فصل: إنسانية يسوع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



كما رد القرآن الكريم على ألوهية عيسى وأمه واثبت انه لا دخل لعيسى وأمه فيما يدعونه عليهما فقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}.
فعيسى وأمه لم يطلبا من النصارى عبادتهم وقد تبرأ منهم عيسى وأمه كما تقدم. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رضي أن يعبد من دون الله دخل النار» ولكن عيسى ابن مريم وأمه لم يرضيا بعبادتهم من دون الله كما ذكرت الآيات.
كما أن عيسى عليه السلام تبرأ من قومه ووكل أمرهم بعد رفعه إلى الله فهو الشهيد عليهم {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} والشاهدين هم المسلمون إتباع خاتم الأنبياء لكونهم أقاموا الحجة عليهم وبرءوا عيسى من هذه المفتريات ودعوا إلى عبادة الله وحده وبغض ما سواه من الآلهة الباطلة وإتباع الحق.
كما آن الله سبحانه وتعالى اثبت بنفسه عدم ألوهية عيسى بالإضافة إلى ما سبق من الأدلة وانه ناقص وبشر ولا يستحق أن يرتفع ويرقى إلى مرتبة الألوهية فهذا إنسان له ما للإنسان ويخضع لما يخضع له الإنسان فهو يأكل ويشرب وبالتالي فعليه ان يلبي نداء الطبيعة ويتغوط وغير ذلك مما يلزم الإنسان في معيشته.
ومن كان حاله هذا فلا يرقى لان يكون إله لان الله لا يأكل {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ} (الأنعام: من الآية14).
قال تعالى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}.
وأخيرا اسرد لكم هذه الآية الكريمة لتكون حسن الختام في هذا الشأن وليتضح الحق ويزهق الباطل.
قال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (المائدة:17).

.إنسانية يسوع:

هنالك الكثير من الأدلة التي يعرضها الإنجيل حول الطبيعة البشرية للمسيح، حين يذكر بأنه منهمك، وكان عليه أن يجلس لكي يشرب من البئر [انجيل يوحنا 4: 6] ونجده يبكي بموت لعازر [انجيل يوحنا 11: 35]. وفوق كل هذا هنالك الوصف لمعاناته في النهاية، وهذا يجب أن يكون دليلا على إنسانيته: «الآن نفسي قد اضطربت» ونجده يشكر ويصلي للرب لكي ينقذه من حتمية الموت [انجيل يوحنا 12: 27]: «وكان يصلي قائلا يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس. ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت» [انجيل متى 39:26]. وهذا يشير إلى أن «آراء» المسيح وتطلعاته لم تكن مثلما هو عند الرب.
ونجد أن إرادته كانت خاضعة لله فهو يقول: «أنا لا اقدر أن افعل من نفسي شيئا. كما اسمع أدين ودينونتي عادلة لأني لا اطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني» [انجيل يوحنا 30:5].
إن الاختلاف بين إرادة المسيح وإرادة الرب، هو دليل على أن يسوع لم يكن إله.
ونجد أيضا أن يسوع لم تكن له معرفة كاملة عن الرب منذ ولادته «وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس» [انجيل لوقا 2: 52]. «وكان الصبي ينمو ويتقوى بالروح» [انجيل لوقا 2: 40] إن كلا الفقرتين تصفان نمو المسيح الجسدي بموازاة مع نموه الروحاني. وإذا كان «الابن هو الله» كما يعتقد اثنازيوس والتيار الذي يتزعمه بالنسبة للثالوث فإن هذا الاعتقاد غير ممكن. وحتى في آخر حياته، اعترف يسوع بأنه لا يعرف موعد رجوعه الثاني، على الرغم من أن أبيه قد عرف ذلك [انجيل مرقس 13: 32].
وان حقيقة توسل المسيح من الرب لكي يخلصه من الموت تتعارض مع الفكرة بأنه إله بذاته.
«إذ قدم بصراخ شديدة ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت وسمع له من اجل تقواه» [الرسالة إلى العبرانيين 5: 7].
هذا وان الكثير من المزامير هي بمثابة نبوءات عن يسوع. وبما أن العهد الجديد يقتبس عدد من فقرات المزامير عن المسيح فقد جاءت في هذه المزامير الكثير من المناسبات التي تؤكد على حاجة المسيح لان يخلصه الرب: مزامير [91: 11، 12] نراها مقتبسة في انجيل متى [6:4] في الحديث عن يسوع. وفي المزامير [91: 16] تكمن النبوءة عن تخليص يسوع: «من طول الايام [أي حياة أبدية] أشبعه واريه خلاصي».
- مزامير [69: 1، 18، 21، 29]: «خلصني يا الله... اقترب إلى نفسي بسبب أعدائي أفدني...يجعلون في طعامي علقمًا، وفي عطشي يسقونني خلًا... خلاصك يا الله فليرفعني».
- مزامير 89 هي تأويل لوعود الرب لداوود عن المسيح. وفي مزامير 89: 26 يتنبأ عن المسيح: «هو يدعوني [الرب] أبي أنت. الهي وصخرة خلاصي».
لقد سمع الرب صلوات المسيح وأنجاه من الصلب وذلك من أجل روحانيته وليس لموضعه في الثالوث المكذوب... لقد أنجا الله يسوع ومجده واعترف يسوع بهذا حين طلب من الرب أن يمجده:[انجيل يوحنا 17: 5]، [13: 32]، [8: 54].
والحقيقة أن الله رفع من شأن المسيح، وهذا يدل على تفوق الله عليه، وعلى الفارق بين الله وبين يسوع. ولا يمكن للمسيح أن يكون بأي شكل من الأشكال «الله في الصميم. وخالد [مع] طبيعتين إلهية وبشرية» وهذا ما يظهر في البند الأول من 39 بندا التي أقرتها الكنيسة الانجليكانية. ومن تفسير كلمة كيان يمكن أن تكون طبيعة واحدة فقط. وتقول الكنيسة الدليل على ذلك بان المسيح كان من طبيعتنا البشرية.
وصدق الله العظيم إذ يقول: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ} سورة مريم الآية: 37

.العلاقة بين الله والمسيح:

إن الله سبحانه وتعالى مذكور مرارًا على انه رب المسيح وإلهه، وان الله سبحانه وتعالى موصوف بـ: «الله أبو ربنا يسوع المسيح» [رسالة بطرس الأولى 1: 3] وكذلك في [الرسالة إلى أهل افسس 1: 17]: نجد أن الله موصوف بـ «إله ربنا يسوع المسيح».
هذا وعلينا أن نعلم أن كلمة «رب» الموصوف بها المسيح لا تعني الإله المعبود بحق، إنها تعني«معلم» وهذا هو تفسير يوحنا نفسه كاتب الإنجيل فقد تكفل يوحنا بتفسير كلمة رب الموصوف بها المسيح وذلك في الإصحاح الأول من إنجيله العدد 38: «وَالْتَفَتَ يَسُوعُ فَرَآهُمَا يَتْبَعَانِهِ، فَسَأَلَهُمَا: مَاذَا تُرِيدَانِ؟ فَقَالاَ: رَابِّي، أَيْ يَا مُعَلِّمُ، أَيْنَ تُقِيمُ؟».
ومرة ثانية يورد يوحنا في [20: 16، 17] حوارًا بين المسيح ومريم المجدلية، تطلق فيه مريم المجدلية على المسيح لفظ «رب» ويحرص يوحنا على تفسير اللفظ خلال الحديث بمعنى معلم، وإليك النص:
«قال لها يسوع يا مريم فالتفتت تلك وقالت له: ربوئي الذي تفسيره يا معلم، قال لها يسوع: لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي، ولكن اذهبي إلى أخوتي وقولي لهم إني اصعد إلي أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم».
ورغم أن العهد الجديد قد كتب بعد سنين من صعود المسيح إلى السماء فانه يؤكد على أن الله هو رب المسيح وأبيه، والمسيح ينظر إلى الآب على انه ربه.
إن رؤيا يوحنا وهو الكتاب الأخير من العهد الجديد، يصف الله سبحانه وتعالى بأنه إله المسيح وربه:
«لإلهه وأبيه المسيح» [رؤيا يوحنا 1: 6].
وفي الإصحاح الثالث العدد 12 يقول المسيح عن الهيكل: «هيكل إلهي... اسم إلهي... مدينة إلهي» وهذا يثبت انه حتى الآن ما زال المسيح ينظر إلى الآب على انه ربه وإلهه ولذلك فان يسوع ليس هو الإله المعبود بحق.
وفي أثناء حياته على الأرض تطلع يسوع لأبيه بما شابه ذلك. ولقد تكلم عن الصعود قائلًا: «إلى أبي وأبيكم والهي وإلهكم» [يوحنا 20: 17].
والبعض من المحترفين للوظائف الكنسية يدعون ادعاء سخيفًا لا أساس له وهو أن ألوهية المسيح تختلف عن ألوهية باقي البشر وذلك عندما قال: «إلهي وإلهكم» فهذه الألوهية ليست كألوهية البشر!! وكأن المسيح لم يقل للسائل الذي طلب منه أول الوصايا وأعظمها: «اسمع يا اسرائيل الرب إلهنا رب واحد».
وقد أعلن يسوع المسيح بأن العظمة لله وان الآب أعظم منه وهذا واضح من قوله الوارد في يوحنا [14: 28]: «أبي أعظم مني».
وفي قوله الوارد في لوقا [22: 42]:
«لتكن لا إرادتي، بل إرادتك» نجد فرق واضح وفصل بين إرادة يسوع الناصري وبين إرادة الله، فرق بين إرادة المخلوق والخالق.
وتتجلى المغايرة بين الله وبين يسوع الناصري عندما قال المسيح:
«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الاِبْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، بَلْ يَفْعَلُ مَا يَرَى الآبَ يَفْعَلُهُ. فَكُلُّ مَا يَعْمَلُهُ الآبُ، يَعْمَلُهُ الاِبْنُ كَذلِكَ، لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ، وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا يَفْعَلُهُ، وَسَيُرِيهِ أَيْضًا أَعْمَالًا أَعْظَمَ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ، فَتُدْهَشُونَ». يوحنا [5: 19].
«وَأَنَا لاَ يُمْكِنُ أَنْ أَفْعَلَ من نفسي شيئًا، بَلْ أَحْكُمُ حَسْبَمَا أَسْمَع ُ، وَحُكْمِي عَادِل ٌ، لأَنِّي لاَ أَسْعَى لِتَحْقِيقِ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَةِ الَّذِي أَرْسَلَنِي». يوحنا [5: 30].
ونجد أن المسيح يجسد إنسانيته بكاملها على الصليب المزعوم بقوله: «إلهي إلهي لماذا تركتني» [متى 27: 46] وليس بالإمكان فهم مثل هذه الكلمات لو كان المتكلم هو المسيح المتحد مع الرب والذي صار بالاتحاد شيء واحد.
عزيزي المتصفح:
إن كون المسيح قد صلى للرب «بصراخ شديد ودموع وتضرعات» هذا بحد ذاته يشير إلى طبيعة العلاقة بينهما. [الرسالة إلى العبرانيين 5: 7].
وقد كتب لوقا في [6: 12] ما نصه: «وفي تلك الأيام خرج إلي الجبل ليصلي، وقضى الليل كله في الصلاة لله» وهذا واضح أن الرب لا يمكنه أن يصلي لنفسه طوال الليل كله منفردا.
وحتى الآن، ما زال المسيح يصلي لله من أجل المؤمنين. الرسالة إلى أهل رومية [8: 26، 27].
إن علاقة المسيح بالرب أثناء حياته، لا تختلف بأساسها مما هي عليه اليوم، لقد تعامل المسيح مع الله على انه أباه وربه، وصلى له، وانه ما زال في نفس المرتبة التي كان عليها خلال حياته على الأرض لقد كان المسيح عبدًا لله وهذا ما نجده في أعمال الرسل [3: 13، 26]: «إن إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، إله آبائنا، قد مجد عبده يسوع» «العهد الجديد المطبعة الكاثوليكية».
وفي اشعياء [42: 1]: «هو ذا عبدي أعضده».
ولابد أن تعلم أيها القارئ الكريم أن العبد يعمل بإرادة سيده، وهو لا يقترن بأي حال من الأحوال مع سيده وهذا قاله المسيح وأكده: «الحق الحق أقول لكم: ما كان الخادم أعظم من سيده ولا كان الرسول أعظم من مرسله» [يوحنا 13: 16] والكل يعلم أن الابن مرسل من الآب ولاشك أن الرسول ليس بأعظم من مرسله بإقرار المسيح نفسه: «ولا كان الرسول أعظم من مرسله».