فصل: التقسيم الرابع للأعلام:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التقسيم الرابع للأعلام:

التقسيم الرابع: الأعلام إما أن تكون للذوات أو المعاني، وعلى التقديرين فإما أن يكون العلم علم الشخص، أو علم الجنس، فهاهنا أقسام أربعة، وقبل الخوض في شرح هذه الأقسام فيجب أن تعلم أن وضع الأعلام للذوات أكثر من وضعها للمعاني، لأن أشخاص الذوات هي التي يتعلق الغرض بالأخبار عن أحوالها على سبيل التعيين، أما أشخاص الصفات فليست كذلك في الأغلب.
ولنرجع إلى أحكام الأقسام الأربعة، فالقسم الأول: العلم للذوات والشرط فيه أن يكون المسمى مألوفًا للواضع، والأصل في المألوفات الإنسان، لأن مستعمل أسماء الأعلام هو الإنسان، وإلف الشيء بنوعه أتم من إلفه بغير نوعه، وبعد الإنسان الأشياء التي يكثر احتياج الإنسان إليها وتكثر مشاهدته لها، ولهذا السبب وضعوا أعوج ولاحقًا علمين لفرسين، وشذقما وعليا لفحلين، وضمران لكلب، وكساب لكلبة، وأما الأشياء التي لا يألفها الإنسان فقلما يضعون الأعلام لأَشخاصها، أما القسم الثاني: فهو علم الجنس للذوات، وهو مثل أسامة للأسد، وثعالة للثعلب، وأما القسم الثالث: فهو وضع الأعلام للأفراد المعينة من الصفات؛ وهو مفقود لعدم الفائدة، وأما القسم الرابع: فهو علم الجنس للمعاني، والضابط فيه أنا إذا رأينا حصول سبب واحد من الأسباب التسعة المانعة من الصرف ثم منعوه الصرف علمنا أنهم جعلوه علمًا لما ثبت أن المنع من الصرف لا يحصل إلا عند اجتماع سببين، وذكر ابن جني أمثلة لهذا الباب، وهي تسميتهم التسبيح بسبحان، والغدو بكيسان، لأنهما غير منصرفين، فالسبب الواحد وهو الألف والنون حاصل.
ولابد من حصول العلمية ليتم السببان.

.التقسيم الخامس للأعلام:

التقسيم الخامس للأعلام: اعلم أن اسم الجنس قد ينقلب اسم علم.
كما إذا كان المفهوم من اللفظ أمرًا كليًا صالحًا لأن يشترك فيه كثيرون.
ثم إنه في العرف يختص بشخص بعينه، مثل النجم فإنه في الأصل اسم لكل نجم، ثم اختص في العرف بالثريا، وكذلك السماك اسم مشتق من الارتفاع ثم اختص بكوكب معين.

.الباب الخامس: في أحكام أسماء الأجناس والأسماء المشتقة:

وهي كثيرة:
أحكام اسم الجنس:
أما أحكام أسماء الأجناس فهي أمور:
الحكم الأول: الماهية قد تكون مركبة، وقد تكون بسيطة، وقد ثبت في العقليات أن المركب قبل البسيط في الجنس، وأن البسيط قبل المركب في الفصل، وثبت بحسب الاستقراء أن قوة الجنس سابقة على قوة الفصل في الشدة والقوة، فوجب أن تكون أسماء الماهيات المركبة سابقة على أسماء الماهيات البسيطة.
الحكم الثاني في اسم الجنس:
الحكم الثاني: أسماء الأجناس سابقة بالرتبة على الأسماء المشتقة، لأن الاسم المشتق متفرع على الاسم المشتق منه، فلو كان اسمه أيضًا مشتقًا لزم إما التسلسل أو الدور، وهما محالان، فيجب الانتهاء في الاشتقاقات إلى أسماء موضوعة جامدة، فالموضوع غني عن المشتق والمشتق محتاج إلى الموضوع، فوجب كون الموضوع سابقًا بالرتبة على المشتق، ويظهر بهذا أن هذا الذي يعتاده اللغويون والنحويون من السعي البليغ في أن يجعلوا كل لفظ مشتقًا من شيء آخر سعي باطل وعمل ضائع.
الحكم الثالث في اسم الجنس:
الحكم الثالث: الموجود إما واجب وإما ممكن، والمكن إما متحيز أو حال في المتحيز؛ أو لا متحيز ولا حال في المتحيز أما هذا القسم الثالث فالشعور به قليل، وإنما يحصل الشعور بالقسمين الأولين، ثم إنه ثبت بالدليل أن المتحيزات متساوية في تمام ذواتها، وأن الاختلاف بينها إنما يقع بسبب الصفات القائمة بها، فالأسماء الواقعة على كل واحد من أنواع الأجسام يكون المسمى بها مجموع الذات مع الصفات المخصوصة القائمة بها، هذا هو الحكم في الأكثر الأغلب.
وأما أحكام الأسماء المشتقة فهي أربعة: الحكم الأول: ليس من شرط الاسم المشتق أن تكون الذات موصوفة بالمشتق منه، بدليل أن المعلوم مشتق من العلم، مع أن العلم غير قائم بالمعلوم.
وكذا القول في المذكور والمرئي والمسموع، وكذا القول في اللائق والرامي.
الحكم الثاني: شرط صدق المشتق حصول المشتق منه في الحال، بدليل أن من كان كافرًا ثم أسلم فإنه يصدق عليه أنه ليس بكافر.
وذلك يدل على أن بقاء المشتق منه شرط في صدق الاسم المشتق.
الحكم الثالث: المشتق منه إن كان ماهية مركبة لا يمكن حصول أجزائها على الاجتماع، مثل الكلام والقول والصلاة، فإن الاسم المشتق إنما يصدق على سبيل الحقيقة عند حصول الجزء الأخير من تلك الأجزاء.
الحكم الرابع: المفهوم من الضارب أنه شيء ماله ضرب، فأما أن ذلك الشيء جسم أو غيره فذلك خارج عن المفهوم لا يعرف إلا بدلالة الالتزام.

.الباب السادس: في تقسيم الاسم إلى المعرب والمبني وذكر الأحكام المفرعة على هذين القسمين:

وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: في لفظ الأعراب وجهان:

أحدهما: أن يكون مأخوذًا من قولهم: أعرب عن نفسه إذا بين ما في ضميره، فإن الإعراب إيضاح المعنى، والثاني: أن يكون أعرب منقولًا من قولهم: عربت معدة الرجل إذا فسدت، فكان المراد من الإعراب إزالة الفساد ورفع الإبهام، مثل أعجمت الكتاب بمعنى أزلت عجمته.

.المسألة الثانية: [وضع لفظ الماهية موردًا لأحوال مختلفة]:

إذا وضع لفظ الماهية وكانت تلك الماهية موردًا لأحوال مختلفة وجب أن يكون اللفظ موردًا لأَحوال مختلفة لتكون الأحوال المختلفة اللفظية دالة على الأحوال المختلفة المعنوية، كما أن جوهر اللفظ لما كان دالًا على أصل الماهية كان اختلاف أحواله دالًا على اختلاف الأحوال المعنوية، فتلك الأحوال المختلفة اللفظية الدالة على الأحوال المختلفة المعوية هي الإعراب.

.المسألة الثالثة: [الأفعال والحروف أحوال عارضة للماهيات]:

الأفعال والحروف أحوال عارضة للماهيات، والعوارض لا تعرض لها عوارض أخرى، هذا هو الحكم الأكثري، وإنما الذي يعرض لها الأحوال المختلفة هي الذوات، والألفاظ الدالة عليها هي الأسماء، فالمستحق للإعراب بالوضع الأول هو الأسماء.

.المسألة الرابعة: [اختصاص الإعراب بالحرف الأخير من الكلمة]:

إنما اختص الإعراب بالحرف الأخير من الكلمة لوجهين:
الأول: أن الأحوال العارضة للذات لا توجد إلا بعد وجود الذات، واللفظ لا يوجد إلا بعد وجود الحرف الأخير منه، فوجب أن تكون العلامات الدالة على الأحوال المختلفة المعنوية لا تحصل إلا بعد تمام الكلمة.
الثاني: أن اختلاف حال الحرف الأول والثاني من الكلمة للدلالة على اختلاف أوزان الكلمة، فلم يبق لقبول الأحوال الإعرابية إلا الحرف الأخير من الكلمة.

.المسألة الخامسة: [الإعراب ليس عبارة عن الحركات والسكنات الموجودة في أواخر الكلمات]:

الإعراب ليس عبارة عن الحركات والسكنات الموجودة في أواخر الكلمات بدليل أنها موجودة في المبينات والإعراب غير موجود فيها بل الإعراب عبارة عن استحقاقها لهذه الحركات بسبب العوامل المحسوسة، وذلك الاستحقاق معقول لا محسوس، والإعراب حاجة معقولة لا محسوسة.

.المسألة السادسة: [الحركة والسكون من صفات الأجسام]:

إذا قلنا في الحرف: إنه متحرك أو ساكن، فهو مجاز، لأن الحركة والسكون من صفات الأجسام، والحرف ليس بجسم، بل المراد من حركة الحرف صوت مخصوص يوجد عقيب التلفظ بالحرف، والسكون عبارة عن أن يوجد الحرف من غير أن يعقبه ذلك الصوت المخصوص المسمى بالحركة.

.المسألة السابعة: [الحركات إما صريحة أو مختلسة]:

الحركات إما صريحة أو مختلسة، والصريحة إما مفردة أو غير مفردة فالمفردة ثلاثة وهي: الفتحة، والكسرة، والضمة، وغير المفردة ما كان بين بين، وهي ستة لكل واحدة قسمان، فللفتحة ما بينها وبين الكسرة أو ما بينها وبين الضمة، وللكسرة ما بينها وبين الضمة أو ما بينها وبين الفتحة، والضمة على هذا القياس، فالمجموع تسعة.
وهي أما مشبعة أو غير مشبعة، فهي ثمانية عشر، والتاسعة عشرة المختلسة، وهي ما تكون حركة وإن لم يتميز في الحس لها مبدأ، وتسمى الحركة المجهولة، وبها قرأ أبو عمرو: {فَتُوبُواْ إلى بَارِئِكُمْ} [البقرة: 54] مختلسة الحركة من بارئكم وغير ظاهرة بها.

.المسألة الثامنة: [المرجع بالحركة والسكون إلى أصوات مخصوصة]:

لما كان المرجع بالحركة والسكون في هذا الباب إلى أصوات مخصوصة لم يجب القطع بانحصار الحركات في العدد المذكور، قال ابن جني اسم المفتاح بالفارسية وهو كليد لا يعرف أن أوله متحرك أو ساكن، قال: وحدثني أبو علي قال: دخلت بلدة فسمعت أهلها ينطقون بفتحة غريبة لم أسمعها قبل، فتعجبت منها وأقمت هناك أيامًا فتكلمت أيضًا بها، فلما فارقت تلك البلدة نسيتها.

.المسألة التاسعة: [الحركة الإعرابية متأخرة عن الحرف تأخرًا بالزمان]:

الحركة الإعرابية متأخرة عن الحرف تأخرًا بالزمان، ويدل عليه وجهان:
الأول: أن الحروف الصلبة كالباء والتاء والدال وأمثالها إنما تحدث في آخر زمان حبس النفس وأول إرساله، وذلك آن فاصل ما بين الزمانين غير منقسم، والحركة صوت يحدث عند إرسال النفس، ومعلوم أن ذلك الآن متقدم على ذلك الزمان فالحرف متقدم على الحركة.
الثاني: أن الحروف الصلبة لا تقبل التمديد، والحركة قابلة للتمديد، فالحرف والحركة لا يوجدان معًا لكن الحركة لا تتقدم على الحرف، فبقي أن يكون الحرف متقدمًا على الحركة.

.المسألة العاشرة: الحركات أبعاض من حروف المد واللين:

ويدل عليه وجوه، الأول: أن حروف المد واللين قابلة للزيادة والنقصان، وكل ما كان كذلك فله طرفان، ولا طرف لها في النقصان إلا هذه الحركات، الثاني: أن هذه الحركات إذا مددناها ظهرت حروف المد واللين فعلمنا أن هذه الحركات ليست إلا أوائل تلك الحروف، الثالث: لو لم تكن الحركات أبعاضًا لهذه الحروف لما جاز الاكتفاء بها لأنها إذا كانت مخالفة لها لم تسد مسدها فلم يصح الاكتفاء بها منها بدليل استقراء القرآن والنثر والنظم، وبالجملة فهب أن إبدال الشيء من مخالفه القريب منه جائز إلا أن إبدال الشيء من بعضه أولى، فوجب حمل الكلام عليه.

.المسألة الحادية عشرة: [الابتداء بالحرف الساكن]:

الابتداء بالحرف الساكن محال عند قوم، وجائز عند آخرين، لأن الحركة عبارة عن الصوت الذي يحصل التلفظ به بعد التلفظ بالحرف، وتوقيف الشيء على ما يحصل بعده محال.

.المسألة الثانية عشرة: [أثقل الحركات]:

أثقل الحركات الضمة، لأنها لا تتم إلا بضم الشفتين، ولا يتم ذلك إلا بعمل العضلتين الصلبتين الواصلتين إلى طرفي الشفة، وأما الكسرة فإنه يكفي في تحصيلها العضلة الواحدة الجارية، ثم الفتحة يكفي فيها عمل ضعيف لتلك العضلة، وكما دلت هذه المعالم التشريحية على ما ذكرناه فالتجربة تظهره أيضًا، واعلم أن الحال فيما ذكرناه يختلف بحسب أمزجة البلدان، فإن أهل أذربيجان يغلب على جميع ألفاظهم إشمام الضمة، وكثير من البلاد يغلب على لغاتهم إشمام الكسرة والله أعلم.