فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فلما اتكأ معهما أخذ خبزا وبارك وكسر وناولهما. (لوقا 28 /24).
انظروا فإن الروح ليس له لحم وعظم كما ترونني. (لوقا /24. 40- 39).
وبينما هم غير مصدقين من الفرح متعجبون قال لهم أعندكم ها هنا طعام، فناولوه سمكا مشويا وشيئا من شهد عسل فأخذ وأكل قدامهم. (لوقا 24 عدد 43- 42- 41).
ومعلوم بالنص أن الذين يقومون من الموت يكونون كالملائكة كما قال المسيح لا يأكلون.
ولنا هنا وقفه وسؤال هل يمكن أن يكون تلاميذ المسيح هربوا وتركوه وحده بل وأنكروه وتبرأوا منه بأغلظ الأيمان ثم بعد ذلك يكون حريصا علي اللقاء بهم وضرب موعدا لهذا اللقاء وتناول الطعام معهم؟؟ إن ذلك دليل علي أن الهروب والإنكار لم يكن منه إنما كان إنكارا للشخص البديل المصلوب الذي شبه لهم وشكوا في شخصيته حتى استحلفوه بالله هل أنت المسيح؟؟، وعجيب أن جميع التلاميذ يشكون ويهربون وينكرون وهو الذي وعد بأن يكونوا معه علي كرسي في السماء المسيح وحده في معركة مع طالبيه عندما حضر الجند الذين يريدون الإمساك به ماذا كان؟ حسب رواية يوحنا (الأصحاح 18 عدد 6) فلما قال لهم (يسوع) إني أنا هو رجعوا إلي الوراء وسقطوا على الأرض الذين سقطوا علي الأرض بعد رجوعهم إلي الوراء هم الجند والخدم والفريسسيون- ولم تكن سقطتهم هذه ورجوعهم إلي الوراء بدفعة من يسوع إنما آية من آيات الله، ألم تكن هذه الآية كافية للاقتناع به وتركه، وهل هؤلاء اللذين رجعوا إلي الوراء أمام المسيح وسقطوا علي الأرض تكون لديهم القدرة علي الإمساك به!!!
معجزات متتالية:
يقول متى في إنجيله (أصحاح 27 عدد: 53- 52- 51): وإذا حجاب الهيكل انشق إثنين من فوق لأسفل والأرض تزلزلت والصخور تشققت والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين وخرجوا من القبور لقيامته ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا للكثيرين.
هذه معجزات كبري عمت المدينة بأكملها ومعجزات تفوق الخيال وهي كلها كفيلة بإلقاء الرعب في قلوب أعداء المسيح أو علي الأقل الإيمان بأنه علي حق وأنه رسول الله ولكن انظروا بعد هذه المعجزات ظل الناس علي كفرهم به بل وصفوه بأنه مضل وقالوا عنه.
إن ذلك المضل قال وهو حي إني بعد ثلاثة أيام أقوم. (متى / 27).
63 أبعد كل هذه المعجزات يوصف بأنه مضل!!!؟؟؟
لماذا الصلب؟
إن الله تعالي لم يرض لإبراهيم أن يذبح ولده وفداه بذبح عظيم، فهل يرضي أن يذبح رسوله علي الصليب؟.
وقالوا مات وبعد ثلاثة أيام قام فما الذي حدث وأين الفقد والتضحية وهو مجرد غياب مؤقت ثم يعود وكأن شيء لم يكن والمضحي يفقد الشيء إلي الأبد.
هل الصلب من أجل الجنس البشري؟
جاء في إنجيل متى (أصحاح 15 عدد 31 وما بعده): وانصرف (يسوع) نواحي صور وصيداء وإذ إمرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم خرجت إليه قائلة ارحمني يا سيد يا ابن داود ابنتي مجنونة جدا، فلم يجيبها بكلمة، فتقدم إليه تلاميذه وطلبوا إليه قائلين أصرفها لأنها تصيح وراءنا فأجاب وقال: لم أرسل إلا إلي خراف بيت بني إسرائيل الضالة، فأتت وسجدت له قائلة يا سيد أعني فأجاب وقال: ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب فقالت: نعم يا سيد والكلاب أيضا تأكل من الفتات التي تسقط من مائدة أربابها.
فهو يرفض مساعدة المرأة لأنها كنعانية ويحتج بأنه جاء فقط للإسرائيليين.
يصف الشعوب الأخرى غير الإسرائيلية بأنها كلاب لا يجوز أن يلقي لها خبز البنين، ومع ذلك تستعطفه المرأة مبينة بأن الكلاب تأكل مما يتساقط من موائد أربابها.
فهل مثل هذا الموقف موقف رجل جاء ليصلب ويقتل من أجل الإنسانية كلها؟ فهل الذي رفض أن يقدم مجرد المساعدة للكنعانية لأنها ليست إسرائيلية يقبل أن يقدم حياته كلها من أجل الناس جميعا؟
هل الصلب للخلاص من الذنب الموروث؟
إذا ثبت أن الخطيئة لا تورث فيصبح الصلب لا أساس ولا مبرر لوجوده وقد ثبت ذلك فعلا:
1- (سفر حزقيال 20/ 18) النفس التي تخطئ هي تموت والابن لا يحمل من إثم الأب والأب لا يحمل من إثم الابن بر البار سيكون علي نفسه وشر الشرير يكون عليه.
2- (إنجيل متى 17/ 16) فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله.
3- رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس (10/ 5) لابد أننا جميعا نظهر أمام كرسي المسيح لينال كل واحد ما كان بالجسد وبحسب ما صنع خيرا كان أو شرا.
4- (إنجيل متى 14/ 19) أما يسوع فقال دعوا الأولاد يأتون إلي لا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات.
5- (سفر الأمثال 21/ 18) إن الأشرار يكونون كفارة لخطايا الأبرار. فلا مبرر للصلب مع هذه النصوص.
وبين المسيح طريق الخلاص وأنه لبس بالصلب فقد جاء في متى (19/... 20- 16): وإذا أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا ثم بين مفردات الوصايا ولي من بينها الإيمان بالصليب.
الختام:
بهذا نقطع بأن نصوص الأناجيل أثبتت أن المسيح لم يصلب وأن الذي صلب هو الشبيه وأن الذين قاموا بالصلب وقعوا في الاختلاف والظن والشك وهو ما أشار إليه القرآن الكريم. هذا- وما التوفيق إلا بالله. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)}
لما حكم بأن لا أمَان لهم في وقت اليأس لم ينفعهم الإيمان في تلك الحالة، فعُلِمَ أنَّ العِبْرَةَ بأمان الحقِّ لا بإيمان العبد. اهـ.

.من فوائد ابن كثير في الآية:

قال رحمه الله:
وقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا}
قال ابن جرير: اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} يعني بعيسى {قَبْلَ مَوْتِهِ} يعنى: قبل موت عيسى- يُوَجه ذلك إلى أن جميعهم يصدقون به إذا نزل لقتل الدجال، فتصير الملل كلها واحدة، وهي ملة الإسلام الحنيفية، دين إبراهيم، عليه السلام.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن أبي حُصَين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قال: قبل موت عيسى ابن مريم. وقال العوفي عن ابن عباس مثل ذلك.
وقال أبو مالك في قوله: {إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قال: ذلك عند نزول عيسى ابن مريم، عليه السلام، لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا آمن به.
وقال الضحاك، عن ابن عباس: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} يعني: اليهود خاصة. وقال الحسن البصري: يعني النجاشي وأصحابه. ورواهما ابن أبي حاتم.
وقال ابن جرير: وحدثني يعقوب، حدثنا ابن عُلَيَّة، حدثنا أبو رجاء، عن الحسن: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قال: قبل موت عيسى. والله إنه الآن حي عند الله، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن عثمان اللاحقي، حدثنا جويرية بن بشر قال: سمعت رجلا قال للحسن: يا أبا سعيد، قول الله، عز وجل: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قال: قبل موت عيسى. إن الله رفع إليه عيسى إليه وهو باعثه قبل يوم القيامة مقامًا يؤمن به البر والفاجر.
وكذا قال قتادة، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغير واحد. وهذا القول هو الحق، كما سنبينه بعد بالدليل القاطع، إن شاء الله، وبه الثقة وعليه التكلان.
قال ابن جرير: وقال آخرون: معنى ذلك: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} قبل موت الكتابي. ذكرَ من كان يُوَجه ذلك إلى أنه إذا عاين علم الحق من الباطل؛ لأن كل من نزل به الموت لم تخرج نفسه حتى يتبين له الحق من الباطل في دينه.
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قال لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى.
حدثني المثنى، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا شِبْل، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد في قوله: {إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} كل صاحب كتاب يؤمن بعيسى قبل موته- قبل موت صاحب الكتاب- وقال ابن عباس: لو ضربت عنقه لم تخرج نَفْسُه حتى يؤمن بعيسى.
حدثنا ابن حُمَيد، حدثنا أبو نُمَيْلة يحيى بن واضح، حدثنا حسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لا يموت اليهودي حتى يشهد أن عيسى عبد الله ورسوله، ولو عجل عليه بالسلاح.
حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، حدثنا عتَّاب بن بَشِير عن خُصَيْف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قال: هي في قراءة أبي: {قَبْلَ مَوْتِهِمْ} ليس يهودي يموت أبدا حتى يؤمن بعيسى. قيل لابن عباس: أرأيت إن خَرّ من فوق بيت؟ قال: يتكلم به في الهُوِيّ. فقيل: أرأيت إن ضربت عنق أحد منهم؟ قال: يُلَجْلج بها لسانه.
وكذا رَوَى سفيان الثوري عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قال: لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى، عليه السلام، وإن ضرب بالسيف تكلم به، قال: وإن هَوَى تكلم به وهو يَهْوي.
وكذا روى أبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن أبي هارون الغَنَوي عن عكرمة، عن ابن عباس. فهذه كلها أسانيد صحيحة إلى ابن عباس، وكذا صَحّ عن مجاهد، وعكرمة، ومحمد بن سيرين. وبه يقول الضحاك وجُوَيْبر، والسدي، وحكاه عن ابن عباس، ونَقل قراءة أبيّ بن كعب: {قبل موتهم}.
وقال عبد الرزاق، عن إسرائيل، عن فرات القزاز، عن الحسن في قوله: {إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قال: لا يموت أحد منهم حتى يؤمن بعيسى قبل أن يموت.
وهذا يحتمل أن يكون مراد الحسن ما تقدم عنه، ويحتمل أن يكون مراده ما أراده هؤلاء.
قال ابن جرير: وقال آخرون: معنى ذلك: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل موت الكتابي.
ذكر من قال ذلك:
حدثني ابن المثنى، حدثنا الحجاج بن مِنْهال، حدثنا حماد، عن حميد قال: قال عكرمة: لا يموت النصراني ولا اليهودي حتى يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم في قوله: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ}
ثم قال ابن جرير: وأولى هذه الأقوال بالصحة القولُ الأولُ، وهو أنه لا يبقى أحد من أهل الكتاب بعد نزول عيسى، عليه السلام، إلا آمن به قبل موته، أي قبل موت عيسى، عليه السلام، ولا شك أن هذا الذي قاله ابن جرير، رحمه الله هو الصحيح؛ لأنه المقصود من سياق الآي في تقرير بطلان ما ادعته اليهود من قتل عيسى وصلبه، وتسليم من سلم لهم من النصارى الجهلة ذلك، فأخبر الله أنه لم يكن الأمر كذلك، وإنما شبه لهم فقتلوا الشبيه وهم لا يتبينون ذلك، ثم إنه رفعه إليه، وإنه باق حي، وإنه سينزل قبل يوم القيامة، كما دلت عليه الأحاديث المتواترة- التي سنوردها إن شاء الله قريبا- فيقتل مسيح الضلالة، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية- يعني: لا يقبلها من أحد من أهل الأديان، بل لا يقبل إلا الإسلام أو السيف- فأخبرت هذه الآية الكريمة أن يؤمن به جميع أهل الكتاب حينئذ، ولا يتخلف عن التصديق به واحد منهم؛ ولهذا قال: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} أي: قبل موت عيسى، الذي زعم اليهود ومن وافقهم من النصارى أنه قتل وصلب.