فصل: (سورة المائدة: الآيات 43- 44)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة المائدة: الآيات 43- 44]

{وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (44)}.

.اللغة:

{الرَّبَّانِيُّونَ} نسبة إلى الرب، على خلاف القياس. ويقال أيضا:
ربّيّ بكسر الراء، وربوبيّ بفتح الراء، وسنورد أشهر الأسماء التي أتت منسوبة على خلاف القياس في باب الفوائد. والرّبانيّ: هو المتألّه المتعبد.
{الْأَحْبارُ}: الفقهاء، واحده حبر، بالفتح والكسر. قال الفرّاء:
الكسر أفصح. وهو مأخوذ من التحبير والتحسين، فإنهم يحبرونه ويزينونه. والحبر الأعظم عند المسيحيين: خلف السيد المسيح على الأرض، وعند اليهود رئيس الكهنة.

.الإعراب:

{وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ} كلام مستأنف مسوق للتعجب من تحكيمهم لمن لا يؤمنون به وبكتابه، مع أنه الحق، كما نص على ذلك كتابهم الذي يدعون الإيمان به. وكيف استفهام تعجّبي في محل نصب على الحال، ويحكمونك فعل مضارع مرفوع والواو فاعل والكاف مفعول به، والواو للحال، وعندهم ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر مقدم، والتوراة مبتدأ مؤخر، والجملة في محل نصب على الحال من الواو في يحكمونك.
{فِيها حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} فيها جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، وحكم اللّه مبتدأ مؤخر، والجملة في محل نصب على الحال من التوراة، ثم حرف عطف، للترتيب مع التراخي، ويتولون عطف على يحكمونك، وفائدة العطف بثم الدالة على التراخي للدلالة على رسوخ تولّيهم وإعراضهم وإصرارهم على الإعراض عن الحكم الطويل، بعد التأمل الطويل، وظهور الآيات الدالة على صدق التحكيم. ومن بعد ذلك جار ومجرور متعلقان بيتولون أو حال، والواو عاطفة أو استئنافية، وما نافية حجازية، واسم الاشارة مبني على الكسر في محل رفع اسمها، والباء حرف جر زائد، والمؤمنين مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر «ما» {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ} كلام مستأنف مسوق لبيان رفعة التوراة، وسمو مرتبتها، ووجوب مراعاة أحكامها. وإن واسمها وجملة أنزلنا خبرها، والتوراة مفعول به {فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} الجملة في محل نصب حال من التوراة، وفيها متعلقان بمحذوف خبر مقدم، وهدى مبتدأ مؤخر، ونور عطف على هدى، وجملة يحكم بها النبيون مستأنفة مبينة لعلو شأن التوراة، ولك أن تجعلها حالا ثانية من التوراة، وبها متعلقان بيحكم، والنبيون فاعل يحكم، والذين صفة، وجملة أسلموا صلة الموصول {لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ} الجار والمجرور متعلقان بيحكم، وجملة هادوا صلة الموصول، والمعنى: يحكمون بها فيما بينهم.
ويجوز أن يتعلقا بأنزلنا، أو بمحذوف صفة لهدى ونور، والربانيون والأحبار معطوفان على {النبيون}، و{بما استحفظوا} متعلقان بيحكم، ومن كتاب اللّه متعلقان باستحفظوا، واستحفظوا فعل ماض مبني للمجهول، والواو نائب فاعل، ويجوز في {ما} أن تكون مصدرية أو موصولية، ويجوز أن يتعلق قوله: {من كتاب اللّه}.
بمحذوف حال {وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ} عطف على {استحفظوا}، والواو اسم كان، وعليه متعلقان بشهداء، وشهداء خبر كانوا {فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} الفاء الفصيحة، أي: إذا عرفتم هذا فلا تخشوا الناس، ولا ناهية، وتخشوا فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، والواو فاعل، والناس مفعول به، واخشون الواو عاطفة، واخشون فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعل، والنون للوقاية، وياء المتكلم المحذوفة مفعول به {وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَنًا قَلِيلًا} عطف على ما تقدم، ولا ناهية، وتشتروا فعل مضارع مجزوم بلا، وبآياتي متعلقان بتشتروا، والباء داخلة على المتروك كما تقرر، وثمنا مفعول به، وقليلا صفة {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ} الواو استئنافية ليكون الحكم عاما، فكل من ارتشى وحكم بغير حكم اللّه فقد كفر، ومن اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ، ولم حرف نفي وقلب وجزم، ويحكم فعل مضارع مجزوم بلم، وهو فعل الشرط، وبما متعلقان بيحكم، وجملة أنزل اللّه صلة الموصول، فأولئك الفاء رابطة لجواب الشرط، واسم الإشارة مبتدأ، وهم مبتدأ ثان، والكافرون خبر، والجملة الاسمية خبر اسم الاشارة، والجملة المقترنة بالفاء في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه خبر {من}.

.البلاغة:

في هذه الآية فن من فنون البلاغة دقيق المسلك، قلّ من يتفطن اليه لأنه عميق الدلالة، لا يسبر غوره إلا الملهمون الذين أشرقت نفوسهم بضياء اليقين والإلهام، ولم يبوّب له أحد من علماء البلاغة من قبل ولكنه مندرج في سلك الإطناب من علم المعاني، وذلك في سياق قوله في صفة النبيين: {الذين أسلموا}. ومعلوم أن الإسلام من البداءة التي يفترض وجودها في الأنبياء، وهم يتساوون فيها مع أقل أتباعهم من الآحاد، ولكن كما يراد إعظام الموصوف بالصفة العظيمة يراد إعظام الصفة بموصوفها العظيم، فاذا قلت: قرأت قصيدة للمتنبي الشاعر فليس المراد أن تمدح المتنبي بالشاعرية، لأن هذه الصفة، على عظمتها، لا يتميز بها، فإن أقل شاعر يوصف بها، ولكنك تمدح الشاعرية بأن يندرج في عداد المتسمين بها هذا الشاعر العظيم، ولهذا كان القائل في مديح النبي صلى اللّه عليه وسلم محسنا غاية الإحسان:
فلئن مدحت محمدا بقصيدتي ** فلقد مدحت قصيدتي بمحمد

وإلا فلو اقتصرنا على جعلها للمدح كما قرر الزمخشري وغيره لخرجنا على قانون البلاغة المألوف، وهو الترقي من الأدنى إلى الأعلى.
فكيف يتفق هذا مع ما ورد في القرآن لو لم يكن الغرض مدح الصفة بالموصوف، ألا ترى أن أبا الطيب المتنبي نفسه تزحزح عن مقام البلاغة الأسمى في قوله:
شمس ضحاها هلال ليلتها ** درّ تقاصيرها زبرجدها

فقد نزل عن الشمس إلى الهلال وعن الدرّ إلى الزبرجد، ومن ثم أخذ عليه النقاد القدامى هذه الهنة اليسيرة.

.الفوائد:

قواعد النسبة مبسوطة في كتب النحو، ولكن هناك أسماء كثيرة الاستعمال خالفت قواعد النسبة، فأحببنا أن نورد أكثرها استعمالا ليستظهرها الأديب، فوضعنا جدولا لبعض هذه الأسماء مرتبة على حروف الهجاء:
أنافي: نسبة إلى أنف كبير.
أموي: نسبة إلى أمية.
بهرانيّ: نسبة إلى بهراء، وهي قبيلة من بني قضاعة، كانت مساكنها في سهل حمص، وكانت تدين بالنصرانية شأن جاراتها تنوخ وتغلب.
بدوي: نسبة إلى بادية.
بحراني: نسبة إلى البحرين.
تهامي وتهام: نسبة إلى تهامة.
ثقفي: نسبة إلى ثقيف.
جذميّ: نسبة إلى جذيمة.
جلولي: نسبة إلى جلولاء، وهي مدينة في العراق على طريق خراسان، عند ما انتصر العرب على جيش ملك ساسان.
حروري: نسبة إلى حروراء، وهو موضع في العراق، غير بعيد عن الكوفة، اجتمع فيه الخوارج الأولون عند ما جهروا بالخروج على علي بن أبي طالب، فقاتلهم وأبادهم في وقعة النهروان.
حرميّ: بكسر الحاء، نسبة إلى الحرمين، أي: مسجدي مكة والمدينة.
حضرميّ: نسبة إلى حضرموت.
دهريّ بضم الدال: نسبة إلى دهر.
ديرانيّ: نسبة إلى دير.
روحانيّ: نسبة إلى روح.
رباني: نسبة إلى رب.
رقباني: نسبة إلى عظيم الرقبة.
رديني: نسبة إلى ردينة، وهو الرمح وردينة وهي امرأة اشتهرت بتقويم الرماح.
سليقي: نسبة إلى سليقة.
شآم: نسبة إلى الشام.
شعراني: نسبة إلى كثير الشعر.
صدراني: نسبة إلى كبير الصّدر.
صنعاني: نسبة إلى صنعاء.
طائيّ: نسبة إلى طيّء.
عبديّ: نسبة إلى بني عبيدة.
عبشمي: نسبة إلى عبد شمس.
عبدريّ: نسبة إلى عبد الدار.
يمان: نسبة إلى اليمن.
عبدلي: نسبة إلى عبد اللّه.
فرهوديّ: نسبة إلى فراهيد.
قرشي: نسبة إلى قريش.
كنتي: نسبة إلى كنت.
لحياني: نسبة إلى كبير اللحية.
مروزي: نسبة إلى مرو.
نباطي: نسبة إلى الأنباط.
ناصري: نسبة إلى الناصرة.

.[سورة المائدة: آية 45]

{وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)}.

.الإعراب:

{وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} الواو عاطفة وكتبنا فعل وفاعل، والفعل معطوف على {أنزلنا}، وعليهم متعلقان بكتبنا، والضمير في {عليهم} يعود للذين هادوا، وفيها متعلقان بمحذوف حال، والضمير يعود للتوراة، وأن واسمها، وبالنفس متعلقان بمحذوف خبرها، وأن وما بعدها في تأويل مصدر محذوف في محل نصب مفعول به لكتبنا، لأن الكتابة تقع عليه، أي: قتل النفس بالنفس، أي: مقتولة بالنفس، والعين بالعين عطف، أي: وفقء العين بفقء العين، وجدع الأنف بجدع الأنف، وصلم الأذن بصلم الأذن، وقلع السنّ بقلع السنّ.
وفي قراءة برفع هذه الأربعة على الابتداء والخبر {وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ} عطف أيضا. وقرئ بالرفع أيضا. والمراد بالجروح ما لا يمكن البتّ في الحكم فيه وأرى أن الأولى في الجروح الرفع ليكون {قصاص} خبره، والتفاصيل في المطولات {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} الفاء استئنافية، ومن اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ، وتصدق فعل ماض في محل جزم فعل الشرط، وبه متعلقان بتصدق، والفاء رابطة للجواب، وهو مبتدأ، وكفارة خبر، والجملة الاسمية المقترنة بالفاء في محل جزم جواب الشرط، وفعل الشرط وجوابه خبر «من» {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الواو عاطفة، ومن اسم شرط جازم مبتدأ، ولم حرف نفي وقلب وجزم، ويحكم فعل مضارع مجزوم بلم، وهو فعل الشرط، وبما جار ومجرور متعلقان بيحكم، وجملة أنزل اللّه صلة الموصول، فأولئك الفاء رابطة للجواب، واسم الاشارة مبتدأ، وهم مبتدأ ثان، والظالمون خبره، والجملة الاسمية {هم الظالمون} خبر أولئك، والجملة المقترنة بالفاء في محل جزم جواب الشرط، وفعل الشرط وجوابه خبر «من».

.[سورة المائدة: الآيات 46- 47]

{وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (47)}.

.اللغة:

{قَفَّيْنا} قفّى: أتى، وقفى فلان زيدا وبزيد: أتبعه إياه، ويقال: قفّيت على أثره بفلان: أي أتبعته إياه.
بين أبي حيان والزمخشري:
وقد ثارت مناقشة لطيفة بين الزمخشري وأبي حيان، وهذه خلاصتها: قال أبو حيّان على تضمين قفينا معنى جئنا، أي: ثم جئنا على آثارهم بعيسى بن مريم قافيا لهم. وليس التضعيف في {قفينا} للتعدية، وذلك لأن «قفا» يتعدّى لواحد، قال تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم}. وتقول: قفا فلان الأثر إذا اتبعه، فلو كان التضعيف للتعدي لتعدى إلى اثنين منصوبين، وكان يكون التركيب، ثم قفينا على آثارهم عيسى بن مريم، وكان يكون عيسى هو المفعول الأول، وآثارهم المفعول الثاني. لكنه ضمن معنى «جاء» وعدّي بالباء، وتعدى {إلى آثارهم} بعلى. هذه خلاصة ما قاله أبو حيان، وأطال في هذه المسألة ليرد على الزمخشري ما أعربه إذ قال ما نصه:
ما يقوله الزمخشري:
قفيته مثل عقبته إذا أتبعته، ثم يقال: قفيته بفلان وعقبته به، فتعديه إلى الثاني بزيادة الباء، فإن قلت: فأين المفعول الأول في الآية؟
قلت: هو محذوف، والظرف الذي هو {على آثارهم} كالساد مسدّه، لأنه إذا قفى به على أثره فقد قفى به إياه.
استطراد أبي حيّان:
واستطرد أبو حيان في الرد على الزمخشري فقال: وكلامه يحتاج إلى تأويل، وذلك أنه جعل «قفيّته» المضعف بمعنى «فقوته»، فيكون «فعّل» بمعنى «فعل»، نحو: قدّر اللّه وقدر اللّه، وهو أحد المعاني التي جاءت لها «فعل». ثم عداه بالباء، وتعدية المتعدي لمفعول بالباء لثان قلّ أن يوجد، حتى زعم بعضهم أنه لا يوجد، ولا يجوز. فلا يقال في: طعم زيد اللحم: أطعمت زيدا باللحم، والصحيح أنه جاء على قلة، تقول: دفع زيد عمرا، ثم تعديه بالباء فتقول: دفعت زيدا بعمرو، أي جعلت زيدا يدفع عمرا. وكذلك صكّ الحجر الحجر، ثم تقول: صككت الحجر بالحجر، أي جعلته يصكّه. وأما قوله: المفعول الأول محذوف والظرف كالسّاد مسدّه، فلا يتجه. لأن المفعول هو مفعول به صريح ولا يسد الظرف مسده.
إلى أن يقول: وقول الزمخشري: «فقد قفى به إياه» فصل الضمير، وحقه أن يكون متصلا.