فصل: شهادة الإنجيل على أن يسوع المسيح كان عبدًا لله سبحانه وتعالى:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



يوزيبيوس النيقوميدي أسقف بيروت ثم نقل لنيقوميديا عاصمة الإمبراطورية الشرقية، وكان من أتباع لوسيان الأنطاكي ومن أصدقاء آريوس.
أما أشهر الموحدين من رجال الدين والمفكرين المسيحيين المتأخرين فهم:
1) المصلح المجاهد الطبيب الأسباني ميخائيل سيرفيتوسMichael Servitus (1151- 1553): تأثر بحركة الإصلاح البروتستانتية لكنه خطا في الإصلاح خطوات جذرية وجريئة أكثر، فأعلن بطلان عقيدة التثليث ورفض ألوهية المسيح بشدة وكان يسمي الثالوث بـ«الوحش الشيطاني ذي الرؤوس الثلاثة!» وقام بحركة نشطة جدا في الدعوة إلى التوحيد الخالص، وقد اتهمته الكنيسة بالهرطقة واعتقلته ثم أعدمته حرقا. لكنها لم تستطع إعدام أفكاره وكتاباته التي انتشرت في وسط وشرق أوربا انتشار النار في الهشيم وصار لها عشرات الألوف من الأتباع والمؤيدين.
2) القسيس الروماني فرانسيس ديفيد Francis David (1510- 1579): صار أسقفا كاثوليكيا أولا ثم اعتنق البروتستانتية ثم وصل في النهاية للتوحيد الخالص فأبطل التثليث ونفى ألوهية المسيح، وقد أوجدت أفكاره فرقة من الموحدين في بولونيا والمجر «هنغاريا» وأثرت أفكاره حتى في ملك هنغاريا الذي أصدر بيانا أمر فيه بإعطاء الموحدين حرية العقيدة.
3) اللاهوتي الإيطالي فاوستو باولو سوزيني Fausto Paolo Sozini (1539- 1604): اشتهر باسم سوسيانوس Socianus، نشر كتابا إصلاحيا ينقد عقائد الكنيسة الأساسية من تثليث وتجسد وكفارة وغيرها، ثم توصل للتوحيد الخالص وأخذ يؤكد عليه في كتاباته ورسائله وانتشرت تعاليمه في كل مكان وعرفت مدرسته أو مذهبه اللاهوتي باسم «السوسيانية»، أما مخالفوه فسموا أتباعه بـ «الآريانيين الجدد» «أي أتباع مذهب آريوس القديم». وبعد وفاته جمعت رسائله وكتاباته في كتاب واحد نشر في مدينة «روكوف» Rokow في بولندا، ولذلك أخذ اسم «كتاب العقيدة الراكوفية»، وقد تعرض أتباع السوسيانية لاضطهاد وحشي منظم منذ عام 1638 وحرق الكثير منهم أحياء أو حرموا حقوقهم المدنية وحرقت كتبهم، وفي سنة 1658 خُيِّرَ الناس بين قبول الكاثوليكية أو الذهاب للمنفى، فتوزَّع التوحيديون في أطراف أوربا وظلوا فئات منفصلة لفترات طويلة، وقد لقيت السوسيانية رواجا عميقا في هنغاريا «المجر» ثم بولندا وترانسلفانيا «إقليم في رومانيا» وانتشرت منها إلى هولندا ثم بريطانيا وأخيرا سرت للولايات المتحدة الأمريكية وكانت وراء نشوء الفرقة الشهيرة التي تسمت باسم التوحيديين The Unitarians.
4) الأستاذ المحقق البريطاني جون بيدل John Biddle (1615- 1662): يعتبر أبا مذهب التوحيد في إنجلترا، حيث قام بنشاط إصلاحي قوي ورائع في بريطانيا ونشر رسائله التوحيدية المدللة بأقوى البراهين المنطقية على بطلان إلهية المسيح وبطلان إلهية الروح القدس، وتفرد الله «الآب» وحده بالإلهية والربوبية، وقد تعرض هو وأتباعه لاضطهاد شديد وحوكم وسجن عدة مرات وتوفي أخيرا وهو سجين بسبب سوء ظروف السجن وسوء المعاملة فيه وقد أثرت أفكاره في الكثيرين من متحرري الفكر في بريطانيا فآمنوا بها ومن أشهرهم: السيد ميلتون Milton (1608- 1674) والسيد إسحاق نيوتن Sir Issac Newton (1642- 1727) العالم الفيزيائي الشهير، وأستاذ علم الاجتماع جون لوك John Lock (1632- 1704)، وكلهم ساهم بدوره في نقد عقائد وتعاليم الكنيسة المعقدة غير المفهومة كالتثليث والتجسد وإلهامية كل ما في الكتاب المقدس و... الخ بما كتبوه ونشروه من كتب وأبحاث ورسائل قيمة.
5) القسيس البريطاني توماس إيملين Thomas Emlyn (1663- 1741): وكان من القساوسة البروتستانت المشايخية Presbyterian ونشر كتابا بعنوان: «بحث متواضع حول رواية الكتاب المقدس عن يسوع المسيح» بيَّن فيه بطلان القول بإلهية المسيح وبطلان القول بتساويه مع الآب، فقبض عليه واتهم بالهرطقة ونفي من بريطانيا لكنه رغم ذلك لم يتوقف عن دعوته للتوحيد التام، ونشر رسائله المدللة بالبراهين القوية من الكتاب المقدس، على نفي إلهية المسيح أو إلهية الروح القدس، ووجوب إفراد الله تعالى وحده بالعبادة والصلوات، وتعتبر رسائله من أقوى وأحسن ما كتب في هذا الباب وكان عدد القساوسة البريسبيتاريين Presbyterians الذين انضموا إليه وآمنوا بآراء آريوس وغيره من الموحدين في بداية القرن الثامن عشر الميلادي عددا لا يستهان به.
6) القسيس البريطاني ثيوفيلوس ليندسيTheophilos Lindsy (1723- 1808): وكان منظم أول جماعة مصلين موحدة في إنجلترا، وكان يؤكد أنه ليست الكنائس فقط مكان عبادة الله، بل للإنسان أن يختار أي مكان لأداء الأدعية والصلوات لله وحده فقط.
7) القسيس والعالم البريطاني جوزيف بريستلي Joseph Priestly (1733ـ 1804): وكانت أبعد كتاباته أثرا كتاب «تاريخ ما لحق بالنصرانية من تحريفات» وجاء في مجلدين. وقد أثار هذا الكتاب ثائرة أتباع الكنيسة الرسمية وأمروا بإحراقه فيما بعد، كما ألف كتابا رائعا آخر في دحض التثليث وإبطال ألوهية المسيح سماه «تاريخ يسوع المسيح». هذا وقد اهتم بريستلي كذلك بالكيمياء واكتشف الأوكسجين الأمر الذي أكسبه شهرة عالمية. وقد هاجر بريستلي في آخر عمره إلى أمريكا وأنشأ هناك الكنيسة التوحيدية Unitarian Church، وتوفي في بوسطن.
8) القسيس الأمريكي ويليام إيليري تشانينغ William Ellery Channing (1780- 1842): كان له الفضل في تطوير وإرساء دعائم الكنيسة التوحيدية في أمريكا وبريطانيا والتي يربو عدد أتباعها اليوم على المائة والخمسين ألفا على الأقل، وذلك بفضل مواعظه المؤثرة البليغة وخطبه القوية ومحاضراته القيمة، هو ومساعده القسيس رالف والدو أيميرسن Ralph Waldo Emerson. ومن الجدير بالذكر أن أفكار فرقة الموحدين Unitarians هذه تسربت إلى قادة الحركة التي قامت بتأسيس مدرسة اللاهوت العصرية في جامعة هارفورد الشهيرة في سنة 1861.
9) البروفيسور البريطاني المعاصر جون هيك John Hick أستاذ اللاهوت في جامعة برمنجهام وصاحب الكتاب الممتاز «The Myth of God Incarnate» أي: أسطورة الله المتجسد، الذي ترجم للعربية ولعدة لغات عالمية، ويضم مقالات له وللفيف من كبار الأساتذة والدكاترة في اللاهوت ومقارنة الأديان في جامعات بريطانيا، محورها جميعا ما أشار إليه البروفيسور هيك نفسه في مقدمة كتابه ذاك حيث قال ما نصه:
[The writers of this book are convinced that another major theological development is called for in this last part of the Twentieth Century. The need arises from growing knowledge of Christian origins and involves a recognition that Jesus was (as he is presented in Acts 2.21) «A man approved by God» for a special role within the Divine purpose، and that the later conception of him as God Incarnate، The Second Person of the Holy Trinity living a human life، is a mythological or poetic way of expressing his significance for us.].
وترجمته: إن كُتَّاب هذا الكتاب مقتنعين بأن هناك، في هذا الجزء الأخير من القرن العشرين، حاجة ماسة لتطور عقائدي كبير آخر. هذه الحاجة أوجدتها المعرفة المتزايدة لأصول المسيحية، تلك المعرفة التي أصبحت تستلزم الاعتراف بعيسى أنه كان (كما يصفه سفر أعمال الرسل: 2/ 21): «رجل أيده الله» لأداء دور خاص ضمن الهدف الإلهي، وأن المفهوم المتأخر عن عيسى والذي صار يعتبره «الله المتجسد والشخص الثاني من الثالوث المقدس الذي عاش حياة إنسانية» ليس في الواقع إلا طريقة تعبير أسطورية وشعرية عما يعنيه عيسى المسيح بالنسبة إلينا.
وأخيرا فإن المتتبع لمؤلفات المحققين الغربيين المعاصرين حول تاريخ المسيحية وتاريخ الأديان والمطالع لما تذكره دوائر المعارف البريطانية والأمريكية الشهيرة حول المسيح وتاريخ تطور العقيدة النصرانية والأناجيل، يجد أن الغالبية العظمى من هؤلاء المفكرين والكتَّاب العصريين لا تماري ولا ترتاب في كون غالب العقائد المعقَّدة للكنيسة النصرانية، لاسيما التثليث والتجسد والكفارة والأقانيم... ما هي إلا تعبيرات فلسفية بعدية عن رسالة المسيح التي لم تكن إلا رسالة توحيدية أخلاقية بسيطة. ولم يبق إلا القليل جدا من المفكرين ودكاترة اللاهوت وأساتذة علم الأديان الغربيين ممن لا يزال يرى أن عقائد الكنيسة الرسمية تلك تمثل بالضبط نفس تعاليم المسيح وتعكس حقيقة رسالته.
وفي الختام أشير إلى أن كثيرا من الفرق النصرانية الجديدة، التي انشقت عن الكنيسة في قرننا هذا والذي سبقه، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، تتفق على إنكار إلهية المسيح وإنكار التثليث ورفض فكرة: الله- الإنسان، وتنظر لبنوَّة المسيح لله على معنى مجازي لا حرفي، ومن أشهر هذه الفرق الجديدة التي قالت بذلك:
فرقة الموحدين أو التوحيديين The Unitarians
فرقة شهود يهْوَه Witnesses' Jehovah
فرقة الروحيين The Spiritualist
فرقة العلم المسيحي The Christian Science
مع العلم أن لكل واحدة من هذه الفرق عشرات الكنائس وعشرات آلاف الأتباع من مختلف الطبقات، لاسيما الطبقات المثقفة العصرية، في الولايات المتحدة الأمريكية وكثير من بلدان العالم الأخرى.
نقلا عن كتاب «الأناجيل الأربعة ورسائل بولس ويوحنا تنفي ألوهية المسيح كما ينفيها القرآن».

.شهادة الإنجيل على أن يسوع المسيح كان عبدًا لله سبحانه وتعالى:

من المعلوم لغةً أن: العبودية تعني الخضوع والذل. وأن العبادة تعني الانقياد والخضوع. والعبد ضد الحر. ونحن البشر كلنا عبيد لله الخالق العظيم... وقد صرح المسيح في إنجيل يوحنا بأن العبد يعمل بإرادة سيده، وهو لا يقترن بأي حال من الأحوال مع سيده: «الحق الحق أقول لكم: ما كان الخادم أعظم من سيده ولا كان الرسول أعظم من مرسله» [يوحنا 13: 16].
فهل كان يسوع الناصري عبدًا لله سبحانه وتعالى؟
الجواب:
لقد كان المسيح عبدًا لله سبحانه وتعالى وهذا ما نجده في الأدلة التالية من الكتاب المقدس:
1- لقد بشر النبي اشعياء [42: 1] بنبي عظيم، أول صفاته أنه عبد الله ورسوله وهذه البشارة تقول: «هو ذا عبدي أعضده» وقد اعتقد كاتب إنجيل متى أن تلك النبوءة قد تحققت في المسيح، فاقتبسها ووضعها في إنجيله في الإصحاح الثاني عشر.
والشاهد في هذا الدليل أن الله سماه عبدًا على لسان إشعيا.
2- وورد في سفر أعمال الرسل [3: 13، 26] دليلًا ثانيًا يؤكد عبودية يسوع المسيح لله سبحانه وتعالى، إليك نصه: «إن إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، إله آبائنا، قد مجد عبده يسوع». «العهد الجديد المطبعة الكاثوليكية».
علمًا بأن الطبعة البروتستانتية «الإنجيلية» للكتاب المقدس تستبدل كلمة عبده، بكلمة فتاه.
وقد اتفقت الترجمتان الإنجليزيتان: الملك جيمس والقياسية، على استخدام كلمة: Servant مقابل كلمة: عبد، العربية.
كذلك اتفقت الترجمتان الفرنسيتان: لوي سيجو، والمسكونية على استخدام كلمة: Serviteur مقابل كلمة: عبد، العربية.
3- دليل آخر على عبودية يسوع المسيح هو ما جاء في سفر أعمال الرسل [4: 27] وإليك النص: «تحالف حقًا في هذه المدينة هيردوس وبنطيوس بيلاطس والوثنيون وشعوب إسرائيل على عبدك القدوس يسوع الذي مسحته» «العهد الجديد المطبعة الكاثوليكية _ منشورات دار المشرق ببيروت».