فصل: إِنْجِيلُ يُوحَنَّا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ثُمَّ قَالَ مَا نَصُّهُ: «قَدْ أَغْفَلَ مَتَّى وَمُرْقُسُ بَعْضَ حَوَادِثَ وَأُمُورٍ تَتَعَلَّقُ بِسِيرَةِ الْمَسِيحِ، وَقَامَ بَعْضُ الْكَتَبَةِ وَاخْتَلَقُوا تَرْجَمَةً مُمَوَّهَةً لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَكَثِيرًا مَا فَاتَهُمْ فِيهَا الرِّوَايَةُ وَالتَّدْقِيقُ؛ فَبَعَثَ ذَلِكَ بِلُوقَا عَلَى وَضْعِ إِنْجِيلِهِ ضَنًّا بِالْحَقِّ، فَكَتَبَهُ بِالْيُونَانِيَّةِ، وَجَاءَ كَلَامُهُ أَصَحَّ وَأَفْصَحَ وَأَشَدَّ انْسِجَامًا مِنْ كَلَامِ بَاقِي مُؤَلِّفِي الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى أَنَّهُ كَتَبَ إِنْجِيلَهُ فِي السَّنَةِ 53 لِلْمَسِيحِ، وَقِيلَ بَلْ سَنَةَ 51».
ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي كَتَبَهُ فِيهِ، وَبَيَّنَ غَرَضَهُ مِنْهُ فَقَالَ فِي آخِرِهِ: «وَأَنْ يَكْشِفَ النِّقَابَ عَنِ الْأَغْلَاطِ الْمَدْخُولَةِ فِي تَرَاجِمِ حَيَاةِ الْمَسِيحِ الْمُمَوَّهَةِ؛ أَيِ الْأَنَاجِيلِ الَّتِي رَدَّتْهَا الْكَنِيسَةُ بَعْدُ، وَيَنْفِيَ كُلَّ رُكُونِ إِلَيْهَا»، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ إِنْجِيلَيْ مَتَّى وَمُرْقُسَ، وَأَنَّهُ اقْتَبَسَ مِنْهُمَا مَا وَافَقَهُمَا فِيهِ، ثُمَّ عَقَدَ فَصْلًا لِمَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَى مَا حَذَفُوهُ وَأَسْقَطُوهُ مِنْ هَذَا الْإِنْجِيلِ؛ لِأَنَّهُمْ رَأَوْهُ لَا يَلِيقُ بِالْمَسِيحِ، أَوْ لِعِلَّةٍ أُخْرَى.
وَقَالَ الدُّكْتُورُ بوستُ فِي قَامُوسِهِ: ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ- أَيْ لُوقَا- مَوْلُودٌ فِي أَنْطَاكِيَةَ، إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ نَاتِجٌ مَنِ اشْتِبَاهِهِ بِلُوكْيُوسَ.
قَالَ: وَمِنْ تَغْيِيرِ صِيغَةِ الْغَائِبِ إِلَى صِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي سِيَاقِ الْقِصَّةِ يُسْتَدَلُّ أَنَّ لُوقَا اجْتَمَعَ مَعَ بُولَسَ فِي تِرْوَاسَ (أَعِ 16: 1) وَذَهَبَ مَعَهُ إِلَى فِيلْبِي فِي سَفَرِهِ الثَّانِي، ثُمَّ اجْتَمَعَ مَعَهُ ثَانِيَةً فِي فِيلْبِي بَعْدَ عِدَّةِ سِنِينَ (أَعِ 20: 5 و6) وَبَقِيَ مَعَهُ إِلَى أَنْ أُسِرَ وَأُخِذَ إِلَى رُومِيَّةَ (أَعِ 28: 30) وَلَمْ يُعْلَمْ شَيْءٌ مِنْ حَيَاتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
فَلْيَنْظُرِ الْقَارِئُ كَيْفَ يَسْتَنْبِطُونَ تَارِيخَهُ مِنْ أُسْلُوبِ عِبَارَتِهِ الَّتِي لَمْ تَصِلْ إِلَيْهِمْ بِسَنَدٍ مُتَّصِلٍ، لَا صَحِيحَ وَلَا ضَعِيفَ، كَمَا اسْتَدَلُّوا عَلَى كَوْنِهِ إِيطَالِيًّا لَا فِلَسْطِينِيًّا مِنْ كَلَامِهِ عَنِ الْقُطْرَيْنِ؛ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ نَقْلٌ يَعْرِفُونَ بِهِ شَيْئًا عَنْ مُؤَسِّسِي دِينِهِمْ.
ثُمَّ قَالَ: «وَظَنَّ الْبَعْضُ أَنَّ لَفْظَةَ (إِنْجِيلَيْ) الْوَارِدَةَ فِي (2: تِي 2: 8) تَدُلُّ عَلَى أَنَّ بُولَسَ أَلَّفَ إِنْجِيلَ لُوقَا، وَأَنَّ لُوقَا لَمْ يَكُنْ إِلَّا كَاتِبًا».
ثُمَّ قَالَ: «وَقَدْ كُتِبَ هَذَا الْإِنْجِيلُ قَبْلَ خَرَابِ أُورْشَلِيمَ وَقَبْلَ الْأَعْمَالِ، وَيُرَجَّحُ أَنَّهُ كُتِبَ فِي قَيْصَرِيَّةَ فِي فِلَسْطِينَ مُدَّةَ أَسْرِ بُولَسَ سَنَةَ 58- 60م، غَيْرَ أَنَّ الْبَعْضَ يَظُنُّونَ أَنَّهُ كُتِبَ قَبْلَ ذَلِكَ» انْتَهَى.
فَأَنْتَ تَرَى مِنَ التَّعْبِيرِ بِلَفْظِ التَّرْجِيحِ وَالظَّنِّ، وَمِنَ الْخِلَافِ بَيْنَ سَنَةِ 51 و53، كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ و58 و60، كَمَا أَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَ الْقَوْمِ بِشَيْءٍ {وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} (2: 78) وَلَعَلَّ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ بُولَسَ هُوَ الَّذِي كَتَبَ هَذَا الْإِنْجِيلَ هُمُ الْمُصِيبُونَ؛ لِمُشَابِهَةِ أُسْلُوبِهِ لِأُسْلُوبِ رَسَائِلِهِ، بِاعْتِرَافِهِمْ. فَإِنْ قِيلَ: وَمَا تَفْعَلُ بِتَحْرِيفِهِ؟ قُلْتُ: هُوَ كَتَحْرِيفِهَا، وَتَجِدُ فِيهِ مِثْلَ مَا تَجِدُ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ وَضْعِ بَعْضِ النَّاسِ لِأَنَاجِيلَ كَاذِبَةٍ، وَمَنْ لَنَا بِدَلِيلٍ يُثْبِتُ لَنَا صِدْقَهُ هُوَ؟ وَأَنَّى لَنَا بِتَمْيِيزِ هَذِهِ الْأَنَاجِيلِ، وَمَعْرِفَةِ صَادِقِهَا مَنْ كَاذِبِهَا؟

.إِنْجِيلُ يُوحَنَّا:

تَقُولُ النَّصَارَى: إِنَّ يُوحَنَّا هَذَا هُوَ تِلْمِيذُ الْمَسِيحِ ابْنُ زُبْدَى وَسَالُومَهْ، وَيَقُولُ أَحْرَارُ الْمُؤَرِّخِينَ مِنْهُمْ غَيْرَ ذَلِكَ، كَمَا فِي دَائِرَةِ الْمَعَارِفِ الْفَرَنْسِيَّةِ. وَيُرَجِّحُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مِنْ تَلَامِيذِ بُولَسَ أَيْضًا، وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِي تَارِيخِ كِتَابَتِهِ، وَهِيَ 64 و94 و97، وَأَنَّهُ كَتَبَهُ بِالْيُونَانِيَّةِ لِيُثْبِتَ أُلُوهِيَّةَ الْمَسِيحِ، وَيَسُدَّ النَّقْصَ الَّذِي فِي الْأَنَاجِيلِ الثَّلَاثَةِ «إِجَابَةً لِرَغْبَةِ أَكْثَرِ الْأَسَاقِفَةِ وَنُوَّابِ كَنَائِسِ آسْيَا، وَإِلْحَاحِهِمْ عَلَيْهِ أَنْ يَبْقَى مِنْ بَعْدِهِ ذِكْرًا مُخَلَّدًا»، وَمَفْهُومُ هَذَا أَنَّهُ لَوْلَا هَذَا الْإِلْحَاحُ لَمْ يَكْتُبْ مَا كَتَبَ، وَإِذًا لَبَقِيَتْ أَنَاجِيلُهُمْ نَاقِصَةً، وَخَلَوْا مِنْ شُبْهَةٍ عَلَى عَقِيدَتِهِمُ الْمُعَقَّدَةِ الَّتِي لَا تُعْقَلُ؛ إِذْ لَا تَجِدُ الشُّبْهَةَ عَلَيْهَا إِلَّا فِي هَذَا الْإِنْجِيلِ الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ الْأَنَاجِيلِ تَنَاقُضًا، وَنَاهِيكَ بِجَمْعِهِ بَيْنَ الْوَثَنِيَّةِ وَالتَّوْحِيدِ، وَقَوْلِهِ عَنِ الْمَسِيحِ إِنَّهُ إِنْ كَانَ يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ فَشَهَادَتُهُ حَقٌّ، ثُمَّ قَوْلِهِ عَنْهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إِنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ فَشَهَادَتُهُ لَيْسَتْ حَقًّا، إِلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ.
وَقَالَ الدُّكْتُورُ بوستُ: «وَيُظَنُّ أَنَّهُ كُتِبَ فِي أَفْسَسَ بَيْنَ سَنَةِ 70 و95 ثُمَّ قَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى عُلَمَاءِ أُورُبَّا الْأَحْرَارِ مَا نَصُّهُ:» وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ الْكُفَّارِ قَانُونِيَّةَ هَذَا الْإِنْجِيلِ؛ لِكَرَاهَتِهِمْ تَعْلِيمَهُ الرُّوحِيَّ، وَلاسيما تَصْرِيحَهُ الْوَاضِحَ بِلَاهُوتِ الْمَسِيحِ، غَيْرَ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِصِحَّتِهِ كَافِيَةٌ، فَإِنَّ بُطْرُسَ يُشِيرُ إِلَى آيَةٍ مِنْهُ (2 بط 1: 14 قابل يو 21: 18) وَأَغْنَاطْيُوسَ وَبُولِيكْرِيسَ يَقْتَطِفَانِ مِنْ رُوحِهِ وَفَحْوَاهُ، وَكَذَلِكَ الرِّسَالَةُ إِلَى دِيُوكْنِيتْسَ، وَبَاسِيلِدْسَ وَجُوسْتِينِسَ الشَّهِيدِ وَتَانْيَانْسَ. وَهَذِهِ الشَّوَاهِدُ يَرْجِعُ بِنَا زَمَانُهَا إِلَى مُنْتَصَفِ الْقَرْنِ الثَّانِي، وَبِنَاءً عَلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَعَلَى نَفْسِ كِتَابَتِهِ الَّذِي يُوَافِقُ مَا نَعْلَمُهُ مِنْ سِيرَةِ يُوحَنَّا، نَحْكُمُ أَنَّهُ مِنْ قَلَمِهِ، وَإِلَّا فَكَاتِبُهُ مِنَ الْمَكْرِ وَالْغِشِّ عَلَى جَانِبٍ عَظِيمٍ، وَهَذَا الْأَمْرُ يَعْسُرُ تَصْدِيقُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَقْصِدُ أَنْ يَغُشَّ الْعَالَمَ لَا يَكُونُ رُوحِيًّا، وَلَا يَتَّصِلُ إِلَى عُلُوِّ وَعُمْقِ الْأَفْكَارِ وَالصَّلَوَاتِ الْمَوْجُودَةِ فِيهِ، وَإِذَا قَابَلْنَاهُ بِمُؤَلَّفَاتِ الْآبَاءِ رَأَيْنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بَوْنًا عَظِيمًا، حَتَّى نَضْطَرَّ لِلْحُكْمِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى تَأْلِيفٍ كَهَذَا، بَلْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ التَّلَامِيذِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا يُوحَنَّا، وَيُوحَنَّا ذَاتُهُ لَا يَسْتَطِيعُ تَأْلِيفَهُ بِدُونِ إِلْهَامٍ مِنْ رَبِّهِ انْتَهَى.
أَقُولُ: إِنَّ مِنْ عَجَائِبِ الْبَشَرِ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ، أَوْ يَنْقُلَهُ مُتَعَمِّدًا لَهُ، عَالَمٌ طَبِيبٌ كَالدُّكْتُورِ بوستَ! فَإِنَّهُ كَلَامٌ لَا يَخْفَى بُطْلَانُهُ وَتَهَافُتُهُ عَلَى الصِّبْيَانِ، وَلَا أَعْقِلُ لَهُ تَعْلِيلًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ تَصَنُّعًا وَغِشًّا؛ لِإِرْضَاءِ عَامَّةِ النَّصَارَى، لَا لِإِرْضَاءِ اعْتِقَادِهِ وَوِجْدَانِهِ، أَوْ يَكُونَ التَّقْلِيدُ الدِّينِيُّ مِنَ الصِّغَرِ قَدْ رَانَ عَلَى قَلْبِ الْكَاتِبِ، فَسَلَبَهُ عَقْلَهُ وَاسْتِقْلَالَهُ وَفَهْمَهُ فِي كُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ دِينِهِ. وَإِلَيْكَ الْبَيَانُ بِالْإِيجَازِ: إِنَّ الدُّكْتُورَ بوستَ مِنْ أَعْلَمِ الْأُورُوبِّيِّينَ الَّذِينَ خَدَمُوا دِينَهُمْ فِي سُورِيَّةَ، وَأَوْسَعِهِمُ اطِّلَاعًا، وَهُوَ يُلَخِّصُ فِي قَامُوسِهِ هَذَا أَقْوَى مَا بَسَطَهُ عُلَمَاءُ اللَّاهُوتِ فِي إِثْبَاتِ دِينِهِمْ وَكُتُبِهِمْ وَرَدِّ اعْتِرَاضَاتِ الْعُلَمَاءِ عَلَيْهَا. فَإِذَا كَانَ هَذَا مُنْتَهَى شَوْطِهِمْ فِي إِثْبَاتِ إِنْجِيلِ يُوحَنَّا، الَّذِي هُوَ عُمْدَتُهُمْ فِي عَقِيدَةِ تَأْلِيهِ الْمَسِيحِ؛ فَمَا هُوَ الظَّنُّ بِكَلَامِ الْمُؤَرِّخِينَ الْأَحْرَارِ، وَالْعُلَمَاءِ الْمُسْتَقِلِّينَ فِي إِبْطَالِ هَذَا الْإِنْجِيلِ؟!
ابْتَدَأَ رَدَّهُ عَلَى مُنْكِرِي هَذَا الْإِنْجِيلِ بِأَنَّ بُطْرُسَ أَشَارَ إِلَى آيَةٍ مِنْهُ فِي رِسَالَتِهِ الثَّانِيَةِ، فَهَذَا أَقْوَى بُرْهَانٍ عِنْدَهُمْ عَلَى كَوْنِ هَذَا الْإِنْجِيلِ كُتِبَ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ.
فَأَوَّلُ مَا تَقُولُهُ فِي رَدِّ هَذَا الدَّلِيلِ الْوَهْمِيِّ أَنَّ رِسَالَةَ بُطْرُسَ الثَّانِيَةَ كُتِبَتْ فِي بَابِلَ سَنَةَ 64 و68 كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ «مُرْشِدِ الطَّالِبِينَ إِلَى الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ الثَّمِينِ» وَإِنْجِيلُ يُوحَنَّا كُتِبَ سَنَةَ 95 أَوْ 98 عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ بوستُ وَصَاحِبُ هَذَا الْكِتَابِ وَسَائِرُ عُلَمَاءِ طَائِفَتِهِمُ «الْبُرُوتِسْتَانْتِ» فَهُوَ قَدْ أُلِّفَ بَعْدَ كِتَابَةِ رِسَالَةِ بُطْرُسَ بِثَلَاثِينَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ عَلَى رَأْيِهِمْ، فَإِذَا وَافَقَهَا فِي شَيْءٍ فَأَوَّلُ مَا يَخْطُرُ فِي بَالِ الْعَاقِلِ أَنَّهُ نَقَلَهُ عَنْهَا، وَإِنْ أُلِّفَ بَعْدَهَا بِعِدَّةِ قُرُونٍ، فَكَيْفَ يَكُونُ ذَاكَ دَلِيلًا عَلَى صِحَّتِهِ؟ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي رَدِّ هَذِهِ الشُّبْهَةِ الْوَاهِيَةِ إِلَّا احْتِمَالُ نَقْلِ الْمُتَأَخِّرِ- وَهُوَ مُؤَلِّفُ إِنْجِيلِ يُوحَنَّا- عَنِ الْمُتَقَدِّمِ- وَهُوَ بُطْرُسُ- لَكَفَى، وَهُمْ جَازِمُونَ بِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ تَارِيخٌ صَحِيحٌ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا، بَلْ تَارِيخُ وِلَادَةِ إِلَهِهِمْ وَرَبِّهِمُ الَّذِي يُؤَرِّخُونَ بِهِ كُلَّ شَيْءٍ فِيهِ خَطَأٌ، كَمَا حَقَّقَهُ يَعْقُوبُ بَاشَا أَرْتِينَ وَغَيْرُهُ.
وَنَقُولُ ثَانِيًا: إِنَّنَا قَابَلْنَا بَيْنَ (2 بط 1: 14) وَبَيْنَ (يو 21: 18) فَلَمْ نَجِدْ فِي كَلَامِ بُطْرُسَ فِي ذَلِكَ الْعَدَدِ إِشَارَةً وَاضِحَةً إِلَى مَا ذَكَرَهُ يُوحَنَّا، فَعِبَارَةُ بُطْرُسَ الَّتِي سَمَّوْهَا شَهَادَةً لَهُ، هِيَ قَوْلُهُ: «عَالِمًا أَنَّ خَلْعَ سَكَنِي قَرِيبٌ، كَمَا أَعْلَنَ لِي رَبُّنَا يَسُوعُ الْمَسِيحُ أَيْضًا»، وَعِبَارَةُ يُوحَنَّا الْمَشْهُودُ لَهَا هِيَ أَنَّ الْمَسِيحَ قَالَ لَبُطْرُسَ «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لَمَّا كُنْتَ أَكْثَرَ حَدَاثَةً كُنْتَ تُمَنْطِقُ ذَاتَكَ، وَتَمْشِي حَيْثُ تَشَاءُ، وَلَكِنْ مَتَى شِخْتَ فَإِنَّكَ تَمُدُّ يَدَكَ، وَآخَرُ يُمَنْطِقُكَ، وَيَحْمِلُكَ حَيْثُ لَا تَشَاءُ».
فَمَعْنَى عِبَارَةِ بُطْرُسَ أَنَّهُ يَسْتَبْدِلُ مَسْكَنَهُ بِاخْتِيَارِهِ، وَيَرْحَلُ عَنِ الْقَوْمِ الَّذِينَ يُكَلِّمُهُمْ، وَمَعْنَى عِبَارَةِ الْمَسِيحِ أَنَّهُ إِذَا شَاخَ وَهَرِمَ يَقُودُهُ مَنْ يَخْدِمُهُ، وَيَشُدُّ لَهُ مِنْطَقَتَهُ. فَإِنْ فَرْضَنَا أَنَّ بُطْرُسَ كَتَبَ هَذَا بَعْدَ يُوحَنَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَدْنَى شُبْهَةٍ عَلَى تَصْدِيقِ يُوحَنَّا فِي عِبَارَتِهِ هَذِهِ، فَضْلًا عَنْ تَصْدِيقِهِ فِي كُلِّ إِنْجِيلِهِ. فَمَا أَوْهَى دِينًا هَذِهِ أُسُسُهُ وَدَعَائِمَهُ!
ذَكَّرَنِي هَذَا الِاسْتِدْلَالُ نَادِرَةً رُوِيَتْ لِي عَنْ رَجُلٍ هَرِمٍ مِنْ صَيَّادِي السَّمَكِ «وَلَا أَذْكُرُ هَذَا الْوَصْفَ تَعْرِيضًا بِتَلَامِيذِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَلَيْهِمُ الرِّضْوَانُ» قَالَ: إِنَّ رَجُلًا غَرِيبًا مِنَ الدَّرَاوِيشِ عَلَّمَهُ سُورَةً لَا يَعْرِفُهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ سِوَاهُمَا، إِلَّا أَنَّ خَطِيبَ الْبَلَدِ يَحْفَظُ مِنْهَا كَلِمَتَيْنِ يَدُلَّانِ عَلَى أَصْلِهَا، وَأَوَّلُ هَذِهِ السَّخَافَةِ، الَّتِي سَمَّاهَا سُورَةً: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِينَ الْمَدَدَا، عِنْدَ النَّبِيِّ أَشْهَدَا، نَبِيُّنَا مُحَمَّدَا، فِي الْجِنَانِ مُخَلَّدَا، إِجَتْ فَاطِمَةُ الزَّهْرَا، بِنْتُ خَدِيجَةَ الْكُبْرَى، آلَتْ لَوْ يَا بَابَتِي يَا بَابَتِي عَلَّمَنِي كَلِمَتَيْنِ... إِلَخْ. وَالْكَلِمَتَانِ اللَّتَانِ يَحْفَظُهُمَا الْخَطِيبُ مِنْهُمَا هُمَا «فَاطِمَةُ الزَّهْرَا» و«خَدِيجَةُ الْكُبْرَى» عَلَيْهِمَا السَّلَامُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَاءِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ، بَعْدَ التَّرَضِّي عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ: «وَارْضَ اللهُمَّ عَنْ أُمِّهِمَا فَاطِمَةَ الزَّهْرَا، وَعَنْ جَدَّتِهِمَا خَدِيجَةَ الْكُبْرَى».
وَلَا يَخْفَى عَلَى الْقَارِئِ، أَنَّ الِاتِّفَاقَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَسْجَاعِ الْعَامِّيَّةِ، وَخُطْبَةِ خَطِيبِ الْبَلَدِ فِي تَيْنَكَ الْكَلِمَتَيْنِ أَظْهَرُ مِنْ الِاتِّفَاقِ بَيْنَ رِسَالَةِ بُطْرُسَ وَإِنْجِيلِ يُوحَنَّا، بَلْ لَيْسَ بَيْنَ هَذَا الْإِنْجِيلِ، وَهَذِهِ الرِّسَالَةِ اتِّفَاقٌ مَا فِيمَا زَعَمُوهُ تَكَلُّفًا وَتَحْرِيفًا لِلْعِبَارَةِ عَنْ مَعْنَاهَا.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِاقْتِطَافِ أَغْنَاطْيُوسَ، وَبُولِيكْرِيسَ مِنْ رُوحِ هَذَا الْإِنْجِيلِ فَهُوَ مِثْلُ اسْتِدْلَالِهِ بِشَهَادَةِ بُطْرُسَ لَهُ، بَلْ أَضْعَفُ؛ إِذْ مَعْنَى هَذَا الِاقْتِطَافِ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ شَيْءٌ يَتَّفِقُ مَعَ بَعْضِ مَعَانِي هَذَا الْإِنْجِيلِ. فَإِذَا سَلَّمْنَا أَنَّ هَذَا صَحِيحٌ فَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِنْجِيلَ كَانَ مَعْرُوفًا فِي زَمَنِهِمَا فِي الْقَرْنِ الثَّانِي لِلْمَسِيحِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَاهُ، وَلَمْ يَعْزُوَا إِلَيْهِ شَيْئًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا اتَّفَقَا فِيهِ مِنَ الْمَعْنَى، إِنْ صَحَّ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ كَالِاتِّفَاقِ الَّذِي ذَكَرُوهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بُطْرُسَ، مُقْتَبَسًا مِنْ كِتَابٍ آخَرَ، كَانَ مُتَدَاوَلًا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا مِنَ التَّقَالِيدِ الْمَوْرُوثَةِ عِنْدَ بَعْضِ شُعُوبِهِ، مِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ يُوحَنَّا انْفَرَدَ بِاسْتِعْمَالِ لَفْظِ «الْكَلِمَةِ» وَالْقَوْلِ بِأُلُوهِيَّةِ الْكَلِمَةِ، وَلَمْ يُؤْثَرْ هَذَا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ مُؤَلِّفِي الْكُتُبِ الْمُقَدَّسَةِ عِنْدَهُمْ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ تَلَامِيذِ الْمَسِيحِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي تَفْسِيرِ {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} (4: 171) أَنَّ هَذِهِ الْعَقِيدَةَ وَهَذَا اللَّفْظَ مِمَّا أُثِرَ عَنِ الْيُونَانِ وَالْبَرَاهِمَةِ وَالْبُوذِيِّينَ وَقُدَمَاءِ الْمِصْرِيِّينَ، وَبَحَثَ فِيهَا أَيْضًا «فِيلُو» الْفَيْلَسُوفُ الْيَهُودِيُّ الْمُعَاصِرُ لِلْمَسِيحِ. فَإِذَا فَرَضْنَا أَنَّ «أَغْنَاطْيُوسَ» اسْتَعْمَلَ هَذَا اللَّفْظَ وَذَكَرَ هَذِهِ الْعَقِيدَةَ فِي الْقَرْنِ الثَّانِي لَا يَكُونُ هَذَا دَلِيلًا عَلَى نَقْلِهَا عَنْ يُوحَنَّا، وَعَلَى أَنَّ إِنْجِيلَ يُوحَنَّا وَرِسَالَتَهُ وَرُؤْيَاهُ كَانَتْ مَعْرُوفَةً فِي الْقَرْنِ الثَّانِي؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ نَقَلَ ذَلِكَ عَنِ الْأُمَمِ الْوَثَنِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ تَدِينُ بِهَذِهِ الْعَقِيدَةِ قَبْلَ يُوحَنَّا وَقَبْلَ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِذَا كَانَ الِاتِّفَاقُ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ يُوحَنَّا عَنْ غَيْرِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرَ؛ فَكَيْفَ يَدُلُّ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ فِي الْمَعَانِي الْأُخْرَى، الَّتِي لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا يُوحَنَّا؟.
فَتَبَيَّنَ مِنْ هَذَا النَّقْدِ الْوَجِيزِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ بوستُ وَسَمَّاهُ كَغَيْرِهِ شَهَادَةً لِإِنْجِيلِ يُوحَنَّا لَيْسَ شَهَادَةً. وَإِنَّ مَا سَمَّيْنَاهُ شَهَادَةً فَلَا مَنْدُوحَةَ لَنَا عَنِ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا شَهَادَةُ زُورٍ، وَأَمَّا زَعْمُهُمْ أَنَّ كِتَابَةَ هَذَا الْإِنْجِيلِ تُوَافِقُ سِيرَةَ يُوحَنَّا، وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَهُوَ تَمْوِيهٌ، نَقَضُوهُ بِقَوْلِهِمْ: إِنَّهُ هُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَيْضًا، إِلَّا بِالْإِلْهَامِ؛ إِذْ كُلُّ مُلْهَمٍ يَقْدِرُ بِإِقْدَارِ اللهِ الَّذِي أَلْهَمَهُ، وَلَيْسَ لِيُوحَنَّا عِنْدَهُمْ سِيرَةٌ تُثْبَتُ أَوْ تُنْفَى.
بَقِيَ اسْتِدْلَالُهُ الْأَخِيرُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْإِنْجِيلِ بِأَنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَلَمِ يُوحَنَّا لَكَانَ الْكَاتِبُ لَهُ عَلَى جَانِبٍ عَظِيمٍ مِنَ الْمَكْرِ وَالْغِشِّ؛ قَالَ: «وَهَذَا الْأَمْرُ يَعْسُرُ تَصْدِيقُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَقْصِدُ أَنْ يَغُشَّ الْعَالَمَ لَا يَكُونُ رُوحِيًّا»... إِلَخْ. فَنَقُولُ: إِنَّ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ يُنْبِئُ بِسَذَاجَةِ مَنِ اخْتَرَعَهُ وَنَقَلَهُ وَغَرَارَتِهِمْ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ بِغَبَاوَتِهِمْ، أَوْ قَصْدِهِمْ مُخَادَعَةَ النَّاسِ.
وَبُطْلَانُهُ بَدِيهِيٌّ، فَإِنَّ الْكَاتِبَ لِلْمَعَانِي الرُّوحِيَّةِ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ رُوحِيًّا، وَالْكَاتِبَ فِي الْفَضَائِلِ لَا يَقْتَضِي الْعَقْلُ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا. وَقَدْ كَانَ فِي مِصْرَ كَاتِبٌ مَنْ أَبْلَغِ كُتَّابِ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْأَخْلَاقِ وَالْفَضَائِلِ، وَمَعَ هَذَا وَصَفَهُ بَعْضُ عَارِفِيهِ بِقَوْلِهِ: «إِنَّ حُرُوفَ الْفَضِيلَةِ تَتَأَلَّمُ مِنْ لَوْكِهَا بِفَمِهِ، وَوَخْزِهَا بِسِنِّ قَلَمِهِ». وَإِنَّ الرُّوحَانِيَّةَ الَّتِي تَجِدُهَا فِي إِنْجِيلِ بِرْنَابَا وَمَا فِيهِ مِنْ تَقْدِيسِ اللهِ وَتَنْزِيهِهِ، وَمِنَ الْأَفْكَارِ وَالصَّلَوَاتِ، لَهُوَ أَعْلَى وَأَشَدُّ تَأْثِيرًا فِي النَّفْسِ مِنْ إِنْجِيلِ يُوحَنَّا. وَيَزْعُمُونَ مَعَ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ غِشَّ النَّاسِ وَتَحْوِيلَهُمْ عَنِ التَّثْلِيثِ وَالشَّرَكِ إِلَى التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ!
إِنَّ هَذَا الْمَسْلَكَ الْأَخِيرَ الَّذِي سَلَكَهُ بوستُ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى صِحَّةِ نِسْبَةِ إِنْجِيلِ يُوحَنَّا إِلَيْهِ يَقْبَلُهُ الْمُقَلِّدُونَ لِعُلَمَاءِ اللَّاهُوتِ عِنْدَهُمْ، بِغَيْرِ بَحْثٍ وَلَا نَظَرٍ، وَالنَّاظِرُ الْمُسْتَقِلُّ يَرَاهُ يُؤَدِّي إِلَى بُطْلَانِ نِسْبَتِهِ إِلَيْهِ؛ لِأَسْبَابٍ، أَهَمُّهَا ثَلَاثَةٌ:
(1) أَنَّهُ جَاءَ بِعَقِيدَةٍ وَثَنِيَّةٍ نَقَضَتْ عَقِيدَةَ التَّوْحِيدِ الْخَالِصِ الْمُقَرَّرَةَ فِي التَّوْرَاةِ وَجَمِيعِ كُتُبِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمَسِيحُ بِأَنَّهُ مَا جَاءَ لِيَنْقُضَ النَّامُوسَ، بَلْ لِيُتَمِّمَهُ، وَأَصْلُ النَّامُوسِ وَأَسَاسُهُ الْوَصَايَا الْعَشْرُ، وَأَوَّلُهَا وَأَوْلَاهَا بِالْبَقَاءِ وَدَوَامِ الْبِنَاءِ، وَصِيَّةُ التَّوْحِيدِ.
(2) مُخَالَفَتُهُ فِي عَقِيدَتِهِ وَأُسْلُوبِهِ لِكُلِّ مَا هُوَ مَأْثُورٌ عَنْ جَمَاعَتِهِ وَقَوْمِهِ قَبْلَ الْمَسِيحِ وَبَعْدَهُ.
(3) مُخَالَفَتُهُ لِلْأَنَاجِيلِ الَّتِي كُتِبَتْ قَبْلَهُ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، أَهَمُّهَا تَحَامِيهِ مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنَ الْأَعْرَاضِ الْبَشَرِيَّةِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَى الْمَسِيحِ، مِمَّا يُنَافِي الْأُلُوهِيَّةَ؛ كَتَجْرِبَةِ الشَّيْطَانِ لَهُ، وَخَوْفِهِ مَنْ فَتْكِ الْيَهُودِ بِهِ، وَتَضَرُّعِهِ إِلَى اللهِ خَائِفًا مُتَأَلِّمًا؛ لِيَصْرِفَ عَنْهُ كَيْدَهُمْ وَيُنْقِذَهُ مِنْهُمْ، وَصُرَاخِهِ وَقْتَ الصَّلْبِ مِنْ شِدَّةِ الْأَلَمِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.