فصل: من فوائد الماوردي في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد الماوردي في الآية:

قال عليه الرحمة:
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ}.
فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: يعني الإِحرام بحج أو عمرة، قاله الأكثرون.
والثاني: يعني بالحرم الداخل إلى الحرم، يقال أحرم إذا دخل في الحرم، وأَتْهَمَ إذا دخل تهامة، وأَنْجَدَ إذا دخل نجد، ويقال أحرم لمن دخل في الأشهر الحرم. قاله بعض البصريين.
والثالث: أن اسم المحرم يتناول الأمرين معًا على وجه الحقيقة دون المجاز من أحرم بحج أو عمرة أو دخل الحرم، وحكم قتل الصيد فيهما على سواء بظاهر الآية، قاله علي بن أبي هريرة.
{وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا} فيه قولان:
أحدهما: متعمدًا لقتله، ناسيًا لإحرامه، قاله مجاهد، وإبراهيم، وابن جريج.
والثاني: متعمدًا لقتله ذاكرًا لإِحرامه، قاله ابن عباس، وعطاء، والزهري.
واختلفوا في الخاطىء في قتله الناسي لإِحرامه على قولين.
أحدهما: لا جزاء عليه، قاله داود.
الثاني: عليه الجزاء، قاله مالك، والشافعي، وأبو حنيفة.
{فَجَزاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} يعني أن جزاء القتل في الحرم أو الإِحرام مثل ما قتل من النعم.
وفي مثله قولان:
أحدهما: أن قيمة الصيد مصروفة في مثله من النعم، قاله أبو حنيفة.
والثاني: أن عليه مثل الصيد من النعم في الصورة والشبه قاله الشافعي.
{يَحْكُمْ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} يعني بالمثل من النعم، فلا يستقر المثل فيه إلا بحكم عدلين فقيهين، ويجوز أن يكون القاتل أحدهما.
{هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} يريد أن مثل الصيد من النعم يلزم إيصاله إلى الكعبة، وعنى بالكعبة جميع الحرم، لأنها في الحرم.
واختلفوا هل يجوز أن يهدي في الحرم ما لا يجوز في الأضحية من صغار الغنم على قولين:
أحدهما: لا يجوز قاله: أبو حنيفة.
الثاني: يجوز، قاله الشافعي.
{أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامٌ مَسَاكِينَ} فيه قولان:
أحدهما: أنه يُقَوِّم المثل من النعم ويشتري بالقيمة طعامًا، قاله عطاء، والشافعي.
الثاني: يقوِّم الصيد ويشتري بالغنيمة طعامًا، قاله قتادة، وأبو حنيفة.
{أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} يعني عدل الطعام صيامًا، وفيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه يصوم عن كل مد يومًا، قاله عطاء، والشافعي.
والثاني: يصوم عن كل مد ثلاثة أيام، قاله سعيد بن جبير.
والثالث: يصوم عن كل صاع يومين، قاله ابن عباس.
واختلفوا في التكفير بهذه الثلاثة، هل هو على الترتيب أو التخيير على قولين:
أحدهما: على الترتيب، إن لم يجد المثل فالإطعام، فإن لم يجد الطعام فالصيام، قاله ابن عباس، ومجاهد، وعامر، وإبراهيم، والسدي.
والثاني: أنه على التخيير في التكفير بأي الثلاثة شاء، قاله عطاء، وهو أحد قولي ابن عباس، ومذهب الشافعي.
{لِّيذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} يعني في التزام الكفارة، ووجوب التوبة.
{عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} يعني قبل نزول التحريم.
{وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} فيه قولان:
أحدهما: يعني ومن عاد بعد التحريم، فينتقم الله منه بالجزاء عاجلًا، وعقوبة المعصية آجلًا.
والثاني: ومن عاد بعد التحريم في قتل الصيد ثانية بعد أوله، فينتقم الله منه.
وعلى هذا التأويل قولان:
أحدهما: فينتقم الله منه بالعقوبة في الآخرة دون الجزاء، قاله ابن عباس، وداود.
والثاني: بالجزاء مع العقوبة، قاله الشافعي، والجمهور. اهـ.

.من فوائد ابن الجوزي في الآية:

قال رحمه الله:
قوله تعالى: {لا تقتلوا الصيد وأنتم حرمٌ}.
بيَّن الله عز وجل بهذه الآية من أيِّ وجهٍ تقع البلوى، وفي أيِّ زمانٍ، وما على من قتله بعد النهي؟.
وفي قوله: {وأنتم حرمٌ} ثلاثة أقوال:
أحدها: وأنتم محرمون بحج أو عمرة، قاله الأكثرون.
والثاني: وأنتم في الحرم، يقال: أحرم: إِذا دخل في الحرم، وأنجد: إِذا أتى نجدًا.
والثالث: الجمع بين القولين.
قوله تعالى: {ومن قتله منكم متعمدًا} فيه قولان:
أحدهما: أن يتعمّد قتله ذاكرًا لإِحرامه، قاله ابن عباس، وعطاء.
والثاني: أن يتعمد قتله ناسيًا لإِحرامه، قاله مجاهد.
فأما قتله خطأً، ففيه قولان:
أحدهما: أنه كالعمد، قاله عمر، وعثمان، والجمهور.
قال الزهري: نزل القرآن بالعمد، وجرت السُنّة في الخطأ، يعني: ألحقت المخطىء بالمتعمّد في وجوب الجزاء وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الضبع صيد وفيه كبش إِذا قتله المحرم» وهذا عامٌ في العامد والمخطىء.
قال القاضي أبو يعلى: أفاد تخصيص العمد بالذكر ما ذكر في أثناء الآية من الوعيد، وإِنما يختصّ ذلك بالعامد.
والثاني: أنه لا شيء فيه، قاله ابن عباس، وابن جبير، وطاووس، وعطاء، وسالم، والقاسم، وداود.
وعن أحمد روايتان: أصحهما الوجوب.
قوله تعالى: {فجزاء مثل ما قتل من النعم} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو وابن عامر: {فجزاء مثل} مضافة وبخفض {مثل}.
وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: {فجزاءٌ} منون {مثلُ} مرفوع.
قال أبو علي: من أضاف، فقوله: {من النعم} يكون صفة للجزاء، وإِنما قال: مثل ما قتل، وإِنما عليه جزاء المقتول لا جزاء مثله، لأنهم يقولون: أنا أُكرِمُ مثلك، يريدون: أن أُكرِمُك، فالمعنى: جزاء ما قتل.
ومَن رفع «المثل»، فالمعنى: فعليه جزاء من النعم مماثل للمقتول، والتقدير: فعليه جزاء.
قال ابن قتيبة: النعم: الإِبل.
وقد يكون البقر والغنم، والأغلب عليها الإِبل، وقال الزجاج: النعم في اللغة: الإِبل والبقر والغنم، فإن انفردت الابل، قيل لها: نعم، وإِن انفردت البقر والغنم، لم تسم نعمًا.
فصل:
قال القاضي أبو يعلى: والصيد الذي يجب الجزاء بقتله: ما كان مأكول اللحم، كالغزال، وحمار الوحش، والنعامة، ونحو ذلك، أو كان متولدًا من حيوان يؤكل لحمه، كالسِّمع، فإنه متولد من الضبع، والذئب، وما عدا ذلك من السباع كلها، فلا جزاء على قاتلها، سواء ابتدأ قتلها، أو عدت عليه، فقتلها دفعًا عن نفسه، لأن السبع لا مثل له صورة ولا قيمة، فلم يدخل تحت الآية، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز للمحرم قتل الحيّة، والعقرب، والفويسقة، والغراب، والحدأة، والكلب العقور، والسَّبع العادي.
قال: والواجب بقتل الصيد فيما له مثلٌ من الأنعام مثله، وفيما لا مثل له قيمته، وهو قول مالك، والشافعي.
وقال أبو حنيفة: الواجب فيه القيمة، وحمل المثل على القيمة، وظاهرُ الآية يردُّ ما قال، ولأن الصحابة حملوا الآية على المثل من طريق الصورة، فقال ابن عباس: المثل: النظير، ففي الظبية شاة، وفي النعامة بعير.
قوله تعالى: {يحكم به ذوا عدل منكم} يعني بالجزاء، وإِنما ذكر اثنين، لأن الصيد يختلف في نفسه، فافتقر الحكم بالمثل إِلى عدلين.
قوله تعالى: {منكم} يعني: من أهل ملتكم.
قوله تعالى: {هديًا بالغ الكعبة} قال الزجاج: هو منصوب على الحال، والمعنى: يحكمان به مقدّرًا أن يهدى.
ولفظ قوله: {بالغ الكعبة} لفظ معرفة، ومعناه: النكرة.
والمعنى: بالغًا الكعبة، إِلا أن التنوين حُذف استخفافًا.
قال ابن عباس: إِذا أتى مكّة ذبحه، وتصدّق به.
قوله تعالى: {أو كفّارة} قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: {أو كفارةٌ} منونًا {طعامُ} رفعًا.
وقرأ نافع، وابن عامر: {أو كفارة} رفعًا غير منوّن {طعام المساكين} على الاضافة.
قال أبو علي: من رفع ولم يضف، جعله عطفًا على الكفارة عطف بيان، لأن الطعام هو الكفارة، ولم يضف الكفارة إِلى الطعام، لأن الكفارة لقتل الصيد، لا للطعام، ومن أضاف الكفارة إِلى الطعام، فلأنه لما خيّر المكفِّر بين الهدي، والطعام، والصيام، جازت الإِضافة لذلك، فكأنه قال: كفارةُ طعامٍ، لا كفارة هدي، ولا صيام.
والمعنى: أو عليه بدل الجزاء والكفارة، وهي طعامُ مساكين.
وهل يعتبر في إِخراج الطعام قيمة النظير، أو قيمة الصيد؟ فيه قولان:
أحدهما: قيمة النظير، وبه قال عطاء، والشافعي، وأحمد.
والثاني: قيمة الصيد، وبه قال قتادة، وأبو حنيفة، ومالك.
وفي قدر الإِطعام لكل مسكين قولان:
أحدهما: مدّان من بُرٍّ، وبه قال ابن عباس، وأبو حنيفة.
والثاني: مُدُّ بُرٍّ، وبه قال الشافعي، وعن أحمد روايتان، كالقولين.
قوله تعالى: {أو عدل ذلك صيامًا} قرأ أبو رزين، والضحاك، وقتادة، والجحدري، وطلحة: {أو عِدل ذلك}، بكسر العين.
وقد شرحنا هذا المعنى في «البقرة» قال أصحابنا: يصوم عن كل مُدّ بُرٍّ، أو نصف صاع تمر، أو شعير يومًا.
وقال أبو حنيفة: يصوم يومًا عن نصف صاع في الجميع.
وقال مالك، والشافعي: يصوم يومًا عن كلِّ مدٍّ من الجميع.