فصل: قال ابن قتيبة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ}.
وقال: {أَنْشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} فنراه يعنى: فمنها مُسْتَقِرٌّ ومنها مُسْتَوْدَعٌ والله اعلم. وتقرأ {مُسْتَقَرّ}.
{وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذالِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.
وقال: {فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا} يريد الأَخْضَرَ كقول العرب: أرِنيِها نَمِرَةً أُرِكَها مَطِرَةً.
وقال: {وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ} ثم قال: {وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ} أي: وَأَخْرَجْنا بِهِ جَنّاتٍ مِنْ أَعنابٍ.
ثم قال: {وَالزَّيْتُونَ} وواحد: القِنْوانِ: قِنْوٌ، وكذلك الصِّنْوانُ واحدها: صِنْوٌ.
{وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ}.
وقال: {وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ} على البدل كما قال: {إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (12) صِرَاطِ اللَّهِ}. وقال الشاعر: [من الوافر وهو الشاهد المائتان]:
ذَرِينِي إِنَّ أمرَكِ لَن يُطاعا ** وَمَا ألفَيْتِني حِلْمِي مُضاعا

وقال: [من البسيط وهو الشاهد الحادي بعد المائتين]:
إِنِّي وَجَدْتُكَ يا جُرْثُومُ مِنْ نَفَرٍ ** جُرْثُومَةِ اللُّؤْمِ لا جُرْثُومَةِ الكَرَمِ

وقال الآخر: [من البسيط وهو الشاهد الخامس والخمسون بعد المائة]:
إِنَّا وَجَدْنا بَنِي جِلاّنَ كُلَّهم ** كساعِد الضُّبِّ لا طُولٌ ولا عِظَمُ*

وقال: [من الرجز وهو الشاهد الثاني بعد المائتين]:
ما لِلجِمالِ مَشْيِها وَئيدا ** أَجَنْدَلًا لاَ يَحْمِلْنَ أَمْ حَدِيدا

ويقال: ما للجمالِ مشيُها وَئيدا. كما قيل: [من الوافر وهو الشاهد الثالث بعد المائتين]:
فكيفَ تَرَى عَطِيَّةَ حِينَ تَلْقَى ** عِظامًا هامُهُنَّ قُرآسِيات

{وَكَذلك نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.
وقوله: {وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ} أي: دَارَسْتَ أَهْلَ الكتابِ {وَكَذلك نُصَرِّفُ الآيَاتِ} يعني: هكذا. وقال بعضهم [112] {دَرَسْتَ} وبها نقرأ لأنها اوفق للكتاب. وقال بعضهم {دَرَسَتْ}.
{وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}.
وقال: {فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدُوًّا بِغَيْرِ عِلْمٍ} ثقيلة مشددة و{عَدْوًا} خفيفة، والأصل من العُدْوانِ. وقال بعضهم {عَدُوًّا} بغير علم. أي: سبّوه في هذه الحال. ولكن العَدُوّ جماعة كما قال: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} وكما قال: {لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} ونقرأ {عَدْوًا} لأنها أكثر في القراءة وأجود في المعنى لأنك تقول: عُدا عَدْوًا علينا مثل ضَرَبَهُ ضَرْبًا.
{وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ}.
وقال: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ} وقرأ بعضهم {أَنَّها} وبها نقرأ وفسر على لعلها كما تقول العرب: اِذْهَبْ إِلى السوق أَنَّكَ تشتري لي شيئًا أي: لَعَلَّك. وقال الشاعر: [من الرجز وهو الشاهد التاسع والتسعون بعد المائة]:
قُلْتُ لِشَيْبانَ اذْنُ من لِقائِهِ ** أَنَّا نُغَذِّي القَوَمَ مِن شِوائِه

في معنى لَعَلَّنا.
{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ ولكنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ}.
قال: {وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا} أيْ: قَبِيلًا قَبِيلا، جماعة القَبيل القُبُل. ويقال: قِبَلا أي: عِيانا. وقال: {أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا} أي: عِيانا. وتقول: لا قِبَلَ لي بهذا أي: لا طَاقَةَ. وتقول: لِي قِبَلَك حقٌ أي: عندَك.
{وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ}.
وقال: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ} هي من صَغَوْتُ يَصْغا مثل مَحَوْتُ يُمْحا.
{وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ}.
وقال: {وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} يقول- والله اعلم- وَأَيّ شَيْءٍ لَكُمْ في أَلاّ تَأْكُلُوا وكذلك {وَمَا لَنَا أَلاّ نُقَاتِلَ} يقول: أيُّ شَيْءٍ لَنا في تَركِ القِتال. ولو كانت {أَنْ} زائدة لارتفع الفعل، ولو كانت في معنى وما لَنا وَكَذا لكانت وَمَالَنا وَأَلاّ نُقَاتِلَ.
وقال: {وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم} ويقرأ {ليُضِلُّونَ}. أوقع أنَّ على النكرة لأنَّ الكلام اذا طال احتمل ودل بعضه على بعض.
{وَكَذلك جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}.
وقال: {وَكَذلك جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا} [113] فبناه على أَفاعِل، وذلك انه يكون على وجهين يقول: هؤلاء الأكابر والأكبرون وقال: {نُنَبِّئُكُم بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} وواحدهم أَخْسَرُ مثل الأَكْبَر.
{وَكَذلك زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}.
وقال: {وَكَذلك زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} لأن الشركاء زينوا.
ثم قال: {لِيُرْدُوهُمْ} من أرْدى إِرْداءَ.
{وَقَالُواْ هَاذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نَّشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ}.
وقال: {حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا} والحِجْر الحَرام وقد قرئت بالضم {حُجْرٌ}، وكذلك قرئت {حُجْرًا مَحْجُورا} بضم الحاء و{حِجْرًا} في معنى واحد. وقد يكون الحِجْرُ: العَقْل، قال الله تعالى: {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ} أي ذي عقل. وقال بعضهم: لا يكون في قوله: {وَحَرْثٌ حِجْرٌ} إلا الكسر. وليس ذا بشيء لأنه حرام. وأما حَجْرُ المرأة ففيه الفتح والكسر وحَجْرُ اليَمامة بالفتح والحِجْرُ ما حَجَرْتَه وهو قول أصْحابِ الحجر.
{وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَاذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ}.
وقوله عز وجل: {وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَاذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ} رَفْعٌ أي: وإِنْ تَكُن فِي بُطُونِهَا مِيتَةٌ. وقد يجوز الرفع اذا قلت {يَكُن} لأن المؤنّث قد يذكر فعله. و{خالِصَةٌ} انثت لتحقيق الخلوص كأنه لما حقق لهم الخلوص اشبه الكثرة فجرى مجرى رَاوِية ونَسّابة.
{وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.
وقال: {جَنَّاتٍ} جرْ لأن تاء الجميع في موضع النصب مجرورة بالتنوين.
{وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}.
ثم قال: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} أَي: وأَنْشَأَ من الأَنعامِ حَمُولَةً وَفَرْشا.
{ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مَّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}.
ثم قال: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} أي: أَنْشَأَ حَمُولَةً وَفَرَشًْا ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ. أي: أَنّشَأَ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ، على البدل أو التبيان أو على الحال.
ثم قال: أَنْشَأَ {مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} وانما قال: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} لأنَّ كُلَّ واحدٍ زَوْجٌ. تقول للاثنين: هذانِ زَوْجانِ وقال الله عز وجل: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} وتقول للمرأة: هي زَوْجٌ وهي زَوْجَةٌ و: هو زَوْجُها. وقال: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَها} يعني المرأة وقال: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} وقال بعضهم الزَوْجَةُ وقال الأخْطَل: [من البسيط وهو الشاهد السابع والشعرون بعد المائة]:
زَوْجَةُ أَشْمَطَ مَرْهُوبٌ بَوادِرُهُ ** قَدْ صار في رَأْسِهِ التَخْوِيصَ والنَزَعُ

وقد يقال للاثنين أيضًا: هما زَوْجٌ والزَوْجُ النَمَط يُطْرَحُ على الهَوْدَج قال لَبيد: [من الكامل وهو الشاهد السادس والعشرون بعد المائة]:
مِنْ كُلِّ محْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ ** زَوْجٌ عَلَيْهِ كِلَّةٌ وقِرامُها

وأمّا {الضَأن} فمهموز وهو جماع على غير واحد. ويقال: {الضَئِين} مثل الشَعِير وهو جماعة الضَأْن والأنْثى ضائِنَة والجماعة: الضَوَائِنِ.
و{المَعْزُ} جمع على غير واحد وكذلك المِعْزَى، فاما المَواعِز فواحدتها الماعِزْ والماعِزَةُ والذكر الواحد ضائِنْ فيكون الضَأْن جماعة الضائِنْ [104] مثل صاحِب وصَحْب وتاجِر وتَجْر وكذلك ماعِزْ ومَعْز. وقال بعضهم {ضأَنْ} و{مَعَز} جعله جماعة الضَائِن والماعِز مثل خَادِم وخَدَم، وحافِد وحَفَدَةْ مثله إِلاَّ أَنَّهُ أُلحق فيه الهاء.
وأمَّا قوله: {آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ} فانتصب بحرّم.
{قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
وقال: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا} يقول: {إِلاَّ أَنْ يكونَ مِيتَةً أَوْ فِسقًا فإِنَّه رِجْسٌ}.
{وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلك جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ}.
وقال: {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا} فواحد الحَوايا: الحاوِياءُ والحَاوِيَةُ. ويريد بقوله- والله أعلم- {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ} أي: والبقر والغنم حرمنا عليهم. ولكنه أدخل فيها من والعرب تقول: قَدْ كانَ مِنْ حَديثٍ يريدون: قَدْ كانَ حَدِيثٌ وإِن شئت قلت: وَمِنْ الغَنَمِ حَرَّمْنا الشُّحُومَ كما تقول: مِنَ الدّارِ أُخِذَ النِّصفُ والثُلُثُ فأضفت على هذا المعنى كما تقول: مِنَ الدّارِ أُخِذَ نِصْفُها ومِنْ عَبْدِ اللهِ ضُرِبَ وَجْهُهُ.
{قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هذافَإِن شَهِدُواْ فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}.
وقال: {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} لأن هَلُمَّ قد تكون للواحد والاثنين والجماعة.
{أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ}.
وقال: {أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا} على {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} [154] كراهيةَ {أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا}.
{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ}.
وقال: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا} وقال بَعْضُهُم {فارَقُوا} من المُفارَقَةِ.
{مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}.
وقال: {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} على العدد كما تقول: عَشْرُ سُودٍ فان قلت كيف قال: عَشْر والمِثَل مذكر؟ فانما أنث لأنه أضاف إِلى مؤنث وهو في المعنى أيضًا حَسَنَةٌ أو دَرَجةٌ. فإِنْ أَنَّثَ على ذلك فهو وجه. وقال بعضُهم {عَشْرٌ أمْثالُها} جعل الأمثال من صفة العشر. وهذا الوجه الا انه لا يقرأ. لأنَّه ما كان من صفة لم تضف اليه العدد. ولكن يقال: هُمْ عَشْرَةٌ قيامٌ وعشرةٌ قُعُودٌ لا يقال: عشرةُ قيامٍ.
{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
وقال: {دِينًا قِيَمًا} أيْ: مستقيما وهي قراءة العامة وقال أَهْلُ المدينة {قِيَما} وهي حسنة ولم أَسمَعها من العرب وهي في معنى المفسر. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة الأنعام مكية كلها: إلّا ثلاث آيات نزلت بالمدينة من قوله: {قل تعالوا} إلى قوله: {تتقون}.
2- {ثُمَّ قَضى أَجَلًا} بالموت.
{وَأَجَلٌ مُسَمًّى عنده} للدنيا إذا فنيت.
6- و(القرن) يقال: هو ثمانون سنة. قال أبو عبيدة: يروون أن أقل ما بين القرنين ثلاثون سنة.
{مِدْرارًا} بالمطر. أي غزيرا. من درّيدرّ.
7- {وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتابًا فِي قِرْطاسٍ} أي صحفية. وكذلك قوله: {تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ} [سورة الأنعام أية: 91] أي صحفا. قال المرّار:
عفت المنازل غير مثل الأنقس ** بعد الزمان عرفته بالقرطس

فوقفت تعترف الصحيفة بعد ما ** عمس الكتاب وقد يرى لم يعمس

والأنقس: جمع نقس مثل قدح وأقدح وأقداح. أراد: غير مثل النّقس.
عرفته بالقرطاس. ثم قال: فوقفت تعترف الصحيفة فأعلمك ان القرطاس هو الصحيفة. ومنه يقال للرامي إذا أصاب: قرطس. إنما يراد أصاب الصحيفة.
8- {وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ} يريد: لو أنزلنا ملكا فكذبوه أهلكناهم.
9- {وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكًا} أي لو جعلنا الرسول إليهم ملكا.
{لَجَعَلْناهُ رَجُلًا} أي في صورة رجل. لأنه لا يصلح ان يخاطبهم بالرسالة ويرشدهم إلا من يرونه.
{وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ} أي أضللناهم بما ضلّوا به قبل أن يبعث الملك.
12- كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أي أوجبها على نفسه لخلقه.
{لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} هذا مردود إلى قوله: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [سورة الأنعام أية: 11]... {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}.
14- {فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي مبتدئهما. ومنه قول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: «كل مولود يولد على الفطرة».
أي على ابتداء الخلقة. يعني الإقرار باللّه حين أخذ العهد عليهم في أصلاب آبائهم.
22- {أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ} أي أين آلهتكم التي جعلتموها لي شركاء.