فصل: قال سيد قطب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وهو من الأَضداد، ضدّ للصّدِّيق، سمّى به لضلالته.
قاله أَبو الهيثم.
العشرون قال المنذرى: المَسْح من الأَضداد: مَسَحه الله أَى خلقه خَلْقًا حسنًا مباركًا، ومسحه أَى خلقه خَلْقًا مقبّحًا ملعّنًا.
فمن الأَوّل يمكن اشتقاق المَسِيح كلمةِ الله، ومن الثانى اشتقاق المسيح عدوّ الله.
وهذا الحادى والعشرون.
الثانى والعشرون مَسَح النَّاقة ومَسَّحها إِذا هَزَلها، وأَدبْرها، وأَضعفها؛ كأَنَّه لوحظ فيه أَن منتهى أَمره إِلى الهلاك والدّبَار.
الثالث والعشرون الأَمسح: الذِّئب الأَزلّ المسرع، سمى به تشبيهًا له بالذِّئب؛ لخبثة وسرعة سيره.
الرّابع والعشرون المَسْح: القول الحسن من الرّجل، وهو في ذلك خادع لك، سمّى به لخداعه ومكره.
قاله النَضْر بن شُميل.
يقال: مَسَحه بالمعروف إِذا له قولًا وليس معه إِعطاءٌ، فإِذا جاءَ إِعطاءٌ ذهب المَسح.
وكذلك الدّجّال: يخدع بقوله ولا إِعطاءَ.
الخامس والعشرون المَسِيح: المِنديلُ الأَخشنُ.
والمنديلُ ما يمسَك للنَّدْل، وهو الوَسَخ، سمّى به لاتِّساخه بدَرَن الكفر والشرك.
السّادس والعشرون المِسْح: الكساءُ الغليظ من الشعر، يُفرش في البيت: سمّى به لذِلَّته، وهَوَانه، وابتذالهِ.
السّابع والعشرون المَسْحاءُ: الأَرض التي لا نبات فيها.
وقال ابن شُمَيْل: الأَرض الجرداءُ الكثيرة الحَصَى، لا شجر بها، ولا تُنبت، غليظة جدًّا.
وكذلك المكَّار الأَمسح، سمّى به لعدم خَيْره وعظم ضيره.
الثامن والعشرون المَسِيح في اللُّغة: الأَعور.
التَّاسع والعشرون التِمْسح: دابّة بحريّة كثيرة الضَّرر على سائر دوابّ البحر، سمّى به لضرّه وإِيذائه.
الثلاثون مَسَح سيفه إِذا استلَّه من غمده، سمّى به لشهرهِ سيوف البغى والطغيان.
الحادى والثلاثون المَسِيح والأَمسح: من به عيب في باطن فخذيه، وهو اصطكاك إِحداهما بالأُخرى، سمّى به لأَنَّه مَعْيوب بكلّ عيب قبيح.
الثانى والثلاثون رجل أَمسح وامرأَة مسحاءُ وصبىّ ممسوح إِذا لزِقت أَلْيَتاه بالعَظْم.
وهو عيب أَيضًا.
الثالث والثلاثون يمكن أَن يكون المَسِيح الدّجالُ من قولهم: جاءَ فلان يتمسّح أَى لا شيء معه كأَنَّه يمسح ذراعه.
وذلك لإِفلاسه من كلّ خير وبركة.
الرّابع والثلاثون يمكن أَن يكون المسيح كلمةُ الله من قولهم: فلان يُتمسّح به أَى يتبرَّك به؛ لفضله وعبادته؛ كأَنَّه يتقرّب إِلى الله تعالى بالدّنوّ منه.
قاله الأَزهرى.
الخامس والثلاثون: لأَنَّه كان لا يَمْسح ذا عاهة إِلاَّ برئَ ولا ميّتًا إِلاَّ أُحْيىَ، فهو بمعنى ماسح.
السّادس والثلاثون قال إِبراهيم النخعِىّ، والأَصمعىّ، وابن الأَعرابىّ: المَسِيح: الصّدِّيق.
السّابع والثلاثون عن ابن عبّاس سمّى مَسيحًا؛ لأَنَّه كان أَمسح الرّجْل، لم يكن لرجله أَخْمَص، والأَخمص: ما لا يمسّ الأَرض من باطن الرّجْل.
الثامن والثلاثون سمّى به، لأَنَّه خرج من بطن أُمّه كأَنَّه ممسوح الرأْس.
التاسع والثلاثون؛ لأَنَّه مُسح عند ولادهِ بالدّهن.
الأَربعون قال الإِمام أَبو اسحاق الحَرْبىّ في غرييبه الكبير: هو اسم خصّه الله تعالى به، أَو لمسْح زكريّا إِيّاه.
الحادى والأَربعون سمّى به لحسن وجهه.
والمسيح في اللغة: الجميل الوجه.
الثانى والأَربعون المَسِيح في اللغة: عَرَق الخيل وأَنشدوا:
إِذا الجياد فِضْن بالمسيح

الثالث والأَربعون المسيح: السّيف، قاله أَبو عمر المطرّز.
ووجه التَّسمية ظاهر.
الرابع والأَربعون المَسِيح المُكارِى.
الخامس والأَربعون المَسْح: الجماع.
مَسَح المرأَة: جامعها قاله ابن فارس.
السّادس والأَربعون قال أَبو نُعَيم في كتابه دلائل النبوّة: سُمَى ابن مريم مَسِيحًا؛ لأَنَّ الله تعالى مَسَح الذنوب عنه.
السّابع والأَربعون قاله أَبو نعيم في الكتاب المذكور: وقيل سمّى مَسِيحًا لأَنَّ جبريل مسحه بالبركة وهو قوله تعالى: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ}.
الثامن والأَربعون المَسِيح القِسىّ الواحدة مَسِيحة؛ سمّى به لقوّته، وشدّته، واعتداله، ومَعْدِلته.
التَّاسع والأَربعون يمكن أَن يكون من المِسح بالكسر، وهو الطَّريق المستقيم؛ لأَنَّه سالكها.
قال الصّغانى: المُسُوح الطرق الجادّة، الواحدة مِسْح يعنى بالكسر.
وقال قطرب: مَسَح الشيء إِذا قال له: بارك الله عليك.
الخمسون قال ابن دريد: هو اسم سمّاه الله به، لا أُحبّ أَن أَتكلَّم فيه.
الحادى والخمسون قال أَبو القاسم الراغب: سُمّى الدّجال مَسِيحًا؛ لأَنَّه قد مُسحت عنه القُوة المحمودة: من العلم، والعقل، والحلم، والأَخلاق الجميلة، وإِنَّ عيسى قد مُسِحت عنه القوة الذميمة: من الجهل والشرَه، والحرص، وسائر الأَخلاق الذميمة.
الثانى والخمسون سمّى به؛ للُبْسة المِسْح أَى البَلاس الأَسود.
الثالث والخمسون المَسِيح: هو الذي مُسحت إِحدى عينيه.
وقد روى أَنَّ الدّجال كان ممسوح اليمنى، وأَنَّ عيسى كان ممسوح اليسرى.
قال الرَّاغب.
والله أعلم.
الرابع والخمسون قيل: لأَنَّه كان يمشى على الماءِ؛ كمشيه على الأَرض.
الخامس والخمسون المَسِيح: المَلِك.
وهذان القولان عن المَعِينى في تفسيره.
السّادس والخمسون سُمِّى به؛ لأَنَّه كان صِدّيقًا.
وقيل: لمّا مشى عيسى على الماءِ قال له الحواريّون: بم بلغت ما بلغت؟ قال: تركتُ الدنيا لأَهلها، فاستوى عندى بَرُّ الدّنيا وبحرها:
سِرْ في بلاد الله سَيّاحًا ** وكُنْ على نفسك نَوَّاحًا

وامْشِ بنورِ الله في أَرضهِ ** كفى بنور الله مصباحًا

. اهـ.

.قال سيد قطب:

{ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظًا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون}.
ونجد هنا تعبيرًا خاصًا ذا دلالة خاصة:
{ومن الذين قالوا إنا نصارى}.
ودلالة هذا التعبير: أنهم قالوها دعوى، ولم يحققوها في حياتهم واقعًا.. ولقد كان أساس هذا الميثاق هو توحيد الله. وهنا كانت نقطة الانحراف الأصيلة في خط النصرانية التاريخي. وهذا هو الحظ الذي نسوه مما ذكروا به؛ ونسيانه هو الذي قاد بعد ذلك إلى كل انحراف. كما أن نسيانه هو الذي نشأ من عنده الخلاف بين الطوائف والمذاهب والفرق، التي لا تكاد تعد. في القديم وفي الحديث كما سنبين إجمالًا بعد قليل). وبينها ما بينها من العداوة والبغضاء ما يخبرنا الله سبحانه أنه باق فيهم إلى يوم القيامة.. جزاء وفاقًا على نقض ميثاقهم معه، ونسيانهم حظًا مما ذكروا به.. ويبقى جزاء الآخرة عندما ينبئهم الله بما كانوا يصنعون؛ وعندما يجزيهم وفق ما ينبئهم به مما كانوا يصنعون!
ولقد وقع بين الذين قالوا: إنا نصارى من الخلاف والشقاق والعداوة والبغضاء في التاريخ القديم والحديث مصداق ما قصه الله سبحانه في كتابه الصادق الكريم؛ وسال من دمائهم على أيدي بعضهم البعض ما لم يسل من حروبهم مع غيرهم في التاريخ كله.
سواء كان ذلك بسبب الخلافات الدينية حول العقيدة؛ أو بسبب الخلافات على الرياسة الدينية؛ أو بسبب الخلافات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي خلال القرون الطويلة لم تسكن هذه العداوات والخلافات ولم تخمد هذه الحروب والجراحات.. وهي ماضية إلى يوم القيامة كما قال أصدق القائلين، جزاء على نقضهم ميثاقهم، ونسيانهم حظا مما ذكروا به من عهد الله، وأول بند فيه هو بند التوحيد، الذي انحرفوا عنه بعد فترة من وفاة المسيح عليه السلام. لأسباب لا مجال هنا لعرضها بالتفصيل.
وحين يبلغ السياق هذا الموضع من استعراض موقف اليهود والنصارى من ميثاقهم مع الله.. وجهوا الخطاب لأهل الكتاب جميعًا.. هؤلاء وهؤلاء.. لإعلانهم برسالة خاتم النبيين؛ وإنها جاءت إليهم- كما جاءت للعرب الأميين، وللناس أجمعين. فهم مخاطبون بها، مأمورون باتباع الرسول الأخير- وهذا طرف من ميثاق الله معهم كما سلف- وأن هذا الرسول الأخير قد جاء يكشف لهم عن كثير مما كانوا يخفونه من الكتاب الذي بين أيديهم؛ والذي استحفظوا عليه فنقضوا عهدهم مع الله فيه؛ ويعفو كذلك عن كثير مما أخفوه، ولم تعد هناك ضرورة له في الشريعة الجديدة.. ثم يتعرض لبعض الانحرافات التي جاء الرسول الأخير ليقومها في معتقداتهم: كقول النصارى: إن المسيح عيسى بن مريم هو الله. وكقولهم هم واليهود نحن أبناء الله وأحباؤه.. ويختم هذا النداء بأنه لن تكون لهم حجة عندالله بعد الرسالة الكاشفة المبينة المنيرة؛ ولن يكون لهم أن يقولوا: إنه مرت عليهم فترة طويلة بعد الرسالات فنسوا ولبس الأمر عليهم:
{يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرًا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير. قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم. لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم. قل فمن يملك من الله شيئًا إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وأمه ومن في الأرض جميعًا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير. وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه. قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير. يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير. فقد جاءكم بشير ونذير. والله على كل شيء قدير}.
لقد كان أهل الكتاب يستكثرون أن يدعوهم إلى الإسلام نبي ليس منهم.. نبي من الأميين الذين كانوا يتعالون عليهم من قبل ويتعالمون؛ لأنهم هم أهل الكتاب وهؤلاء أميون! فلما أراد الله الكرامة لهؤلاء الأميين بعث منهم خاتم النبيين، وجعل فيهم الرسالة الأخيرة، الشاملة للبشر أجمعين. وعلم هؤلاء الأميين، فإذا هم أعلم أهل الأرض؛ وأرقاهم تصورًا واعتقادًا؛ وأقومهم منهجًا وطريقًا، وأفضلهم شريعة ونظامًا، وأصلحهم مجتمعًا وأخلاقًا.. وكان هذا كله من فضل الله عليهم؛ ومن إنعامه بهذا الدين وارتضائه لهم.. وما كان للأميين أن يكونوا أوصياء على هذه البشرية لولا هذه النعمة؛ وما كان لهم- وليس لهم بعد- من زاد يقدمونه للبشرية إلا ما يزودهم به هذا الدين..