فصل: الرد على هذه الشبهة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الرد على هذه الشبهة:

إننا نقول أن الصعود لم يكن منفردًا به المسيح حتى تدعون إنه إله، ألم يرد في كتابكم المقدس في سفر الملوك الثاني [2: 11، 12] أن النبي إيليا قد صعد إلي السماء حيًا وترك أليشع خلفه يبكي وإنه إلي الآن حي فيها؟
يقول النص: «وفيما هما- أي إيليا وأليشع- يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار فصلت بينهما، فصد إيليا في العاصفة إلي السماء».
ثم ألم يرد في كتابكم المقدس في سفر التكوين [5: 24] أن أخنوخ صعد حيًا إلي السماء وأنه حي فيها؟
يقول النص: «وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد، لأن الله أخذه».
فلو كان الصعود إلي السماء دليل على الالوهية لكان أخنوخ وإيليا إلهين. وهذا ما لم يقل به أحد.
ثم إن المسيح عليه السلام لم يصعد من ذاته إلي السماء بل أُصْعِدَ إلي السماء، أي أن هناك قوة أخرى قامت بإصعاده أو رفعه إلي السماء وإليك الدليل من إنجيل لوقا [24: 51]: «وَبَيْنَمَا كَانَ يُبَارِكُهُمْ، انْفَصَلَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ».
فإذا كان الله قد تجسد في جسد المسيح، فمن الذي قام بعملية الإصعاد هذه؟!

.إطلاق لفظ رب على المسيح:

يستدل المسيحيون بتسمية المسيح ربًا على ألوهيته.

.الرد على هذه الشبهة:

من المجازات الواردة في الأناجيل استعمال لفظ «رب» في حق المسيح بمعنى معلم وهذا هو تفسير يوحنا نفسه في الإصحاح الأول الفقرة الثامنة والثلاثين من إنجيله فقد فسر كلمة رب بمعنى معلم. وإليك النص:
«فالتفت يسوع ونظرهما يتبعانه فقال لهما: ماذا تطلبان، فقالا: ربي الذي تفسيره يا معلم أين تمكث؟ فقال لهما: تعاليا وانظرا فأتيا ونظرا أين يمكث ومكثا عنده ذلك اليوم».
ملاحظة:
إن جملة: «الذي تفسيره يا معلم» المعترضة، هي ليوحنا نفسه مؤلف الإنجيل وليست لأحد من الشراح، فهي من متن الإنجيل نفسه وليست مضافة».
لقد فسر يوحنا كلمة رب في صلب الإنجيل نفسه بأنها تعني المعلم، فعيسى بالنسبة لتلاميذه هو معلمهم وأستاذهم.
ومرة ثانية يورد يوحنا في [20: 16، 17] حوارًا بين المسيح ومريم المجدلية، تطلق فيه مريم المجدلية على المسيح لفظ «رب» ويحرص يوحنا على تقسير اللفظ خلال الحديث بمعنى معلم، وإليك النص:
«قال لها يسوع يا مريم فالتفتت تلك وقالت له: ربوئي الذي تفسيره يا معلم، قال لها يسوع: لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلي أبي، ولكن اذهبي إلى أخوتي وقولي لهم إني اصعد إلي أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم».
وقد أطلق الكتاب المقدس كلمة رب على غير المسيح في نصوص كثيرة طبقًا لما سيأتي، فلو كان في إطلاق لفظ «رب» على المسيح أن يكون إلهًا للزم أن يكون كذلك على غيره ممن أطلق عليه ذلك اللفظ.
فقد أطلق الكتاب المقدس لفظ الرب على الكاهن والقاضي وذلك في سفر التثنية [19: 17] يقول النص: «يقف الرجلان اللذان بينهما خصوصة أمام الرب» والرب هنا هو القاضي والكاهن.
وأطلق الكتاب المقدس لفظ الرب على الملك وذلك في سفر الخروج [4: 24].
يقول النص: «وحدث في الطريق في المنزل أن الرب التقاه وطلب أن يقتله».
فهذا الرب الذي لقي موسى في الطريق، هو الملك أراد أن يقتل موسى.
وسمي الملك ربًا في سفر القضاة أربع مرات وذلك في الإصحاح السادس ابتداء من الفقرة الحادية عشرة.
وقد جاء في إنجيل... [4: 19] ما يفيد إن لفظ «الرب» كان يقال في ذلك الوقت على سبيل الاحترام أيضًا ودليل ذلك المرأة السامرية التي طلب منها المسيح عليه السلام أن تسقيه، مما أثار تعجبها، ولذلك قالت له: «يا رب أرى أنك نبي».
فالمرأة هنا لا تعرف المسيح ولا تؤمن به بل هي تشك حتى في مجرد أن يكون نبي، ورغم ذلك تقول له «يا رب» فإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على ان هذا اللفظ يراد به الاحترام ولا يعني الالوهية في شيء.
ويكفي أن نعرف أن يوحنا نفسه فسر كلمة رب بمعنى معلم في [1: 38] من إنجيله.
ومن الجدير ذكره هنا، أنه حتى في اللغة العربية، قد تطلق لفظة الرب، المطلقة من غير أي إضافة، على الملِك والسيد، كما ذكر صاحب لسان العرب حيث قال أن أهل الجاهلية يسمون الملك: الرب، وأنه كثيرا ما وردت كلمة الرب مطلقةً، في أشعارهم، على معنى غير الله تعالى.
كما جاء في لسان العرب: الرب: يطلق في اللغة على المالك، والسيد، والمدبر، والمربي، والقيِّم، والمنعم والسيد المطاع.
وقد وردت في القرآن الكريم بهذا المعنى عدة مرات، من ذلك الآيات التالية:
{يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا} سورة يوسف/ 41
{وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين} سورة يوسف/ 42.
{فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} سورة يوسف/ 50.
أيها القارئ الكريم:
كل هذه الأمثلة أوردتها للتأكيد على أن لفظة «الرب» لا ينحصر معناها في الله تعالى الخالق الرازق، بل كثيرا ما تأتي بمعنى المالك الآمر والسيد المطاع والمعلم وهذا المعنى الأخير هو المراد في لغة العهد الجديد ولغة التلاميذ عندما يطلق على المسيح وهو الذي كان يعنيه بولس من لفظة الرب عندما يطلقها على السيد والمعلم المسيح، فليس في هذه اللفظة أي دليل على ألوهيته.
ومما يؤكد ذلك قول المسيح نفسه لتلميذين من تلاميذه عندما طلب منهما إحضار الحمار أو الجحش له: «وان سألكما احد لماذا تحلانه فقولا له هكذا أن الرب محتاج إليه». [لوقا 19: 31].
فهل لو كان المسيح رب بمعنى الإله المعبود بحق: يقول: أن الرب محتاج إليه؟

.سجود بعض التلاميذ للمسيح:

يستدل المسيحيون بسجود بعض التلاميذ للمسيح على ألوهيته.

.والرد على هذا الاستدلال هو بالآتي:

لقد جاء في الكتاب المقدس في كثير من نصوصه ذكر سجود البشر للأنبياء وأحيانا سجود النبي للنبي بل حتى أحيانا سجود الأنبياء للبشر، مما يؤكد أنه في عرف الكتاب المقدس لا يعتبر السجود عبادة محضة خاصة بالله، بل هو أعم من ذلك، فقد يكون عبادة، وقد يكون مجرد خضوع واحترام للمسجود له، وبالتالي في هذه الحالة الأخيرة يجوز أداؤه لغير الله. وليس هذا خاصًا بالكتاب المقدس بل أثبت القرآن أيضا ذلك الأمر في قصصه عن الأمم السابقة، فكل مسلم يعرف أن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم، ويعرف قصة سجود أبوي يوسف وإخوته الأحد عشر ليوسف كما في سورة يوسف. لكن دعنا الآن نذكر الشواهد من الكتاب المقدس:
(1) جاء في سفر التكوين [23: 7] ما نصه: «فقام إبراهيم وسجد لشعب الأرض لبني حث» وفي الفقرة 12 من نفس الإصحاح نجد ما نصه: «وسجد إبراهيم أمام شعب الأرض».
(2) وجاء في سفر التكوين [33: 3- 7]: أن يعقوب سجد ونساؤه وأولاده لعيسو عندما التقوا به.
(3) وفي سفر التكوين أيضا [42: 6]، [43: 26، 28]: أن إخوة يوسف سجدوا له.
(4) وورد في سفر التكوين أيضا [48: 12]: أن يوسف سجد أمام وجه أبيه.
(5) وفي سفر الخروج [18: 7]: أن موسى خرج لاستقبال حميه وسجد وقبله.
(6) وفي سفر صموئيل الأول [24: 8، 9]: أن داود: «نادى وراء شاول قائلا يا سيدي الملك، فلما التفت شاول إلى وراءه، خر داود على وجهه إلى الأرض وسجد».
(7) وفي سفر صموئيل الأول أيضا [25: 23، 24] ما نصه:
«ولما رأت أبيجائيل داود أسرعت ونزلت عن الحمار وسقطت أمام داود على وجهها وسجدت إلى الأرض وسقطت على نعليه وقالت: علي أنا يا سيدي هذا الذنب ودع أمتك تتكلم».
(8) وفي سفر الملوك الأول [1: 16]: (فخرت بششبع وسجدت للملك «داود»).
(9) وفي سفر الملوك الأول أيضا ِ[1: 22، 23] ما نصه: «وبينما هي تتكلم مع الملك إذ وصل ناثان النبي. فأخبروا الملك «داود» قائلين هو ذا ناثان النبي. فدخل إلى أمام الملك «داود» وسجد للملك على وجهه إلى الأرض».
والشواهد على ذلك كثيرة ونكتفي بما ذكرناه.

.قول بولس: الله ظهر في الجسد، تبرر في الروح، تراءى للملائكة، كُرِزَ به بين الأمم، أومِنَ به في العالم، ُ رفِع في المجد.

رسالته الأولى إلى تيموثاوس [3: 16] كما في الترجمة التقليدية البروتستانتية.

.الرد على هذه الشبهة:

أولًا: من المعلوم لدينا أن كلام بولس على تقدير صحة نسبة الرسائل إليه، ليس بمقبول عندنا لأنه عندنا من الكاذبين الذين كانوا قد ظهروا في الطبقة الأولى، وإن كان مقدسًا عند أهل التثليث، فلا نشتري قوله بحبة. [إظهار الحق].
ثانيًا: إن ذكر لفظ الجلالة «الله» كفاعل لفعل «ظهر» إنما هو اجتهاد وتصرف من المترجم ولا وجود لهذه اللفظة في الأصل اليوناني بل فعل «ظهر» فيها مذكور بدون فاعل، أي مذكور بصيغة المبني للمجهول «أُظْهِرَ»، كما هو حال سائر أفعال الفقرة: كُرِزَ به بين الأمم، أومنَ به في العالم.
وقد اتبعت الترجمة العربية الحديثة الكاثوليكية الأصل اليوناني بدقة فذكرت فعل ظهر بصيغة المبني للمجهول، ولم تأت بلفظ الجلالة هنا أصلا، وإليكم ما ذكرته بعين حروفه:
«ولا خلاف أن سر التقوى عظيم. قد أُظهِرَ في الجسد، وأُعلِن بارا في الروح وتراءى للملائكة وبُشِّر به عند الوثنيين وأومن به في العالم، ورُفِعَ في المجد». «راجع العهد الجديد الطبعة الكاثوليكية».
ونفس الأمر في الترجمتين الحديثتين المراجعتين الفرنسية والإنجليزية. وبهذا يبطل استدلالهم بالفقرة على ألوهية المسيح، لأن الذي ظهر في الجسد هو المسيح، الذي كان كائنا روحيا فيما سبق- إذ هو أول خليقة الله حسب عقيدة بولس- وليس الله.
بالإضافة إلى أن بعض الجمل اللاحقة تؤكد أن الذي ظهر ليس الله ولا هو بإله، كعبارة: أُعلِنَ بارًا في الروح، أو عبارة رُفِعَ في المجد. حيث إنه من البديهي أن الله تعالى الممجد في علاه القدوس أزلًا وأبدًا، لا يمكن أن يأتي أحد ويرفعه في المجد أو يعلنه بارًا في الروح!! إنما هذا شأن العباد المقربين والرسل المكرمين وحسب.
ثالثا: هناك من تأول العبارة بأن الظهور لا يأخذ بمعناه الحرفي ولكن المعنى أن الله ظهر برسالته وآياته التي صنعها رسوله. ومع هذا يجب أن نلاحظ أن هذه الكلمات ليست كلمات المسيح عليه السلام إنها كلمات بولس وأفكار بولس التي سعى لترويجها بين الناس في عصره. ولم يقل المسيح عليه السلام يوم قط: «أنا الله». ولم يقل المسيح للناس يوم قط: «أعبدوني».

.وصف المسيح بأنه صورة الله:

يعتقد المسيحيين ان المسيح صورة الله، وأنه الله القدير.