فصل: من فوائد الجصاص في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال نوف الشامي: هو الجار المسلم.
{والجار الجنب} هو: الجار اليهودي، والنصراني.
فهي عنده قرابة الإسلام، وأجنبية الكفر.
وقالت فرقة، هو الجار القريب المسكن منك، والجنب هو البعيد المسكن منك.
كأنه انتزع من الحديث الذي فيه: إن لي جارين فإلى أهيما أهدي؟ قال: «إلى أقربهما منك بابًا» وقال ميمون بن مهران: والجار ذي القربى أريد به الجار القريب.
قال ابن عطية: وهذا خطأ في اللسان، لأنه جمع على تأويله بين الألف واللام والإضافة، وكان وجه الكلام: وجار ذي القربى انتهى.
ويمكن تصحيح قول ميمون على أن لا يكون جمعًا بين الألف واللام والإضافة على ما زعم ابن عطية بأن يكون قوله: ذي القربى بدلًا من قوله: والجار، على حذف مضاف التقدير: والجار جار ذي القربى، فحذف جار لدلالة الجار عليه، وقد حذفوا البدل في مثل هذا.
قال الشاعر:
رحم الله أعظما دفنوها ** بسجستان طلحة الطلحات

يريد: أعظم طلحة الطلحات.
ومن كلام العرب: لو يعلمون العلم الكبيرة سنة، يريدون: علم الكبيرة سنة.
والجنب: هو البعيد، سمي بذلك لبعده عن القرابة.
وقال: فلا تحرمني نائلًا عن جنابة.
والمجاورة مساكنة الرجل الرجل في محلة، أو مدينة، أو كينونة أربعين دارًا من كل جانب، أو يعتبر بسماع الأذان، أو بسماع الإقامة، أقوال أربعة ثانيها: قول الأوزاعي.
وروى في ذلك حديثًا أنه عليه الصلاة والسلام أمر مناديه ينادي: «ألا إنَّ أربعين دارًا جوار، ولا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه» والمجاورة مراتب، بعضها ألصق من بعض، أقربها الزوجة.
قال الأعشى:
أجارتنا بيني فإنك طالقة

وقرئ: والجار ذا القربى.
قال الزمخشري: نصبًا على الاختصاص كما قرئ {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} تنبيهًا على عظم حقه لإدلائه بحقي الجوار والقربى انتهى، وقرأ عاصم في رواية المفضل عنه: والجار الجنُب بفتح الجيم وسكون النون، ومعناه البعيد.
وسئل أعرابي عن الجار الجنْب فقال: هو الذي يجيء فيحل حيث تقع عينك عليه.
{والصاحب بالجنب} قال ابن عباس، وابن جبير، وقتادة، ومجاهد، والضحاك: هو الرفيق في السفر.
وقال علي وابن مسعود والنخعي، وابن أبي ليلى: الزوجة.
وقال ابن زيد: هو من يعتريك ويلمّ بك لتنفعه.
وقال الزمخشري: هو الذي صحبك بأن حصل بجنبك إما رفيقًا في سفر، وإما جارًا ملاصقًا، وإما شريكًا في تعلم علم أو حرفة، وإما قاعدًا إلى جنبك في مجلس أو مسجدًا، أو غير ذلك من أدنى صحبة التأمت بينك وبينه، فعليك أن تراعي ذلك الحق ولا تنساه، وتجعله ذريعة للإحسان.
وقال مجاهد أيضًا: هو الذي يصحبك سفرًا وحضرًا.
وقيل: الرفيق الصالح.
{وابن السبيل} تقدّم شرحه.
{وما ملكت أيمانكم} قيل: ما وقعت على العاقل باعتبار النوع كقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم} وقيل: لأنها أعم من من، فتشمل الحيوانات على إطلاقها من عبيد وغيرهم، والحيوانات غير الارقاء أكثر في يد الإنسان من الارقاء، فغلب جانب الكثرة، فأمر الله تعالى بالإحسان إلى كل مملوك من آدمي وحيوان غيره.
وقد ورد غير ما حديث في الوصية بالأرقاء خيرًا في صحيح مسلم وغيره.
ومن غريب التفسير ما نقل عن سهل التستري قال: الجار ذو القربى هو القلب، والجار الجنب النفس، والصاحب بالجنب العقل الذي يجهر على اقتداء السنة والشرائع، وابن السبيل الجوارح المطيعة.
{إن الله لا يحب من كان مختالًا فخورًا} نفى تعالى محبته عمن اتصف بهاتين الصفتين: الاختيال وهو التكبر، والفخر هو عد المناقب على سبيل التطاول بها والتعاظم على الناس.
لأنّ من اتصف بهاتين الصفتين حملتاه على الإخلال بمن ذكر في الآية ممن يكون لهم حاجة إليه.
وقال أبو رجاء الهروي: لا تجد سيئ الملكة إلا وجدته مختالًا فخورًا، ولا عاقًا إلا وجدته جبارًا شقيًا.
قال الزمخشري: والمختال التياه الجهول الذي يتكبر عن إكرام أقاربه وأصحابه ومماليكه، فلا يحتفى بهم، ولا يلتفت إليهم.
وقال غيره: ذكر تعالى الاختيال لأن المختال يأنف من ذوي قرابته إذا كانوا فقراء، ومن جيرانه إذا كانوا ضعفاء، ومن الأيتام لاستضعافهم ومن المساكين لاحتقارهم، ومن ابن السبيل لبعده عن أهله وماله، ومن مماليكه لأسرهم في يده انتهى.
وتظافرت هذه النقول على أن ذكر هاتين الصفتين في آخر الآية إنما جاء تنبيهًا على أنّ من اتصف بالخيلاء والفخر يأنف من الإحسان للأصناف المذكورين، وأن الحامل له على ذلك اتصافه بتينك الصفتين.
والذي يظهر لي أنّ مساقهما غير هذا المساق الذي ذكروه، وذلك أنه تعالى لما أمر بالإحسان للأصناف المذكورة والتحفي بهم وإكرامهم، كان في العادة أن ينشأ عن من اتصف بمكارم الأخلاق أن يجد في نفسه زهوًا وخيلاء، وافتخارًا بما صدر منه من الإحسان.
وكثيرًا ما افتخرت العرب بذلك وتعاظمت في نثرها ونظمها به، فأراد تعالى أن ينبه على التحلي بصفة التواضع، وأن لا يرى لنفسه شفوفًا على من أحسن إليه، وأن لا يفخر عليه كما قال تعالى: {لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى} فنفى تعالى محبته عن المتحلي بهذين الوصفين.
وكان المعنى أنهم أمروا بعبادة الله تعالى، وبالإحسان إلى الوالدين.
ومن ذكر معهما: ونهوا عن الخيلاء والفخر، فكأنه قيل: ولا تختالوا وتفخروا على من أحسنتم إليه، إن الله لا يحب من كان مختالًا فخورًا.
إلا أنّ ما ذكرناه لا يتم إلا على أن يكون الذين يبخلون مبتدأ مقتطعًا مما قبله، أما إن كان متصلًا بما قبله فيأتي المعنى الذي ذكره المفسرون، ويأتي إعراب الذين يبخلون، وبه يتضح المعنى الذي ذكروه، والمعنى الذي ذكرناه إن شاء الله تعالى. اهـ.

.من فوائد الجصاص في الآية:

قال رحمه الله:
بَابُ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا} فَقَرَنَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إلْزَامَ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ بِعِبَادَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَأَمَرَ بِهِ كَمَا أَمَرَ بِهِمَا، كَمَا قَرَنَ شُكْرَهُمَا بِشُكْرِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إلَيَّ الْمَصِيرُ}، وَكَفَى بِذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى تَعْظِيمِ حَقِّهِمَا وَوُجُوبِ بِرِّهِمَا وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِمَا.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ وَقَالَ تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا}.
وَقَالَ فِي الْوَالِدَيْنِ الْكَافِرَيْنِ: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}.
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ، وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ جَنَاحِ الْبَعُوضَةِ إلَّا كَانَتْ وَكْتَةً فِي قَلْبِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَطَاعَةُ الْوَالِدَيْنِ وَاجِبَةٌ فِي الْمَعْرُوفِ لَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ.
وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْحِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَمَنِ هَاجَرَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَحَدٌ بِالْيَمَنِ؟ قَالَ: أَبَوَايَ، قَالَ: أَذِنَا لَكَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: ارْجِعْ إلَيْهِمَا فَاسْتَأْذِنْهُمَا فَإِنْ أَذِنَا لَكَ فَجَاهِدْ وَإِلَّا فَبِرَّهُمَا».
وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُجَاهِدَ إلَّا بِإِذْنِ الْأَبَوَيْنِ إذَا قَامَ بِجِهَادِ الْعَدُوِّ مَنْ قَدْ كَفَاهُ الْخُرُوجَ، قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ مَنْ قَدْ قَامَ بِفَرْضِ الْخُرُوجِ فَعَلَيْهِ الْخُرُوجُ بِغَيْرِ إذْن أَبَوَيْهِ، وَقَالُوا فِي الْخُرُوجِ فِي التِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا فِيمَا لَيْسَ فِيهِ قِتَالٌ: لَا بَأْسَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا مَنَعَهُ مِنْ الْجِهَادِ إلَّا بِإِذْنِ الْأَبَوَيْنِ إذَا قَامَ بِالْفَرْضِ غَيْرُهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلْقَتْلِ وَفَجِيعَةِ الْأَبَوَيْنِ بِهِ، فَأَمَّا التِّجَارَاتُ وَالتَّصَرُّفُ فِي الْمُبَاحَاتِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِلْقَتْلِ فَلَيْسَ لِلْأَبَوَيْنِ مَنْعُهُ مِنْهَا؛ فَلِذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى اسْتِئْذَانِهِمَا.
وَمِنْ أَجْلِ مَا أَكَّدَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ تَعْظِيمِ حَقِّ الْأَبَوَيْنِ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْتُلَ أَبَاهُ الْكَافِرَ إذَا كَانَ مُحَارِبًا لِلْمُسْلِمِينَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} وقَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، فَأَمَرَ تَعَالَى بِمُصَاحَبَتِهِمَا بِالْمَعْرُوفِ فِي الْحَالِ الَّتِي يُجَاهِدَانِهِ فِيهَا عَلَى الْكُفْرِ، وَمِنْ الْمَعْرُوفِ أَنْ لَا يُشْهِرَ عَلَيْهِمَا سِلَاحًا وَلَا يَقْتُلَهُمَا إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَى ذَلِكَ بِأَنْ يَخَافَ أَنْ يَقْتُلَهُ إنْ تَرَكَ قَتْلَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ قَتْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كَانَ قَدْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِتَمْكِينِهِ غَيْرِهِ مِنْهُ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ تَمْكِينِ غَيْرِهِ مِنْ قَتْلِهِ كَمَا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ قَتْلِ نَفْسِهِ، فَجَازَ لَهُ حِينَئِذٍ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَتْلُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ نَهَى حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبِ عَنْ قَتْلِ أَبِيهِ وَكَانَ مُشْرِكًا».
وَقَالَ أَصْحَابُنَا فِي الْمُسْلِمِ يَمُوتُ أَبَوَاهُ وَهُمَا كَافِرَانِ: إنَّهُ يُغَسِّلُهُمَا وَيَتْبَعُهُمَا وَيَدْفِنُهُمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الصُّحْبَةِ بِالْمَعْرُوفِ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ بِهَا.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا} وَمَا ضَمِيرُهُ؟ قِيلَ لَهُ: يَحْتَمِلُ: اسْتَوْصُوا بِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا، وَيَحْتَمِلُ: وَأَحْسِنُوا بِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا.
وقَوْله تَعَالَى: {وَبِذِي الْقُرْبَى} أَمْرٌ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَالْإِحْسَانِ إلَى الْقَرَابَةِ، عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالْأَرْحَامَ}، فَبَدَأَ تَعَالَى فِي أَوَّلِ الْآيَةِ بِتَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ؛ إذْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي بِهِ يَصِحُّ سَائِرُ الشَّرَائِعِ وَالنُّبُوَّاتِ وَبِحُصُولِهِ يُتَوَصَّلُ إلَى سَائِرِ مَصَالِحِ الدِّينِ، ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى مَا يَجِبُ لِلْأَبَوَيْنِ مِنْ الْإِحْسَانِ إلَيْهِمَا وَقَضَاءِ حُقُوقِهِمَا وَتَعْظِيمِهِمَا، ثُمَّ ذَكَرَ الْجَارَ ذَا الْقُرْبَى وَهُوَ قَرِيبُك الْمُؤْمِنُ الَّذِي لَهُ حَقُّ الْقَرَابَةِ وَأَوْجَبَ لَهُ الدِّينُ الْمُوَالَاةَ وَالنُّصْرَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْجَارَ الْجُنُبَ وَهُوَ الْبَعِيدُ مِنْكَ نَسَبًا إذَا كَانَ مُؤْمِنًا فَيَجْتَمِعُ حَقُّ الْجِوَارِ وَمَا أَوْجَبَهُ لَهُ الدِّينُ بِعِصْمَةِ الْمِلَّةِ وَذِمَّةِ عَقْدِ النِّحْلَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ قَالُوا: الْجَارُ ذُو الْقُرْبَى الْقَرِيبُ فِي النَّسَبِ.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْجِيرَانُ ثَلَاثَةٌ: فَجَارٌ لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ: حَقُّ الْجِوَارِ، وَحَقُّ الْقَرَابَةِ وَحَقُّ الْإِسْلَامِ، وَجَارٌ لَهُ حَقَّانِ حَقُّ الْجِوَارِ وَحَقُّ الْإِسْلَامِ، وَجَارٌ لَهُ حَقُّ الْجِوَارِ: الْمُشْرِكُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ».
وقَوْله تَعَالَى: {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} رُوِيَ فِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ وَالضَّحَّاكِ: أَنَّهُ الرَّفِيقُ فِي السَّفَرِ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى: أَنَّهُ الزَّوْجَةُ، وَرِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ الْمُنْقَطِعُ إلَيْكَ رَجَاءَ خَيْرِكَ. وَقِيلَ: هُوَ جَارٍ الْبَيْتِ دَانِيًا كَانَ نَسَبُهُ أَوْ نَائِيًا إذَا كَانَ مُؤْمِنًا.