فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (57)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ثوبر عن ابن عمر في قوله: {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها} قال: إذا احترقت جلودهم بدلناهم جلودًا بيضاء أمثال القراطيس.
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند ضعيف من طريق نافع عن ابن عمر قال «قرئ عند عمر {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها ليذوقوا العذاب} فقال معاذ: عندي تفسيرها، تبدل في ساعة مائة مرة. فقال عمر: هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر قال: «تلا رجل عند عمر {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها} فقال كعب: عندي تفسير هذه الآية، قرأتها قبل الإسلام. فقال: هاتها يا كعب، فإن جئت بها كما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقناك. قال: إني قرأتها قبل الإسلام {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها} في الساعة الواحدة عشرين ومائة مرة. فقال عمر: هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: بلغني أنه يحرق أحدهم في اليوم سبعين ألف مرة {كلما نضجت} وأكلت لحومهم قيل لهم عودوا فعادوا.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال: تأخذ النار فتأكل جلودهم حتى تكشطها عن اللحم، حتى تفضي النار إلى العظام ويبدلون جلودًا غيرها، يذيقهم الله شديد العذاب، فذلك دائم لهم أبدًا بتكذيبهم رسول الله وكفرهم بآيات الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يزيد الحضرمي. أنه بلغه في قول الله: {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها} قال: يجعل للكافر مائة جلد بين كل جلدين لون من العذاب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في الآية قال: سمعنا أنه مكتوب في الكتاب الأول: أن جلد أحدهم أربعون ذراعًا، وسنه سبعون ذراعًا، وبطنه لو وضع فيه جبل لوسعه، فإذا أكلت النار جلودهم بدلوا جلودًا غيرها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن حذيفة بن اليمان قال «أسر إليّ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا حذيفة إن في جهنم لسباعًا من نار، وكلابًا من نار، وكلاليب من نار، وسيوفًا من نار، وإنه تبعث ملائكة يعلقون أهل النار بتلك الكلاليب بأحناكهم، ويقطعونهم بتلك السيوف عضوًا عضوًا، ويلقونهم إلى تلك السباع والكلاب، كلما قطعوا عضوًا عاد مكانه غضبًا جديدًا».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال: قال أبو مسعود لأبي هريرة: أتدري كم غلظ جلد الكافر؟ قال: لا. قال: غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعًا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية قال: غلظ جلد الكافر أربعون ذراعًا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أهل النار يعظمون في النار حتى يصير أحدهم مسيرة كذا وكذا... وإن ضرس أحدهم لمثل أحد».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله: {وندخلهم ظلًا ظليلًا} قال: هو ظل العرش الذي لا يزول. اهـ.

.التفسير الإشاري:

.قال النيسابوري:

التأويل: جملة الكبائر مندرجة تحت ثلاث: إحداها اتباع الهوى وينشأ منه البدع والضلالات وطلب الشهوات وحظوظ النفس بترك الطاعات، وثانيتها حب الدنيا وينشعب منه القتل والظلم وأكل الحرام، وثالثتها رؤية غير الله وهو الشرك والرياء والنفاق وغيرها.
ثم أخبر أن الدين ليس بالتمني فقال: {ولا تتمنوا} فإنه لا يحصل بالتمني ولكن {للرجال} المجتهدين في الله {نصيب} مما جدوا في طلبه {وللنساء} وهم الذين يطلبون من الله غير الله {نصيب} على قدر همتهم في الطلب {واسألوا الله من فضله} فيه معنيان: سلوه من فضله الخاص وهو العلم اللدني {وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيمًا} [النساء: 113] أو سلوه منه ولا تسألوه من غيره {ولكل جعلنا موالي} لكل طالب صادق جعلنا استعدادًا في الأزل للوراثة مما ترك والداه وأقرباؤه، طلبه لعدم الاستعداد والمشيئة. والذين جرى بينكم وبينهم عقد الأخوة في الله {فآتوهم} بالنصح وحسن التربية والتسليك {نصيبهم} الذي قدّر لهم {الرجال قوّامون على النساء} بمصالح دينهن ودنياهن بتفضيل الله وهو استعداد الخلافة والوراثة {وبما أنفقوا من أموالهم} أي تجريدهم عن الدنيا وتفريدهم للمولى. {فالصالحات} اللاتي يصلحن للكمال {قانتات} مطيعات لله لهن قلوب {حافظات} لواردات الغيب {بما حفظ الله} عليهن حقائق الغيب وأسراره. {واللاتي تخافون نشوزهن} إذا دارت عليهن كؤوس الواردات كما قيل:
فأسكر القوم دور كاس ** وكان سكري من المدير

{فعظوهن} باللسان وخوّفوهن بالهجران ليتأدب السكران {واضربوهن} بسوطالانفصال وفراق الإخوان كما كان حال الخضر مع موسى حيث قال: {هذا فراق بيني وبينك} [الكهف: 78] هذا قانون أرباب الكمال إذا رأوا من أهل الإرادة إمارات الملال أو عربدة من غلبات الأحوال. {وإن خفتم} شقاقًا بين الشيخ الواصل والمريد المتكامل {فابعثوا} متوسطين من المشايخ الكاملين ومن السالكين المعتبرين {إن يريدا إصلاحًا} بينهما بما رأيا فيه صلاحهما {يوفق الله بينهما} بالإرادة وحسن التربية {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا} من الدنيا والعقبى لتتخلقوا بأخلاق الله وتحسنوا إلى الواليدن وغيرهما {إحسانًا} بلا شرك ورياء وفخر وخيلاء والله ولي والتوفيق. اهـ.

.قال الألوسي:

ومن باب الإشارة: في الآيات {يَا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصلاة وَأَنتُمْ سكارى حتى تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ} خطاب لأهل الإيمان العلمي، ونهي لهم أن يناجوا ربهم أو يقربوا مقام الحضور والمناجاة مع الله سبحانه وتعالى في حال كونهم سكارى خمر الهوى ومحبة الدنيا، أو نوم الغفلة حتى يصحوا ولا يشتغلوا بغير مولاهم، والمقصود النهي عن إشغال القلب بسوى الرب، وقيل: إنه خطاب لأهل المحبة العشق الذين أسكرهم شراب ليلى ومدام مي، فبقوا حيارى مبهوتين لا يميزون الحي من الليّ ولا يعرفون الأوقات ولا يقدرون على أداء شرائط الصلوات فكأنهم قيل لهم: يا أيها العارفون بي وبصفاتي وأسمائي السكارى من شراب محبتي وسلسبيل أنسي وتسنيم قدمي وزنجبيل قربي ومدام عشقي وعقار مشاهدتي إذا كشفت لكم جمالي وآنستكم في مقام ربوبيتي فلا تكلفوا نفوسكم أداء الرسوم الظاهرة لأنكم في جنان مشاهدتي، وليس في الجنان تقييد، وإذا سكنتم من سكركم وصرتم صاحين بنعت التمكين فأدوا ما افترضته عليكم وقوموا لله قانتين وحاصله رفع التكليف عن المجذوبين الغارقين في بحار المشاهدة إلى أن يعقلوا ويصحوا، فالإيمان على هذا محمول على الإيمان العيني والمعنى الأول أولى بالإشارة {وَلاَ جُنُبًا} أي ولا تقربوا الصلاة في حال كونكم بعداء عن الحق لشدة الميل إلى النفس ولذاتها {إِلاَّ عَابِرِى سَبِيلٍ} أي سالكي طريق من طرق تمتعاتها بقدر الضرورة كعبور طريق الاغتذاء بالمأكل والمشرب لسد الرمق أو الاكتساء لدفع ضرورة الحر والقرّ وستر العورة، أو المباشرة لحفظ النسل {حتى تَغْتَسِلُواْ} وتتطهروا بمياه التوبة والاستغفار وحسن التنصل والاعتذار {وَإِنْ كُنتُم مرضى} بأدواء الرذائل {أَوْ على سَفَرٍ} في بيداء الجهالة والحيرة لطلب الشهوات {أَوْ جَاء أَحَدٌ مّنْكُمْ مّن الغائط} أي الاشتغال بلوث المال ملوثًا محبته {أَوْ لامستم النساء} أي لازمتم النفوس وباشرتموها في قضاء وطرها {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء} علمًا يهديكم إلى التخلص عن ذلك {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيّبًا} أي فاقصدوا صعيد استعدادكم أو ارجعوا إلى المرشدين أرباب الاستعداد {فامسحوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} أي امسحوا ذواتكم وصفاتكم بما يتصاعد من أنوار استعدادهم وتخلقوا بأخلاقهم واسلكوا مسالكهم حتى تمحى عنكم تلك الهيئات المهلكة وتبقى أنفسكم صافية {إِنَّ الله كَانَ عَفُوًّا} يعفو عما صدر منكم بمقتضى تلك الهيئات {غَفُورًا} [النساء: 34] يستر الشين بالزين {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ نَصِيبًا} أي بعضًا {مّنَ الكتاب} وهو اعترافهم بالحق مع احتجابهم برؤية الخلق {يَشْتَرُونَ الضلالة} ويتركون التوحيد الحقيقي {وَيُرِيدُونَ} مع ذلك {أَن تَضِلُّواْ السبيل} [النساء: 44] الحق وهو التوحيد الصرف وعدم رؤية الأغيار فتكونوا مثلهم {والله أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ} وعنى بهم أولئك الموصوفين بما ذكر، وسبب عداوتهم لهم اختلاف الأسماء الظاهرة فيهم ولهذا ودوا تكفيرهم {وكفى بالله وَلِيًّا} يلي أموركم بالتوفيق لطريق التوحيد {وكفى بالله نَصِيرًا} [النساء: 45] ينصركم على أعدائكم فلا يستطيعون إيذاءكم وردكم عما أنتم عليه من الحق {مّنَ الذين هَادُواْ} رجعوا عن مقتضى الاستعداد من نفي السوي إلى ما سولت لهم أنفسهم واستنتجته أفكارهم وأيدته أنظارهم ودعت إليه علومهم الرسمية {يُحَرّفُونَ الكلم عَن مواضعه} يحتمل أن يراد بالكلم معناها الظاهر أي أنهم يؤولون جميع ما يشعر ظاهره بالوحدة على حسب إرادتهم زاعمين أنه لا يمكن أن يكون غير ذلك مرادًا لله تعالى لا قصدًا ولا تبعًا لا عبارة ولا إشارة، ويحتمل أن يراد بها هذه الممكنات فإنها كلم الله تعالى بمعنى الدوال عليه، أو كلمه بمعنى آثار كلمه أعني كن المتعددة حسب تعدد تعلقات الإرادة.
ومعنى تحريفها عن مواضعها إمالتها عما وضعها الله تعالى فيه من كونها مظاهر أسمائه فيثبتون لها وجودًا غير وجود الله تعالى: {وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا} ما يشعر بالوحدة أو سمعنا ما يقال في هذه الممكنات {وَعَصَيْنَا} فلا نقول بما تقولون ولا نعتقد ما تعتقدون {و} يقولون أيضًا في أثناء مخاطبتهم للعارف مستخفين مستهزئين به {عَظِيمٍ أَسْمِعْ} ما يعارض ما تدعيه {غَيْرَ مُسْمَعٍ} أي لا أسمعك الله {وراعنا} يعنون رميه بالرعونة وهي الحماقة {لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا في الدين} [النساء: 46] الذي عليه العارف بربه {قَلِيلًا يَا أَيُّهَا الذين أُوتُواْ الكتاب} أي فهموا عليه الظاهر ولم يفهموا ما أشار إليه من علم الباطن {بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدّقًا} على قلوب أوليائي من العلم اللدني {مُصَدّقًا لّمَا مَعَكُمْ} من علم الظاهر إذ كل باطن يخالف الظاهر فهو باطل {مّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا} وهي وجوه القلوب بالعمى {فَنَرُدَّهَا على أدبارها} ناظرة إلى الدنيا وزخارفها بعد أن كانت في أصل الفطرة متوجهة إلى ما في الميثاق الأول {أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أصحاب السبت} [النساء: 47] فنمسخ صورهم المعنوية كما مسخنا صور اليهود الحسية، ويحتمل أن يكون هذا خطابًا لمن أوتي كتاب الاستعداد أمرهم بالإيمان الحقيقي وهددهم بإزالة استعدادهم وردهم إلى أسفل سافلين، وإبعادهم بالمسخ {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} إلا بالتوبة عنه لشدة غيرته «لا أحد أغير من الله» {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} أن يغفر له تاب أو لم يتب، وقد ذكروا أن الشرك ثلاث مراتب ولكل مرتبة توبة: فشرك جلي بالأعيان وهو للعوام كعبدة الأصنام والكواكب مثلًا، وتوبته إظهار العبودية في إثبات الربوبية مصدقًا بالسر والعلانية، وشرك خفي بالأوصاف وهو للخواص وفسر بشوب العبودية بالالتفات إلى غير الربوبية وتوبته الالتفات عن ذلك الالتفات وشرك أخفى لخواص الخواص وهو الأنانية وتوبته بالوحدة وهي فناء الناسوتية في بقاء اللاهوتية {وَمَن يُشْرِكْ بالله} أيّ شرك كان من هذه المراتب {فَقَدِ افترى} وارتكب حسب مرتبته {إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: 48] لا يقدر قدره {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ} كعلماء السوء من أهل الظاهر الذين لم يحصلوا من علومهم سوى العجب والكبر والحسد والحقد وسائر الصفات الرذيلة {بَلِ الله يُزَكّى مَن يَشَاء} [النساء: 49] كالعارفين به الذين لا يرون لأنفسهم فعلًا، ويحتمل أن يكون هذا تعجيبًا ممن يزكي نفسه بنفسه ويسلك في مسالك القوم على رأيه غير معتمد على مرب مرشد له من ولي كامل أو أثارة من علم إلهي كبعض المتفلسفين من أهل الرياضات {انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ} بادعاء تزكية نفوسهم من صفاتها وما تزكت أو بانتحال صفات الله تعالى إلى أنفسهم مع وجودها {وكفى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا} [النساء: 50] ظاهرًا لا خفاء فيه {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أَتَوْا نَصِيبًا} بعضًا {مّنَ الكتاب} الجامع، وأشير به إلى علم الظاهر {يُؤْمِنُونَ بالجبت} أي بجبت النفس {والطاغوت} أي طاغوت الهوى فيميلون مع أنفسهم وهواهم {وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ} أي لأجل الذين ستروا الحق {هَؤُلاء أهدى مِنَ الذين ءامَنُواْ} الإيمان الحقيقي {سَبِيلًا} [النساء: 51] {أولئك الذين لَّعَنَهُمُ الله} أي أبعدهم عن معرفته وقربه {وَمَن يَلْعَنِ} أي يبعده {الله} عن ذلك {فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} [النساء: 52] يهديه إلى الحق {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مّنَ الملك فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ الناس نَقِيرًا} [النساء: 53] ذم لهم بالبخل الذي هو الوصمة الكبرى عند أهل الله تعالى: {مَا ءاتاهم الله مِن فَضْلِهِ فَقَدْ ءاتَيْنَا ءالَ إبراهيم} من المعرفة وإعزازهم بين خلقه وإرشادهم لمن استرشدهم {فَقَدْ ءاتَيْنَا ءالَ إبراهيم} وهم المتبعون له على ملته من أهل المحبة والخلة {الكتاب} أي علم الظاهر أو الجامع له ولعلم الباطن {والحكمة} علم الباطن أو باطن الباطن {أَمْ يَحْسُدُونَ الناس} [النساء: 54] وهو الوصول إلى العين وعدم الوقوف عند الأثر {إِنَّ الذين كَفَرُواْ بآياتنا} أي حجبوا عن تجليات صفاتنا وأفعالنا أو أنكروا على أوليائنا الذين هم مظاهر الآيات {سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا} عظيمة وهي نار القهر والحجاب، أو نار الحسد {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ} وتقطعت أماني نفوسهم الأمارة ومقتضيات هواها {بدلناهم جُلُودًا غَيْرَهَا} بتجدد نوع آخر من أنواع تجليات القهر أو بتجدد نعم أخرى تظهر على أوليائنا الذين حسدوهم وأنكروا عليهم {لِيَذُوقُواْ العذاب} [النساء: 56] ما داموا منغمسين في أوحال الرذائل {والذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} أي الأعمال التي يصلحون بها لقبول التجليات {سَنُدْخِلُهُمْ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار} من ماء الحكمة ولبن الفطرة وخمر الشهود وعسل الكشف {خالدين فِيهَا أَبَدًا} لبقاء أرواحهم المفاوضة عليها ما يروحها {لَّهُمْ فِيهَا أزواج} من التجليات التي يلتذون بها {مُّطَهَّرَةٍ} من لوث النقص {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًا ظَلِيلًا} [النساء: 57] وهو ظل الوجود والصفات الإلهية وذلك بمحو البشرية عنهم، نسأل الله تعالى من فضله فلا فضل إلا فضله، ثم إنه سبحانه وتعالى أرشد المؤمنين بأبلغ وجه إلى بعض أمهات الأعمال الصالحة. اهـ.