، ومنه المنافسة والمنافرة واللطمة المذكورة في الخبر، وحينئذٍ لا حاجة إلى ما قيل في اللام، ولا إلى تفسير الغيب بالغيبة إلا أن ما أخرجه ابن جرير والبيهقي وغيرهم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها» ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {الرجال قَوَّامُونَ} إلى الغيب يبعد هذا القول؛ ومن الناس من زعم أنه أنسب بسبب النزول {بِمَا حَفِظَ الله} أي بما حفظهن الله تعالى في مهورهن، وإلزام أزواجهن النفقة عليهن قاله الزجاج، وقيل: بحفظ الله تعالى لهن وعصمته إياهن ولولا أن الله تعالى حفظهن وعصمهن لما حفظن فما إما موصولة أو مصدرية، وقرأ أبو جعفر {بِمَا حَفِظَ الله} بالنصب، ولابد من تقدير مضاف على هذه القراءة كدين الله، وحقه لأن ذاته تعالى لا يحفظها أحد، و(ما) موصولة أو موصوفة، ومنع غير واحد المصدرية لخلو حفظ حينئذٍ عن الفاعل لأنه كان يجب أن يقال بما حفظن الله، وأجيب عنه بأنه يجوز أن يكون فاعله ضميرًا مفردًا عائدًا على جمع الإناث لأنه في معنى الجنس كأنه قيل: فمن حفظ الله، وجعله ابن جني كقوله:
فإن الحوادث أودى بها

ولا يخفى ما فيه من التكلف، وشذوذ ترك التأنيث ومثله لا يليق بالنظم الكريم كما لا يخفى، ثم إن صيغة جمع السلامة هنا للكثرة أما المعرف فظاهر، وأما المنكر فلأنه حمل عليه فلابد من مطابقته له في الكثرة، وإلا لم يصدق على جميع أفراده، وقد نص على ذلك في الدر المصون.
وقرأ ابن مسعود {فالصوالح قوانت حوافظ للغيب بما حفظ الله فأصلحوا إليهن}، وأخرج ابن جرير عنه زيادة {فأصلحوا إليهن} فقط.