فصل: (سورة المائدة: الآيات 7- 8)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة المائدة: الآيات 7- 8]

{وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (7) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (8)}.

.الإعراب:

{وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ} الواو الواو استئنافية، والكلام مستأنف مسوق لتذكير المؤمنين بنعمه عليهم وميثاقه الذي واثقهم به. واذكروا نعمة اللّه فعل أمر وفاعل ومفعول به، وعليكم جار ومجرور متعلقان بنعمة وميثاقه عطف على نعمة اللّه، والذي صفة لميثاق وجملة واثقكم به صلة الموصول {إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا} إذ ظرف لما مضى من الزمن متعلق بواثقكم، وجملة قلتم في محل جر بالإضافة، وجملة سمعنا مقول القول، وجملة وأطعنا عطف عليها {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ} كلام مستأنف، واتقوا اللّه فعل أمر وفاعل ومفعول به، وجملة إن وما في حيزها تعليلية، وذات الصدور الأمور المكنونة في الصدور {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ} كلام مستأنف مسوق للشروع في بيان الأمور المتعلقة بما يجري بينهم وبين غيرهم. وكونوا فعل أمر ناقص، والواو اسمها، وقوامين خبرها، وللّه متعلقان بقوامين، وشهداء خبر ثان لكونوا، وبالقسط متعلقان بشهداء {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا} الواو عاطفة، ولا ناهية، ويجرمنكم فعل مضارع مبني على الفتح في محل جزم بلا، والكاف مفعول به، وشنآن قوم فاعل، وعلى حرف جر، وأن وما في حيزها في تأويل مصدر مجرور بعلى، والجار والمجرور متعلقان بيجرمنكم، لأنه تضمن معنى لا يحملنكم {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى} جملة اعدلوا مفسرة، وهو ضمير منفصل مبتدأ يعود على المصدر المفهوم من قوله: {اعدلوا} وأقرب خبر، والجملة مستأنفة، وللتقوى متعلقان بأقرب {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ} تقدم إعراب مثيلها قريبا.

.البلاغة:

التكرير في طلب المعدلة، والسر فيه التأكيد على العدل والتشويق اليه. وخلاصة المعنى: لا يحملنكم بغضكم للمشركين على ترك المعدلة فتعتدوا عليهم. وهذا منتهى ما تصل اليه المثل العليا، والقيم الانسانية السامية.

.[سورة المائدة: الآيات 9- 11]

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (10) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)}.

.الإعراب:

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ} كلام مستأنف مسوق لبيان وعده سبحانه، فإن النفس الانسانية مفطورة على التوجه بالسؤال عن بيان هذا الوعد. ووعد اللّه فعل وفاعل، والذين مفعول به. وجملة آمنوا صلة الموصول، وعملوا الصالحات عطف على الصلة {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} لهم الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، ومغفرة مبتدأ مؤخر، والجملة يجوز أن تكون مفسرة للمفعول به الثاني المحذوف للفعل «وعد»، وتقديره «الجنة»، ويجوز أن تكون استئنافا بيانيا، كأنه قال: قوم لهم ولك أن تجعلهامقولا لقول محذوف تتضمن زيادة التقرير الموعود به والتأكيد لوقوعه. وقيل: هي جملة في محل نصب على أنها المفعول الثاني لقوله: {وعد} على معنى: وعدهم أن لهم مغفرة، أو وعدهم مغفرة. فوقعت الجملة موقع المفرد، فأغنت عنه {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ} الواو استئنافية، والذين مبتدأ، وجملة كفروا صلة، وجملة كذبوا بآياتنا عطف على الصلة، وأولئك مبتدأ ثان، وأصحاب الجحيم خبر أولئك، والجملة الاسمية خبر الذين {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} تقدم إعرابها كثيرا {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} تقدم اعرابها قريبا والجملة مستأنفة {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} إذ ظرف للنعمة متعلق بها، ويجوز أن يتعلق باذكروا، وجملة همّ قوم في محل جر بالإضافة، وأن يبسطوا مصدر مؤول منصوب بنزع الخافض والجار والمجرور متعلقان ب {همّ}، وإليكم متعلقان بيبسطوا، وأيديهم مفعول به {فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} عطف على ما تقدم {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} الواو استئنافية واتقوا اللّه فعل وفاعل ومفعول، وعلى اللّه متعلقان بتوكل، والفاء استئنافية واللام لام الأمر، ويتوكل فعل مضارع مجزوم بلام الأمر، والمؤمنون فاعل.

.البلاغة:

بسط اليد: عبارة مجازية مرسلة بعلاقة السببية، لأن اليد سبب الإيذاء، كما أن بسط اللسان عبارة مجازية، علاقتها السببية.

.[سورة المائدة: آية 12]

{وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (12)}.

.اللغة:

{نَقِيبًا}: النقيب في القوم من ينقب عن أحوالهم، ويبحث عن شئونهم، وهو «فعيل» بمعنى فاعل مشتق من التنقيب، وهو التفتيش.
ومنه قوله تعالى: {فنقّبوا في البلاد}، وسمي بذلك لأنه يفتش عن أحوال القوم وأسرارهم وقيل: هو بمعنى «مفعول» كأن القوم اختاروه على علم منهم. وقيل: هو للمبالغة كعليم وخبير.
{عَزَّرْتُمُوهُمْ} نصرتموهم. وفي المختار: التعزير: التوقير والتعظيم.

.الإعراب:

{وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ} كلام مستأنف مسوق لذكر بعض ما صدر عن بني إسرائيل، وفيه تحريص للمؤمنين على ذكر نعمة اللّه، ومراعاة حق الميثاق، وتحذير من نقضه. واللام جواب قسم محذوف، وقد حرف تحقيق، وأخذ اللّه فعل وفاعل، وميثاق مفعول به، وبني إسرائيل مضاف اليه {وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} وبعثنا عطف على أخذ، ومنهم متعلقان ب {نقيبا} أو حال من {اثني عشر}، واثني عشر مفعول به لبعثنا، ونقيبا تمييز {وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ} الواو عاطفة، على طريق الالتفات، وقال اللّه فعل وفاعل، وإني إن واسمها، ومعكم ظرف متعلق بمحذوف خبرها، وإن وما في حيزها مقول القول {لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ} اللام موطئة للقسم المحذوف، وإن شرطية، وأقمتم فعل وفاعل، وهو في محل جزم فعل الشرط، والصلاة مفعول به، وآتيتم الزكاة عطف على أقمتم الصلاة والجملة القسمية مستأنفة {وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} عطف على ما تقدم، وبرسلي متعلقان بآمنتم، وعزرتموهم عطف أيضا، وهو فعل وفاعل والواو لإشباع الضمة، والهاء مفعول به، وأقرضتم اللّه فعل وفاعل ومفعول به، وقرضا مفعول مطلق، وحسنا صفة {لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} اللام واقعة في جواب القسم، والجملة لا محل لها لأنها جواب للقسم، وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم المتقدم عليه، وعنكم متعلقان بأكفرنّ، وسيئاتكم مفعول به، ولأدخلنكم عطف على {لأكفرن}، وجنات مفعول به ثان على السعة أو منصوب بنزع الخافض، وجملة تجري من تحتها الأنهار صفة لجنات {فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ}.
الفاء استئنافية. ومن شرطية مبتدأ، وكفر فعل ماض في محل جزم فعل الشرط، وبعد ذلك ظرف متعلق بكفر، ومنكم متعلقان بمحذوف حال، فقد الفاء رابطة لجواب الشرط، والجملة في محل جزم جواب الشرط، وفعل الشرط وجوابه خبر «من»، وسواء السبيل مفعول ضل.

.البلاغة:

في قوله تعالى: {وأقرضتم اللّه قرضا حسنا} استعارة تصريحية.
فقد شبه الإنفاق في سبيل اللّه لوجهه بالقرض، على سبيل المجاز، لأنه بإعطاء المستحق ما له لوجه اللّه، فكأنه أقرضه إياه.

.[سورة المائدة: آية 13]

{فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)}.

.اللغة:

{لَعَنَّاهُمْ}: طردناهم وأبعدناهم عن رحمتنا.
{خائِنَةٍ}: الخائنة هنا: الخيانة. والعرب تعبر بصيغة اسم الفاعل عن المصدر أحيانا وبالعكس، فاستعملت القائلة بمعنى القيلولة، والخاطئة بمعنى الخطيئة. أو هي وصف لمحذوف، إما مذكر والهاء للمبالغة، كما قالوا: راوية للشعر، لكثير الرواية، قال:
حدثت نفسك بالوفاء ولم تكن ** للغدر خائنة مغلّ الإصبع

وداعية لمن جرد نفسه للدعوة إلى الشيء.
وإما مؤنث بتقدير: أو فرقة.

.الإعراب:

{فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ} كلام مستأنف مسوق لبيان أن ما أصابهم من طرد وإبعاد عن الرحمة ناشيء عن نقضهم الميثاق. والباء حرف جر، وما زائدة لتوكيد الكلام، ونقضهم مجرور بالباء والجار والمجرور متعلقان بلعناهم، وميثاقهم مفعول به للمصدر وهو النقض، ولعناهم، فعل وفاعل ومفعول به، {وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً} وجعلنا عطف عل ى لعناهم، وقلوبهم مفعول به أول، وقاسية مفعول ثان {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ} الجملة مستأنفة مسوقة لبيان مدى قسوة قلوبهم، والكلم مفعول يحرفون، وعن مواضعه جار ومجرور متعلقان بيحرفون {وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} عطف على ما تقدم، ونسوا حظا فعل وفاعل ومفعول به، ومما جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة ل {حظا} وجملة ذكروا به لا محل لها لأنها صلة الموصول {وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} الواو عاطفة، ولا تزال فعل مضارع ناقص، والاسم مستتر تقديره أنت، وجملة تطلع خبر لا تزال، وعلى خائنة متعلقان بتطلع، ومنهم متعلقان بمحذوف صفة لخائنة، وإلا أداة استثناء وقليلا مستثنى من الضمير المجرور في {منهم}، ومنهم متعلقان بمحذوف صفة ل {قليلا}، وأراد بالقليل منهم من أسلم كعبد اللّه بن سلام وأصحابه {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} الفاء الفصيحة، أي: إذا عرفت هذا فاعف عمن جاءك معلنا توبته وانضواءه تحت لواء الدين القويم، واعف فعل أمر وعنهم متعلقان ب {اعف} واصفح عطف على فاعف {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} إن واسمها، وجملة يحب المحسنين خبر إن، وجملة إن وما في حيزها تعليلية لا محل لها.

.[سورة المائدة: آية 14]

{وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (14)}.

.اللغة:

{نَصارى}: في مختار الصحاح: النصير: الناصر وجمعه أنصار، كشريف وأشراف، وجمع الناصر نصر كصاحب وصحب. والنصارى جمع نصران ونصرانة، كالندامى جمع ندمان وندمانة. ولم يستعمل نصران إلا بياء النسب. وفي المصباح: ورجل نصراني بفتح النون، وامرأة نصرانية. ويقال: إنه نسبة إلى قرية اسمها نصرى، ولهذا يقال في الواحد: نصري، على القياس، ثم أطلق النصراني على كل من تعبد بهذا الدين. وقال في المنجد: النصراني نسبة إلى مدينة الناصرة على غير القياس: من يتبع دين السيد المسيح، والجمع نصارى، والمؤنث نصرانية. وقال في اللسان: ونصرى بفتحتين، ونصرى بفتح فسكون، وناصرة ونصورية: قرية بالشام، والنصارى منسوبون إليها، قال ابن سيده: هذا قول أهل اللغة، قال: وهو ضعيف، إلا أن نادر النسب يسعه. قال: وأما سيبويه فقال: أما نصارى فذهب الخليل إلى أن جمع نصري ونصران، كما قالوا: ندمان وندامى، ولكنهم حذفوا إحدى الياءين، كما حذفوا من أثفيّة، وأبدلوا مكانها ألفا، كما قالوا: صحارى. قال: وأما الذين نوجهه نحن عليه فإنه جاء على نصران لأنه قد تكلم به، فكأنك جمعت نصرا كما جمعت مسمعا وقلت نصارى كما قلت ندامى.
«أغرينا»: ألصقنا وألزمنا، وهي من غري بالشيء إذا لزمه ولصق به، ومعنى الغراء الذي يلصق به، والغراء مثل كتاب، وفي المصباح: غري بالشيء غريا من باب تعب أولع به من حيث لا يحمله عليه حامل، وأغريته به إغراء فأغري به بالبناء للمفعول، والاسم الغراء بالفتح والمد والغراء مثل كتاب: ما يلصق به، معمول من الجلود، وقد يعمل من السمك.
والغرا مثل العصا: لغة فيه، وغروت الجلد أغروه من باب عدا:
ألصقته بالغراء، وأغريت بين القوم: مثل أفسدت وزنا ومعنى، وغروت غروا من باب قتل: عجبت، ولا غرو: ولا عجب.

.الإعراب:

{وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ} كلام مستأنف مسوق للحديث عن النصارى. والجار والمجرور متعلقان بأخذنا، وجملة قالوا لا محل لها لأنها صلة الموصول، وإن واسمها، ونصارى خبرها، وجملة أخذنا مستأنفة كما تقدم، وميثاقهم مفعول به، وجملة إنا نصارى مقول القول. وهناك أوجه أخرى تراها في باب الفوائد.
{فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} الفاء عاطفة، ونسوا عطف على أخذنا، والواو فاعل، وحظا مفعول به، ومما متعلقان بمحذوف صفة ل {حظا}، وجملة ذكروا صلة الموصول، وبه جار ومجرور متعلقان بذكروا، والواو نائب فاعل {فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ} عطف على ما تقدم، وأغرينا فعل وفاعل، والظرف متعلق بأغرينا، والعداوة مفعول به، والى يوم القيامة متعلقان بمحذوف حال، أي:
ممتدة إلى يوم القيامة {وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ} الواو عاطفة، وسوف حرف استقبال، وينبئهم فعل وفاعل ومفعول به، وبما متعلقان بينبئهم، وجملة كانوا صلة الموصول، وجملة يصنعون خبر كانوا.

.الفوائد:

أنهى بعض المعربين الأوجه التي أجازوها في هذه الآية إلى وجوه منها ما اخترناه، وهو ما ذهب اليه الزمخشري، ولكنه جعل الضمير في ميثاقهم عائدا على بني إسرائيل، والتقدير: وأخذنا من النصارى ميثاقا مثل ميثاق بني إسرائيل، وهناك وجه جدير بالذكر وهو أن يتعلق قوله: {ومن الذين} بمحذوف على أنه خبر لمبتدأ محذوف قامت صفته مقامه، والتقدير: ومن الذين قالوا إنا نصارى قوم أخذنا ميثاقهم.

.[سورة المائدة: الآيات 15- 16]

{يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)}.