فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآيات:

قال عليه الرحمة:
{وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)}
مجاوزةُ الحدِّ ضلالٌ، كما أن النقصانَ والتقاصرَ عن الحقِّ ضلالٌ، فقومٌ تَقَوَّلُوا على مريم ورموها بالزنا، وآخرون جاوزوا الحدَّ في تعظيمها فقالوا: ابنُها ابنُ الله، وكلا الطائفتين وقعوا في الضلال.
ويقال مريم- رضي الله عنها- كانت وليَّةَ الله، فَشَقِيَ بها فرقتان: أهل الإفراط وأهل التفريط. وكذلك كان أولياؤه سبحانه فمُنْكِرُهَم يَشْقَى بِتَرْكِ احترامهم، والذين يعتقدون فيهم ما لا يستوجبونه يَشْقَوْن بالزيادة في إعظامهم، وعلى هذه الجملة دَرَجَ الأكثرون من الأكابر.
قوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَل رَّفَعَهُ اللهُ}.
قوله تعالى: {وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ} {عَزِيزًا حَكِيمًا} قيل أوقع الله شَبَهَهُ على الساعي به فقُتِلَ وصُلِبَ مكانه، وقد قيل: مَنْ حفر بئرًا لأخيه وقع فيها.
وقيل إن عيسى عليه السلام قال: مَنْ رَضِيَ بأن يُلْقَى عليه شَبَهِي فيُقتَل دوني فله الجنة، فرضي به بعضُ أصحابه، فيقال لمَّا صبر على مقاساة التلف لم يعدِم من الله الخلف، قال الله تعالى: {إِنَّالآنضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: 30].
ويقال لمَّا صَحَّتْ صحبةُ الرجل مع عيسى عليه السلام بِنَفْسِهِ صَحِبَه بروحه، فلمَّا رُفِعَ عيسى عليه السلام إلى محل الزلفة، رفع روح هذا الذي فداه بنفسه إلى محل القربة. اهـ.

.من فوائد القاسمي في الآية:

قال رحمه الله:
{بَل رّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [158]
{بَل رّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ} ردٌّ وإنكار لقتله، وإثبات لرفعه، أي: اليقين إنما هو في رفعه إليه.
{وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} أي: لا يبعد رفعه على الله، لأنه عزيز لا يغلب على ما يريده، وحكيم اقتضت حكمته رفعه، فلابد أن يرفعه، وهي حفظه لتقوية دين محمد صَلّى اللهُ عليّه وسلّم، حين انتهائه إلى غاية الضعف بظهور الدجال، فيقتله، أفاده المهايمي.
تنبيه:
لا خفاء في أن هذه الآية الكريمة لتكذيب اليهود في دعوى الصلب التي تابعهم عليها أكثر النصارى، ولتبرئة ساحة مقام عيسى عليه السلام مما توهموه في ذلك، ولما كانت هذه الآية من مباحث الأمتين، ومعارك الفرقتين- أردت بسط الكلام في هذا المقام، انتهاجًا للحق، وأخذًا بناصر الصدق، ورد أباطيل المكذبين، وتزييف أقوال الملحدين، نورد أولًا ما زعموه ورَوَوْه، مما نفاه التنزيل الكريم، ثم بطلان المرويّ عندهم وتهافته بالحجج الدامغة، ثم ما رواه أئمة سلفنا رضي الله عنهم في هذه القصة، ثم رد زعمهم أن إلقاء الشبه سفسطة، ثم سقوط دعواهم التواتر في الصلب، ثم تزييف تفسير بعض النصارى لهذه الآية، وأنها مطابقة لمعتقدهم على زعمه، مع ذكر من رفض عقيدة المسلمين، ويطابق هذه الآية، ونختم هذه المباحث بما قاله شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية رضي الله عنه في هذه الآية، وأبدع، على عادته قدس سره، فهذا المطالب ينبغي معرفتها لكل طالب، إذ تفرعت إلى مباحث فائقة، وفوائد شائقة، فنقول وبالله التوفيق:
ذكر ما زعموه ورووه مما نفاه التنزيل الكريم:
جاء في الفصل الثاني والعشرين من إنجيل لوقا ما نصه:
2- كان رؤساء الكهنة والكتبة يلتمسون كيف يقتلون يسوع لكنهم كانوا يخافون من الشعب.
38- أي: لأن الشعب كلهم كانوا يبكرون إليه في الهيكل (وهو الكنيسة) ليستمعوه.
إنجيل لوقا، الإصحاح الحادي والعشرون:
(37) وكان في النهار يعلم في الهيكل وفي الليل يخرج ويبيت في الجبل الذي يدعى جبل الزيتون.
(38) وكان كل الشعب يبكرون إليه في الهيكل ليسمعوه.
37- وكان في النهار يعلم في الهيكل وفي الليل يخرج ويبيت في الجبل المسمى جبل الزيتون، كما ذكر لوقا قبل الفصل.
3- فدخل الشيطان في يهوذا الملقب بالأسخريوطيّ وهو أحد الاثني عشر.
4- فمضى وفاوض رؤساء الكهنة والولاة كيف يُسْلمه إليهم.
5- ففرحوا وعاهدوه أن يعطوه فضة.
6- فواعدهم وكان يطلب فرصة ليسلمه إليهم بمعزل عن الجميع.
7- وبلغ يومُ الفطير الذي كان ينبغي أن يذبح فيه الفِصح.
8- فأرسل بطرس ويوحنا قائلًا: امضيا فأَعِدَّا لنا الفِصح لنأكل.
9- فقالا له: أين تريد أن نعِدَّ.
10- فقال لهما: إذا دخلتما المدينة يلقاكما رجل حامل جرة ماء، فاتبعاه إلى البيت الذي يدخله.
الإصحاح الثاني والعشرون:
1- وقرب عيد الفطير الذي يقال له: الفصح.
2- وكان رؤساء الكهنة والكتبة يطلبون كيف يقتلونه، لأنهم خافوا الشعب.
3- فدخل الشيطان في يهوذا الذي يدعى الإسخريوطي وهو من جملة الاثني عشر.
4- فمضى وتكلم مع رؤساء الكهنة وقواد الجند كيف يسلمه إليهم.
5- ففرحوا وعاهدوه أن يعطوه فضة.
6- فواعدهم، وكان يطلب فرصة ليسلمه إليه خِلْوًا من جمع.
7- وجاء يوم الفطير الذي كان ينبغي أن يذبح فيه الفصح.
8- فأرسل بطرس ويوحنا قائلًا: اذهبا وأعدّا لنا الفصح لنأكل.
9- فقالا له: أين تريد أن نُعِدّ.
10- فقال لهما إذا دخلتما المدينة يستقبلكما إنسان حامل جَرّة ماء، اتبعاه إلى البيت حيث يدخل.
11- وقولا لرب البيت: المعلم يقول لك أين المنزل الذي آكل فيه الفِصح مع تلاميذي.
12- فهو يريكما غرفة كبيرة مفروشة، فأعِدَّا هناك.
13- فانطلقا فوجدا كما قال لهما وأعدا الفِصح.
14- ولما كانت الساعة اتكأ هو والرسل الاثنا عشر معه.
15- فقال لهم: لقد اشتهيتُ شهوة أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم.
16- فإني أقول لكم: إني لا آكله بعد حتى يتم في ملكوت الله.
17- ثم تناول كأسًا وشكر وقال: خذوا فاقتسموا بينكم.
18- فإني أقول لكم: إني لا أشرب من عصير الكرمة حتى يأتي ملكوت الله.
19- وأخذ خبزًا وشكر وكسر وأعطاهم قائلًا: هذا هو جسدي الذي يُبْذَل لأجلهم، اصنعوا هذا لذكري.
20- وكذلك الكاس من بعد العشاء قائلًا: هذه هي الكأس العهد الجديد بدمي الذي يسفك من أجلكم.
21- ومع ذلك فها إن يَدَ الذي يُسلمني معي على المائدة.
22- وابن البشر ماضٍ كما هو محدود ولكن الويل لذلك الرجل الذي يسلمه.
23- فطفقوا يسألون بعضهم بعضًا: من كان منهم مزمعًا أن يفعل ذلك.
24- ووقعت بينهم مجادلة في أيهم يُحسب الأكبر.
25- فقال لهم: إن ملوك الأمم يسودونهم والمسلطين عليهم يدعون محسنين.
26- وأما أنتم فلستم كذلك، ولكن ليكن الأكبر فيكم كالأصغر، والذي يتقدم كالذي يَخْدُم.
27- وأنتم الذي ثبتُّم معي في تجاربي.
28- فأنا أُعِدُّ لكم الملكوت كما أعده لي أبي.
29- لتأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي وتجلسوا على كراسي تدينون أسباط بني إسرائيل الاثني عشر.
30- وقال يسوع: سمعان سمعانُ هو ذا الشيطان سأل أن يُغربلكم مثل الحنطة.
31- لكني صليت من أجلك لئلا ينقص إيمانك وأنت متى رجعت فَثَبِّتْ إخوتك.
32- فقال له: أنا مستعد أن أمضي معك إلى السجن وإلى الموت.
33- قال: إني أقول لك يا بطرس إنه لا يصيح الديك اليوم حتى تنكر ثلاث مرات أنك تعرفني.
34- ثم خرج ومضى على عادته إلى جبل الزيتون وتبعه التلاميذ.
35- فلما انتهى إلى المكان قال لهم: صلوا لئلا تدخلوا في تجربة.
36- ثم فَصَل عنهم نحو رمية حجر وخر على ركبتيه وصلى.
37- قائلًا: يا رب إن شئت فأجِزْ عني هذه الكأس لكي لا تكن مشيئتي بل مشيئتك.
38- وتراءى له ملاك من السماء يشدّده.
39- ولما أخذ في النزاع أطال في الصلاة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض.
40- ثم قام من الصلاة وجاء إلى تلاميذه فوجده نيامًا من الحزن.
41- فقال لهم: ما بالكم نائمين، قوموا فصلوا لئلا تدخلوا في تجربة.
42- وفيما هو يتكلم إذ بجمع يتقدمهم المسمى يهوذا أحد الاثني عشر فدنا من يسوع ليقبله.
43- فقال له يسوع: يا يهوذًا أبقبلةٍ تُسلم ابن البشر.
44- فما رأى حوله ما سيحدث قالوا له: أنضرب بالسيف.
45- وضرب أحدهم عبدَ رئيس الكهنة فقط أذنه اليمنى.
46- فأجاب يسوع وقال: قفوا لا تزيدوا، ثم لمس أذنه فأبرأه.
47- ثم قال يسوع للذين جاؤوا إليه من رؤساء الكهنة وولاة الهيكل والشيوخ: كأنما خرجتم إلى لص بسيوف وعصي.
48- إني كل يوم كنت معكم في الهيكل ولم تمدوا عليّ أيديكم ولكن هذه ساعتكم وهذا سلطان الظلمة.
حينئذ تركه تلاميذه وهربوا.
49- فارتموا على يسوع قبضوا عليه وقادوه إلى بيت رئيس الكهنة.
وكان الكتبة والرؤساء مجتمعين، وهناك أعطى يهوذا الحواري الثلاثين درهمًا التي أخذها رشوة على تسليم المسيح.
وكان بطرس يتبعه من بعيد.
50- وأضرموا نارًا في وسط الدار وجلسوا حولها فجلس بطرس بينهم.
51- فرأته جارية جالسًا عند الضوء فتفرست فيه ثم قالت: إن هذا أيضًا كان معه.
52- فكفر أمام الجميع وأنكره قائلًا: إني لست أعرفه.
53- وبعد قليل رآه آخر فقال: أنت أيضًا منهم، فأخذ بطرس يحلف لا أعرف هذا الرجل ولست منهم.
54- وبعد نحو ساعة أكد عليه آخر قائلًا: في الحقيقة هذا أيضًا كان معه فإني جليلي.
55- فقال بطرس: يا رجل لا أدري ما تقول.
قال مفسروهم: إن خطأ بطرس هذا كان ثقيلًا: لأن المسيح قال: من ينكرني أمام الناس أنكره أمام أبي الذي في السماوات.
60- وفي الحال بينما هو يتكلم صاح الديك.