فصل: من فوائد الجصاص في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال بعض العلماء: إن قوله: {وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ} [النساء: 127] في محل جر معطوفًا على الضمير، وعليه فتقرير المعنى قل الله يفتيكم فيهن ويفتيكم فيما يتلى عليكم وهذا الوجه يضعفه أمران:
الأول: أن الغالب أن الله يفتي بما يتلى في هذا الكتاب، ولا يفتي فيه لظهور أمره.
الثاني: أن العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض ضعفه غير واحد من علماء العربية، وأجازه ابن مالك مستدلًا بقراءة حمزة، والأرحام بالفخض عطفًا على الضمير من قوله: {تساءلون به}، وبوروده في الشعر كقوله:
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا ** فاذهب فما بك والأيام من عجب

بجر الأيام عطفًا على الكاف، ونظيره قول الآخر:
نعلق في مثل السواري سيوفنا ** وما بينها والكعب مهوى نفانف.

بجر الكعب معطوفًا على الضمير قبله، وقول الآخر:
وقد رام آفاق السماء فلم يجد ** له مصعدًا فيها ولا الأرض مقعدا

فقوله: ولا الأرض بالجر معطوفًا على الضمير، وقول الآخر:
أمر على الكتيبة لست أدري ** أحنفي كان فيها أم سواها

فسواها في محل جر بالعطف على الضمير، وأجيب عن الآية بجواز كونها قسمًا، والله تعالى له أن يقسم بما شاء من خلقه، كما أقسم بمخلوقاته كلها في قوله تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ} [الحاقة: 38- 39] الآية.
وعن الأبيات بأنها شذوذ يحفظ، ولا يقاس عليه، وصحح العلامة ابن القيم- رحمه الله- جواز العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض، وجعل منه قوله تعالى: {حَسْبُكَ الله وَمَنِ اتبعك مِنَ المؤمنين} [الأنفال: 64] فقال إن قوله: {وَمَنْ} في محل جر عطفًا على الضمير المجرور في قوله: {حَسْبُكَ} وتقرير المعنى عليه حسبك الله. أي: كافيك، وكافي من اتبعك من المؤمنين، وأجاز ابن القيم والقرطبي في قوله: {وَمَنِ اتَّبَعَكَ} أن يكون منصوبًا معطوفًا على المحل. لأن الكاف مخفوض في محل نصب ونظيره قول الشاعر:
إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا ** فحسبك والضحاك سيف مهند

بنصب الضحاك كما ذكرنا، وجعل بعض العلماء منه قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} [الحجر: 20] فقال: ومن عطف على ضمير الخطاب في قوله لكم وتقرير المعنى عليه، وجعلنا لكم ولمن لستم له برازقين فيها معايش، وكذلك إعراب وما يتلى بأنه مبتدأ خبره محذوف أو خبره في الكتاب، وإعرابه منصوبًا على أنه مفعول لفعل محذوف تقديره، ويبين لكم ما يتلى، وإعرابه مجرورًا على أنه قسم، كل ذلك غير ظاهر.
وقال بعض العلماء: إن المراد بقوله: {وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ فِي الكتاب} [النساء: 127] آيات المواريث. لأنهم كانوا لا يورثون النساء فاستفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فأنزل الله آيات المواريث.
وعلى هذا القول فالمبين لقوله: {وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ فِي الكتاب} هو قوله: {يُوصِيكُمُ الله في أَوْلاَدِكُمْ} [النساء: 11] الآيتين. وقوله في آخر السورة: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِي الكلالة} [النساء: 176] الآية. والظاهر أن قول أم المؤمنين أصح وأظهر.
تنبيه:
المصدر المنسبك من أن وصلتها في قوله: {وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] أصله مجرور بحرف مخلوف، وقد قدمنا الخلاف هل هو عن، وهو الأظهر، أو هو في، وبعد حذف حرف الجر الذكور فالمصدر في محل نصب على التحقيق، وبه قال الكسائي والخليل: وهو الأقيس لضعف الجار عن العمل محذوفًا.
وقال الأخفش: هو في محل جر بالحرف المحذوف بدليل قول الشاعر:
وما زرت ليلى أن تكون حبيبة ** إلي ولا دين بها أنا طالبه

بجر دين عطفًا على محل أن تكون أي: لكونها حبيبة ولا لدين، ورد أهل القول الأول الاحتجاج بالبيت بأنه من عطف التوهم كقول زهير:
بدا لي أني لست مدرك ما مضى ** ولا سابق شيئا إذا كان جائيا

بجر سابق لتوهم دخول الباء على المعطوف عليه الذي هو خبر ليس وقول الآخر:
مشائم ليسوا مصلحين عشيرة ** ولا ناعب إلا ببين غرابها

بجر ناعب لتوهم الباء وأجاز سيبويه الوجهين.
واعلم أن حرف الجر لا يطرد حذفه إلا في المصدر المنسبك من أن، وأن وصلتهما عند الجمهور خلافًا لعلي بن سليمان الأخفش القائل بأنه مطرد في كل شيء عند أمن اللبس، وعقده ابن مالك في الكافية بقوله:
وابن سليمان اطراده رأي ** إن لم يخف لبس كمن زيد نأى

وإذا حذف حرف الجر مع غير أن، وأن نقلًا على مذهب الجمهور، وقياسًا عند أمن اللبس في قول الأخفش فالنصب متعين، والناصب عند البصريين الفعل، وعند الكوفيين نزع الخافض كقوله:
تمرون الديار ولن تعوجوا ** كلامكم علي إذن حرام

وبقاؤه مجرورًا مع حذف الحرف شاذ كقول الفرزدق:
إذا قيل أي الناس شر قبيلة ** أشارت كليب بالأكف الأصابع

أي: أشارت الأصابع بالأكف أي مع الأكف إلى كليب:
وقوله تعالى: {وَأَن تَقُومُواْ لليتامى بالقسط} الآية.
القسط العدل، ولم يبين هنا هذا القسط الذي أمر به لليتامى، ولكنه أشار له في مواضع أخر كقوله: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] وقوله: {قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ والله يَعْلَمُ المفسد مِنَ المصلح} [البقرة: 220] وقوله: {فَأَمَّا اليتيم فَلاَ تَقْهَرْ} [الضحى: 9] وقوله: {وَآتَى المال على حُبِّهِ ذَوِي القربى واليتامى} [البقرة: 177] الآية. ونحو ذلك من الآيات فكل ذلك فيه القيام بالقسط لليتامى.
قوله تعالى: {وَأُحْضِرَتِ الأنفس الشح} الآية.
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الأنفس أحضرت الشح أي: جعل شيئًا حاضرًا لها كأنه ملازم لها لا يفارقها. لأنها جبلت عليه.
وأشار في موضع آخر: أنه لا يفلح أحد إلا إذا وقاه الله شح نفسه وهو قوله تعالى: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأولئك هُمُ المفلحون} [الحشر: 9] ومفهوم الشرط أن من لم يوق شح نفسه لم يفلح وهو كذلك، وقيده بعض العلماء بالشح المؤدي إلى منع الحقوق التي يلزمها الشرع، أو تقتضيها المروءة، وإذا بلغ الشح إلى ذلك، فهو بخل وهو رذيلة والعلم عند الله تعالى. اهـ.

.من فوائد الجصاص في الآية:

قال رحمه الله:
بَابُ مُصَالَحَةِ الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا}.
قِيلَ فِي مَعْنَى النُّشُوزِ إنَّهُ التَّرَفُّعُ عَلَيْهَا لِبُغْضِهِ إيَّاهَا، مَأْخُوذٌ مِنْ نَشَزِ الْأَرْضِ وَهِيَ الْمُرْتَفِعَةُ.
وَقَوْلُهُ: {أَوْ إعْرَاضًا} يَعْنِي لِمَوْجِدَةٍ أَوْ أَثَرَةٍ، فَأَبَاحَ اللَّهُ لَهُمَا الصُّلْحَ، فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَجَازَ لَهُمَا أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى تَرْكِ بَعْضِ مَهْرِهَا أَوْ بَعْضِ أَيَّامِهَا بِأَنْ تَجْعَلَهُ لِغَيْرِهَا.
وَقَالَ عُمَرُ: «مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ».
وَرَوَى سِمَاكٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «خَشِيَتْ سَوْدَةُ أَنْ يُطَلِّقَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تُطَلِّقْنِي وَأَمْسِكْنِي وَاجْعَلْ يَوْمِي لِعَائِشَةَ فَفَعَلَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إعْرَاضًا} الْآيَةَ؛ فَمَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ» وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ وَيُرِيدُ طَلَاقَهَا وَيَتَزَوَّجُ غَيْرَهَا فَتَقُولُ: أَمْسِكْنِي وَلَا تُطَلِّقُنِي، ثُمَّ تَزَوَّجْ وَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْقِسْمَةِ لِي، فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} إلَى قَوْله تَعَالَى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}.
وَعَنْ عَائِشَةَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ: أَنَّ «سَوْدَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ بِهِ لَهَا».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَهَذِهِ الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى وُجُوبِ الْقَسَمِ بَيْنَ النِّسَاءِ إذَا كَانَ تَحْتَهُ جَمَاعَةٌ، وَعَلَى وُجُوبِ الْكَوْنِ عِنْدَهَا إذَا لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا وَاحِدَةٌ وَقَضَى كَعْبُ بْنُ سُورٍ بِأَنَّ لَهَا يَوْمًا مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِحَضْرَةِ عُمَرَ، فَاسْتَحْسَنَهُ عُمَرُ وَوَلَّاهُ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ.
وَأَبَاحَ اللَّهُ أَنْ تَتْرُكَ حَقَّهَا مِنْ الْقَسْمِ وَأَنْ تَجْعَلَهُ لِغَيْرِهَا مِنْ نِسَائِهِ، وَعُمُومُ الْآيَةِ يَقْتَضِي جَوَازَ اصْطِلَاحِهِمَا عَلَى تَرْكِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْقَسْمِ وَسَائِرِ مَا يَجِبُ لَهَا بِحَقِّ الزَّوْجِيَّةِ، إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ لَهَا إسْقَاطُ مَا وَجَبَ مِنْ النَّفَقَةِ لِلْمَاضِي، فَأَمَّا الْمُسْتَقْبَلُ فَلَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ؛ وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَتْ مِنْ الْوَطْءِ لَمْ يَصِحَّ إبْرَاؤُهَا وَكَانَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِحَقِّهَا مِنْهُ؛ وَإِنَّمَا يَجُوزُ بِطِيبِ نَفْسِهَا بِتَرْكِ الْمُطَالَبَةِ بِالنَّفَقَةِ وَبِالْكَوْنِ عِنْدَهَا، فَأَمَّا أَنْ تُسْقِطَ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ فَلَا.
وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُعْطِيَهَا عِوَضًا عَلَى تَرْكِ حَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ أَوْ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ، أَوْ ذَلِكَ حَقٌّ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ مَعَ وُجُودِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهُ وَهُوَ عَقْدُ النِّكَاحِ، وَهُوَ مِثْلُ أَنْ تُبْرِئَ الرَّجُلَ مِنْ تَسْلِيمِ الْعَبْدِ الْمَهْرَ فَلَا يَصِحُّ لِوُجُودِ مَا يُوجِبُهُ وَهُوَ الْعَقْدُ.
فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ أَجَازَ أَصْحَابُنَا أَنْ يَخْلَعَهَا عَلَى نَفَقَةِ عِدَّتِهَا فَقَدْ أَجَازُوا الْبَرَاءَةَ مِنْ نَفَقَةٍ لَمْ تَجِبْ بَعْدُ مَعَ وُجُودِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهَا وَهِيَ الْعِدَّةُ.
قِيلَ لَهُ: لَمْ يُجِيزُوا الْبَرَاءَةَ مِنْ النَّفَقَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُخْتَلِعَةِ وَالزَّوْجَةِ فِي امْتِنَاعِ وُقُوعِ الْبَرَاءَةِ مِنْ نَفَقَةٍ لَمْ تَجِبْ بَعْدُ؛ وَلَكِنَّهُ إذَا خَالَعَهَا عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَإِنَّمَا جَعَلَ الْجُعْلَ مِقْدَارَ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ، وَالْجُعْلُ فِي الْخُلْعِ يَجُوزُ فِيهِ هَذَا الْقَدْرُ مِنْ الْجَهَالَةِ، فَصَارَ ذَلِكَ فِي ضَمَانِهَا بِعَقْدِ الْخُلْعِ، ثُمَّ مَا يَجِبُ لَهَا بَعْدُ مِنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَصِيرُ قِصَاصًا بِمَالِهِ عَلَيْهَا وَقَدْ دَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى جَوَازِ اصْطِلَاحِهِمَا مِنْ الْمَهْرِ عَلَى تَرْكِ جَمِيعِهِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَجَازَتْ الصُّلْحَ فِي سَائِرِ الْوُجُوهِ.
وقَوْله تَعَالَى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: «يَعْنِي خَيْرٌ مِنْ الْإِعْرَاضِ وَالنُّشُوزِ»؛ وَقَالَ آخَرُونَ: «مِنْ الْفُرْقَةِ».
وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عُمُومًا فِي جَوَازِ الصُّلْحِ فِي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْ إنْكَارٍ وَالصُّلْحُ مِنْ الْمَجْهُولِ.
وقَوْله تَعَالَى: {وَأُحْضِرَتْ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ}.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: «الشُّحُّ عَلَى أَنْصِبَائِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ وَأَمْوَالِهِنَّ»؛ وَقَالَ الْحَسَنُ: «تَشِحُّ نَفْسُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِحَقِّهِ قِبَلَ صَاحِبِهِ».
وَالشُّحُّ الْبُخْلُ، وَهُوَ الْحِرْصُ عَلَى مَنْعِ الْخَيْرِ. اهـ.

.من فوائد ابن العربي في الآية:

قال رحمه الله:
قَوْله تَعَالَى: {وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا}.
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي أَوَّلِ السُّورَةِ عِنْدَ قَوْلِنَا فِي آيَةِ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}.