فصل: الآية الخامسة والثلاثون:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الآية الخامسة والثلاثون:

{نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}.
لفظ الحرث يفيد أن الإباحة لم تقع إلا في الفرج الذي هو القبل خاصة إذ هو مزرع الذرية كما أن الحرث من زرع النبات، فقد شبه ما يلقى في أرحامهن من النطف التي منها النسل بما يلقى في الأرض من البذور التي منها النبت بجامع أن كل واحد منهما مادة لما يحصل منه. وهذه الجملة بيان للجملة الأولى أعني قوله: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} وقوله: {أَنَّى شِئْتُمْ} أي من أي جهة شئتم: من خلف وقدام وباركة ومستلقية ومضطجعة إذا كان في موضع الحرث وأنشد:
إنما الأرحام أرضون لنا محترثات ** فعلينا الزرع فيها وعلى اللّه النبات

وإنما عبر سبحانه: {أَنَّى} لكونها أعم في اللغة من أين وكيف ومتى. وأما سيبويه ففسرها هنا بكيف، وقد ذهب السلف والخلف من الصحابة والتابعين والأئمة إلى ما ذكرنا من تفسير الآية إلى أن إتيان الزوجة في دبرها حرام.
وروي عن سعيد بن المسيب ونافع وابن عمر ومحمد بن كعب القرظي وعبد الملك بن الماجشون أنه يجوز ذلك، حكاه القرطبي في تفسيره، قال: وحكي ذلك عن مالك في كتاب له يسمى كتاب السر وحذاق أصحاب مالك ومشايخهم ينكرون ذلك الكتاب ومالك أجلّ من أن يكون له كتاب سرّ! ووقع هذا القول في العتبية.
وذكر ابن العربي أن ابن شعبان أسند جواز ذلك إلى زمرة كبيرة من الصحابة والتابعين وإلى مالك من روايات كثيرة في كتاب جماع النسوان وأحكام القرآن وقال الطحاوي: روى أصبغ بن الفرج عن عبد الرحمن بن القاسم قال: ما أدركت أحدا أقتدي به في ديني يشك في أنه حلال يعني وطء المرأة في دبرها ثم قرأ: {نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} ثم قال: فأي شيء أبين من هذا؟
وقد روى الحاكم والدارقطني والخطيب البغدادي عن مالك من طرق ما يقتضي إباحة ذلك. وفي أسانيدها ضعف.
وقد روى الطحاوي عن محمد بن عبد اللّه بن عبد الحكم أنه سمع الشافعي يقول: ما صح عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في تحليله ولا تحريمه شيء والقياس أنه حلال.
وقد روى ذلك أبو بكر الخطيب. قال ابن الصباغ: كان الربيع يحلف باللّه الذي لا إله إلا هو لقد كذب ابن عبد الحكم على الشافعي في ذلك!! فإن الشافعي نص على تحريمه في ستة من كتبه. وقد بسطنا الكلام في هذه المسألة في شرحنا لبلوغ المرام فليرجع إليه. والحق هو التحريم.
وقد أخرج الشافعي في الأم وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وابن ماجة وابن المنذر والبيهقي في سننه من طريق خزيمة بن ثابت أن سائلا سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عن إتيان النساء في أدبارهن؟ فقال: حلال ولا بأس فلما ولّى دعاه فقال: كيف قلت؟ أمن دبرها في قبلها فنعم أم من دبرها في دبرها فلا إن اللّه لا يستحي من الحق: «لا تأتوا النساء في أدبارهن».
وعن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «لا ينظر اللّه إلى رجل أتى امرأته في الدبر» أخرجه ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان.
وعن ابن عمر أن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: «الذي يأتي امرأته في دبرها هي اللوطية الصغرى» أخرجه أحمد والبيهقي في سننه.
وعن أبي هريرة قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «ملعون من أتى امرأته في دبرها» أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي.
وقد ورد النهي عن ذلك من طرق كثيرة. وقد ثبت نحو ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين مرفوعا وموقوفا. وقد روي القول بحل ذلك عن جماعة كما سلف.
قال الشوكاني في فتح القدير: وليس في أقوال هؤلاء حجة البتة: ولا يجوز لأحد أن يعمل على أقوالهم، فإنهم لم يأتوا بدليل يدلّ على الجواز فمن زعم منهم أنه فهم ذلك من الآية فقد أخطأ في فهمه وقد فسرها لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأكابر الصحابة بخلاف ما قاله هذا المخطئ في فهمه كائنا من كان. ومن زعم منهم أن سبب نزول هذه الآية أن رجلا أتى امرأته في دبرها فليس هذا ما يدل على أن الآية أحلت ذلك ومن زعم ذلك فقد أخطأ بل الذي تدل عليه الآية أن ذلك حرام فيكون ذلك هو السبب لا يستلزم أن تكون الآية نازلة في تحليله فإن الآيات النازلة على أسباب تأتي تارة بتحليل هذا وتارة بتحريمه.
وقد روي عن ابن عباس أنه فسر هذه الآية فقال: معناها إن شئتم فاعزلوا وإن شئتم فلا تعزلوا.
روى ذلك عنه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والضياء في المختارة وروي نحو ذلك عن ابن عمر أخرجه ابن أبي شيبة، وعن سعيد بن المسيب أخرجه ابن أبي شيبة وابن جرير. انتهى.

.الآية السادسة والثلاثون:

{وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)}.
العرضة: النصبة. قاله الجوهري.
وقيل: من الشدة والقوّة، ومنه قولهم للمرأة: عرضة للنكاح: إذا صلحت له وقويت عليه، ولفلان عرضة: أي قوة.
ويطلق على الهمة، ويقال: فلان عرضة للناس لا يزالون يقعون فيه.
فعلى المعنى الأول يكون اسما لما تعرضه دون الشيء: أي لا تجعلوا اللّه حاجزا ومانعا لما حلفتم عليه، وذلك لأن الرجل كان يحلف على بعض الخير من صلة رحم أو إحسان إلى الغير أو إصلاح بين الناس بأن لا يفعل ذلك، ثم يمتنع من فعله معللا لذلك الامتناع بأنه قد حلف أن لا يفعله. وهذا المعنى هو الذي ذكره الجمهور في تفسير الآية فنهاهم اللّه أن يجعلوه عرضة لأيمانهم أي حاجزا لما حلفوا عليه ومانعا منه وسمي المحلوف عليه يمينا لتلبسه باليمين.
وعلى هذا يكون قوله: {أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ} عطف بيان لأيمانكم: أي لا تجعلوا اللّه مانعا منه للأيمان التي هي بركم وتقواكم فإصلاحكم بين الناس: ويتعلق قوله: {لِأَيْمانِكُمْ} بقوله: {وَلا تَجْعَلُوا} أي: لا تجعلوا اللّه لأيمانكم مانعا وحاجزا، ويجوز أن يتعلق بعرضة أي: لا تجعلوه سببا متعرضا بينكم وبين البرّ وما بعده.
وعلى المعنى الثاني، وهو أن العرضة: الشدة والقوة يكون معنى الآية: لا تجعلوا اليمين باللّه قوة لأنفسكم وعدّة في الامتناع من الخير.
ولا يصلح تفسير الآية على المعنى الثالث وهو الهمة.
وأما على المعنى الرابع وهو فلان لا يزال عرضة للناس فيكون معنى الآية لا تجعلوا اللّه معرضا لأيمانكم فتبتذلونه بكثرة الحلف به. ومنه {وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ} [المائدة: 89] وقد ذمّ اللّه المكثرين للحلف فقال: {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10)} [القلم: 10]. وقد كانت العرب تتمادح بقلة الأيمان.
وعلى هذا فيكون قوله: {أَنْ تَبَرُّوا} علة للنهي أي لا تجعلوا اللّه معرضا لأيمانكم إرادة أن تبروا وتتقوا وتصلحوا لأن من يكثر الحلف باللّه يجترئ على الحنث ويفجر في يمينه.
وقد قيل في تفسير الآية أقوال هي راجعة إلى هذه الوجوه التي ذكرناها وهي مذكورة في فتح القدير وغيره.

.الآية السابعة والثلاثون:

{لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)}.
اللّغو: مصدر لغا يلغو لغوا، ولغى يلغو لغيا: إذا أتى بما لا يحتاج إليه في الكلام أو بما لا خير فيه، وهو الساقط الذي لا يعتدّ به. فاللغو من اليمين هو الساقط الذي لا يعتدّ به فمعنى الآية لا يعاقبكم اللّه بالساقط من أيمانكم ولكن يعاقبكم بما كسبت قلوبكم: أي اقترفته بالقصد إليه وهي اليمين المعقودة، مثله قوله تعالى: {وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ} [المائدة: 89]. ومثله قول الشاعر:
ولست بمأخوذ بلغو تقوله ** إذا لم تعمد عاقدات العزائم

وقد اختلف أهل العلم في تفسير اللغو: فذهب ابن عباس وعائشة وجمهور العلماء إلى أنها قول الرجل: لا واللّه وبلى واللّه في حديثه وكلامه غير معتقد لليمين ولا مريدا لها.
قال المروزي: هذا معنى لغو اليمين الذي اتفق عليه عامة العلماء.
وقال أبو هريرة وجماعة من السلف: هو أن يحلف الرجل على الشيء لا يظن إلا أنه أتاه فإذا ليس هو ما ظنه. وإلى هذا ذهبت الحنفية وبه قال مالك في الموطأ.
وروي عن ابن عباس أنه قال: لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان. وبه قال طاووس ومكحول، وروي عن مالك.
وقيل: إن اللغو هو يمين المعصية. قال سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن وعبد اللّه بن الزبير وأخوه عروة: كالذي يقسم ليشر بن الخمر أو ليقطعن الرحم.
وقيل: لغو اليمين هو دعاء الرجل على نفسه كأن يقول: أعمى اللّه بصره أذهب اللّه ماله هو يهودي، هو مشرك. قاله زيد بن أسلم.
وقال مجاهد: لغو اليمين أن يتبايع الرجلان فيقول أحدهما واللّه لأبيعك بكذا ويقول الآخر واللّه لأشتريه بكذا.
وقال الضحاك لغو اليمين هي المكفرة: أي إذا كفرت سقطت وصارت لغوا، والراجح القول الأول لمطابقته للمعنى اللغوي ولدلالته على الأدلة.

.الآيتان الثامنة والتاسعة والثلاثون:

{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)}.
{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ} أي يحلفون. وقد اختلف أهل العلم في الإيلاء فقال الجمهور: الإيلاء هو أن يحلف أن لا يطأ امرأته أكثر من أربعة أشهر، فإن حلف على أربعة أشهر فما دونها لم يكن موليا، وكانت عندهم يمينا محضا. وبهذا قال مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور.
وقال الثوري والكوفيون: الإيلاء أن يحلف على أربعة أشهر فصاعدا، وهو قول عطاء.
وروي عن ابن عباس أنه لا يكون موليا حتى يحلف أن لا يمسها أبدا.
وقالت طائفة: إذا حلف أن لا يقرب امرأته يوما أو أقل أو أكثر ثم لم يطأ أربعة أشهر بانت منه بالإيلاء، وبه قال ابن مسعود والنخعي وابن أبي ليلى والحاكم وحماد بن أبي سليمان وقتادة وإسحاق. قال ابن المنذر: وأنكر هذا القول كثير من أهل العلم.
وقوله مِنْ نِسائِهِمْ يشمل الحرائر والإماء إذا كنّ زوجات، وكذلك يدخل تحت قوله: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ} العبد إذا حلف من زوجته. وبه قال أحمد والشافعي وأبو ثور.
قالوا: وإيلاؤه كالحر.
وقال مالك والزهري وعطاء وأبو حنيفة وإسحاق: إن أجله شهران، وقال الشعبي: إيلاء الأمة نصف إيلاء الحرة.
{تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} التربص: التأني والتأخر قال الشاعر:
تربص بها ريب المنون لعلّها ** تطلّق يوما أو يموت حليلها

وقت اللّه سبحانه بهذه المدة دفعا للضرار عن الزوجة، وقد كان أهل الجاهلية يؤلون السنة والسنتين وأكثر من ذلك يقصدون بذلك ضرار النساء، وقد قيل: إن الأربعة الأشهر هي التي لا تطيق المرأة الصبر عن زوجها زيادة عليها.
{فَإِنْ فاؤُ} أي رجعوا، ومنه: {حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] أي ترجع.
ومنه قيل للظل بعد الزوال: فيء لأنه رجع عن جانب المشرق إلى المغرب.
قال ابن المنذر: وأجمع كل من يحفظ عنه العلم أن الفيء الجماع لمن لا عذر له، فإن كان له عذر مرض أو سجن فهي امرأته، فإذا زال العذر فأبى الوطء فرّق بينهما إن كانت المدة قد انقضت. قاله مالك.
وقالت طائفة: إذا شهد على فيئه بقلبه في حال العذر أجزأه. وبه قال الحسن وعكرمة والنخعي والأوزاعي وأحمد بن حنبل.
وقد أوجب الجمهور على المولي إذا فاء بجماع امرأته الكفارة، وقال الحسن والنخعي لا كفارة عليه.
{فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} للزوج إذا تاب من إضراره امرأته.
{رَحِيمٌ} (226) بكل التائبين.
{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ} العزم: العقد على الشيء فمعنى عزموا الطلاق عقدوا عليه قلوبهم.
والطلاق: حلّ عقد النكاح، وفي ذلك دليل على أنها لا تطلق بمضيّ أربعة أشهر- كما قال مالك- ما لم يقع إنشاء تطليق بعد المدة، وأيضا فإنه قال: {فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (227) والسماع يقتضي مسموعا بعد المضيّ. وقال أبو حنيفة سميع لإيلائه عليم بعزمه الذي دل مضيّ أربعة أشهر.
قال الشوكاني في فتح القدير واعلم أن أهل كل مذهب قد فسروا هذه الآية بما يطابق مذهبهم وتكلفوا بما لم يدل عليه اللفظ، ولا دليل آخر ومعناها ظاهر واضح وهو أن اللّه جعل الأجل لمن يولي: أي يحلف من امرأته أربعة أشهر ثم قال مخبرا للعباد بحكم هذا المولي بعد هذه المدة {فَإِنْ فاؤُ} أي رجعوا إلى بقاء الزوجية واستدامة النكاح فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) أي لا يؤاخذهم بتلك اليمين بل يغفر لهم ويرحمهم، وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ العزم منهم عليه والقصد له {فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لذلك منهم عَلِيمٌ} (227) به. فهذا معنى الآية لا شك فيه ولا شبهة.
فمن حلف أن لا يطأ امرأته ولم يقيد بمدّة أو قيد بزيادة على أربعة أشهر كان علينا إمهاله أربعة أشهر فإن مضت فهو بالخيار: إما رجع إلى نكاح امرأته وكانت زوجته بعد مضي المدة كما كانت زوجته قبلها أو طلقها وكان له حكم المطلق امرأته ابتداء. وأما إذا وقت بدون أربعة أشهر فإن أراد أن يبرّ في يمينه اعتزل امرأته التي حلف منها حتى تنقضي المدة كما فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حين آلى من نسائه شهرا فإنه اعتزلهنّ حتى مضى الشهر، وإن أراد أن يطأ امرأته قبل مضي تلك المدّة التي هي دون أربعة أشهر حنث في يمينه ولزمته الكفارة، وكان ممتثلا لما صح عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من قوله: «من حلف على شيء فرأى غيره خيرا منه فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه».
وللسلف في الفيء أقوال مختلفة فينبغي الرجوع إلى الفيء لغة وقد بيناه.
وللصحابة والتابعين في هذا أقوال مختلفة متناقضة والمتعين الرجوع إلى ما في الآية الكريمة وهو ما عرفناك فاشدد عليه يديك.
وأخرج عبد الرزاق عن عمر قال: إيلاء العبد شهران.
وأخرج مالك عن ابن شهاب قال: إيلاء العبد نحو إيلاء الحر.