فصل: قال الطبري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الطبري:

يعني جل ثناؤه بقوله: {الله لا إله إلا هو ليجمعنكم}، المعبود الذي لا تنبغي العبودة إلا له، هو الذي له عبادة كل شيء وطاعة كل طائع.
وقوله: {ليجمعنكم إلى يوم القيامة}، يقول: ليبعثنَّكم من بعد مماتكم، وليحشرنكم جميعًا إلى موقف الحساب الذي يجازي الناس فيه بأعمالهم، ويقضي فيه بين أهل طاعته ومعصيته، وأهل الإيمان به والكفر {لا ريب فيه}، يقول: لا شك في حقيقة ما أقول لكم من ذلك وأخبركم من خبري: أنّي جامعكم إلى يوم القيامة بعد مماتكم {ومن أصدق من الله حديثًا}، يعني بذلك: فاعلموا حقيقة ما أخبركم من الخبر، فإني جامعكم إلى يوم القيامة للجزاء والعرض والحساب والثواب والعقاب يقينًا، فلا تشكوا في صحته ولا تمتروا في حقيقته، فإن قولي الصدق الذي لا كذب فيه، ووعدي الصدق الذي لا خُلْف له- {ومن أصدق من الله حديثًا}، يقول: وأي ناطق أصدق من الله حديثًا؟ وذلك أن الكاذب إنما يكذب ليجتلب بكذبه إلى نفسه نفعًا، أو يدفع به عنها ضرًّا. والله تعالى ذكره خالق الضر والنفع، فغير جائز أن يكون منه كذب، لأنه لا يدعوه إلى اجتلاب نفع إلى نفسه أو دفع ضر عنها داعٍ. وما من أحدٍ لا يدعوه داعٍ إلى اجتلاب نفع إلى نفسه، أو دفع ضر عنها، سواه تعالى ذكره، فيجوز أن يكون له في استحالة الكذب منه نظيرًا، فقال: {ومن أصدق من الله حديثًا}، وخبرًا. اهـ.

.من فوائد الزمخشري في الآيات:

قال رحمه الله:

.[سورة النساء: الآيات 74- 76]:

{فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74)}
يَشْرُونَ بمعنى يشترون ويبيعون قال ابن مفرغ:
وَشَرَيْتُ بُرْدًا لَيْتَنِى ** مِنْ بَعْدِ بُرْدٍ كُنْتُ هَامَهْ

فالذين يشترون الحياة الدنيا بالآخرة هم المبطئون، وعظوا بأن يغيروا ما بهم من النفاق ويخلصوا الإيمان باللَّه ورسوله، ويجاهدوا في سبيل اللَّه حق الجهاد، والذين يبيعون هم المؤمنون الذين يستحبون الآجلة على العاجلة ويستبدلونها بها، والمعنى: إن صدّ الذين مرضت قلوبهم وضعفت نياتهم عن القتال فليقاتل الثابتون المخلصون ووعد المقاتل في سبيل اللَّه ظافرًا أو مظفورًا به إيتاء الأجر العظيم على اجتهاده في إعزاز دين اللَّه وَالْمُسْتَضْعَفِينَ فيه وجهان أن يكون مجرورًا عطفا على سبيل اللَّه أي في سبيل اللَّه وفي خلاص المستضعفين، ومنصوبا على اختصاص يعنى واختص من سبيل اللَّه خلاص المستضعفين لأنّ سبيل اللَّه عام في كل خير، وخلاص المستضعفين من المسلمين من أيدى الكفار من أعظم الخير وأخصه والمستضعفون هم الذين أسلموا بمكة وصدّهم المشركون عن الهجرة فبقوا بين أظهرهم مستذلين مستضعفين يلقون منهم الأذى الشديد، وكانوا يدعون اللَّه بالخلاص ويستنصرونه فيسر اللَّه لبعضهم الخروج إلى المدينة، وبقي بعضهم إلى الفتح حتى جعل اللَّه لهم من لدنه خير ولى وناصر وهو محمد صلى اللَّه عليه وسلم فتولاهم أحسن التولي ونصرهم أقوى النصر، ولما خرج استعمل على أهل مكة عتاب بن أسيد فرأوا منه الولاية والنصرة كما أرادوا، قال ابن عباس:
كان ينصر الضعيف من القوى حتى كانوا أعز بها من الظلمة. فإن قلت: لم ذكر الولدان؟ قلت:
تسجيلا بإفراط ظلمهم، حيث بلغ أذاهم الولدان غير المكلفين، إرغاما لآبائهم وأمهاتهم ومبغضة لهم لمكانهم، ولأن المستضعفين كانوا يشركون صبيانهم في دعائهم استنزالا لرحمة اللَّه بدعاء صغارهم الذين لم يذنبوا، كما فعل قوم يونس وكما وردت السنة بإخراجهم في الاستسقاء، وعن ابن عباس:
كنت أنا وأمى من المستضعفين من النساء والولدان، ويجوز أن يراد بالرجال والنساء الأحرار والحرائر، وبالولدان العبيد والإماء، لأنّ العبد والأمة يقال لهما الوليد والوليدة، وقيل للولدان والولائد «الولدان» لتغليب الذكور على الإناث كما يقال الآباء والإخوة. فإن قلت: لم ذكر الظالم وموصوفه مؤنث؟ قلت: هو وصف للقرية إلا أنه مسند إلى أهلها، فأعطى إعراب القرية لأنه صفتها، وذكر لإسناده إلى الأهل كما تقول من هذه القرية التي ظلم أهلها، ولو أنث فقيل: الظالمة أهلها، لجاز لا لتأنيث الموصوف، ولكن لأن الأهل يذكر ويؤنث. فإن قلت:
هل يجوز من هذه القرية الظالمين أهلها؟ قلت: نعم، كما تقول: التي ظلموا أهلها، على لغة من يقول أكلونى البراغيث، ومنه {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}. رغب اللَّه المؤمنين ترغيبا وشجعهم تشجيعا بإخبارهم أنهم إنما يقاتلون في سبيل اللَّه. فهو وليهم وناصرهم، وأعداؤهم يقاتلون في سبيل الشيطان فلا ولىّ لهم إلا الشيطان، وكيد الشيطان للمؤمنين إلى جنب كيد اللَّه للكافرين أضعف شيء وأوهنه.

.[سورة النساء: آية 77]:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)}
{كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} أي كفوها عن القتال وذلك أن المسلمين كانوا مكفوفين عن مقاتلة الكفار ما داموا بمكة، وكانوا يتمنون أن يؤذن لهم فيه فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ بالمدينة كع فريق منهم لا شكا في الدين ولا رغبة عنه، ولكن نفورًا عن الإخطار بالأرواح وخوفا من الموت كَخَشْيَةِ اللَّهِ من إضافة المصدر إلى المفعول، فإن قلت: ما محل {كَخَشْيَةِ اللَّهِ} من الإعراب؟ قلت: محله النصب على الحال من الضمير في {يَخْشَوْنَ} أي يخشون الناس مثل أهل خشية اللَّه، أي مشبهين لأهل خشية اللَّه أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً بمعنى أو أشد خشية من أهل خشية اللَّه، وأشد معطوف على الحال. فإن قلت: لم عدلت عن الظاهر وهو كونه صفة للمصدر ولم تقدر يخشون خشية مثل خشية اللَّه، بمعنى مثل ما يخشى اللَّه؟ قلت: أبى ذلك قوله: {أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} لأنه وما عطف عليه في حكم واحد، ولو قلت يخشون الناس أشد خشية؟ لم يكن إلا حالا عن ضمير الفريق ولم ينتصب انتصاب المصدر، لأنك لا تقول خشي فلان أشد خشية، فتنصب خشية وأنت تريد المصدر، إنما تقول أشد خشية فتجرّها، وإذا نصبتها لم يكن أشد خشية إلا عبارة عن الفاعل حالا منه، اللهم إلا أن تجعل الخشية خاشية وذات خشية، على قولهم جد جده فتزعم أن معناه يخشون الناس خشية مثل خشية اللَّه، أو خشية أشد خشية من خشية اللَّه، ويجوز على هذا أن يكون محل {أَشَدَّ} مجرورًا عطفًا على: {كَخَشْيَةِ اللَّهِ} تريد كخشية اللَّه أو كخشية أشد خشية منها لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ استزادة في مدة الكف، واستمهال إلى وقت آخر، كقوله: {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ}. وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ولا تنقصون أدنى شيء من أجوركم على مشاق القتال فلا ترغبوا عنه، وقرئ: ولا يظلمون، بالياء.

.[سورة النساء: الآيات 78- 79]:

{أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمالِ هؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79)}
قرئ {يُدْرِكْكُمُ} بالرفع وقيل: هو على حذف الفاء، كأنه قيل: فيدرككم الموت، وشبه بقول القائل:
مَنْ يَفْعَلِ الْحَسَنَاتِ اللَّهُ يَشْكُرُهَا

ويجوز أن يقال: حمل على ما يقع موقع {أَيْنَما تَكُونُوا}، وهو أينما كنتم، كما حمل «ولا ناعب» على ما يقع موقع «ليسوا مصلحين» وهو ليسوا بمصلحين، فرفع كما رفع زهير:
يَقُولُ لَا غَائِبٌ مَالِى وَلَا حَرِمُ

وهو قول نحوى سيبوى. ويجوز أن يتصل بقوله: {وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} أي ولا تنقصون شيئًا مما كتب من أجالكم. أينما تكونوا في ملاحم حروب أو غيرها، ثم ابتدأ قوله: {يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} والوقف على هذا الوجه على أينما تكونوا والبروج: الحصون. مشيدة مرفعة. وقرئ {مُشَيَّدَةٍ} من شاد القصر إذا رفعه أو طلاه بالشيد وهو الجصّ. وقرأ نعيم بن ميسرة {مُشَيَّدَةٍ} بكسر الياء وصفا لها بفعل فاعلها مجازًا كما قالوا: قصيدة شاعرة، وإنما الشاعر فارضها. السيئة تقع على البلية والمعصية. والحسنة على النعمة والطاعة. قال اللَّه تعالى: {وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} وقال: {إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ}.
والمعنى: وإن تصبهم نعمة من خصب ورخاء نسبوها إلى اللَّه، وإن تصبهم بلية من قحط وشدة أضافوها إليك وقالوا: هي من عندك، وما كانت إلا بشؤمك، كما حكى اللَّه عن قوم موسى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ} وعن قوم صالح: {قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} وروى عن اليهود- لعنت- أنها تشاءمت برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقالوا: منذ دخل المدينة نقصت ثمارها وغلت أسعارها، فردّ اللَّه عليهم قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يبسط الأرزاق ويقبضها على حسب المصالح لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا فيعلموا أن اللَّه هو الباسط القابض، وكل ذلك صادر عن حكمة وصواب ثم قال ما أَصابَكَ يا إنسان خطابا عاما مِنْ حَسَنَةٍ أي من نعمة وإحسان فَمِنَ اللَّهِ تفضلا منه وإحسانا وامتنانا وامتحانا وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ أي من بلية ومصيبة فمن عندك، لأنك السبب فيها بما اكتسبت يداك {وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ} وعن عائشة رضى اللَّه عنها: ما من مسلم يصيبه وصب ولا نصب، حتى الشوكة يشاكها، وحتى انقطاع شسع نعله إلا بذنب، وما يعفو اللَّه أكثر وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا أي رسولا للناس جميعا لست برسول العرب وحدهم، أنت رسول العرب والعجم، كقوله: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ}، {قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}. وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيدًا على ذلك، فما ينبغي لأحد أن يخرج عن طاعتك واتباعك.

.[سورة النساء: آية 80]:

{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80)}
{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ} لأنه لا يأمر إلا بما أمر اللَّه به ولا ينهى إلا عما نهى اللَّه عنه فكانت طاعته في امتثال ما أمر به والانتهاء عما نهى عنه طاعة للَّه. وروى أنه قال: «من أحبنى فقد أحبّ اللَّه، ومن أطاعنى فقد أطاع اللَّه» فقال المنافقون: ألا تسمعون إلى ما يقول هذا الرجل، لقد قارف الشرك وهو ينهى أن يعبد غير اللَّه! ما يريد هذا الرجل إلا أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى، فنزلت وَمَنْ تَوَلَّى عن الطاعة فأعرض عنه فَما أَرْسَلْناكَ إلا نذيرا، لا حفيظا ومهيمنا عليهم تحفظ عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها وتعاقبهم، كقوله: {وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ}.

.[سورة النساء: آية 81]:

{وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81)}
وَيَقُولُونَ إذا أمرتهم بشيء طاعَةٌ بالرفع أي أمرنا وشأننا طاعة. ويجوز النصب بمعنى أطعناك طاعة. وهذا من قول المرتسم: سمعا وطاعة، وسمع وطاعة. ونحوه قول سيبويه:
وسمعنا بعض العرب الموثوق بهم يقال له: كيف أصبحت؟ فيقول: حمد اللَّه وثناء عليه، كأنه قال: أمرى وشأنى حمد اللَّه. ولو نصب حمد اللَّه وثناء عليه. كان على الفعل والرفع يدل على ثبات الطاعة واستقرارها بَيَّتَ طائِفَةٌ زورت طائفة وسوت غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ خلاف ما قلت وما أمرت به. أو خلاف ما قالت وما ضمنت من الطاعة، لأنهم أبطلوا الرد لا القبول، والعصيان لا الطاعة. وإنما ينافقون بما يقولون ويظهرون. والتبييت: إما من البيتوتة لأنه قضاء الأمر وتدبيره بالليل، يقال: هذا أمر بيت بليل. وإما من أبيات الشعر، لأن الشاعر يدبرها ويسويها وَاللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ يثبته في صحائف أعمالهم، ويجازيهم عليه على سبيل الوعيد. أو يكتبه في جملة ما يوحى إليك فيطلعك على أسرارهم فلا يحسبوا أن إبطانهم يغنى عنهم فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ولا تحدّث نفسك بالانتقام منهم وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ في شأنهم، فإنّ اللَّه يكفيك معرّتهم وينتقم لك منهم إذا قوى أمر الإسلام وعز أنصاره. وقرئ {بَيَّتَ طائِفَةٌ} بالإدغام وتذكير الفعل، لأنّ تأنيث الطائفة غير حقيقى، ولأنها في معنى الفريق والفوج.