فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن سعد وأحمد والبخاري وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن أنس «أن الربيع كسرت ثنية جارية، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أخوها أنس بن النضر: يا رسول الله تكسر ثنية فلانة؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس كتاب الله القصاص».
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال: الجروح قصاص، وليس للإمام أن يضربه ولا أن يحبسه، إنما القصاص- ما كان الله نسيًا- لو شاء لأمر بالضرب والسجن.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عبد الله بن عمر. في قوله: {فمن تصدَّق به}.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن في قوله: {فمن تصدَّق به فهو كفارة له} قال كفارة للمجروح.
وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر بن عبد الله: {فهو كفارة له} قال للذي تصدق به.
وأخرج ابن مردويه عن رجل من الأنصار عن النبي صلى الله عليه وسلم «في قوله: {فمن تصدق به فهو كفارة له} قال: الرجل تكسر سنه، أو تقطع يده، أو يقطع الشيء، أو يجرح في بدنه، فيعفو عن ذلك، فيحط عنه قدر خطاياه، فإن كان ربع الدية فربع خطاياه، وإن كان الثلث فثلث خطاياه، وإن كانت الدية حطت عنه خطاياه كذلك».
وأخرج الديلمي عن ابن عمر قال «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {فمن تصدق به فهو كفَّارة له} الرجل تكسر سنه، أو يجرح من جسده، فيعفو عنه فيحط من خطاياه بقدر ما عفا من جسده، إن كان نصف الدية فنصف خطاياه، وإن كان ربع الدية فربع خطاياه، وإن كان ثلث الدية فثلث خطاياه، وإن كانت الدية كلها فخطاياه كلها».
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن مردويه عن عدي بن ثابت. «أن رجلًا هتم فم رجل على عهد معاوية، فأعطاه دية فأبى إلا أن يقتص، فاعطاه ديتين فأبى، فأعطى ثلاثًا. فحدث رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تصدق بدم فما دونه فهو كفارة له من يوم ولد إلى يوم يموت».
وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجة وابن جرير عن أبي الدرداء قال: كسر رجل من قريش سن رجل من الأنصار، فاستعدى عليه، فقال معاوية: أنا أسترضيه، فألح الأنصاري فقال معاوية: شأنك بصاحبك؟ وأبو الدرداء جالس فقال أبو الدرداء «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم يصاب بشيء من جسده فيصدق به إلا رفعه الله به درجة وحط عنه به خطيئة» فقال الأنصاري: فاني قد عفوت.
وأخرج الديلمي عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {فمن تصدق به فهو كفَّارة له} قال: هو الرجل تكسر سنه، ويجرح من جسده، فيعفو عنه فيحط عنه من خطاياه بقدر ما عفا عنه من جسده، إن كان نصف الدية فنصف خطاياه، وإن كان ربع الدية فربع خطاياه، وإن كان ثلث الدية فثلث خطاياه، وإن كان الدية كلها فخطاياه كلها.
وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجة وابن جرير عن أبي الدرداء. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «ما من مسلم يصاب بشيء من جسده فيتصدق به إلا رفعه الله به درجة وحط به خطيئة» فقال الانصاري: فإني قد عفوت.
وأخرج أحمد والنسائي عن عبادة بن الصامت. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «مامن رجل يجرح من جسده جرحة فيتصدق بها إلا كفر الله عنه مثل ما تصدق به».
وأخرج أحمد عن رجل من الصحابة قال: من أصيب بشيء من جسده فتركه بعد كان كفارة له.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن يونس بن أبي إسحاق قال: سأل مجاهد أبا إسحاق عن قوله: {فمن تصدق به فهو كفارة له} فقال له أبو إسحاق: هو الذي يعفو. قال مجاهد: بل هو الجارح صاحب الذنب.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {فمن تصدق به فهو كفَّارة له} قال: كفارة للجارح، وأجر المتصدق على الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد وإبراهيم {فمن تصدق به فهو كفارة له} قال: كفارة للجارح، وأجر المتصدق على الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد وإبراهيم {فمن تصدق به فهو كفارة له} قالا: للجارح.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {فمن تصدق به فهو كفارة له} للمتصدق عليه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {فمن تصدق به فهو كفارة له} يقول: من جرح فتصدق به على الجارح، فليس على الجارح سبيل، ولا قود، ولا عقل، ولا جرح عليه من أجل أنه تصدق عليه الذي جرح، فكان كفارة له من ظلمه الذي ظلم.
وأخرج الخطيب عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من عفا عن دم لم يكن له ثواب إلا الجنة». اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله تعالى: {أَنَّ النفس بالنفس}: {أن} واسمها وخبرها في محل نصب على المفعولية بـ {كتبنا}، والتقدير: وكتبنا عليهم أخْذَ النفس بالنفس.
وقرأ الكسائي {والعَيْنُ} وما عُطِفَ عليها بالرفع، وقرأ نافع وحمزة وعاصم بنصب الجميع.
وقرأ أبو عمرو، وابن كثير، وابن عامر بالنصب فيما عد {الجُرُوح} فإنهم يرفعونها.
فأما قراءة الكسائي فوجَّهَهَا أبو علي الفارسي بثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون «الواو» عاطفة جملة اسمية على جملة فعلية، فتعطف الجمل كما تعطف المفردات، يعني أن قوله: {والعين} مبتدأ، و{بالعين} خبره، وكذا ما بعدها، والجملة الاسمية عطف على الفعلية من قوله: {وَكَتَبْنَا} وعلى هذا فيكون ذلك ابتداء تشريع، وبيان حكم جديد غير مندرج فيما كتب في التوراة.
قالوا: وليست مشركة للجملة مع ما قبلها لا في اللفظ ولا في المعنى.
وعَبَّرَ الزمخشري عن هذا الوجه بالاستئناف قال: «أو» للاستئناف، والمعنى: فرضنا عليهم أن النفس مأخوذة بالنفس مقتولة بها، إذا قتلها بغير حقٍّ، وكذلك العين مَفْقُودة بالعين، والأنف مَجْدُوع بالأنف، والأذن مَصْلُومة أو مقطوعة بالأذن والسِّنّ مقلوعة بالسن، والجُرُوح قصاص وهو المُقَاصَّة، وتقديره: أن النفس مأخوذة بالنفس، سبقه إليه الفارسي، إلا أنه قدر ذلك في جميع المجرورات، أي: والعين مأخوذة بالعين إلى آخره، والذي قدَّرَه الزمخشري مناسب جدًا، فإنه قدر متعلَّق كل مجرور بما يناسبه، فالقَقْء للعين، والقَلْع للسن، والصَّلْمُ للأذن، والجَدْع للأنف، إلا أن أبا حيّان [كأنه] غضَّ منه حيث قدَّر الخبر الذي تعلَّق به المجرور كونًا مقيدًا، والقاعدة في ذلك إنما يقدَّر كونًا مُطْلَقًا.
قال: وقال الحوفي: {بالنفس} يتعلّق بفعل محذوف تقديره: يجب أو يستقر، وكذا العين بالعين وما بعدها، فقدَّر الكون المطلق، والمعنى: يستقر قتلها بقتل النفس، إلا أنه قال قبل ذلك: وينبغي أن يُحْمَلَ قول الزمخشري على تفسير المعنى لا تفسير الإعراب ثم قال: فقدَّر- يعني: الزمخشري- ما يقرب من الكون المطلق، وهو: «مأخوذ»، فإذا قلت: «بعت الشياه شاةً بدرهم»، فالمعنى: مأخوذة بدرهم، وكذلك الحر بالحر أي: مأخوذ.
والوجه الثاني من توجيه الفارسيّ: أن تكون «الواو» عاطفة جملة اسمية على الجملة من قوله: {أن النفس بالنفس}.
لكن من حيث المعنى لا من حيث اللفظ، فإن معنى {كتبنا عليهم أن النفس بالنفس} قلنا لهم: إن النفس بالنفس فالجمل مندرجة تحت الكتب من حيث المعنى لا من حيث اللفظ.
وقال ابن عطية: «ويحتمل أن تكون «الواو» عاطفة على المعنى» وذكر ما تقدم، ثم قال: ومثله لما كان المعنى في قوله تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ} [الصافات: 45] يُمْنَحُون عطف «وحورًا عينًا» عليه، فنظَّر هذه الآية بتلك لاشتراكهما في النظر إلى المعنى، دون اللفظ وهو حَسَنٌ.
قال أبو حيان: وهذا من العطف على التوهم؛ إذ توهم في قوله: {أنَّ النفس بالنفس}: النفسُ بالنفسِ، وضعَّفه بأن العطف على التوهم لا ينقاس.
والزمخشري نحا إلى هذا المعنى، ولكنه عبَّر بعبارة أخرى فقال: الرفع للعطف على محلِّ {أن النفس}؛ لأن المعنى: «وكتبنا عليهم النفسُ بالنفسِ»، إما لإجراء {كتبنا} مجرى قلنا، وإما أن معنى الجملة التي هي {النفس بالنفس} مما يقع عليه الكَتْبُ، كما تقع عليه القراءة تقول: كتبتُ: الحمدُ لله وقرأت: سُورةٌ أنزلناها، ولذلك قال الزَّجَّاج: «لو قرئ إن النفس بالنفس بالكسر لكان صحيحًا».
قال أبو حيان: هذا الوجْهُ الثاني من توجيه أبي عليٍّ، إلا أنه خرج عن المصطلح، حيث جعله من العطف على المحل وليس منه، لأن العطف على المحلِّ هو العطف على الموضعِ، وهو محصور ليس هذا منه، ألا ترى أنا لا نقول: {أن النفس بالنفس} في محل رفع؛ لأن طالبه مفقود، بل «أن» وما في حيِّزهَا بتأويل مصدر لفظه وموضعه نَصبٌ؛ إذ التقدير: «كتبنا عليهم أخذ النفس»، قال شهاب الدين: والزمخشري لم يَعْنِ أن «أن» وما في حيِّزهَا في محل رفع، فعطف عليها المرفوع حتى يلزمه أبو حيان بأن لفظها ومحلَّها نصب، إنما عَنى أن اسمها محلُّه الرفع قبل دخولها، فراعَى العطف عليه كما راعاه في اسم «إن» المكسورة وهذا الرد ليس لأبي حيّان، بل سبقه إليه أبو البقاء، فأخذه منه.
قال أبو البقاء: «ولا يجوز أن يكون معطوفًا على «أنّ» وما عملت فيه في موضع نصب» انتهى.
وليس بشيء لما تقدم.
قال أبو شامة: فمعنى الحديث: قلنا لهم: النَّفْسُ بالنفسُ، فحمل {العين بالعين} على هذا، لأنَّ «أنَّ» لو حذفت لاستقام المعنى بحذفها كما استقام بثبوتها، وتكون {النفس} مرفوعة، فصارت «أن» هنا كـ «إن» المكسورة في أن حذفها لا يُخلُّ بالجملة، فجاز العَطْفُ على محل اسمها، كما يجوز على محلِّ اسم المكسورة، وقد حُمِلَ على ذلك: {أَنَّ الله بريء مِّنَ المشركين وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3].
قال ابن الحاجب: {ورسوله} بالرفع معطوف على اسم «أنَّ» وإن كانت مفتوحة لأنها في حكم المكسورة، وهذا موضع لم ينبه عليه النحويون.
قال شهاب الدين: بلى قد نَبَّه النحويون على ذلك، واختلفوا فيه، فجوَّزه بعضهم، وهو الصحيحُ، وأكثر ما يكون ذلك بعد «علم» أو ما في معناه كقوله: [الوافر]
وإلاَّ فاعْلَمُوا أنَّا وأنْتُمْ ** بُغَاةٌ ما بَقِينَا فِي شِقَاقِ

وقوله تعالى: {وَأَذَانٌ مِّنَ الله} [التوبة: 3] الآية؛ لأن «الأذان» بمعنى الإعلام.
الوجه الثالث: أن «العين» عطف على الضمير المرفوع المستتر في الجار الواقع خبرًا؛ إذ التقدير أنَّ النفس بالنفس هي والعينُ، وكذا ما بعدها، والجار والمجرور بعدها في محل نصب على الحال مبنيةً للمعنى؛ إذ المرفوع هنا مرفوع بالفاعلية لعطفه على الفاعل المستتر وضَعِّفَ هذا بأن هذه أحوال لازمة، والأصل أن تكون منتقلةً، وبأنه يلزم العَطْفُ على الضمير المرفوع المُتصل من غير فَصْلٍ بين المتعاطفين، ولا تأكيدٍ ولا فَصْلٍ بـ «لا» بعد حرف العطف كقوله: {مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا} [الأنعام: 148] وهذا لا يجوز عند البصريين إلا ضرورةً.
قال أبو البقاء: وجاز العطفُ من غير توكيد كقوله: {مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا} [الأنعام: 148] قال شهاب الدين: قام الفصْل بـ «لا» بين حرف العطف، والمعطوف مقام التوكيد، فليس نظيره.
وللفارسي بحث في قوله: {مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا} [الأنعام: 148] مع سيبويه، فإن سيبويه يجعل طول الكلام بـ «لا» عوضًا عن التوكيد بالمنفصل، كما طال الكلام في قولهم: «حضر القاضِيَ اليومَ امرأةٌ».
قال الفارسي: «هذا يستقيم إذا كان قبل حرف العطفِ، أما إذا وقع بعده فلا يَسُدُّ مسدَّ الضمير، ألا ترى أنك لو قلت: «حضر امرأة القاضي اليوم» لم يُغْنِ طُولُ الكلام في غير الموضع الذي ينبغي أن يقع فيه».