فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا}.
وعندما يحاول العصاة الإمساك بالشيطان في الآخرة يقول لهم: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} [إبراهيم: 22]
وهو بذلك يتملص من الذين اتبعوه؛ لأنه لم يكن يملك قوة إقناع أو قوة قهر، فقط نادى بعضًا من الخلق فزاغت أبصارهم واتبعوه من فرط غبائهم.
والشيطان موصوف بأن الله طرده من رحمته. فالحق يقول: {لَّعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا}
لماذا هذا اللعن؟ لقد أذنب الشيطان وعصى الله. وآدم أذنب أيضا وعصى الله.
فلماذا لعن الله الشيطان، ولماذا عفا الله عن آدم؟ نجد الإجابة في القرآن: {فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 37]
ونعرف بهذا القول: أنّ هناك فرقًا بين أن يرد المخلوق على الله حكمًا، وفعل المعصية للغفلة.
فحين أمر الحق إبليس بالسجود لآدم قال إبليس: {قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} [الأعراف: 12]
وهذا رد للحكم على الله، ويختلف هذا القول عن قول آدم وحواء، قالا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا} [الأعراف: 23]
وهكذا نجد أن آدم قد اعترف بحكم الله واعترف بأنه لم يقدر على نفسه. ولذلك فليحذر كل واحد أن يأتي إلى ما حرّم الله ويقول: لا، ليس هذا الأمر حراما لكن إن كان لا يقدر على نفسه فليعترف ويقول: إن ما حرم الله حرام. لكني غير قادر على نفسي. وبذلك يستبعد الكفر عن نفسه، ويكون عاصيًا فقط ولعل التوبة أو الاستغفار يذهبان عنه سيئات فعله. أما من يحلل ما حرّم الله فهو يصر على الكفر، وطمس الله على بصيرته نتيجة لذلك.
وسبحانه وتعالى يصف الشيطان بقوله سبحانه: {لعنة الله} أي طرده من رحمته. وليتيقظ ابن آدم لحبائل الشيطان وليحذره؛ لأنه مطرود من رحمة الله.
ولو أن سيدنا آدم أعمل فكره لفند قول الشيطان وكيده، ذلك أن كيد الشيطان ضعيف. ولكن آدم عليه السلام لم يتصور أن هناك من يقسم بالله كذبًا. فقد أقسم الشيطان: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف: 21]
وكانت غفلة آدم عليه السلام لأمر أراده الله وهو أن يكون آدم خليفة في هذه الدنيا؛ لذلك كان من السهل أن يوسوس الشيطان لآدم ولزوجه: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَاذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الأعراف: 20]
وأغوى الشيطان آدم وحواء بأن الله قد نهاهما عن الأكل من تلك الشجرة حتى لا يكونا ملكين، وحتى لا يستمرا في الخلود. ولو أن آدم أعمل فكره في المسألة لقال للشيطان: كل أنت من الشجرة لتكون ملكًا وتكون من الخالدين، فأنت أيها الشيطان الذي قلت بخوف شديد لله: {قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الحجر: 36]
والحق يريد لنا أن نتعلم من غفلة آدم؛ لذلك لابد للمؤمن أن يكون يقظًا.
فسبحانه يقول عن الشيطان: {لَّعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا}.
والقرآن الكريم حين يعالج قضية ما فهذه القضية تحتاج إلى تدبر. ونلحظ أن إبليس قد تكلم بذلك ولم يكن موجودًا من البشر إلا آدم وحواء، فكيف علم ما يكون في المستقبل من أنه سيكون له أتباع من البشر؟ وكيف قال: {لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا}؟.
لقد عرف أنه مادام قد قدر على أبيهم آدم وأمهم حواء فلسوف يقدر على أولادهما ويأخذ بعضًا من هؤلاء الأولاد إلى جانبه، قال ذلك ظنًا من واقع أنه قدر على آدم وعلى حواء. والذين اتبعوا إبليس من البشر صدقوا إبليس في ظنه. وكان هذا الظن ساعة قال: {لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا}.
وأخذ إبليس هذا الظن لأنه قدر على آدم وحواء مع أن آدم وحواء قد أخذا التكليف من الله مباشرة، فما بالك بالأولاد الذين لم يأخذوا التكليف مباشرة بل عن طريق الرسل. إذن كان ظن إبليس مبنيًا على الدليل فالظن- كما نعلم- هو نسبة راجحة وغير متيقنة، ويقابلها الوهم وهو نسبة مرجوحة: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} [سبأ: 20]
ولذلك قال إبليس أيضًا: {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلًا} [الإسراء: 62]
وقال كذلك: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82]
مادام إبليس قد قال: {لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا}.
فهذا اعتراف بأنه لن يستطيع أن يأخذ كل أولاد آدم. والفرض- كما نعلم- هو القطع. ويقال عن الشيء المفروض: إنه المقطوع الذي لا كلام فيه أبدًا.
وما وسيلة إبليس- إذن- لأخذ نصيب مفروض من بني آدم؟
ويوضح الحق لنا وسائل إبليس، على لسان إبليس: {وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ...} اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
{إن} هُنَا مَعْنَاها: النَّفْي؛ كقوله تعالى: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكتاب إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] و{يَدْعُون}: بمعنى: يَعْبُدُون، نزلت في أهْل مَكَّة، أي: يَعْبُدُون، كقوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادعوني} [غافر: 60] فإنَّ مَنْ عَبَد شَيْئًا، فإنَّه يدعوه عِنْد احْتِيَاجِهِ إليْه، وقوله: {مِن دُونِهِ} أي: من دُونِ اللَّه.
قوله: {إلا إناثًا}: في هذه اللَّفْظَةِ تِسْعُ قراءاتٍ.
المشهُورةُ: وهي جَمْع أنْثى، نحو: رباب جمعُ رُبَّى.
والثانية: وبها قَرَأ الحسن: {أنْثَى} بالإِفْرَاد، والمرادُ به الجَمْع.
والثالثة:- وبها قَرَأ ابن عبَّاسٍ، وأبو حَيْوَة، وعَطَاء، والحَسَن أيْضًا، ومعاذ القَارِئ، وأبو العَالِيَة، وأبُو نُهَيْك-: {إلا أنُثًا} كرُسُل، وفيها ثلاثةُ أوجه:
أحدها:- وبه قال ابن جَرِيرٍ- أنه جمعُ «إناث»؛ كثِمار وثُمُر، وإناثٌ جمع أنْثَى، فهو جَمْع الجَمْع، وهو شَاذٌّ عند النحويِّين.
والثاني: أنه جَمْع «أنيثٍ» كَقَلِيب وقُلُب، وغَدِير وغُدُر، والأنيثُ من الرِّجَال: المُخَنَّثُ الضَّعِيفُ، ومنه «سَيْف أنِيثٌ، ومئنَاث، ومئنَاثَة» أي: غَيْر قَاطِعٍ قال صخر: [الوافر]
فَتُخْبِرهُ بأنَّ العَقْلَ عِنْدِي ** جُرَازٌ لا أفَلُّ وَلاَ أنِيثُ

والثَّالث: أنه مُفْرَدٌ أي: يكون من الصِّفات التي جاءت على فُعُل، نحو: امرأة حُنُثٌ.
والرابعة: وبها قَرَأ سَعْدُ بن أبِي وقَّاصٍ، وابْن عُمَر، وأبو الجَوْزَاء- {وثنا} بفتحِ الواوِ والثَّاء على أنَّه مفردٌ يراد به الجَمْع.
والخامسة- وبها قَرَأ سعيد بن المُسَيب، ومُسْلم بن جُنْدُب، وابن عبَّاسٍ أيْضًا- {أثُنا} بضم الهمزة والثاء، وفيها وجهان:
أظهرهما: أنه جَمْع وثَن، نحو: «أسَد وأُسُد» ثم قَلَب الوَاوَ همزةً؛ لضمِّها ضمًّا لازمًا، والأصْلُ: «وُثُن» ثم أُثُن.
والثاني: أن «وَثَنًا» المُفْردَ جمع على «وِثانٍ» نحو: جَمَل وجمال، وجَبَل وجِبال، ثم جُمِع «وثان» على «وُثُن» نحو: حِمَار وحُمُر، ثم قُلبت الواوُ همزةً لما تقدَّم؛ فهو جمعُ الجَمْعِ.
وقد رَدَّ ابن عَطِيَّة هذا الوجه بأنَّ فِعَالًا جمعُ كثرة، وجُمُوعُ الكَثْرة لا تُجْمَع ثانيًا، إنما يُجْمَعُ من الجُمُوعِ ما كان من جُمُوعِ القِلَّة.
وفيه مُنَاقَشَةٌ من حَيْثُ إنَّ الجَمْع لا يُجْمَع إلا شَاذًّا، سواءً كان من جُمُوعِ القِلَّة، أم من غيرها.
والسادسة- وبها قَرَأ أيُوب السَّختياني-: {وُثُنًا} وهي أصْل القراءة التي قبلها.
والسَّابعة والثَّامنة: «أُثْنا ووُثْنا» بسُكُونِ الثَّاء مع الهَمْزة والوَاوِ، وهي تَخْفِيفُ فُعُل؛ كسُقُف.
والتاسعة- وبها قرأ أبو السوار، وكذا وُجِدَتْ في مُصْحَفِ عَائِشة- رضي الله عنها-: {إلا أوْثانًا} جَمْعَ «وَثَن» نَحْو: جَمَل وأجْمال، وجَبَل وأجْبال.
قوله: {وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا} فعيلٌ من مَرَدَ إذا عَتَا، ومنه: شَجَرةٌ مَرْدَاء، أي: تَنَاثَر وَرَقُها، ومنه: الأمْرَد؛ لتجرّد وجهه من الشَّعْر، والصَّرْح الممرَّدُ: الذي لا يَعْلُوه غُبَار، وقرأ أبو رَجَاء ويُرْوى عن عاصِمٍ {تَدْعُونَ} بالخِطَاب.
قوله: {لَعَنَهُ الله} فيه وجهان:
أظهرهما: أنَّ الجُمْلَة صِفَةٌ لـ {شيطانًا}، فهي في مَحَلِّ نَصْب.
والثاني: أنها مُسْتأنفةٌ: إمَّا إخْبَار بذلك، وإمَّا دُعَاء عليه، وقوله: {وقال} فيه ثلاثة أوجه:
قال الزَّمَخْشَرِيُّ: قوله: {لَعَنَهُ} {وقال لأتَّخِذَنَّ} صِفَتَان، يعني: شيطانًا مَرِيدًا جَامِعًا بين لَعْنَة اللَّه، وهذا القَوْل الشَّنِيع.
الثاني: الحالُ على إضْمَار «قد» أيْ: وقد قَالَ.
الثالث: الاستئناف.
و{لأتخِذَنَّ} جوابُ قسم مَحْذُوف، و{مِنْ عبادك} يجوزُ أن يتعلَّق بالفعل قبله، أو بمحذوفٍ على أنَّه حَالٌ من {نَصِيبًا}؛ لأنه في الأصْلِ صِفَةُ نكرةٍ قُدِّم عليها. اهـ. بتصرف يسير.

.تفسير الآيات (119- 121):

قوله تعالى: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121)}
قال البقاعي:
{ولأضلنهم} أي عن طريقك السوي بما سلطتني به من الوساوس وتزيين الأباطيل {ولأمنينّهم} أي كل ما أقدر عليه من الباطل من عدم البعث وغيره من طول الأعمال وبلوغ الآمال من الدنيا والآخرة بالرحمة والعفو والإحسان ونحوه مما هو سبب للتسويف بالتوبة {ولآمرنهم}.
ولما كان قد علم مما طبعوا عليه من الشهوات والحظوظ التي هيأتهم لطاعته، وكانت طاعته في الفساد عند كل عاقل في غاية الاستبعاد؛ أكد قوله: {فليبتكن} أي يقطعن تقطيعًا كثيرًا {آذان الأنعام} ويشققونها علامة على ما حرموه على أنفسهم {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} أي الذي له الحكمة الكاملة فلا كفوء له، بأنواع التغيير من تغيير الفطرة الأولى السليمة إلى ما دون ذلك من فقء عين الحامي ونحو ذلك، وهو إشارة إلى ما حرم أهل الجاهلية على أنفسهم بالتقريب للأصنام من السائبة وما معها، المشار إلى إبطاله في أول المائدة بقوله: {أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم} [المائدة: 1] المصرح به في آخرها بقوله: {ما جعل الله من بحيرة} [المائدة: 103] ويكون التغيير بالوشم والوشر، ويدخل فيه كل ما خالف الدين، فإن الفطرة الأولى داعية إلى خلاف ذلك حتى أدخلوا فيه تشبيه الرجال بالنساء في التخنث وما يتفرع عنه في تشبيه النساء بالرجال في السحق ومانحًا فيه نحوه.
ولما كان التقدير: فقد خسر من تابعه في ذلك، لأنه صار للشيطان وليًا؛ عطف عليه معممًا قوله: {ومن يتخذ} أي يتكلف منهم ومن غيرهم تغيير الفطرة الأولى فيأخذ {الشيطان وليًا} ولما كان ذلك ملزومًا لمحادة الله سبحانه وتعالى، وكان ما هو أدنى من رتبته في غاية الكثرة؛ بعّض ليفهم الاستغراق من باب الأولى فقال: {من دون الله} أي المستجمع لكل وصف جميل {فقد خسر} باتخاذه ذلك ولو على أدنى وجوه الشرك {خسرانًا مبينًا} أي في غاية الظهور والرداءة بما تعطيه صيغة الفعلان، لأنه تولى من لا خير عنده؛ ثم علل ذلك بقوله: {يعدهم} أي بأن يخيل إليهم بما يصل إلى قلوبهم بالوسوسة في شيء من الأباطيل أنه قريب الحصول، وأنه لا درك في تحصيله، وأنه إن لم يحصل كان في فواته ضرر، فيسعون في تحصيله، فيضيع عليهم في ذلك الزمانُ، ويرتكبون فيه ما لا يحل من الأهوال والهوان {ويمنيهم} أي يزين لهم تعليق الآمال بما لا يتأتى حصوله، ثم بين ذلك بقوله: {وما} أي والحالة أنه ما {يعدهم} وأظهر في موضع الإضمار تنبيهًا على مزيد النفرة فقال: {الشيطان} أي المحترق البعيد عن الخير {إلا غرورًا} أي تزيينًا بالباطل خداعًا ومكرًا وتلبيسًا، إظهارًا- لما لا حقيقة له أو له حقيقة سيئة- في أبهى الحقائق وأشرفها وألذها إلى النفس وأشهاها إلى الطبع، فإن مادة «غر» و«رغ» تدول على الشرف والحسن ورفاهة العيش، فالغرور إزالة ذلك.
ولما أثبت لهم ذلك أنتج بلا شك قوله: {أولئك} أي البعداء من كل خير {مأواهم جهنم} أي تتجهمهم وتتقد عليهم بما اتخذوا من خلق منها وليًا {ولا يجدون عنها محيصًا} أي موضعًا ما يميلون إليه شيئًا من الميل. اهـ.