فصل: الفوائد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الفوائد:

1- روي أن سراقة بن مالك أو عكاشة بن محصن قال:
يا رسول اللّه، الحج علينا كل عام؟ فأعرض عنه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، حتى أعاد مسألته ثلاث مرات. فقال صلى اللّه عليه وسلم: «ويحك ما يؤمنك أن أقول نعم! واللّه لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت ما استطعتم، ولو تركتم لكفرتم فاتركوني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بأمر فخذوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه».
2- أشياء: ممنوعة من الصرف، وقد خاض علماء اللغة والنحو في سبب منعها، ويتلخص مما أوردوه في المذاهب الآتية:
1- مذهب سيبويه والخليل وجمهور البصريين:
أنها منعت من الصرف لألف التأنيث الممدودة، وهي اسم جمع لـ«شيء» والأصل «شيئاء» بوزن فعلاء، فقدمت اللام على الألف كراهية اجتماع همزتين بينهما ألف.
2- مذهب الفرّاء:
وهو أن أشياء جمع لـ«شيء» وإن أصلها «أشيئاء»، فلما اجتمع همزتان بينهما ألف حذفوا الهمزة الأولى تخفيفا.
3- مذهب الكسائي:
فقد ذهب إلى أن وزن أشياء: أفعال، وإنما منعوا صرفه تشبيها له بما في آخره ألف التأنيث.
وهناك مذاهب أخرى أضربنا عنها لأنها لا تخرج عن هذه الفحوى.

.[سورة المائدة: آية 103]

{ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (103)}.

.اللغة:

{بَحِيرَةٍ}: بفتح الباء وكسر الحاء، فعيلة بمعنى مفعولة، ولحقتها التاء على غير قياس، لأنها جردت من الوصفية وأصبحت بمعنى الجوامد. وقد اختلف أهل اللغة فيها اختلافا كثيرا، وأقوى الأقوال فيها أن أهل الجاهلية كانوا إذا أنتجت الناقة خمسة أبطن، آخرها ذكر، شقّوا أذنها وحرموا ركوبها، ولا تطرد عن ماء ولا مرعى، وإذا لقيها المعيي لم يركبها، وهي تختلف باختلاف عادات العرب.
{سائِبَةٍ}: كان أهل الجاهلية يقول الرجل منهم: إذا قدمت من سفري أو برئت من مرضي فناقتي سائبة. وقيل: كان الرجل إذا أعتق عبدا قال: هو سائبة. فهي اسم فاعل من ساب يسيب أي: سرح، كسيّب الماء فهو مطاوع سيّبته، يقال: سيّبه فساب وانساب.
{وَصِيلَةٍ} وقد اختلفوا في معناها اختلافا شديدا لا يتسع له المقام، وأقرب ما قيل فيها أن الجاهلية كانوا إذا ولدت الشاة أنثى فهي لهم، وإن ولدت ذكرا فهو لآلهتهم، فهي فعيلة بمعنى فاعلة، فتاؤها على القياس.
{حامٍ}: اسم فاعل من حمى يحمي إذا منع، والخلاف شديد حولها فقد كانوا يقولون: إذا أنتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قد حمى ظهره، فلا يركب، ولا يحمل عليه، ولا يمنع من ماء، ولا مرعى. وكلها عادات لم يأمر اللّه بشيء منها، وما شرعها.

.الإعراب:

{ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ} كلام مستأنف مسوق لشجب عادات وأعمال من عاداتهم وأعمالهم مبتدعة، لم يأمر اللّه بها ولم يشرعها. وما نافية، وجعل بمعنى خلق، فهي تتعدى لواحد، أو بمعنى صيّر فتتعدى لاثنين، ويكون الثاني محذوفا، أي: صيرها مشروعة. واللّه فاعل، ومن حرف جر زائد، وبحيرة مجرورا لفظا مفعول به منصوب محلا، وما بعده عطف عليه {وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} الواو عاطفة أو حالية، ولكن واسمها، وجملة كفروا صلة الموصول لا محل لها.
وجملة يفترون خبر لكن، وعلى اللّه متعلقان بيفترون، والكذب مفعول به. والواو عاطفة أو حالية، وأكثرهم مبتدأ، وجملة لا يعقلون خبر أكثرهم.

.[سورة المائدة: الآيات 104- 105]

{وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ (104) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)}.

.الإعراب:

{وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ} الواو استئنافية أو عاطفة، وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط متعلق بالجواب الآتي، وجملة تعالوا في محل نصب مقول القول، والى ما أنزل اللّه الجار والمجرور متعلقان بتعالوا، وأنزل اللّه فعل وفاعل، والجملة صلة، والى الرسول عطف عليه {قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا} جملة قالوا لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم، وحسبنا مبتدأ، وما اسم موصول في محل رفع خبر، وجملة وجدنا لا محل لها لأنها صلة الموصول، وعليه متعلقان بوجدنا، وآباءنا مفعول به {أَوَ لَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} الهمزة للاستفهام الإنكاري التوبيخي، والواو عاطفة على مقدر، تقديره: أحسبهم ذلك؟ أو حالية، أي: ولو كان آباؤهم جهلة ضالين. ولو شرطية وجوابها محذوف تقديره: يقولون ذلك. وكان واسمها، وجملة لا يعلمون خبرها، وشيئا مفعول به، وجملة لا يهتدون عطف على جملة لا يعلمون {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} الجملة مستأنفة مسوقة لبيان أن كل إنسان مسئول عن نفسه، ولا يرد على هذا أن فيه مندوحة لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن ذلك مرهون بالطاقة.
قال صلى اللّه عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه». وعليكم اسم فعل أمر منقول بمعنى الزموا، وأنفسكم مفعول به لاسم الفعل {لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} الجملة مستأنفة، ولا نافية، يضركم فعل مضارع، والكاف مفعول به، ومن اسم موصول في محل رفع فاعل بضركم. وجملة ضل صلة الموصول، وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط متعلق بالجواب المقدر، أي: فلا يضركم، وجملة اهتديتم في محل جر بالإضافة {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} الجملة مستأنفة، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، ومرجعكم مبتدأ مؤخر، وجميعا حال، فينبئكم الفاء عاطفة، وينبئكم فعل وفاعل مستتر ومفعول به، وبما متعلقان بينبئكم، وجملة كنتم صلة الموصول، والتاء اسم كان، وجملة تعملون خبرها.

.الفوائد:

اختلف النحاة في الضمير المتصل بـ«عليكم» و«إليكم» و«لديكم» و«مكانكم»، والصحيح أنه في موضع جر، كما كان قبل أن تنقل الكلمة إلى الإغراء، فإما أن يكون مجرورا بالحرف نحو:
«عليكم» بحسب ما كان، أو بالإضافة نحو: «لديكم». وقيل: إن الكاف حرف خطاب، وهذا القول عندي أسهل، وقد أيده ابن بابشاذ، ونورد هنا تلخيصا هاما لأسماء الأفعال، فهي ضربان:
1- مرتجل: وهو ما وضع من أول الأمر كذلك، أي: اسما للفعل، كشتان وأفّ وصه.
2- منقول: وهو ما وضع من أول الأمر لغير اسم الفعل، ثم نقل من غيره إليه، وهو ثلاثة أنواع:
آ- من جار ومجرور نحو: عليك بمعنى الزم.
ب- من ظرف المكان نحو: دونك الكتاب، أي: خذه، ومكانك، أي: اثبت، وأمامك، أي: تقدم، ووراءك، أي: تنح.
ج- منقول من مصدر نحو: رويد خالدا، أي: أمهله، وبله هذا الأمر، أي: دعه.
قال يصف السيوف:
تذر الجماجم ضاحيا هاماتها ** بله الأكفّ كأنها لم تخلق

واستعمله أبو الطيب المتنبي فقال:
أقلّ فعالي بله أكثره مجد ** وذا الجد فيه نلت أم لم أنل جدّ

ولأسماء الأفعال تفاصيل أخرى يرجع إليها في مظانها.

.[سورة المائدة: الآيات 106- 108]

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (106) فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (107) ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (108)}.

.اللغة:

{ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} أي: سافرتم.
{الْأَوْلَيانِ}: مثنى الأولى، أي: الأحق بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما.

.الإعراب:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ} كلام مستأنف مسوق لبيان أحكام تتعلق بأمور الدنيا بعد بيان الأحوال المتعلقة بأمور الآخرة. وشهادة مبتدأ، وبينكم مضاف اليه، وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط متعلق بالجواب المحذوف، أي: فشهادة اثنين، وجملة حضر أحدكم الموت في محل جر بالإضافة، وحين الوصية ظرف متعلق بحضر، واثنان خبر شهادة، ولابد من تقدير مضاف محذوف، وذلك ليتطابق المبتدأ والخبر، وذلك لأن الشهادة لا تكون هي الاثنان، إذ الجثة لا تكون خبرا عن المصدر. وجوّز الزمخشري أن تكون شهادة مبتدأ، والخبر محذوف، أي: فيما فرض عليكم شهادة، واثنان فاعل بشهادة، أي: أن يشهد اثنان. وهذا ما جرى عليه ابن هشام أيضا. وذوا عدل صفة لـ{اثنان}، ومنكم صفة أيضا {أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} أو حرف عطف، وآخران عطف على {اثنان}، ومن غيركم متعلقان بمحذوف صفة لـ{آخران} أي: من غير ملتكم، وإن شرطية، وأنتم فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده، وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله، أي: فالشاهدان آخران، وجملة ضربتم مفسرة لا محل لها، وفي الأرض متعلقان بضربتم، وجملة الشرط معترضة لا محل لها {فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ} الفاء عاطفة للترتيب مع التعقيب، وأصابتكم عطف على ضربتم، ومصيبة الموت فاعل أصابتكم، وتحبسونهما فعل مضارع ومفعول به، وقد اختلفوا في موضع هذه الجملة، والأظهر أنها صفة لـ{آخران}.
وقال الزمخشري: «فإن قلت: ما موضع تحبسونهما؟ قلت: هو استئناف كلام: كأنه قيل بعد اشتراط العدالة فيهما: فكيف نعمل إن ارتبنا بهما؟ فقيل: تحبسونهما». وعقب أبو حيّان على ذلك فقال:
وما قاله الزمخشري من الاستئناف أظهر من الوصف لطول الفصل بالشرط والمعطوف عليه بين الموصوف وصفته، ولا موجب لهذا الزعم.
ومن بعد الصلاة متعلقان بتحبسونهما {فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى} الفاء عاطفة، ويقسمان عطف على تحبسونهما، وباللّه متعلقان بيقسمان، وإن شرطية، وارتبتم فعل وفاعل في محل جزم فعل الشرط، والجواب محذوف دل عليه ما قبله، وتقديره: إن ارتبتم فيهما فحلفوهما. وفعل الشرط وجوابه المقدر جملة لا محل لها لأنها معترضة بين القسم وجوابه، وليست هذه الآية مما اجتمع فيه شرط وقسم فأجيب بالمتقدم منهما، وحذف جواب الآخر لدلالة جواب الشرط عليه، لأن تلك المسألة مشروطة بأن يكون القسم صالحا لأن يكون جوابا للشرط، حتى يسدّ مسد جوابه، نحو: واللّه إن تزرني لأكرمنّك، لأنك إن قدّرت: «إن تزرني أكرمك» صح، وهنا لا يقدر جواب الشرط ما هو جواب للقسم، بل يقدر جوابه قسما برأسه. ألا ترى أن تقديره هنا: «إن ارتبتم فحلفوهما»، ولو قدرته غير ذلك لم يصحّ! وقال آخرون: إن ثمّ قولا محذوفا تقديره: فيقسمان باللّه ويقولان هذا القول في أيمانهما.
والعرب تضمر كثيرا القول، كقوله تعالى: {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام}، أي: يقولون: «سلام عليكم»، ولا نافية، ونشتري فعل مضارع مرفوع، والجملة لا محل لها لأنها جواب القسم، وبه متعلقان بنشتري، وثمنا مفعول به، والواو حالية، ولو شرطية، وكان فعل ماض ناقص، واسمها مستتر، أي: المقسم له، وذا قربى خبر كان، وجواب «لو» محذوف دل عليه ما قبله، أي:
فلا نشتري به، وجملة لو الشرطية وما في حيزها في محل نصب حال {وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ} الواو عاطفة، وجملة لا نكتم عطف على منتظم معه في حكم القسم، وشهادة اللّه مفعول به، وإن واسمها، وإذن حرف جواب وجزاء مهملة، واللام المزحلقة، ومن الآثمين متعلقان بمحذوف خبر إن، وجملة إن وما في حيزها لا محل لها بمثابة التعليل لعدم الكتمان {فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا} الفاء استئنافية، وإن شرطية، وعثر فعل ماض مبني للمجهول في محل جزم فعل الشرط، وعلى أنهما جار ومجرور نائب فاعل، أي: فإن اطلع على استحقاقهما الإثم، وأن واسمها، وجملة استحقا في محل رفع خبر أن، والألف فاعل استحقا، وإثما مفعول استحقا {فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ} الفاء رابطة لجواب الشرط، وآخران مبتدأ، ساغ الابتداء به لأنه وصف، أو هو خبر لمبتدأ محذوف، وجملة يقومان في محل رفع خبر على الأول أو صفة على الثاني، ومقامهما مفعول مطلق، ومن الذين صفة لـ{آخران} وجملة استحق لا محل لها لأنها صلة الموصول، وعليهم متعلقان باستحق، والأوليان خبر لمبتدأ محذوف، أي: هما الأوليان، أو فاعل استحق، وجملة فآخران في محل جزم جواب الشرط {فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما} الفاء عاطفة، ويقسمان فعل مضارع مرفوع عطفا على يقومان، والألف فاعل، وباللّه متعلقان بيقسمان، واللام واقعة في جواب القسم، وشهادتنا مبتدأ، وأحق خبر، ومن شهادتهما متعلقان بأحق، وجملة شهادتنا لا محل لها لأنها واقعة في جواب القسم {وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} الواو استئنافية، وما نافية، واعتدينا فعل ماض وفاعل، وإن واسمها، وإذن حرف جواب وجزاء مهمل، ومن الظالمين خبر إن، والجملة تعليلية لا محل لها {ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها} اسم الإشارة مبتدأ، وأدنى خبر، والجملة مستأنفة، وأن وما بعدها في تأويل مصدر مضاف لأدنى، وبالشهادة متعلقان بيأتوا، وعلى وجهها متعلقان بمحذوف حال {أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ} أو حرف عطف، ويخافوا عطف على يأتوا، وأن وما بعدها في تأويل مصدر مفعول ليخافوا، وأيمان نائب فاعل ترد، والظرف بعد متعلق بـ{ترد}، وأيمانهم مضاف إليه {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ} الواو استئنافية، واتقوا اللّه فعل أمر وفاعل ومفعول به، واسمعوا عطف على اتقوا، والواو استئنافية واللّه مبتدأ، وجملة لا يهدي خبر، والقوم مفعول به، والفاسقين صفة للقوم.

.الفوائد:

هذه الآيات الثلاث شغلت المفسرين والمعربين كثيرا فأطالوا الحديث، وليس ثمة ما يستدعي الإطالة، فقد ذكر مكي بن أبي طالب في كتابه المسمى بـ«الكشف» أن هذه الآيات في قراءاتها وإعرابها وتفسيرها ومعانيها وأحكامها من أصعب آي القرآن. وقال السخاوي:
لم أر أحدا من العلماء تخلص كلامه فيها من أولها إلى آخرها. وقال السمين الحلبي: وأنا أستعين اللّه في توجيه إعرابها واشتقاق مفرداتها وتصريف كلماتها وقراءاتها ومعرفة تأليفها، وأما بقية علومها فنسأل اللّه العون في تهذيبه. وقد حاولنا نحن الاختصار جهد الطاقة، واكتفينا بقراءة حفص، أما بقية أحكامها فلابد من النظر في كتب الحديث وكتب التفسير المطوّلة.