فصل: من فوائد ابن العربي في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وَالثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى جَوَازِ الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً وَأَنَّ مَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ.
وَالتَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى نَفْيِ فَرْضِ الِاسْتِنْجَاءِ، وَعَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ مَعَ تَرْكِهِ، وَعَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَ الِاسْتِنْجَاءَ مِنْ الرِّيحِ.
وَالثَّلَاثُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَ غَسْلَ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ، وَأَنَّهُ إنْ أَدْخَلَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهُمَا لَمْ يُجْزِهِ الْوُضُوءُ.
وَالْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى أَنَّ مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ لَيْسَ بِفَرْضٍ، وَبُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ أَجَازَ الْمَسْحَ عَلَيْهِمَا مَا دُونَ الرَّأْسِ.
وَالثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى جَوَازِ تَفْرِيقِ الْوُضُوءِ بِإِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِالْغَسْلِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ حَصَلَ.
وَالثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مُوجِبِي التَّرْتِيبِ فِي الْوُضُوءِ.
وَالرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: اقْتِضَاؤُهَا لِإِيجَابِ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ.
وَالْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى اقْتِضَاءِ هَذَا اللَّفْظِ لِمَنْ سُمِّيَ بِهِ اجْتِنَابُ أَشْيَاءَ، إذَا كَانَتْ الْجَنَابَةُ مِنْ مُجَانَبَةِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ اجْتِنَابَهُ، وَهُوَ مَا قَدْ بُيِّنَ حُكْمُهُ فِي غَيْرِهَا.
وَالسَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى اسْتِيعَابِ الْبَدَنِ كُلِّهِ بِالْغُسْلِ وَوُجُوبِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِيهِ بِقَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}.
وَالسَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى أَنَّهُ مَتَى طَهُرَ بَدَنُهُ اسْتَبَاحَ الصَّلَاةَ وَأَنَّ الْوُضُوءَ لَيْسَ بِفَرْضٍ فِيهِ.
وَالثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ إيجَابُ التَّيَمُّمِ لِلْحَدَثِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَالتَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ: جَوَازُهُ لِلْمَرِيضِ إذَا خَافَ ضَرَرَ الْمَاءِ.
وَالْأَرْبَعُونَ جَوَازُ التَّيَمُّمِ لِغَيْرِ الْمَرِيضِ إذَا خَافَ ضَرَرَ الْبَرْدِ؛ إذْ كَانَ الْمَعْنَى فِي الْمَرَضِ مَفْهُومًا وَهُوَ أَنَّهُ خَوْفُ الضَّرَرِ.
وَالْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ؛ إذْ كَانَ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ} يَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ.
وَالثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: احْتِمَالُهَا إيجَابَ الْوُضُوءِ مِنْ مَسَّ الْمَرْأَةِ؛ إذْ كَانَ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ لَامَسْتُمْ} يَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ.
وَالثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى أَنَّ مَنْ خَافَ الْعَطَشَ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ؛ إذْ كَانَ فِي مَعْنَى الْخَائِفِ لِضَرَرِ الْمَاءِ بِاسْتِعْمَالِهِ، وَهُوَ الْمَرِيضُ وَالْمَجْرُوحُ.
وَالرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى أَنَّ النَّاسِيَ لِلْمَاءِ فِي رَحْلِهِ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ،؛ إذْ هُوَ غَيْرُ وَاجِدٍ لِلْمَاءِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى شَرَطَ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ عِنْدَ وُجُودِهِ.
وَالْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى أَنَّ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ لِوُضُوئِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ، لِأَنَّهُ أَمَرَ بِغَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} يَعْنِي مَا يَكْفِي لِغَسْلِهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ مِنْ فَرْضِهِ التَّيَمُّمَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الْمَاءِ غَيْرُ مُرَادٍ.
وَالسَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: احْتِمَالُهَا لِاسْتِدْلَالِ مَنْ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}.
فَذَكَرَ عَدَمَ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ، إذْ كَانَ نَكِرَةً فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ، فَإِذَا وَجَدَ قَلِيلًا لَمْ يَجُزْ الِاقْتِصَارُ عَلَى التَّيَمُّمِ.
وَالسَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى سُقُوطِ فَرْضِ الطَّلَبِ وَبُطْلَانِ قَوْلِ مُوجِبِهِ،؛ إذْ كَانَ الْوُجُودُ أَوْ الْعَدَمُ لَا يَقْتَضِيَانِ طَلَبًا، فَمُوجِبُ الطَّلَبِ زَائِدٌ فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا.
وَالثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى أَنَّ مَنْ خَافَ ذَهَابَ الْوَقْتِ إنْ تَوَضَّأَ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ،؛ إذْ كَانَ وَاجِدًا لِلْمَاءِ، لِأَمْرِهِ تَعَالَى إيَّانَا بِالْغَسْلِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاغْسِلُوا} مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْوَقْتِ.
وَالتَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى أَنَّ الْمَحْبُوسَ الَّذِي لَا يَجِدُ الْمَاءَ وَلَا تُرَابًا نَظِيفًا أَنَّهُ لَا يُصَلِّي، لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ بِأَحَدِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْآيَةِ مِنْ مَاءٍ أَوْ تُرَابٍ.
وَالْخَمْسُونَ: احْتِمَالُهَا لِجَوَازِ التَّيَمُّمِ لِلْمَحْبُوسِ إذَا وَجَدَ تُرَابًا نَظِيفًا.
وَالْحَادِي وَالْخَمْسُونَ جَوَازُ التَّيَمُّمِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ،؛ إذْ لَمْ يَحْصُرْهُ بِوَقْتٍ وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ بِعَدَمِ الْمَاءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}.
وَالثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى جَوَازِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ يَجِدْ الْمَاءَ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} ثُمَّ قَوْلُهُ فِي سِيَاقِهِ: {فَتَيَمَّمُوا} فَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَمَرَ بِهَا بِالْوُضُوءِ، فَلَمَّا لَمْ تَقْتَضِ الْآيَةُ تَكْرَارَ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ لَمْ تَقْتَضِ تَكْرَارَ التَّيَمُّمِ.
وَالثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى أَنَّ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ الْوُضُوءَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ دَلَالَتِهَا عَلَى ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ.
وَالرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ مَسْحُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ وَاسْتِيعَابُهُمَا بِهِ.
وَالْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ مَسْحُ الْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ لِاقْتِضَاءِ قَوْله تَعَالَى: {وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ} إيَّاهَا، وَأَنَّ مَا فَوْقَ الْمِرْفَقَيْنِ إنَّمَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ.
وَالسَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ: جَوَازُهُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ الْأَرْضِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} وَالصَّعِيدُ الْأَرْضُ.
وَالسَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ بُطْلَانُ التَّيَمُّمِ بِالتُّرَابِ النَّجِسِ لِقَوْلِهِ تعالى: {طَيِّبًا} وَالنَّجِسُ لَيْسَ بِطَيِّبٍ.
وَالثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ: وُجُوبُ النِّيَّةِ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّيَمُّمَ الْقَصْدُ وَالثَّانِي: قَوْله تَعَالَى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ دَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَهُ يَكُونُ مِنْ الْأَرْضِ حَتَّى يَتَّصِلَ بِالْوَجْهِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ، وَأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ لِشَيْءٍ آخَرَ يَقْطَعُ حُكْمَ النِّيَّةِ وَيُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ.
وَالتَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ: احْتِمَالُهَا لِإِصَابَةِ بَعْضِ التُّرَابِ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، لِقَوْلِهِ: {مِنْهُ} وَهُوَ لِلتَّبْعِيضِ.
وَالسِّتُّونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ أَجَازَ التَّيَمُّمَ بِالثَّلْجِ وَالْحَشِيشِ؛ إذْ لَيْسَا مِنْ الصَّعِيدِ.
وَالْوَاحِدُ وَالسِّتُّونَ: دَلَالَةُ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ} عَلَى إيجَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلَيْنِ وَأَنَّ دَمَ الِاسْتِحَاضَةِ وَسَلِسَ الْبَوْلِ وَالْمَذْيَ وَنَحْوَهَا تُوجِبُ الْوُضُوءَ؛ إذْ كَانَ الْغَائِطُ وَهُوَ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ يُؤْتَى لِكُلِّ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي وَالسِّتُّونَ: دَلَالَةُ قَوْله تَعَالَى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} عَلَى جَوَازِ الْغَسْلِ بِسَائِرِ الْمَائِعَاتِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَيَسْتَدِلُّ بِهِ أَيْضًا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَلَى جَوَازِهِ بِالْخَلِّ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ وَيَسْتَدِلُّ بِهِ أَيْضًا عَلَى جَوَازِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ الَّذِي خَالَطَهُ شَيْءٌ مِنْ الطَّاهِرَاتِ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى الْمَاءِ مِثْلُ مَاءِ الْوَرْدِ وَاللَّبَنِ وَالْخَلِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَالثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ: دَلَالَةُ قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} عَلَى جَوَازِهِ بِالنَّبِيذِ؛ إذْ كَانَ فِي النَّبِيذِ مَاءٌ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ لَنَا التَّيَمُّمَ عِنْدَ عَدَمِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْمَاءِ لِذِكْرِهِ إيَّاهُ بِلَفْظٍ مَنْكُورٍ، وَيَسْتَدِلُّ بِهِ أَيْضًا مَنْ يُجِيزُ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ الْمُضَافِ كَالْمَرَقِ وَخَلِّ التَّمْرِ وَنَحْوِهِ؛ إذْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ.
وَالرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ: دَلَالَتُهَا لِمَنْ يَمْنَعُ الْمُسْتَحَاضَةَ صَلَاتَيْ فَرْضٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ عَلَى لُزُومِ إعَادَةِ الْوُضُوءِ لِفَرْضٍ ثَانٍ، لِقَوْلِهِ: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ} فَقَدْ رُوِيَ: «إذَا قُمْتُمْ وَأَنْتُمْ مُحْدِثُونَ» وَهِيَ مُحْدِثَةٌ، لِوُجُودِ الْحَدَثِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ.
وَالْخَامِسُ وَالسِّتُّونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى امْتِنَاعِ جَوَازِ فَرْضَيْنِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ كَدَلَالَتِهَا فِي الِاسْتِحَاضَةِ؛ إذْ كَانَ التَّيَمُّمُ غَيْرَ رَافِعٍ لِلْحَدَثِ، فَهُوَ مَتَى أَرَادَ الْقِيَامَ إلَى الصَّلَاةِ قَامَ إلَيْهَا وَهُوَ مُحْدِثٌ.
وَالسَّادِسُ وَالسِّتُّونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} وَقَوْلِهِ: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ} إلَى قَوْلِهِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} فَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ دُلُوكِهَا، وَأَمَرَ بِتَقْدِيمِ الطَّهَارَةِ لَهَا بِالْمَاءِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا أَوْ التُّرَابِ إذَا كَانَ مَعْدُومًا؛ فَاقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازَ التَّيَمُّمِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقَبْلَ الْوَقْتِ، كَمَا اقْتَضَى جَوَازَ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَفِي أَوَّلِهِ.
وَالسَّابِعُ وَالسِّتُّونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى امْتِنَاعِ جَوَازِ التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ لِلْمَحْبُوسِ وَجَوَازِ الصَّلَاةِ بِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ} إلَى قَوْلِهِ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} فَشَرَطَ فِي إبَاحَةِ التَّيَمُّمِ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْمَرَضُ، وَالْآخَرُ: السَّفَرُ مَعَ عَدَمِ الْمَاءِ؛ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا وَكَانَ مُقِيمًا إلَّا أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ بِحَبْسٍ، فَغَيْرُ جَائِزٍ صَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهُوَ غَيْرُ وَاجِدٍ لِلْمَاءِ وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا.
قِيلَ لَهُ: هُوَ كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ شَرَطَ فِي جَوَازِهِ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: السَّفَرُ الَّذِي الْأَغْلَبُ فِيهِ عَدَمُ الْمَاءِ، وَالثَّانِي: عَدَمُهُ؛ وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ التَّيَمُّمُ وَجَوَازُ الصَّلَاةِ بِتَعَذُّرِ وُجُودِ الْمَاءِ لِلْحَالِ الْمُوجِبَةِ لِذَلِكَ وَهُوَ السَّفَرُ لَا فِي الْحَضَرِ الَّذِي الْمَاءُ فِيهِ مَوْجُودٌ فِي الْأَغْلَبِ، وَإِنَّمَا حَصَلَ الْمَنْعُ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ مِنْ غَيْرِ حَالِ الْعَادَةِ فِيهَا، وَالْغَالِبُ مِنْهَا عَدَمُهُ.
وَالثَّامِنُ وَالسِّتُّونَ: دَلَالَةُ قَوْلِهِ: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} عَلَى نَفْيِ كُلِّ مَا أَوْجَبَ الْحَرَجَ، وَالِاحْتِجَاجُ بِهِ عِنْدَ وُقُوعِ الْخِلَافِ عَلَى مُنْتَحِلِي مَذْهَبِ التَّضْيِيقِ؛ فَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْعَطَشِ فَيَحْبِسُهُ لِشُرْبِهِ؛ إذْ كَانَ فِيهِ نَفْيُ الضِّيقِ وَالْحَرَجِ، وَعَلَى نَفْيِ إيجَابِ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ فِي الطَّهَارَةِ، وَعَلَى نَفْيِ إيجَابِ النِّيَّةِ فِيهَا، وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ.
وَالتَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ: دَلَالَةُ قَوْلِهِ: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} عَلَى أَنَّ الْمَقْصِدَ حُصُولُ الطَّهَارَةِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ حَصَلَتْ مِنْ تَرْتِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمِنْ مُوَالَاةٍ أَوْ تَفْرِيقٍ، وَمِنْ وُجُوبِ نِيَّةٍ أَوْ عَدَمِهَا، وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ.
وَالسَّبْعُونَ: دَلَالَةُ قَوْلِهِ: {فَاطَّهَّرُوا} عَلَى سُقُوطِ اعْتِبَارِ تَقْدِيرِ الْمَاءِ؛ إذْ كَانَ الْمُرَادُ التَّطْهِيرَ، وَعَلَى أَنَّ اغْتِسَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّاعِ غَيْرُ مُوجِبٍ اعْتِبَارَهُ.
وَالْوَاحِدُ وَالسَّبْعُونَ: أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {فَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَسْحُ بِالْمَاءِ؛ إذْ الْمَسْحُ لَا يَقْتَضِي مَاءً، فَلَمَّا قَالَ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَسْحُهُ بِالْمَاءِ.
فَهَذِهِ وُجُوهُ دَلَالَاتِ هَذِهِ الْآيَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى الْمَعَانِي وَضُرُوبِ الْأَحْكَامِ، مِنْهَا نُصُوصٌ وَمِنْهَا احْتِمَالٌ فِي الطَّهَارَةِ الَّتِي يَجِبُ تَقْدِيمُهَا أَمَامَ الصَّلَاةِ وَشُرُوطُهَا الَّتِي تَصِحُّ بِهَا.
وَعَسَى أَنْ يَكُونَ كَثِيرٌ مِنْ دَلَائِلِهَا وَضُرُوبِ احْتِمَالِهَا مِمَّا لَمْ يَبْلُغْهُ عِلْمُنَا مَتَى بُحِثَ عَنْهَا وَاسْتُقْصِيَ النَّظَرُ فِيهَا أَدْرَكَهَا مَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهَا؛ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. اهـ.

.من فوائد ابن العربي في الآية:

قال رحمه الله:
قَوْله تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ...} الآية.
فِيهَا اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ مَسْأَلَةً:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ أَعْظَمِ آيَاتِ الْقُرْآنِ مَسَائِلَ وَأَكْثَرِهَا أَحْكَامًا فِي الْعِبَادَاتِ، وَبِحَقِّ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا شَطْرُ الْإِيمَانِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوُضُوءُ شَطْرُ الْإِيمَانِ»، فِي صَحِيحِ الْخَبَرِ عَنْهُ.
وَلَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّ فِيهَا أَلْفَ مَسْأَلَةٍ، وَاجْتَمَعَ أَصْحَابُنَا بِمَدِينَةِ السَّلَامِ فَتَتَبَّعُوهَا فَبَلَّغُوهَا ثَمَانَمِائَةِ مَسْأَلَةٍ، وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُبَلِّغُوهَا الْأَلْفَ، وَهَذَا التَّتَبُّعُ إنَّمَا يَلِيقُ بِمَنْ يُرِيدُ تَعْرِيفَ طُرُقِ اسْتِخْرَاجِ الْعُلُومِ مِنْ خَبَايَا الزَّوَايَا، وَاَلَّذِي يَلِيقُ الْآنَ فِي هَذِهِ الْعُجَالَةِ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ الِانْتِدَابُ إلَى انْتِزَاعِ الْجَلِيِّ وَأَنْ نَتَعَرَّضَ لِمَا يَسْنَحُ خَاصَّةً مِنْ ظَاهِرِ مَسَائِلِهَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ، كَمَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْوُضُوءَ كَانَ مَفْعُولًا قَبْلَ نُزُولِهَا غَيْرُ مَتْلُوٍّ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنَّ الْوُضُوءَ كَانَ بِمَكَّةَ سُنَّةً، مَعْنَاهُ كَانَ مَفْعُولًا بِالسُّنَّةِ، فَأَمَّا حُكْمُهُ فَلَمْ يَكُنْ قَطُّ إلَّا فَرْضًا.