فصل: قال ابن جزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن جزي:

قيل: كرر التقوى مبالغة، وقيل: الرتبة الأولى: اتقاء الشرك، والثانية اتقاء المعاصي، والثالثة: اتقاء ما لا بأس به حذرًا مما به البأس، وقيل: الأولى للزمان الماضي والثانية للحال، والثالثة للمستقبل {وَّأَحْسَنُواْ} يحتمل أن يريد الإحسان إلى الناس أو الإحسان في طاعة الله وهو المراقبة، وهذا أرجح لأنه درجة فوق التقوى، ولذلك ذكر في المرة الثالثة وهي الغاية، ولذلك قالت الصوفية: المقامات ثلاثة: مقام الإسلام ثم مقام الإيمان ثم مقام الإحسان. اهـ.

.قال في البحر المديد:

الإشارة: المقامات التي يقطعها المريد ثلاث: مقام الإسلام، ومقام الإيمان، ومقام الإحسان، فما دام المريد مشتغلًا بالعمل الظاهر؛ من صلاة وصيام وذكر اللسان، سُمي مقام الإسلام، فإذا انتقل لعمل الباطن من تخلية وتحلية وتهذيب وتصفية، سُمي مقام الإيمان، فإذا انتقل لعمل باطن الباطن من فكرة ونظرة وشهودة وعيان سمي مقام الإحسان، وهذا اصطلاح الصوفية؛ سموا ما يتعلق بإصلاح الظواهر: إسلامًا، وما يتعلق بإصلاح القلوب والضمائر، إيمانًا، وما يتعلق بإصلاح الأرواح والسرائر: إحسانًا. وجعل الساحلي في البغية كل مقام مركبًا من ثلاثة مقامات، فالإسلام مركب من التوبة والتقوى والاستقامة، والإيمان مركب من الإخلاص والصدق والطمأنينة، والإحسان مركب من مراقبة ومشاهدة ومعرفة. اهـ.

.قال في روح البيان:

حكى أنه وقع القحط في بنى إسرائيل فدخل فقير سكة من السكك وكان فيها بيت غنى فقال تصدقوا على لأجل الله فأخرجت إليه بنت الغنى خبزا حارا فاستقبله الغنى فقال من دفع إليك هذا الخبز فقال ابنة من هذا البيت فدخل وقطع يد ابنته اليمنى فحول الله حاله فافتقر ومات فقيرا ثم إن شابا غنيا استحسن الابنة لكونها حسناء فتزوجها وأدخلها داره فلما جن الليل أحضرت مائدة فمدت اليد اليسرى فقال الفتى سمعت أن الفقراء يكونون قليلى الأدب فقال مدى يدك اليمنى فمدت اليسرى ثانيا وثالثا فهتف بالبيت هاتف أخرجى يدك اليمنى فالرب الذي أعطيت الخبز لأجله رد عليك يدك اليمنى فأخرجت يدها اليمنى بأمر الله تعالى وأكلت معه كذا في الروضة. اهـ.

.قال في الأمثل:

[فصل الآثار المهلكة للخمر والميسر]:
على الرغم من أننا أشرنا في تفسير الآية (219) من سورة البقرة في المجلد الثّاني من هذا التّفسير إِشارة موجزة أضرار هاتين الآفتين الإِجتماعيتين، إِلاّ أنّنا لتوكيد الأمر- إِقتداء بالقرآن الكريم- نضيف هنا أُمورًا أُخرى هي مجموعة من الإِحصاءات المختلفة كل واحدة منها تعتبر شهادة وافية تدل على عظم تلك الأضرار وعمق تأثيرها.
1- في إِحصائية صدرت في بريطانيا بشأن الجنون الكحولي ومقارنته بالجنون العادي، جاء أنّه في مقابل (2249) مجنونًا بسبب الإِدمان على الخمر هناك (53) مجنونًا فقط لأسباب مختلفة أُخرى.
2- وفي إِحصاء آخر من أمريكا أنّ 85% من المصابين بأمراض نفسية هم من المدمنين على الخمر.
3- يقول عالم إِنجليزي اسمه «بنتام»: أنّ المشروبات الكحولية تحول أهالي الشمال إِلى أناس حمقى وبله، وأهالي الجنوب إِلى مجانين، ثمّ يضيف: إِنّ الدين الإِسلامي يحرم جميع أنواع المسكرات، وهذا واحد من مميزات الإِسلام.
4- لو أجري إِحصاء عن السكارى الذين إِنتحروا، أو ارتكبوا الجرائم وحطموا العوائل، لكان لدينا رقم رهيب.
5- في فرنسا يموت كلّ يوم 440 شخصًا ضحية للخمور.
6- تقول إِحصائية أُخرى من أمريكا: أنّ عدد المرضى النفسانيين خلال سنة واحدة بلغ ضعف قتلاها في الحرب العالمية الثّانية، ويرى العلماء الأمريكان أنّ السببين الرئيسيين لهذا هما المشروبات الكحولية والتدخين.
7- جاء في إِحصائية وضعها عالم يدعى «هوگر» نشرها في مجلة «العلوم» بمناسبة عيد تأسيسها العشرين، قال فيها: أنّ 60% من القتل المتعمد، 75% من الضرب والجرح و30% من الجرائم الأخلاقية (بما فيها الزنا بالمحارم!) و20% من جرائم السرقة، سببها المشروبات الكحولية، وعن هذا العالم نفسه أنّ 40% من الأطفال المجرمين قد ورثوا آثار الكحول.
8- إِنّ الخسائر التي تصيب الإِقتصاد البريطاني من جراء تغيب العمال عن العمل بسبب إِدمانهم على الخمر تبلغ سنويًا نحو 50 مليون دولار، وهو مبلغ يكفي لإِنشاء الآلاف من رياض الأطفال والمدارس الإِبتدائية والثانوية.
9- الإِحصاءات التي نشرت عن خسائر الإِدمان على الكحول في فرنسا تقول: أنّ الخزينة الفرنسية تتحمل سنويًا مبلغ (137) مليارد فرنك، إِضافة إِلى الأضرار الأُخرى كما يلي:
60 مليار فرنك للصرف المحاكم والسجون.
40 مليار فرنك للصرف على الإِعانات العامّة والمؤسسات الخيرية.
10 مليارات من الفرنكات للصرف على المستشفيات الخاصّة لمعالجة المدمنين على المسكرات.
70 مليار فرنك للصرف على الأمن الإِجتماعي.
وهكذا يتّضح أنّ عدد المرضى النفسانيين ومصحات الأمراض العقلية وجرائم القتل والمخاصمات الدموية والسرقة والإِغتصاب وحوادث المرور، تتناسب تناسبًا طرديًا مع عدد حانات الخمور.
10- أثبتت الدوائر الإِحصائية في أمريكا أنّ القمار كان السبب المباشر في 30% من الجرائم، وفي إِحصائية أُخرى عن جرائم القمار نرى وللأسف الشديد أن 90% من جرائم السرقة و50% من الجرائم الجنسية و10% من فساد الأخلاق و30% من الطلاق و40% من الضرب والجرح و5% من حوداث الإِنتحار إِنما هي بسبب القمار. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)}.
من حافظ على الأمر والنهي فليس للقمة يتناولها من الخطر ما يُضَايَق فيها، وإنما المقصود من العبد التأدبُ بصحبة طريقه سبحانه، فإذا اتَّقى الشِرْكَ تعَرّف، ثم اتقى الحرامَ فما تصرّف، ثم اتقى الشحَّ فآثر وما أسرف.
وقوله: {ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا} يعني اتقوا المنع وأحسنوا للخلْق- وهذا للعموم. ثم اتقوا شهود الخلْق؛ فأحسنُ الشهودِ الحقُّ، والإحسانُ أَنْ تعبد الله كأنك تراه- وهذا للخواص.
{والله يحب المحسنين} أعمالًا والمحسنين آمالًا والمحسنين أحوالًا. اهـ.

.من فوائد ابن الجوزي في الآية:

قال رحمه الله:
قوله تعالى: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} سبب نزولها: أن ناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ماتوا وهم يشربون الخمر، إِذ كانت مباحة، فلما حرِّمت، قال ناس: كيف بأصحابنا وقد ماتوا وهم يشربونها؟ فنزلت هذه الآية، قاله البراء بن عازب.
و«الجناح»: الإِثم.
وفيما طعموا ثلاثة أقوال:
أحدها: ما شربوا من الخمر قبل تحريمها، قاله ابن عباس، والجمهور.
قال ابن قتيبة: يقال: لم أطعم خُبْزًا وأدمًا ولا ماءً ولا نومًا.
قال الشاعر:
فإن شئتِ حرَّمتُ النِّساء سِواكُم ** وإِن شئتِ لم أطْعَمْ نُقَاخًا ولا بَرْدَا

النقاخ: الماء البارد الذي ينقخ الفؤاد ببرده، والبرد: النوم.
والثاني: ما شربوا من الخمر وأكلوا من الميسر.
والثالث: ما طعموا من المباحات.
وفي قوله: {إِذا ما اتقوا} ثلاثة أقوال:
أحدها: اتقوا بعد التحريم، قاله ابن عباس.
والثاني: اتقوا المعاصي والشرك.
والثالث: اتقوا مخالفة الله في أمره.
وفي قوله: {وآمنوا} قولان:
أحدهما: آمنوا بالله ورسوله.
والثاني: آمنوا بتحريمها.
{وعملوا الصالحات} قال مقاتل: أقاموا على الفرائض.
قوله تعالى: {ثم أتقوا} في هذه التقوى المعادة أربعة أقوال:
أحدها: أن المراد خوف الله عز وجل.
والثاني: أنها تقوى الخمر والميسر بعد التحريم.
والثالث: أنها الدوام على التقوى.
والرابع: أن التقوى الأولى مخاطبة لمن شربها قبل التحريم، والثانية لمن شربها بعد التحريم.
قوله تعالى: {وآمنوا} في هذا الإِيمان المُعاد قولان:
أحدهما: صدَّقوا بجميع ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.
والثاني: آمنوا بما يجيء من الناسخ والمنسوخ.
قوله تعالى: {ثم اتقوا وأحسنوا} في هذه التقوى الثالثة أربعة أقوال:
أحدها: اجتنبوا العودَ إِلى الخمر بعد تحريمها، قاله ابن عباس.
والثاني: اتقوا ظلم العباد.
والثالث: توقوا الشبهات.
والرابع: اتقوا جميع المحرّمات.
وفي الإِحسان قولان:
أحدهما: أحسنوا العمل بترك شربها بعد التحريم، قاله ابن عباس.
والثاني: أحسنوا العمل بعد تحريمها، قاله مقاتل. اهـ.

.من فوائد ابن عطية في الآية:

قال رحمه الله:
قوله تعالى: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا}.