فصل: الفوائد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الفوائد:

1- قوله تعالى: {أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ}.
في هذه الآية نقطة بلاغية كريمة فقد أشار سبحانه إلى تمكنهم من الهداية بأن جعلهم يعتلونها كما يعتلى الراكب المطية وهي استعارة تبعية لأنها جرت بالحرف بدلا من الاسم وبالجزء بدلا من الكل. وفي هذا التعبير سمة من سمات الاعجاز القرآني فبدلا من الوصف المباشر بأن يقول: {أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} فقد أخبر بأنهم على هداية اشارة إلى قوة الاهتداء وتمكن المؤمن من الهداية.
2- لابد من تقرير هذه القاعدة التي هي من البديهيات والتي يحسن بطالب المعرفة أيّا كانت درجته أن يضعها نصب عينيه وهي: إنّ كل ضمير يتصل باسم فهو في محل جر بالاضافة بخلاف الضمير المتصل بالفعل فقد يكون فاعلا مثل: {يخادعون} فالواو فاعل وقد يكون مفعولا به كقوله تعالى: {فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} فالضمير هم في محل نصب مفعول به.
ولاستيفاء الفائدة، لابد من الاشارة إلى أنه لدى اعراب الضمير لابد من ذكر نوعه وبنائه ومحله من الاعراب.
3- اختلف سيبويه والكسائي حول مادة الناس فذهب سيبويه إلى أنه من مادة أنس من الأنس واتجه الكسائي إلى أنه من مادة نوس من الحركة.
وبما أن الإنسان تغلب عليه صفة الأنس ويكاد ينفرد بها عن سائر الحيوان في حين أنه يشترك في صفة الحركة مع جميع الأحياء ويعجزنا وجود بعض أصناف الحيوان أكثر حركة من الإنسان، ولهذا يبدو أن الحق في جانب سيبويه ولا نكون مجانبين الصواب إذا أخذنا برأيه دون رأي الكسائي فرجحنا أن اسم الإنسان هو من الأنس وليس من الحركة وهي النوسان.

.[سورة البقرة: آية 6]:

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6)}.

.الإعراب:

{إنّ} حرف مشبّه بالفعل للتوكيد ينصب المبتدأ ويرفع الخبر {الذين} اسم موصول مبني على الفتح في محلّ نصب اسم إنّ.
{كفروا} فعل ماض مبني على الضمّ، والواو ضمير متّصل في محلّ رفع فاعل.
{سواء} خبر مقدّم مرفوع. على حرف جرّ والهاء ضمير متّصل في محلّ جرّ بحرف الجرّ والميم حرف لجمع الذكور، والجارّ والمجرور متعلقان ب {سواء}. الهمزة مصدريّة للتسوية أنذر فعل ماض مبني على السكون لاتّصاله بضمير الرفع والتاء ضمير متّصل في محلّ رفع فاعل والهاء ضمير متّصل في محلّ نصب مفعول به والميم حرف لجمع الذكور {أم} حرف عطف معادل لهمزة التسوية {لم} حرف نفي وجزم وقلب تنذر مضارع مجزوم وهم ضمير متّصل مفعول به.
والمصدر المؤول من الهمزة والفعل في محل رفع مبتدأ مؤخّر أي سواء عليهم إنذارك لهم أم عدم إنذارك {لا} نافية {يؤمنون} مضارع مرفوع والواو ضمير متصل في محلّ رفع فاعل.
وجملة: {إن الذين} لا محلّ لها استئنافية.
وجملة: {كفروا} لا محلّ لها صلة الموصول.
وجملة: {سواء عليهم} لا محلّ لها اعتراضية.
وجملة: {أنذرتهم} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي.
وجملة: {لم تنذرهم} لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفي.
وجملة: {لا يؤمنون} في محل رفع خبر إنّ.

.الصرف:

{الذين} اسم موصول، جمع الذي- على رأي ابن يعيش- وال فيه زائدة لازمة سواء، مصدر واقع موقع اسم الفاعل أي مستو... وفيه إبدال حرف العلّة بعد الألف همزة، وأصله سواي لأنه من باب طويت وشويت.. فلمّا جاءت الياء متطرفة بعد ألف ساكنة قلبت همزة، وزنه فعال بفتح الفاء.

.[سورة البقرة: آية 7]:

{خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (7)}.

.الإعراب:

{ختم} فعل ماض {اللّه} لفظ الجلالة فاعل مرفوع. على قلوب جارّ ومجرور متعلّق ب {ختم} والهاء ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف إليه والميم حرف لجمع الذكور. الواو عاطفة على سمع جارّ ومجرور متعلّق ب {ختم} على حذف مضاف أي مواضع سمعهم، وهم ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف إليه. الواو عاطفة على أبصار جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم وهم في محلّ جرّ مضاف إليه {غشاوة} مبتدأ مؤخّر مرفوع. الواو عاطفة اللام حرف جرّ والهاء ضمير متّصل في محلّ جرّ باللام متعلّق بمحذوف خبر مقدّم والميم لجمع الذكور {عذاب} مبتدأ مؤخّر مرفوع.
{عظيم} نعت ل {عذاب} مرفوع مثله.
جملة: {ختم اللّه} لا محل لها استئنافية.
وجملة: {على أبصارهم غشاوة} لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة: {لهم عذاب} لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافية.

.الصرف:

{قلوبهم} جمع قلب، اسم جامد للعضو المعروف.
{سمعهم} مصدر سمع يسمع باب فرح وزنه فعل بفتح فسكون {أبصارهم} جمع بصر مصدر بصر يبصر باب كرم وزنه فعل بفتحتين.
{غشاوة} اسم جامد لما يغطي العين وزنه فعالة بكسر الفاء، ويجوز فتحها.
{عذاب} اسم مصدر لفعل عذّب الرباعيّ، وزنه فعال بفتح الفاء.
{عظيم} صفة مشبّهة من عظم يعظم باب كرم، وزنه فعيل.

.البلاغة:

1- في الآية استعارة تصريحية أصلية أو تبعية إذا أوّلت الغشاوة بمشتق، أو جعلت اسم آلة على ما قيل، ويجوز أن يكون في الكلام استعارة تمثيلية بأن يقال شبهت حال قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم مع الهيئة الحادثة فيها المانعة من الاستنفاع بها بحال أشياء معدة للانتفاع بها في مصالح مهمة مع المنع من ذلك الختم والتغطية ثم يستعار للمشبه اللفظ الدال على المشبه به فيكون كل واحد من طرفي المشبه مركبا والجامع عدم الانتفاع بما أعد له.
2- فإن قلت: فلم أسند الختم إلى اللّه تعالى وإسناده إليه يدل على المنع من قبول الحق والتوصل إليه بطرقه وهو قبيح واللّه يتعالى عن فعل القبيح؟ قلت:
القصد إلى صفة القلوب بأنها كالمختوم عليها. وأما اسناد الختم إلى اللّه عز وجل، فلينبه على أن هذه الصفة في فرط تمكنها وثبات قدمها كالشيء الخلقي غير العرضي.
3- وحد السمع لوحدة المسموع دون القلوب والأبصار لتنوع المدركات والمرئيات.
4- وصف العذاب بقوله: {عظيم} لتأكيد ما يفيده التنكير من التفخيم والتهويل والمبالغة في ذلك أي لهم من الآلام العظام نوع عظيم لا يبلغ كنهه ولا تدرك غايته.
5- التنكير: في قوله: {غشاوة} وذلك للتفخيم والتهويل.

.[سورة البقرة: آية 8]:

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)}.

.الإعراب:

الواو عاطفة أو استئنافية {من} حرف جرّ {الناس} مجرور به وعلامة الجرّ الكسرة، والجارّ والمجرور متعلّقان بمحذوف خبر مقدّم.
{من} اسم موصول مبنيّ على السكون في محلّ رفع مبتدأ مؤخّر {يقول} مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو {آمنّا} فعل ماض مبني على السكون ونا ضمير متّصل في محلّ رفع فاعل.
{باللّه} جارّ ومجرور متعلّق ب {آمنّا}.
{الواو} عاطفة {باليوم} جارّ ومجرور معطوف على الأول متعلّق ب {آمنّا}.
{الآخر} نعت ل (اليوم) مجرور مثله. الواو حاليّة {ما} نافية تعمل عمل ليس {هم} ضمير منفصل في محلّ رفع اسم ما. الباء حرف جرّ زائد مؤمنين مجرور لفظا منصوب محلّا خبر ما، وعلامة الجرّ الياء لأنه جمع مذكّر سالم.
جملة: {من الناس من يقول} لا محل لها معطوفة على استئنافية أو استئنافية.
وجملة: {يقول} لا محلّ لها صلة الموصول.
وجملة: {آمنّا باللّه} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {ما هم بمؤمنين} في محلّ نصب حال.

.الصرف:

{الناس} أصله أناس حذفت فاؤه، وجعلت الألف واللام كالعوض منها فلا يكاد يستعمل أناس بالألف واللام.. وعلى هذا فالألف زائدة في الناس لأنه مشتقّ من الإنس. وقال بعضهم: ليس في الكلمة حذف وزيادة. والألف منقلبة عن واو وهي عين الكلمة من ناس ينوس إذا تحرّك.
{يقول} فيه إعلال بالتسكين أصله يقول بتسكين القاف وضمّ الواو، ثمّ نقلت حركة الواو إلى القاف قبلها لثقل الحركة على حرف العلّة فأصبح يقول.
{آمنّا} المدّة فيه أصلها همزتان: الأولى متحرّكة والثانية ساكنة أي أأمنّا لأن مضارعه يؤمن.
{الآخر} ذكر في الآية (4).
{مؤمنين} جمع مؤمن اسم فاعل من آمن الرباعيّ، فهو على وزن مضارعه بإبدال حرف المضارعة ميما مضمومة وكسر ما قبل الآخر، وجرى فيه حذف الهمزة- كما في المضارع- مجرى {المفلحون} انظر الآية (5).

.الفوائد:

1- للنحاة في {ما} رأيان:
الأول: حجازية: استنادا إلى طريقة الحجازيين الذين يعملونها عمل ليس فترفع المبتدأ وتنصب الخبر.
والثاني: طريقة بني تميم وهم يهملونها فالمبتدأ والخبر بعدها مرفوعان.
2- {بمؤمنين} ذهب النحاة لتسمية هذه الباء التي يمكن حذفها مع بقاء المعنى صحيحا حرف جر زائد ولكننا نذهب هنا لتسميتها حرف توكيد أدبا مع القرآن الكريم ولكون فائدتها البلاغية هي توكيد الخبر. فالقول: {وما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} أبعد في التوكيد من قولنا: وما هم مؤمنون.

.[سورة البقرة: آية 9]:

{يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (9)}.

.الإعراب:

{يخادعون} فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو ضمير متّصل في محلّ رفع فاعل.
{اللّه} لفظ الجلالة مفعول به منصوب الواو عاطفة {الذين} اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب معطوف على لفظ الجلالة.
{آمنوا} فعل ماض مبنيّ على الضمّ والواو ضمير متّصل في محلّ رفع فاعل. الواو حاليّة {ما} نافية {يخدعون} مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون والواو فاعل. إلا أداة حصر أنفس مفعول به منصوب والهاء ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف إليه والميم حرف لجمع الذكور الواو حاليّة أو عاطفة {ما} نافية {يشعرون} مثل يخدعون.
جملة: {يخادعون} في محلّ نصب حال من فاعل يقول أو من الضمير المستكنّ في {مؤمنين} وجملة: {آمنوا} لا محلّ لها صلة الموصول.
وجملة: {ما يخدعون} في محلّ نصب حال من فاعل يخادعون.
وجملة: {ما يشعرون} في محلّ نصب حال من فاعل يخدعون.

.الصرف:

{أنفسهم} جمع نفس، وهو اسم جامد بمعنى الذات أو الروح أو الجسد، وزنه فعل بفتح فسكون. ووزن أنفس أفعل بضم العين وهو من جموع القلّة.

.البلاغة:

1- المخادعة مفاعلة، والمعروف فيها أن يفعل كل أحد بالآخر مثل ما يفعله به فيقتضي هنا أن يصدر من كل واحد من اللّه ومن المؤمنين ومن المنافقين فعل يتعلق بالآخر وهذا ما يدعى بالمشاكلة لأن اللّه سبحانه لا يخدع ولا يخدع فهو غني عن كل نيل واصابة واستجرار منفعة لنفسه وأجلّ من أن تخفى عليه خافية.
(1) يجوز أن تكون الجملة استئنافية لا محلّ لها هذا وقد رفض ابن حيان كونها حالا من ضمير مؤمنين.
(2) أو معطوفة على الاستئنافية لا محلّ لها.
(3) أو معطوفة على الاستئنافية لا محلّ لها.
2- إن قلت كيف قال: {يُخادِعُونَ اللَّهَ} مع أن المخادعة إنما تتصور في حق من تخفى عليه الأمور، ليتم الخداع من حيث لا يعلم، ولا يخفى على اللّه شيء؟
قلت: المراد يخادعون رسول اللّه إذ معاملة اللّه معاملة رسوله كعكسه لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ} أو سمّى نفاقهم خداعا لشبهه بفعل المخادع. وهذا من قبيل المجاز العقلي.

.الفوائد:

{يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا} البقرة آية 9.
في هذه الآية نقطة كريمة، وحقيقة يؤكدها القرآن الكريم تلك الحقيقة هي الصلة بين اللّه والمؤمنين فهو يجعل صفهم صفه، وأمرهم أمره، وشأنهم شأنه يجعلهم سبحانه في كنفه، إذ يجعل عدوهم عدوه ونصيرهم نصيره. وهذا التفضل يرفع مقام المؤمنين إلى مستوى سامق لأن حقيقة الإيمان هي أكبر الحقائق. فتأمل هذا المعنى اللطيف الذي يكثر وروده في القرآن الكريم.

.[سورة البقرة: آية 10]:

{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (10)}.

.الإعراب:

في قلوب جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم وهم ضمير متّصل في محل جرّ مضاف إليه {مرض} مبتدأ مؤخّر مرفوع. الفاء عاطفة زاد فعل ماض وهم ضمير متّصل في محلّ نصب مفعول به أوّل {اللّه} لفظ الجلالة فاعل مرفوع {مرضا} مفعول به ثان منصوب. الواو عاطفة اللام حرف جرّ هم ضمير متّصل في محلّ جر باللام متعلّقان بمحذوف خبر مقدّم {عذاب} مبتدأ مؤخّر مرفوع {أليم} نعت ل {عذاب} مرفوع مثله. الباء حرف جرّ سببيّ ما حرف مصدري.
{كانوا} فعل ماض ناقص والواو ضمير متّصل في محلّ رفع اسم كان {يكذبون} فعل مضارع مرفوع والواو ضمير فاعل.
والمصدر المؤول من ما والفعل في محلّ جرّ بالباء متعلّق بمحذوف نعت ثان ل {عذاب} أي: عذاب أليم مستحقّ بكونهم كاذبين.
جملة: {في قلوبهم مرض} لا محلّ لها استئنافية بيانية مقرّرة لمعنى قولهم: {ما هم بمؤمنين} أو تعليليّة.
وجملة: {زادهم اللّه مرضا} لا محل لها معطوفة على جملة في قلوبهم مرض.
وجملة: {لهم عذاب أليم} لا محل لها معطوفة على جملة زادهم اللّه مرضا.
وجملة: {يكذبون} في محلّ نصب خبر كانوا، وجملة {كانوا} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي.