فصل: من فوائد السعدي في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} أي: فعليه تحرير رقبة مؤمنة يعتقها كفارة عن قتل الخطأ، وعبر بالرقبة عن جميع الذات.
واختلف العلماء في تفسير الرقبة المؤمنة، فقيل: هي التي صلت، وعقلت الإيمان فلا تجزئ الصغيرة، وبه قال ابن عباس، والحسن، والشعبي، والنخعي، وقتادة، وغيرهم.
وقال عطاء بن أبي رباح: إنها تجزئ الصغيرة المولودة بين مسلمين.
وقال جماعة منهم مالك، والشافعي: يجزيء كل من حكم له بوجوب الصلاة عليه إن مات، ولا يجزيء في قول جمهور العلماء أعمى، ولا مقعد، ولا أشلّ، ويجزيء عند الأكثر الأعرج، والأعور.
قال مالك: إلا أن يكون عرجًا شديدًا.
ولا يجزيء عند أكثرهم المجنون، وفي المقام تفاصيل طويلة مذكورة في علم الفروع.
قوله: {وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلى أَهْلِهِ} الدية: ما تعطى عوضًا عن دم المقتول إلى ورثته، والمسلمة: المدفوعة المؤداة، والأهل المراد بهم: الورثة، وأجناس الدية، وتفاصيلها قد بينتها السنة المطهرة.
قوله: {إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ} أي: إلا أن يتصدّق أهل المقتول على القاتل بالدية، سمي العفو عنها صدقة ترغيبًا فيه.
وقرأ أبيّ: إلا يتصدقوا، وهذه الجملة المستثناة متعلقة بقوله: {فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ} أي: فعليه دية مسلمة إلا أن يقع العفو من الورثة عنها.
قوله: {فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوّ لَّكُمْ} أي: فإن كان المقتول من قوم عدوّ لكم، وهم الكفار الحربيون، وهذه مسئلة المؤمن الذي يقتله المسلمون في بلاد الكفار الذين كان منهم، ثم أسلم، ولم يهاجر، وهم يظنون أنه لم يسلم، وأنه باق على دين قومه، فلا دية على قاتله بل عليه تحرير رقبة مؤمنة.
واختلفوا في وجه سقوط الدية، فقيل: وجهه أن أولياء القتيل كفار لا حق لهم في الدية، وقيل: وجهه أن هذا الذي آمن، ولم يهاجر حرمته قليلة لقول الله تعالى: {والذين ءامَنُواْ وَلَمْ يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ} [الأنفال: 72] وقال: بعض أهل العلم إن ديته واجبة لبيت المال.
قوله: {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مّيثَاقٌ} أي: مؤقت أو مؤبد.
وقرأ الحسن: {وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} أي: فعلى قاتله دية مؤداة إلى أهله من أهل الإسلام، وهم ورثته {وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً} كما تقدم {فَمَن لَّمْ يَجِدْ} أي: الرقبة، ولا اتسع ماله لشرائها {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} أي: فعليه صيام شهرين متتابعين، لم يفصل بين يومين من أيام صومهما إفطار في نهار، فلو أفطر استأنف، هذا قول الجمهور، وأما الإفطار لعذر شرعي كالحيض ونحوه فلا يوجب الاستئناف.
واختلف في الإفطار لعرض المرض.
قوله: {تَوْبَةً مّنَ الله} منصوب على أنه مفعول له، أي: شرع ذلك لكم توبة، أي: قبولًا لتوبتكم، أو منصوب على المصدرية، أي: تاب عليكم توبة، وقيل: منصوب على الحال: أي: حال كونه ذا توبة كائنة من الله. اهـ.

.من فوائد السعدي في الآية:

قال رحمه الله:
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً}.
هذه الصيغة من صيغ الامتناع، أي: يمتنع ويستحيل أن يصدر من مؤمن قتل مؤمن، أي: متعمدا، وفي هذا الإخبارُ بشدة تحريمه وأنه مناف للإيمان أشد منافاة، وإنما يصدر ذلك إما من كافر، أو من فاسق قد نقص إيمانه نقصا عظيما، ويخشى عليه ما هو أكبر من ذلك، فإن الإيمان الصحيح يمنع المؤمن من قتل أخيه الذي قد عقد الله بينه وبينه الأخوة الإيمانية التي من مقتضاها محبته وموالاته، وإزالة ما يعرض لأخيه من الأذى، وأي أذى أشد من القتل؟ وهذا يصدقه قوله صلى الله عليه وسلم: «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض».
فعلم أن القتل من الكفر العملي وأكبر الكبائر بعد الشرك بالله. ولما كان قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا} لفظا عاما لجميع الأحوال، وأنه لا يصدر منه قتل أخيه بوجه من الوجوه، استثنى تعالى قتل الخطأ فقال: {إِلا خَطَأً} فإن المخطئ الذي لا يقصد القتل غير آثم، ولا مجترئ على محارم الله، ولكنه لما كان قد فعل فعلا شنيعًا وصورته كافية في قبحه وإن لم يقصده أمر تعالى بالكفارة والدية فقال: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} سواء كان القاتل ذكرًا أو أنثى حرًّا أو عبدًا، صغيرًا أو كبيرًا، عاقلا أو مجنونًا، مسلمًا أو كافرًا، كما يفيده لفظ «مَنْ» الدالة على العموم وهذا من أسرار الإتيان بـ «مَنْ» في هذا الموضع، فإن سياق الكلام يقتضي أن يقول: فإن قتله، ولكن هذا لفظ لا يشمل ما تشمله «مَنْ».
وسواء كان المقتول ذكرًا أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا، كما يفيده التنكير في سياق الشرط، فإن على القاتل. كفارة لذلك، تكون في ماله، ويشمل ذلك الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والصحيح والمعيب، في قول بعض العلماء.
ولكن الحكمة تقتضي أن لا يجزئ عتق المعيب في الكفارة؛ لأن المقصود بالعتق نفع العتيق، وملكه منافع نفسه، فإذا كان يضيع بعتقه، وبقاؤه في الرق أنفع له فإنه لا يجزئ عتقه، مع أن في قوله:. ما يدل على ذلك؛ فإن التحرير: تخليص من استحقت منافعه لغيره أن تكون له، فإذا لم يكن فيه منافع لم يتصور وجود التحرير. فتأمل ذلك فإنه واضح.
وأما الدية فإنها تجب على عاقلة القاتل في الخطأ وشبه العمد. {مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} جبرًا لقلوبهم، والمراد بأهله هنا هم ورثته، فإن الورثة يرثون ما ترك، الميت، فالدية داخلة فيما ترك وللدية تفاصيل كثيرة مذكورة في كتب الفقه.
وقوله: {إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا} أي: يتصدق ورثة القتيل بالعفو عن الدية، فإنها تسقط، وفي ذلك حث لهم على العفو لأن الله سماها صدقة، والصدقة مطلوبة في كل وقت. {فَإِنْ كَانَ} المقتول {مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ} أي: من كفار حربيين {وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} أي: وليس عليكم لأهله دية، لعدم احترامهم في دمائهم وأموالهم.
{وَإِنْ كَانَ} المقتول {مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} وذلك لاحترام أهله بما لهم من العهد والميثاق.
{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} الرقبة ولا ثمنها، بأن كان معسرا بذلك، ليس عنده ما يفضل عن مؤنته وحوائجه الأصلية شيء يفي بالرقبة، {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} أي: لا يفطر بينهما من غير عذر، فإن أفطر لعذر فإن العذر لا يقطع التتابع، كالمرض والحيض ونحوهما. وإن كان لغير عذر انقطع التتابع ووجب عليه استئناف الصوم.
{تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ} أي: هذه الكفارات التي أوجبها الله على القاتل توبة من الله على عباده ورحمة بهم، وتكفير لما عساه أن يحصل منهم من تقصير وعدم احتراز، كما هو واقع كثيرًا للقاتل خطأ.
{وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} أي: كامل العلم كامل الحكمة، لا يخفى عليه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، في أي وقت كان وأي محل كان.
ولا يخرج عن حكمته من المخلوقات والشرائع شيء، بل كل ما خلقه وشرعه فهو متضمن لغاية الحكمة، ومن علمه وحكمته أن أوجب على القاتل كفارة مناسبة لما صدر منه، فإنه تسبب لإعدام نفس محترمة، وأخرجها من الوجود إلى العدم، فناسب أن يعتق رقبة ويخرجها من رق العبودية للخلق إلى الحرية التامة، فإن لم يجد هذه الرقبة صام شهرين متتابعين، فأخرج نفسه من رق الشهوات واللذات الحسية القاطعة للعبد عن سعادته الأبدية إلى التعبد لله تعالى بتركها تقربا إلى الله.
ومدها تعالى بهذه المدة الكثيرة الشاقة في عددها ووجوب التتابع فيها، ولم يشرع الإطعام في هذا الموضع لعدم المناسبة. بخلاف الظهار، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ومن حكمته أن أوجب في القتل الدية ولو كان خطأ، لتكون رادعة وكافة عن كثير من القتل باستعمال الأسباب العاصمة عن ذلك.
ومن حكمته أن وجبت على العاقلة في قتل الخطأ، بإجماع العلماء، لكون القاتل لم يذنب فيشق عليه أن يحمل هذه الدية الباهظة، فناسب أن يقوم بذلك من بينه وبينهم المعاونة والمناصرة والمساعدة على تحصيل المصالح وكف المفاسد [ولعل ذلك من أسباب منعهم لمن يعقلون عنه من القتل حذرًا من تحميلهم] ويخف عنهم بسبب توزيعه عليهم بقدر أحوالهم وطاقتهم، وخففت أيضا بتأجيلها عليهم ثلاث سنين.
ومن حكمته وعلمه أن جبر أهل القتيل عن مصيبتهم، بالدية التي أوجبها على أولياء القاتل. اهـ.

.من فوائد الجصاص في الآية:

قال رحمه الله:
بَابُ قَتْلِ الْخَطَإِ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إلَّا خَطَأً}.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى «كَانَ» هَهُنَا، فَقَالَ قَتَادَةُ: «مَعْنَاهُ مَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَأَمْرِهِ».
وَقَالَ آخَرُونَ: «مَا كَانَ لَهُ سَبَبُ جَوَازِ قَتْلٍ».
وَقَالَ آخَرُونَ: «مَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا سَلَفِ كَمَا لَيْسَ لَهُ الْآنَ».
وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي مَعْنَى «إلَّا» فَقَالَ قَائِلُونَ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ بِمَعْنَى لَكِنْ قَدْ يَقْتُلُهُ خَطَأً، فَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ كَيْتَ وَكَيْتَ، وَهُوَ كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ: وَقَفْت فِيهَا أُصَيْلَالًا أُسَائِلُهَا عَيَّتْ جَوَابًا وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ إلَّا الْأَوَارِيَ لَأْيًا مَا أُبَيِّنُهَا وَالنُّؤْيُ كَالْحَوْضِ بِالْمَظْلُومَةِ الْجَلَدِ وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ قَدْ أَفَادَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ خَطَأً فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَهُوَ أَنْ يَرَى عَلَيْهِ سِيمَا الْمُشْرِكِينَ أَوَيَجِدُهُ فِي حَيِّزِهِمْ فَيَظُنَّهُ مُشْرِكًا فَجَائِزٌ لَهُ قَتْلُهُ وَهُوَ خَطَأٌ؛ كَمَا رُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: «أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَاتَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَخْطَأَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ بِأَبِيهِ يَحْسَبُونَهُ مِنْ الْعَدُوِّ وَكَرُّوا عَلَيْهِ بِأَسْيَافِهِمْ، فَطَفِقَ حُذَيْفَةُ يَقُولُ: إنَّهُ أَبِي فَلَمْ يَفْهَمُوا قَوْلَهُ حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَبَلَغَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَادَتْ حُذَيْفَةَ عِنْدَهُ خَيْرًا».
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ مَعْنَاهُ: وَلَا خَطَأَ؛ لِأَنَّ قَتْلَ الْمُؤْمِنِ غَيْرُ مُبَاحٍ بِحَالِ قِتَالٍ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مَحْمُولًا عَلَى حَقِيقَتِهِ.
وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ «إلَّا» لَمْ تُوجَدْ بِمَعْنَى «وَلَا».
وَالثَّانِي: مَا أَنْكَرَهُ مِنْ امْتِنَاعِ إبَاحَةِ قَتْلِ الْخَطَإِ مَوْجُودٌ فِي حَظْرِهِ لِأَنَّ الْخَطَأَ إنْ كَانَ لَا تَصِحُّ إبَاحَتُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ عِنْدَهُ أَنَّهُ خَطَأٌ، فَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ حَظْرُهُ وَلَا النَّهْيُ عَنْهُ.
وَقَالَ آخَرُونَ: قَدْ تَضَمَّنَ قَوْلَهُ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إلَّا خَطَأً} إيجَابُ الْعِقَابِ لِقَاتِلِهِ لِاقْتِضَاءِ إطْلَاقِ النَّهْيِ لِذَلِكَ وَأَفَادَ بِذَلِكَ اسْتِحْقَاقَ الْمَأْثَمِ، ثُمَّ قَالَ: {إلَّا خَطَأً} فَإِنَّهُ لَا مَأْثَمَ عَلَى فَاعِلِهِ، إنَّمَا أُدْخِلَ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ اللَّفْظُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَأْثَمِ وَأُخْرِجَ مِنْهُ قَاتِلُ الْخَطَإِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَوْضِعِهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ غَيْرُ مَعْدُولٍ بِهِ عَنْ وَجْهِهِ، إنَّمَا دَخَلَ عَلَى الْمَأْثَمِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْقَتْلِ وَأَخْرَجَ قَاتِلَ الْخَطَإِ مِنْهُ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى فِعْلِ الْقَاتِلِ فَيَكُونُ مُبِيحًا لِمَا حَظَرَهُ بِلَفْظِ الْجُمْلَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا وَجْهٌ صَحِيحٌ سَائِغٌ؛ وَتَأْوِيلُ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى إبَاحَةِ قَتْلِ الْخَطَإِ فِيمَنْ يَظُنُّهُ مُشْرِكًا فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ لَهُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ إنْ كَانَ ذَلِكَ إبَاحَةً، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَطَأً عِنْدَ الْقَاتِلِ، وَإِذَا كَانَ قَتْلُ الْمُسْلِمِ الَّذِي فِي حَيِّزِ الْعَدُوِّ قَصْدٌ بِالْقَتْلِ لَا يَكُونُ خَطَأً عِنْدَ الْقَاتِلِ، وَإِنَّمَا عِنْدَهُ أَنَّهُ قَتْلُ عَمْدٍ مَأْمُورٍ بِهِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُرَادُ الْآيِ؛ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ عَلَى قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُهَا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَتْلَ خَطَأٍ عِنْدَ الْقَاتِلِ.