فصل: تفسير الآية رقم (135):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال: هي المرأة تكون عند الرجل حتى تكبر، فيريد أن يتزوج عليها، فيتصالحان بينهما صلحًا على أن لها يومًا ولهذه يومان أو ثلاثة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال: تلك المرأة تكون عند الرجل لا يرى منها كثيرًا مما يحب، وله امرأة غيرها أحب إليه منها فيؤثرها عليها، فأمر الله إذا كان ذلك أن يقول لها: يا هذه إن شئت أن تقيمي على ما ترين من الأثرة فأواسيك وأنفق عليك فأقيمي، وإن كرهت خليت سبيلك، فإن هي رضيت أن تقيم بعد أن يخبرها فلا جناح عليه، وهو قوله: {والصلح خير} يعني أن تخيير الزوج لها بين الإقامة والفراق خير من تمادي الزوج على أثرة غيرها عليها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: هو الرجل تكون تحته المرأة الكبيرة، فينكح عليها المرأة الشابة، ويكره أن يفارق أم ولده فيصالحها على عطية من ماله ونفسه، فيطيب له ذلك الصلح.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال: نزلت في أبي السنابل بن بعكك.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال: نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي سودة بنت زمعة.
وأخرج أبو داود وابن ماجه والحاكم والبيهقي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق».
وأخرج الحاكم عن كثير بن عبدالله بن عوف عن أبيه عن جده: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الصلح حائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالًا أو أحل حرامًا، والمسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالًا».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {وأحضرت الأنفس الشح} قال: تشح عند الصلح على نصيبها من زوجها.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله: {وأحضرت الأنفس الشح} قال: هواه في الشيء يحرص عليه. وفي قوله: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} قال: في الحب والجماع.
وفي قوله: {فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة} قال: لا هي أيِّم ولا هي ذات زوج.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن أبي مليكة قال: نزلت هذه الآية {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} في عائشة، يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن المنذر عن عائشة قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن ماجة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد قال: كانوا يستحبون أن يسوّوا بين الضرائر حتى في الطيب، يتطيب لهذه كما يتطيب لهذه.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن جابر بن زيد قال: كانت لي امرأتان، فلقد كنت أعدل بينهما حتى أعد القبل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين. في الذي له امرأتان يكره أن يتوضأ في بيت إحداهما دون الأخرى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: إن كانوا ليسوّون بين الضرائر حتى تبقى الفضلة مما لا يكال من السويق والطعام، فيقسمونه كفًا كفًا إذا كان مما لا يستطاع كيله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} قال: في الجماع.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن عبيدة في قوله: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} قال في الحب {فلا تميلوا كل الميل} قال: في الغشيان {فتذروها كالمعلقة} لا أيِّم ولا ذات زوج.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد في قوله: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} قال: يعني في الحب {فلا تميلوا كل الميل} قال: لا تتعمدوا الإساءة.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية يقول: لا تمل عليها، فلا تنفق عليها، ولا تقسم لها يومًا.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية يقول: إن أحببت واحدة وأبغضت واحدة فاعدل بينهما.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فتذروها كالمعلقة} قال: لا مطلقة ولا ذات بعل.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير عن قتادة في قوله: {كالمعلقة} قال: كالمسجونة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وإن يتفرقا} قال: الطلاق.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وكان الله غنيًا} قال: غنيًا عن خلقه {حميدًا} قال: مستحمدًا إليهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن علي. مثله.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله: {وكفى بالله وكيلًا} قال: حفيظًا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين} قال: قادر والله ربنا على ذلك أن يهلك من خلقه ما شاء ويأت بآخرين من بعدهم. اهـ.

.تفسير الآية رقم (135):

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

.قال البقاعي:

ولما كان ذلك من أحسن المواعظ لقوم طعمة الذين اعتصبوا له، التفت إليهم مستعطفًا بصيغة الإيمان، جائيًا بصيغة الأمر على وجه يعم غيرهم، قائلًا ما هو كالنتيجة لما مضى من الأمر بالقسط من أول السورة إلى هنا على وجه أكده وحث عليه: {يا أيها الذين آمنوا} أي أقروا بالإيمان بألسنتهم {كونوا قوَّامين} أي قائمين قيامًا بليغًا مواظبًا عليه مجتهدًا فيه.
ولما كان أعظم مباني هذه السورة العدل قدمه فقال: {بالقسط} بخلاف ما يأتي في المائدة فإن النظر فيها إلى الوفاء الذي إنما يكون بالنظر إلى الموفى له {شهداء} أي حاضرين متيقظين حضور المحاسب لكل شيء أردتم الدخول فيه {لله} أي لوجه الذي كل شيء بيده لا لشيء غيره {ولو} كان ذلك القسط {على أنفسكم} أي فإني لا أزيدكم بذلك إلا عزاء، وإلا تفعلوا ذلك قهرتكم على الشهادة على أنفسكم على رؤوس الأشهاد، ففضحتم في يوم يجتمع فيه الأولون والآخرون من جميع العباد.
ولما كان ذكر أعز ما عند الإنسان أتبعه ما يليه وبدأ منه بمن جمع إلى ذلك الهيبة فقال: {أو} أي أو كان ذلك القسط على {الوالدين} وأتبعه ما يعمهما وغيرها فقال: {والأقربين} أي من الأولاد وغيرهم، ثم علل ذلك بقوله: {إن يكن} أي المشهود له أو عليه {غنيًا} أي ترون الشهادة له بشيء باطل دافعة ضرًا منه للغير من المشهود عليه أو غيره، أو مانعة فسادًا أكبر منها، أو عليه بما لم يكن صلاحًا طمعًا في نفع الفقير بما لا يضره ونحو ذلك {أو فقيرًا} فيخيل إليكم أن الشهادة له بما ليس له نفعه رحمة له أو بما ليس عليه لمن هو أقوى منه تسكن فتنة {فالله} أي ذو الجلال والإكرام {أولى بهما} أي بنوعي الغني والفقير المندرج فيهما هذان المشهود بسببهما منكم، فهو المرجو لجلب النفع ودفع الضر بغير ما ظننتموه، فالضمير من الاستخدام، ولو عاد للمذكور لوحد الضمير لأن المحدث عنه واحد مبهم.
ولما كان هذا، تسبب عنه قوله: {فلا تتبعوا} أي تتكلفوا تبع {الهوى} وتنهمكوا فيه انهماك المجتهد في المحب له {أن} أي إرادة أن {تعدلوا} فقد بان لكم أنه لا عدل في ذلك.
ولما كان التقدير: فإن تتبعوه لذلك أو لغيره فإن الله كان عليكم قديرًا، عطف عليه قوله: {وإن تلوا} أي ألسنتكم لتحرفوا الشهادة نوعًا من التحريف أو تديروا ألسنتكم أي تنطقوا بالشهادة باطلًا، وقرأ ابن عامر وحمزة بضم اللام- من الولاية أي تؤدوا الشهادة على وجه من العدل، أو الليّ {أو تعرضوا} أي عنها وهي حق فلا تؤدوها لأمر ما {فإن الله} أي المحيط علمًا وقدرة {كان} أي لم يزل ولا يزال {بما تعملون خبيرًا} أي بالغ العلم باطنًا وظاهرًا، فهو يجازيكم على ذلك بما تستحقونه، فاحذروه إن خنتم، وارجوه إن وفيتم، وذلك بعد ما مضى من تأديبهم على وجه الإشارة والإيماء من غير أمر، وما أنسبها لختام التي قبلها وأشد التئام الختامين: ختام هذه بصفة الخبر وتلك بصفتي السمع والبصر. اهـ.

.قال الفخر:

في اتصال الآية بما قبلها وجوه:
الأول: أنه لما تقدم ذكر النساء والنشوز والمصالحة بينهن وبين الأزواج عقبه بالأمر بالقيام بأداء حقوق الله تعالى وبالشهادة لإحياء حقوق الله، وبالجملة فكأنه قيل: إن اشتغلت بتحصيل مشتهياتك كنت لنفسك لا لله، وءن اشتغلت بتحصيل مأمورات الله كنت صلى الله عليه وسلم لا لنفسك، ولا شك أن هذا المقام أعلى وأشرف، فكانت هذه الآية تأكيدًا لما تقدم من التكاليف.
الثاني: أن الله تعالى لما منع الناس عن أن يقصروا عن طلب ثواب الدنيا وأمرهم بأن يكونوا طالبين لثواب الآخرة ذكر عقيبه هذه الآية، وبين أن كمال سعادة الإنسان في أن يكون قوله لله وفعله لله وحركته لله وسكونه لله حتى يصير من الذين يكونون في آخر مراتب الإنسانية وأول مراتب الملائكة، فأما إذا عكس هذه القضية كان مثل البهيمة التي منتهى أمرها وجدان علف، أو السبع الذي غاية أمره إيذاء حيوان.
الثالث: أنه تقدم في هذه السورة أمر الناس بالقسط كما قال: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ في اليتامى} [النساء: 3] وأمرهم بالإشهاد عن دفع أموال اليتامى إليهم، وأمرهم بعد ذلك ببذل النفس والمال في سبيل الله، وأجرى في هذه السورة قصة طعمة بن أبيرق واجتماع قومه على الذب عنه بالكذب والشهادة على اليهودي بالباطل.
ثم إنه تعالى أمر في هذه الآيات بالمصالحة مع الزوجة، ومعلوم أن ذلك أمر من الله لعباده بأن يكونوا قائمين بالقسط، شاهدين لله على كل أحد، بل وعلى أنفسهم، فكانت هذه الآية كالمؤكد لكل ما جرى ذكره في هذه السورة من أنواع التكاليف. اهـ.

.قال أبو حيان:

ومناسبتها لما قبلها أنه تعالى لما ذكر النساء والنشوز والمصالحة، أعقبه بالقيام بأداء حقوق الله تعالى، وفي الشهادة حقوق الله.
أو لأنه لما ذكر تعالى طالب الدنيا وأنه عنده ثواب الدنيا والآخرة، بيّن أنّ كمال السعادة أن يكون قول الإنسان وفعله الله تعالى، أو لأنه لما ذكر في هذه السورة {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى} والإشهاد عند دفع أموال اليتامى إليهم وأمر ببذل النفس والمال في سبيل الله، وذكر قصة ابن أبيرق واجتماع قومه على الكذب والشهادة بالباطل، وندب للمصالحة، أعقب ذلك بأن أمر عباده المؤمنين بالقيام بالعدل والشهادة لوجه الله سبحانه وتعالى، وأتى بصيغة المبالغة في قوّامين حتى لا يكون منهم جور مّا، والقسط العدل. اهـ.