فصل: قال الدمياطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ويجوز أن تكون العبادة هنا مصدرًا؛ أي: أنا عبد في طاعته.
وأما {عُبِدَ الطاغوتُ} فظاهر، وعليه قراءة أُبي: {وَعَبَدُوا الطَّاغُوتَ} بواو.
وأما {وعابِدَ الطاغوتِ} فهو في الإفراد كعبد الطاغوت، واحد في معنى جماعة على ما مضى. وعليه أيضًا: {وعُبَد الطاغوتِ} لأنه كحُطَم ولُبَد، كما أن عبُدًا كندُسٍ وحذُرٍ ووظيف عَجُرٍ، ومن جهة أحمد بن يحيى {وعَبُدَ الطاغوتُ} أي: صار الطاغوتُ معبودًا؛ كفقُه الرجل وظرف: صار فقيهًا وظريفًا، ومن جهته أيضًا: {وعبدَ الطاغوتِ} وقال: أراد عبَدَة فحذف الهاء، قال: ويقال: عَبَدة الطاغوتِ والأوثان، ويقال للمسلمين: عُبَّاد.
ومن ذلك قراءة الحسن والزهري: {والصَّابِيُون} يثبت الياء ولا يهمز.
وقرأ: {الصابُون} بغير همز ولا ياء أبو جعفر وشيبة، و{الخاطون} و{مُتَّكُون}.
قال أبو الفتح: أما الصابيون بياء غير مهموزة، فعلى قياس قول أبي الحسن في {يستهزئون}: يَستهزيُون بياء غير مهموزة، ويحتمل ذلك فيها لتقدير الهمزة في أصلها؛ فيكون ذلك فرقًا بينها وبين ياء يَسْتَقْضُون، ألا ترى أن أصله يستقضِيوه، كما فرَّق أبو الحسن بقوله في مثل عنكبوت من قرأت: قرْأَيوُت بضمة الياء بينه وبين مثال عنكبوت من رميت رَمْيَوُوت. وأصلها رَمْيَيُوت، وقد مضى هذا في موضعه.
وأما {الصابُونَ} و{مُتَّكُون} فعلى إبدال الهمزة ألبتة، فصارت كالصابون من صبوت، وكمتَجَنُّون من تَجَنَّيْتُ، والوجه أن يكون الصابيون بلا همز تخفيفًا لا بدلًا، وإن جعلته بدلًا مُراعي به أولية حاله كقرْأَيوت جاز أيضًا.
ومن ذلك قراءة عثمان وأُبي بن كعب وعائشة وسعيد بن جبير والجحدري رضي الله عنهم: {والصابِيين} بياء.
قال أبو الفتح: الخطب في هذا أيسر من {الصابيون} بالرفع؛ لأن النصب على ظاهره؛ وإنما الرفع يحتاج إلى أن يقال: إنه مقدم في اللفظ مؤخر في المعنى على ما يقال في هذا، حتى كأنه قال: لا خوف عليهم ولاهم يحزنون والصابئون كذلك.
ومن ذلك قراءة يحيى والنخعي: {ثُمَّ عُمُوا وَصُمُّوا} بضم العين والصاد.
قال أبو الفتح: يجب أن يكون هذا على تقدير فُعِلَ، كقولهم: زُكِمَ وأزكمه الله، وحُمَّ وأَحَمَّه الله، فكذلك هذا أيضًا، جاء على عُمِي وصُمَّ، وأعماه الله وأصمه الله، ولا يقال: عَمَيتُه ولا صَممْته، كما لا يقال: زكَمه الله ولا حَمَّه، فاعرف ذلك.
ومن ذلك قراءة جعفر بن محمد: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهَالِيكُمْ}.
قال أبو الفتح: يقال أَهل وأَهْلَة، قال:
وأَهْلةِ وُدٍّ قد تَبَرَّيْتُ ودَّهم ** وأبليتهم في الحمد جهدي ونائلي

فأما أهالٍ فكقولهم: ليالٍ؛ كأن واحدها أهلاة وليلاة، وقد مر بنا تصديقًا لقول سيبويه: فإن واحده في التقدير ليلاة- ما أنشده ابن الأعرابي من قوله:
في كل يوم ما وكل ليلاهْ ** حتى يقول من رآه إذ رآهْ

يا ويحه من جمل ما أَشقاهْ

ومن ذهب إلى أن أهالٍ جمع أهلون فقد أساء المذهب؛ لأن هذا الجمع لم يأتِ فيه تكسير قط، قل الشنفرى:
ولي دونكم أهلون سِيد عملَّسٌ ** وأرقط زهلول وعرفاء جيئل

ونحو من ذلك أرض وأراضٍ، القول فيهما واحد، ويقال: أرض وأرَضُون وأَرْضون، بفتح الراء وتسكينها أيضًا. قال كعب بن معدان الأشقري:
لقد ضجت الأَرْضون إذ قام من بنى ** هَداد خطيبٌ فوق أعواد منبر

وحكى أبو زيد فيه: أَرَض، وقيل: آراض. وأسكن الياء من أهاليكم في موضع النصب تشبيهًا لها بالألف، وقد سبق مثل ذلك.
ومن ذلك قراءة سعيد بن جبير ومحمد بن السميفغ: {أو كإِسْوتِهِم} من الإِسْوة.
قال أبو الفتح: كأنه- والله أعلم- قال: أو كما يكفي مثلهم، فهو على حذف المضاف، أو ككفاية إسوتهم، وإن شئت جعلت الإسوة هي الكفاية ولم تحتج إلى حذف المضاف.
ومن ذلك قراءة أبي عبد الرحمن: {فجزاءٌ} رفع منون، {مثلَ} بالنصب.
قال أبو الفتح: {مثلَ} منصوبة بنفس الجزاء؛ أي: فعليه أن يجزِي مِثْلَ ما قَتَلَ، {فمثلَ} إذن في صلة الجزاء، والجزاء مرفوع بالابتداء، وخبره محذوف؛ أي: فعليه جزاءٌ مثلَ ما قتل، أو فالواجب عليه جزاءٌ مثل ما قتل، فلما نوَّن المصدر أَعمله كقوله:
بضربٍ بالسيوف رءوسَ قوم ** أزَلْنَا هَامَهُنَّ عن الْمَقيل

ومن ذلك قراءة محمد بن علي وجعفر بن محمد: {يَحْكُمُ بِهِ ذُو عَدْلٍ مِنْكُمْ}.
قال أبو الفتح: لم يوحِّد ذو؛ لأن الواحد يكفي في الحكم؛ لكنه أراد معنى مَنْ؛ أي: يحكم به مَنْ يعدل، ومن تكون للاثنين كما تكون للواحد، نحو قوله:
نَكُنْ مثلَ من يا ذئبُ يصطحبانِ

ومن ذلك قراءة ابن عباس: {وحَرَّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدَ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حَرَمًا}.
قال أبو الفتح: معنى {حَرَمًا} راجع إلى معنى قراءة الجماعة {حُرُمًا}؛ وذلك أن الْحُرُم جمع حرام، والْحَرَم المحرَّم، فهو في المعنى مفعول، فجعلهم حَرَمًا؛ أي: هم في امتناعهم مما يمتنع منع الْمُحْرِم، وامتناع ذلك أيضًا منهم كالْحَرَم، فالمعنينان إذن واحد من حيث أَرينا.
ومن ذلك قراءة إبراهيم: {قد سِالَهَا} بكسر السين.
قال أبو الفتح: يعني ويريد الإمالة؛ لأن الألف لا يكون ما قبلها أبدًا إلا مفتوحًا، ووجه الإمالة أنه على لغة من قال: سِلتَ تسال، فهي في هذه اللغة كخفتَ تخاف، فالإمالة إذن إنما جاءت لانكسار ما قبل اللام سِلت، كمجيئها في خاف لمجيء الكسرة في خاءِ خِفت، ويدلك على أن هذه اللغة من الواو لا من الهمزة ما حدثنا به أبو علي من قوله: هما يتساولان، وهذه دلالة على ما ذكرنا قاطعة.
ومن ذلك قراءة الحسن: {لا يضُرْكُم}، وقراءة إبرهيم: {لا يَضِرْكُم}.
قال أبو الفتح: فيها أربع لغات: ضاره يَضيره، وضاره يَضُوره، وضرَّه يَضُرَّه، وضَرَّه يَضِرَّه- بكسر الضاد وتشديد الراء- وهي غريبة؛ أعني: يفعِل في المضاعف متعدية، وقد ذكرناها وقراءة من قرأ: {لَنْ يَضِرُّوا اللَّهَ شَيْئًا}، وجزم يَضُرْكم ويَضِرْكم لأنه جُعل جواب الأمر؛ أعني قوله: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}، ويجوز أن تكون {لا} هنا نهيًا كقولك: لا تقم إذا قام غيرك، والأول أجود.
ومن ذلك قراءة الأعرج والشعبي والحسن والأشهب: {شهادةٌ بَيْنَكم} رفع، وعن الأعرج بخلاف: {شهادةً بينَكم} نصب.
قال أبو الفتح: أما الرفع بالتنوين فعلى سمت قراءة العامة {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} بالإضافة، فحذف التنوين فانجرَّ الاسم.
وأما {شهادةً بينَكم} بالنصب والتنوين، فنصبها على فعل مضمر؛ أي: ليُقِمْ شهادةً بينكم اثنان ذوا عدل منكم، كما أن من رفع فنَوَّن أو لم يُنوِّن فهو على نحو من هذا؛ أي: مقيمُ شهادةِ بينِكم أو شهادةٍ بينَكم اثنان ذوا عدل منكم، ثم حُذف المضاف وأُقيم المضاف إليه مقامه.
وإن شئت كان المضاف محذوفًا من آخر الكلام؛ أي: شهادةٌ بينَكم شهادةُ اثنين ذوَي عدل منكم؛ أي: ينبغي أن تكون الشهادة المعتمدة هكذا.
ومن ذلك قراءة علي- كرم الله وجهه- والشعبي بخلاف ونعيم بن ميسرة: {شهادةً آلله}.
ورُوي عن الشعبي: {شهادةً أًللهِ} مقصور وينون شهادة.
ورُوي عنه أيضًا: {شهادهْ آللهِ} مجزومة الهاء ممدودة الألف.
ورُوي عنه {شهادهْ أللهِ} بجزم شهادة وقصر الله.
فهذه أربعة أوجه رُويت عن الشعبي، وتابعه على {شهادةً أَللهِ} السلمي ويحيى وإبراهيم وسعيد بن جبير ويحيى بن يعمر والحسن والكلبي.
قال أبو الفتح: أما {شهادةً} فهي أعم من قراءة الجماعة: {شَهَادَةَ اللَّهِ} بالإضافة، غير أنها بالإضافة أفخم وأشرف وأحرى بترك كتمانها لإضافتها إلى الله سبحانه، وأما {ألله} مقصورة بالجر فحكاها سيبويه: أن منهم من يحذف حرف القسم ولا يعوض منه همزة الاستفهام، فيقول: أللهِ لقد كان كذا، قال: وذلك لكثرة الاستعمال.
وأما {آلله} بالمد، فعلى أن همزة الاستفهام صارت عوضًا من حرف القسم، ألا تراك لا تجمع بينهما فتقول: أولله لأفعلن؟
وأما سكون هاء {شهادة}، فللوقف عليها ثم استؤنف القسم، وهو وجه حسن؛ وذلك ليُستأنف القسم في أول الكلام فيكون أوقر له وأشد هيبة من أن يدرج في عرض القول؛ وذلك أن القسم ضرب من الخبر يُذْكَر ليؤكد به خبر آخر، فلما كان موضع توكيد مُكِّنَ من صدر الكلام، وأُعطي صورة الإعلاء والإعظام.
ويزيد في وضوح هذا المعنى وبيانه أنه لما نون شهادة فأَدرج وقَّر الهمزة عن حذفها كما يجب فيها من حيث كانت همزة وصل، فأقرها مقطوعة كما تُقطع مبتدأة، فقد جمع في هذه القراءة بين حالي الوصل والوقف.
أما الوصل فلتنوين شهادة، وأما الوقف فلإثباته همزة الوصل التي إنما تُقطع إذا وُقف على ما قبلها ثم استؤنفت، والعناية بقطعها واستئنافها ما قدمت ذكره لك من تمكن حال القسم بتوفية اللفظ جميع وجوهها، وقُطع ليكون في حال إدراجها في لفظ المبدوء بها لا الآتية مأتى النَّيِّف الذي لم يُوَفَّ من صدر الكلام ما يجب لها، فافهمه.
ويؤكد عندك شدة الاهتمام بهذا القسم لما فيه مجيئُه وحرفُ الاستفهام قبله، فكأنه- والله أعلم- قال: أنقسم بالله {إنا إذن لمن الظالمين}، ففي هذا تهيب منهم للموضع، وتكعكع عن القسم عليه باستحقاق الظلم عنه؛ كأنه يريد القسم بالله عليه كما أقسم في الأخرى بلا استفهام، ثم إنه هاب ذلك فأخذ يشاور في ذلك كالقائل: أَؤُقدِم على هذه اليمين يا فلان أم أتوقف عنها؛ إعظامها لها ولا أرتكب ما أُقسِم عليه بها؟. اهـ.

.قال الدمياطي:

سورة المائدة مدنية إلا {اليوم أكملت لكم دينكم} فبعرفة عشيتها آيها مائة وعشرون كوفي واثنان حرمي وشامي وثلاث بصري اختلافها بالعقود وعن كثير غير كوفي فإنكم غالبون بصري مشبه الفاصلة سبعة نقيبا جبارين لقوم آخرين شرعة ومنهاجا الجاهلية يبغون عليهم الأولين القراءات أمال يتلى حمزة والكسائي وخلف وقلله الأزرق بخلفه وعن الحسن {وأنتم حرم} بسكون الراء لغة تميم ويجب إشباع مد آمين للكل لأجل السكون اللازم بعد الألف ويمتنع قصره وتوسطه للأزرق عملا بأقوى السببين كما تقدم وعن المطوعي ولا آمي البيت الحرام بحذف النون وجه البيت والحرام بالإضافة.
وقرأ {رضوانا} الآية 2 بضم الراء حيث جاء أبو بكر إلا أنه اختلف عنه في الثاني من هذه السورة وعن الأعمش {يجرمنكم} معا هنا وفي هود الآية 89 بضم الياء من أجرم.
واختلف في {شنآن} الآية 2 8 في الموضعين فابن عامر وأبو بكر وابن وردان وابن جماز بخلف عنه بإسكان النون وهي رواية الهاشمي وغيره عن ابن جماز وافقهم الحسن والباقون بفتحها وهي رواية سائر الرواة عن ابن جماز وهما بمعنى واحد مصدر شنأه بالغ في بغضه أو الساكن مخفف من المفتوح وقيل الساكن صفة كبغضان بمعنى بغيض قوم وفعلان أكثر في النعت.
واختلف في {أن صدوكم} الآية 2 فابن كثير وابو عمر وبكسر الهمزة على أنها شرطية وافقهما ابن محيصن واليزيدي والباقون بالفتح على انها علة للشنآن وأمال التقوى حمزة والكسائي وخلف وقللها الأزرق وأبو عمر وبخلفهما وشدد تاء ولا تعاونوا البزي بخلفه وعليه يجب إشباع المد للساكنين وشدد أبو جعفر ياء الميتة بلا خلاف وأخفى نون المنخنقة بخلف عنه وعن الحسن على النصب بفتح النون وسكون الصاد ووقف يعقوب على واخشون اليوم بزيادة ياء بعد النون وحذفها الباقون في الحالين وضم نون فمن اضطر نافع وابن كثير وابن عامر والكسائي وكذا أبو جعفر وخلف وسبق عن ابن محيصن إدغام الضاد في الطاء وكسر طاء اضطر أبو جعفر وسبق توجيهه في البقرة وعن الحسن مكلبين بسكون الكاف وتخفيف اللام وعن المطوعي محصنين بفتح الصاد.