فصل: الباب الثالث: ماذا يريدون؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والأغرب من ذلك أن الأوامر صدرت لأئمة المساجد ألا يتعرضوا للقصة من قريب أو بعيد!
وذهب محافظ القاهرة «سعد زايد» ليضع تخطيطًا جديدًا للميدان، يلائم الكنيسة التي سوف تبنى تخليدًا لهذا الحدث الجليل.. وعلمت بعد ذلك من زملائى وتلامذتى أن لتجليات العذراء دورات منظمة مقصودة.
فقد ظهرت في «الحبشة» قريبًا من أحد المساجد الكبرى فاستولت عليه السلطة فورًا، وشيدت على المكان كله كنيسة سامقة!!
وظهرت في «لبنان» فشدت من أزر المسيحية التي تريد فرض وجودها على جباله وسهوله مع أن كثرة لبنان مسلمة.
وها هي ذى قد ظهرت في القاهرة أخيرًا لتضاعف من نشاط إخواننا الأقباط كى يشددوا ضغطهم على الإسلام..
وقد ظلت جريدة «وطنى» الطائفية تتحدث عن هذا التجلى الموهوم قريبًا من سنة، إذ العرض مستمر، والخوارق تترى، والأمراض المستعصية تشفى، والحاجات المستحيلة تقضى..
كل ذلك وأفواه المسلمين مكممة، وأقلامهم مكسورة حفاظًا على الوحدة الوطنية.
وسوف تتجلى مرة أخرى بداهة عندما تريد ذلك المخابرات المركزية الأمريكية. ولله في خلقه شئون..

.الباب الثالث: ماذا يريدون؟

إذا أراد إخواننا الأقباط أن يعيشوا كأعدادهم من المسلمين فأنا معهم في ذلك، وهم يقاربون الآن مليونين ونصف، ويجب أن يعيشوا كمليونين ونصف من المسلمين..
لهم ما لهم من حقوق، وعليهم ما عليهم من واجبات، أما أن يحاولوا فرض وصايتهم على المسلمين، وجعل أزِمَّة الحياة الاجتماعية والسياسية في أيديهم فلا..
إذا أرادوا أن يبنوا كنائس تسع أعدادهم لصلواتهم وشعائرهم الدينية فلا يعترضهم أحد.. أما إذا أرادوا صبغ التراب المصرى بالطابع المسيحى وإبراز المسيحية وكأنها الدين المهيمن على البلاد فلا..
إذا أرادوا أن يحتفظوا بشخصيتهم فلا تمتهن وتعاليمهم فلا تجرح فلهم ذلك، أما أن يودوا «ارتداد» المسلمين عن دينهم، ويعلنوا غضبهم إذا طالبنا بتطبيق الشريعة الإسلامية، وتعميم التربية الدينية فهذا ما لا نقبله..
إن الاستعمار أوعز إلى بعضهم أن يقف مراغمًا للمسلمين، ولكننا نريد تفاهمًا شريفًا مع ناس معقولين..
إن الاستعمار أشاع بين من أعطوه آذانهم وقلوبهم أن المسلمين في مصر غرباء، وطارئون عليها، ويجب أن يزولوا، إن لم يكن اليوم فغدًا.
وعلى هذا الأساس أسموا جريدتهم الطائفية «وطنى»!
ومن هذا المنطلق شرع كثيرون من المغامرين يناوش الإسلام والمسلمين، وكلما رأى عودة من المسلمين إلى دينهم همس أو صرخ: عاد التعصب، الأقباط في خطر!!
ولا ذرة من ذلك في طول البلاد وعرضها، ولكنها صيحات مريبة أنعشها وقواها «بابا شنودة» دون أى اكتراث بالعواقب.
وقد سبقت محاولات من هذا النوع أخمدها العقلاء، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر كتابات القمص «سرجيوس» الذي احتفل «البابا شنودة» أخيرًا بذكراه.
ففى العدد 41 من السنة 20 من مجلة المنارة الصادر في 6/ 12/ 1947 كتب هذا القمص تحت عنوان: «حسن البنا يحرض على قتال الأقليات بعد أن سلح جيوشه بعلم الحكومة»: يقول:
نشرنا في العدد السابق تفسير الشيخ «حسن البنا» لآية سورة التوبة قوله: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} (التوبة: 29)..
قال: وقد قال الفقهاء، وتظاهرت على ذلك الأدلة من الكتاب والسنة: أن القتال فرض عين إذا ديست أرض الإسلام، أو اعتدى عليها المعتدون من غير المسلمين، وهو فرض كفاية لحماية الدعوة الإسلامية وتأمين الوطن الإسلامى، فيكون واجبًا على من تتم بهم هذه الحماية وهذا التأمين.
وليس الغرض من القتال في الإسلام إكراه الناس على عقيدة، أو إدخالهم قسرًا في الدين، والله يقول: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغى} (البقرة: 256) كما أنه ليس الغرض من القتال كذلك الحصول على منافع دنيوية أو مغانم دينية، فالزيت والفحم والقمح والمطاط ليست من أهداف المقاتل المسلم الذي يخرج عن نفسه وماله ودمه لله بأن له الجنة {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدًا عليه حقًا في التوراة والإنجيل والقرآن} (التوبة: 111).

.حكم قتال أهل الكتاب:

وأهل الكتاب: «يقاتلون كما يقاتل المشركون تمامًا، إذا اعتدوا على أرض الإسلام، أو حالوا دون انتشار دعوته».
الرد: للشيخ «حسن البنا» أسلوبه الخاص في الكتابة والتفسير وفى الفتاوى، ويعرف بالأسلوب المائع إذ يترك دائمًا الأبواب مفتوحة، ليدخل متى شاء في ما أراد دون أن يتقيد أو يمسك، ومن آيات ميوعته أنه يقول أن القتال يكون فرض عين إذا ديست أرض الإسلام، أو اعتدى عليها المعتدون من غير المسلمين، دون أن يبين أو يحدد ما هي أرض الإسلام أو الوطن الإسلامى: هل هي الحجاز فقط أم هي كل بلد من بلاد العالم يكون فيها المسلمون أغلبية أو أقلية أو متعادلين؟..
وكان في عدم تحديده لأرض الإسلام أو الوطن الإسلامى ماكرًا سيئًا؛ ليكون حرًا في إعلان القتال على من يشاء من المستضعفين من المسيحيين واليهود الذين يقوى على محاربتهم في أى بلد كان، وكان أحرى به أن يقولها كلمة صريحة أن أرض الإسلام هي الحجاز، أى الأرض التي نشأ عليها الإسلام- أى الدين الإسلامى- وليست البلاد التي يعيش فيها المسلمون في العالم. وسواء كانت أرض الإسلام أو وطن الإسلام هي الحجاز أم هي كل بلد من بلاد العالم يعيش فيه المسلمون، فلا يمكن العمل بما يقول به الشيخ «حسن البنا» بأن القتال فرض عين أو فرض كفاية على المسلمين إذا ديست أرض الإسلام أو اعتدى عليها المعتدون من غير المسلمين.
وأنا أسأل أى قارئ اطلع على تفسير «حسن البنا»: هل اشتم منه رائحة تحريض على الأقباط أو اليهود؟
وأسأل أى منصف قرأ الرد عليه: هل وجد فيه إلا التحرش والرغبة في الاشتباك دون أدنى سبب؟
إن هذا القمص المفترى لا يريد إلا شيئًا واحدًا: إبعاد الصفة الإسلامية عن مصر، واعتبار الحجاز وحده وطنًا إسلاميًا. أما مصر فليست وطنًا إسلاميًا لأن سكانها المسلمين فوق 92 % من جملة أهلها.
ولماذا تنفى الصفة الإسلامية عن مصر مع أن هذه الصفة تذكر لجعل الدفاع عنها فريضة مقدسة؟
هذا ما يسأل عنه القمص الوطنى، والذين احتفلوا بذكراه بعد ربع قرن من وفاته..
إن الدفاع عن مصر ضد الاستعمار العالمى ينبغى أن تهتز بواعثه وأن تفتر مشاعره..!!
لقد كانت مصر وثنية في العصور القديمة، ثم تنصر أغلبها، فهل يقول الوثنيون المصريون لمن تنصر: إنك فقدت وطنك بتنصرك؟
ثم أقبل الإسلام فدخل فيه جمهور المصريين، فهل يقال للمسلم: إنك فقدت وطنك بإسلامك؟
ما هذه الرقاعة؟!
بيد أن الحملة على الإسلام مضت في طريقها، وزادت ضراوة وخسة في الأيام الأخيرة، ثم جاء «الأنبا شنودة» رئيسًا للأقباط، فقاد حملة لابد من كشف خباياها، وتوضيح مداها؛ حتى يدرك الجميع: مم نحذر؟ وماذا نخشى؟
وما نستطيع السكوت، ومستقبلنا كله تعصف به الفتن، ويأتمر به سماسرة الاستعمار.

.تقرير رهيب:

كنت في الإسكندرية، في مارس من سنة 1973، وعلمت- من غير قصد- بخطاب ألقاه البابا شنودة في الكنيسة المرقصية الكبرى، في اجتماع سرى، أعان الله على إظهار ما وقع فيه.
وإلى القراء ما حدث، كما نقل مسجلا إلى الجهات المعنية:
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لسيادتكم هذا التقرير لأهم ما دار في الاجتماع بعد أداء الصلاة والتراتيل:
طلب البابا شنودة من عامة الحاضرين الانصراف، ولم يمكث معه سوى رجال الدين وبعض أثريائهم بالإسكندرية، وبدأ كلمته قائلًا: إن كل شيء على ما يرام، ويجري حسب الخطة الموضوعة، لكل جانب من جوانب العمل على حدة، في إطار الهدف الموحد، ثم تحدث في عدد من الموضوعات على النحو التالي:

.أولا: عدد شعب الكنيسة:

صرح لهم أن مصادرهم في إدارة التعبئة والإحصاء أبلغتهم أن عدد المسيحيين في مصر ما يقارب الثمانية مليون (8 مليون نسمة)، وعلى شعب الكنيسة أن يعلم ذلك جيدًا، كما يجب عليه أن ينشر ذلك ويؤكده بين المسلمين، إذ سيكون ذلك سندنا في المطالب التي سنتقدم بها إلى الحكومة التي سنذكرها لكم اليوم..
والتخطيط العام الذي تم الاتفاق عليه بالإجماع، والتي صدرت بشأنه التعليمات الخاصة لتنفيذه، وضع على أساس بلوغ شعب الكنيسة إلى نصف الشعب المصري، بحيث يتساوى عدد شعب الكنيسة مع عدد المسلمين لأول مرة منذ 13 قرنا، أي منذ «الإستعمار العربي والغزو الإسلامي لبلادنا» على حد قوله، والمدة المحددة وفقًا للتخطيط الموضوع للوصول إلى هذه النتيجة المطلوبة تتراوح بين 12- 15 سنة من الآن..
ولذلك فإن الكنيسة تحرم تحريمًا تامًا تحديد النسل أو تنظيمه، وتعد كل من يفعل ذلك خارجًا عن تعليمات الكنيسة، ومطرودًا من رحمة الرب، وقاتلًا لشعب الكنيسة، ومضيعًا لمجده، وذلك باستثناء الحالات التي يقرر فيها الطب والكنيسة خطر الحمل أو الولادة على حياة المرأة، وقد اتخذت الكنيسة عدة قرارات لتحقيق الخطة القاضية بزيادة عددهم:..
1- تحريم تحديد النسل أو تنظيمه بين شعب الكنيسة.
2- تشجيع تحديد النسل وتنظيمه بين المسلمين «خاصة وأن أكثر من 65 %! من الأطباء والقائمين على الخدمات الصحية هم من شعب الكنيسة».
3- تشجيع الإكثار من شعبنا، ووضع حوافز ومساعدات مادية ومعنوية للأسر الفقيرة من شعبنا.
4- التنبيه على العاملين بالخدمات الصحية على المستويين الحكومي وغير الحكومي كي يضاعفوا الخدمات الصحية لشعبنا، وبذل العناية والجهد الوافرين، وذلك من شأنه تقليل الوفيات بين شعبنا «على أن نفعل عكس ذلك مع المسلمين».
5- تشجيع الزواج المبكر وتخفيض تكاليفه، وذلك بتخفيف رسوم فتح الكنائس ورسوم الإكليل بكنائس الأحياء الشعبية.
6- تحرم الكنيسة تحريمًا تامًا على أصحاب العمارات والمساكن المسيحيين تأجير أي مسكن أو شقة أو محل تجاري للمسلمين، وتعتبر من يفعل ذلك من الآن فصاعدًا مطرودًا من رحمة الرب ورعاية الكنيسة، كما يجب العمل بشتى الوسائل على إخراج السكان المسلمين من العمارات والبيوت المملوكة لشعب الكنيسة، وإذا نفذنا هذه السياسة بقدر ما يسعنا الجهد فسنشجع ونسهل الزواج بين شبابنا المسيحي، كما سنصعبه ونضيق فرصه بين شباب المسلمين، مما سيكون أثر فعال في الوصول إلى الهدف، وليس بخافٍ أن الغرض من هذه القرارات هو انخفاض معدل الزيادة بين المسلمين وارتفاع هذا المعدل بين شعبنا المسيحى.