فصل: شهادة الأناجيل على بطلان ألوهية المسيح:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



4- وورد في سفر أعمال الرسل [4: 29، 30] دليلًا رابعًا يؤكد عبودية يسوع الناصري لله سبحانه وتعالى، إليك نصه: «فانظر الآن يا رب إلي تهديداتهم، وهب لعبيدك أن يعلنوا كلمتك بكل جرأة باسطًا يدك ليجري الشفاء والآيات والأعاجيب باسم عبدك القدوس يسوع».
«العهد الجديد المطبعة الكاثوليكية _ منشورات دار المشرق ببيروت».
وقد أكد يسوع الناصري عبوديته لله سبحانه وتعالى بأفعاله وأقواله والتي منها:
قيامه بالصلاة وعبادته لله طوال الليل كله، طبقًا لما ذكره لوقا في إنجيله [6: 12] ونصه: «وفي تلك الأيام خرج إلي الجبل ليصلي، وقضى الليل كله في الصلاة لله».
وفي يوحنا [11: 41] نجده أتى بأفعال تنافي الألوهية منها: قيامه برفع عينيه إلى السماء ودعائه لله سبحانه وتعالى لكي يستجيب له في تحقيق معجزة إحياء العازر.
فلمن كان يتوجه ببصره إلي السماء إذا كان الأب حال فيه؟
وغيرها من الأدلة.
فها هي كتبكم يا نصارى تشهد بأن يسوع الناصري هو عبد من عباد الله سبحانه وتعالى والعبد يعمل بإرادة سيده، وهو لا يقترن بأي حال من الأحوال مع سيده: «الحق الحق أقول لكم: ما كان الخادم أعظم من سيده ولا كان الرسول أعظم من مرسله» [يوحنا 13: 16].
فهل قبلتم المسيح كعبد لله ورسول من عنده؟
وصدق الله العظيم إذا يقول: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} سورة النساء:172

.شهادة الأناجيل على بطلان ألوهية المسيح:

(1) جاء في إنجيل يوحنا [17: 3] أن المسيح عليه السلام توجه ببصره نحو السماء قائلًا لله: «وهذه الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته».
فإذا كان النصارى يقولون أن الله قد تجسد في جسد المسيح يسوع، فمن هو الإله الذي كان يخاطبه يسوع؟
ومن ناحية أخرى ألم يلاحظ النصارى تلك الكلمات: «ويسوع المسيح الذي أرسلته»، ألا تدل تلك الكلمات على أن يسوع المسيح هو رسول تم إرساله من قبل الله؟
ولاشك أن المرسل غير الراسل، وإذا أمعن النصارى التفكير إلا يجدون أن هذا الكلام يتفق مع كلام الذي أسموه «الهرطوقي أريوس» الذي كان يقول بأن المسيح ما هو إلا وسيط بين الله والبشر؟!.
لقد شهد المسيح أن الحياة الأبدية هي شهادة أن لا إله إلا الله وأن يسوع رسول الله وهو عين ما يؤمن به المسلمون جميعًا. وحيث أن الحياة الأبدية حسب قول المسيح هي التوحيد الحقيقي فيكون التثليث الحقيقي هو الموت الأبدي والضلال.
وبعد هذا نجد:
أن النص السابق من إنجيل يوحنا يبرهن لنا الآتي:
أولًا: أنه يوجد إله حقيقي واحد وأن يسوع لا يعرف شيئًا عن التثليث أو الأقانيم بقوله: «أنت الإله الحقيقي وحدك».
ثانيًا: وأن يسوع المسيح لم يدع الألوهية لأنه أشار إلى الإله الحقيقي بقوله: «أنت الإله الحقيقي» لا إلى ذاته.
ثالثًا: لقد شهد يسوع المسيح بأنه رسول الله فحسب بقوله: «ويسوع المسيح الذي أرسلته».
إن المسيح لم يقل: «إن الحياة الأبدية أن يعرفوكم أنكم ثلاثة أقانيم وأنكم جميعًا واحد».
وإن المسيح لم يقل: «إن الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله المكون من ثلاثة أقانيم الآب والابن والروح القدس».
بل لقد شهد المسيح أن الحياة الأبدية هي شهادة أن لا إله إلا الله وأن يسوع رسول الله.
(2) كتب لوقا في [4: 18]: ما نصه «وَعَادَ يَسُوعُ إِلَى مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ بِقُدْرَةِ الرُّوحِ؛ وَذَاعَ صِيتُهُ فِي الْقُرَى الْمُجَاوِرَةِ كُلِّهَا. وَكَانَ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِ الْيَهُودِ إلي أن قال، وَوَقَفَ لِيَقْرَأَ. فَقُدِّمَ إِلَيْهِ كِتَابُ النَّبِيِّ إِشَعْيَاءَ، فَلَمَّا فَتَحَهُ وَجَدَ الْمَكَانَ الَّذِي كُتِبَ فِيهِ: رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْفُقَرَاءَ؛ أَرْسَلَنِي لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاقِ».
فإذا كانت هذه النبوءة التي جاءت على لسان النبي اشعياء هي نبوءة عن المسيح فإنها تقول «روح الرب علي» أي وحي الله وأنه لم يقل روح الرب هي ذاتي أو أقنومي أو جزئي أو نفسي وقد وورد في الكتاب المقدس أن روح الرب حلت على ألداد وميداد كما في سفر العدد [11: 26] وعلى صموئيل كما في الإصحاح العاشر الفقرة السادسة من سفر صموئيل. وقد قالها النبي حزقيال عن نفسه في سفره كما في الإصحاح الحادي عشر الفقرة الخامسة يقول حزقيال «وحل عَلَيَّ رُوحُ الرَّبِّ».
ثم إن قوله: «أرسلني لأنادي للمأسورين بالإطلاق» هو دليل على انه نبي مرسل وليس هو الرب النازل إلي البشر تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
ثم إن ما جاء في انجيل لوقا [4: 34] من قول المسيح: «لابد لي أن أبشر المدن الأخرى بملكوت الله لأني لهذا أرسلت» لهو نص واضح آخر على أن المسيح رسول مرسل من الله ليس إلا وأن الله لم يأت بنفسه جل جلاله!!
(3) جاء في إنجيل لوقا [7: 16] أن المسيح بعدما أحيا الميت الذي هو ابن وحيد لامرأة أرملة حدث أن جميع الناس الحاضرين مجدوا الله قائلين: «قد قام فينا نبي عظيم، وتفقد الله شعبه وذاع هذا الخبر في منطقة اليهودية وفي جميع النواحي المجاورة».
أيها القارئ الكريم أن هذا لدليل صريح على بشرية المسيح وأنه عبد رسول ليس إلا، فإنه بعد أن أحيا هذا الميت استطاع جميع الحاضرين أن يفرقوا بين الله وبين المسيح فمجدوا الله وشهدوا للمسيح بالنبوة وشكروا الله إذ أرسل في بني إسرائيل نبيًا، ويسمون أنفسهم شعب الله إذ أن الله «تفقده» أي اهتم به، وأرسل فيهم نبيًا جديدًا وتأمل عزيزي القارئ لقول الإنجيل: «قد قام فينا نبي عظيم وتفقد الله شعبه» وتأمل كيف أن المسيح أقرهم على هذا القول ولم ينكره عليهم وتأمل كيف ذاع ذلك في كل مكان.
(4) وإذا قرأنا رواية لوقا [7: 39] نجده يذكر أن الفريسي بعدما رأى المرأة تبكي وتمسح قدمي المسيح بشعرها قال في نفسه: «لو كان هذا نبيًا، لعرف من هي هذه المرأة التي تلمسه».
فإن قول الفريسي هذا يدل على أنه داخله الشك في نبوة المسيح، وهذه الرواية تثبت بالبداهة أن المسيح عليه السلام كان معروفًا بالنبوة ومشتهرًا بها، ويدعيها لنفسه، لأن الفريسي داخله الشك فيما هو معروف له والمشهور بادعائه، وإلا لكان قال: لو كان هذا هو الله لعرف من هي هذه المرأة التي تلمسه. وهذا أمر ظاهر عند كل من لديه مسحة عقل من المسيحيين.
وهنا أود أن أسرد إليك أيها القارئ الكريم الأدلة الدامغة من الأناجيل التي تثبت أن المسيح عليه السلام لم يكن معروفًا إلا بالنبوة، وسيتضح من هذه الأدلة أن المسيح والمؤمنين به وأعدائه اتفقت كلمتهم على صفة النبوة إثباتًا له من نفسه والمؤمنين به أو إنكارًا له من جانب أعدائه.
أولًا: ورد بإنجيل لوقا [24: 19]: أن تلميذين من تلاميذ المسيح وصفوه بالنبوة وهو يخاطبهم ولم ينكر عليهم هذا الوصف فكانا يقولان: «يسوع الناصري الذي كان إنسانًا نبيًا مقتدرًا في الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب».
ثانيًا: ورد بإنجيل يوحنا [9: 17] قول الرجل الأعمى: «قالوا أيضًا للأعمى ماذا تقول أنت عنه من حيث أنه فتح عينيك فقال إنه نبي».
ثالثا: وفي رسالة أعمال الرسل [3: 22] حمل بطرس قول موسى عليه السلام الوارد في العهد القديم عن المسيح قوله: «إن نبيًا مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم» فموسى عليه السلام صرح بأن الله سبحانه وتعالى سيقيم لهم نبيًا ولم يقل سينزل لهم الرب.
رابعا: ورد بإنجيل متى [21: 10، 11] أن المسيح لما دخل أورشليم ارتجت المدينة كلها وسألت من هذا؟ فكانت الإجابة من الجموع الغفيرة من المؤمنين والتلاميذ الذين دخلوا مع المسيح مدينة القدس هي: (هذا يسوع النبي من ناصرة الجليل!!) كل الجموع تسأل، وكل المؤمنين يجيبون وعلى رأسهم تلاميذ المسيح قائلين «هذا يسوع النبي» فهل هناك أعظم من هذه الشهادة التي شهد بها كل المؤمنين وسمع بها الجموع الغفيرة في أورشليم؟! وتفرق الجمع بعد ذلك على معرفة هذه الحقيقة وهي أن المسيح نبي كريم وليس إلهًا.
خامسًا: ورد بإنجيل يوحنا [6: 14] ان الناس الذين رأوا معجزة تكثير الطعام التي صنعها المسيح فآمنوا بها قالوا: «إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم» فأقرهم المسيح ولم ينكر عليهم وصفهم له بالنبوة وكانوا جمع كثير بنحو 5 آلاف رجل فدل هذا على أن المسيح لم يدع الألوهية ولم يكن يعرف عن ألوهيته المزعومة شيئًا.
سادسًا: جاء في إنجيل متى [13: 57] ان المسيح لما رأى أهل الناصرة يحاربونه وينكرون معجزاته رد عليهم قائلًا: «ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وفي بيته» فالمسيح لم يقل لهم أني إله وانما قال لهم فقط إنني نبي ولا كرامة لنبي في بلده، فالألوهية لم تكن تخطر ببال المسيح عليه السلام مطلقًا.
سابعا: وفي انجيل لوقا [13: 33] يتكلم المسيح وهو يعرض نفسه قائلا: «لا يمكن أن يهلك نبي خارجًا عن أورشليم».
فهذا إقرار من المسيح عليه السلام بأنه نبي من جملة الأنبياء وليس للأنبياء كلهم إلا طبيعة واحدة وهي الطبيعة الآدمية فتأمل.
ثامنًا: ونستنتج من كلام أعداء المسيح النافي لنبوة المسيح الوارد في لوقا [7: 25] أن المسيح كان مشتهرًا بالنبوة ولم يدع الألوهية لذلك فهم ينفون نبوته قائلين: «إنه لم يقم نبي من الجليل».
وخلاصة ما تقدم من أدلة:
إنه إذا كان المؤمنون بالمسيح وأعدائه والمسيح نفسه كلامهم لا يتعدى نبوة المسيح إثباتًا ونفيًا فهل يجوز لأحد بعد ذلك أن يرفض تلك الأقوال جميعها في صراحتها ويذهب إلى القول بأنه إله؟ ونجد أنه حتى أمه مريم كانت تخاف عليه ولو كانت تعلم لاهوته لما خافت لوقا 2: 48: «وقالت له أمه يا بنيّ لماذا فعلت بنا هكذا.هو ذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين».
{ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (مريم:35).
(5) جاء في إنجيل متى في الإصحاح الخامس قول المسيح: «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْغِيَ الشَّرِيعَةَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأُلْغِيَ، بَلْ لأُكَمِّلَ».
إن هذا لهو نص واضح لكل ذي عينين بأن المسيح رسول قد مضت من قبله الرسل وأنه واحد ممن سبقوه، وليس ربًا أو إلهًا، وانه ما جاء إلا ليعمل بالشريعة التي سبقته وهي شريعة موسى ويكمل ما بناه الانبياء قبله ولو كان المسيح هو رب العالمين حسبما يؤمن المسيحيون ما كان ليصح بتاتًا أن يقول لهم: «ما جئت لألغي بل لأكمل» فلا شك أن المسيح حلقة في سلسلة الأنبياء والمرسلين وليس هو رب العالمين كما يعتقد المسيحيون.
وقد جاءت نصوص واضحة الدلالة على أن المسيح عليه السلام عندما كان يدعو تلاميذه، ويعلمهم لم يكن يدعوهم إلا على أنه رسول من الله سبحانه وتعالى وانه كان يدعوهم إلى توحيد الله، وعبادته، انظر إلى قوله في يوحنا في [12: 49]: «لم أتكلم من نفسي، لكن الأب الذي أرسلني، هو أعطاني وصية ماذا أقول، وبماذا أتكلم».
ونجده يقول للتلاميذ في متى [5: 16]: «هكذا فليضيء نوركم أمام الناس ليروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات». ويقول لهم في انجيل متى [7: 11]: «أبوكم الذي في السموات يهب خيرات للذين يسألونه» ويقول في الفقرة 21 من نفس الاصحاح: «ما كل من يقول لي: يا رب! يدخل في ملكوت السموات، بل من يعمل بمشيئة أبي الذي في السموات». وغيرها من النصوص.