فصل: (سورة الأنعام: آية 20)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة الأنعام: آية 20]

{الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20)}.

.الإعراب:

(الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع مبتدأ (آتينا) فعل ماض مبني على السكون... (ونا) فاعل و(هم) ضمير مفعول به أول (الكتاب) مفعول به ثان منصوب (يعرفون) مضارع مرفوع... والواو فاعل و(الهاء) ضمير مفعول به (الكاف) حرف جر (ما) حرف مصدري (يعرفون) مثل الأول (أبناء) مفعول به و(هم) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤول (ما يعرفون) في محلّ جر بالكاف متعلق بمحذوف مفعول مطلق أي يعرفون عرفانا كعرفانهم أبناءهم.
(الذين خسروا) مثل الذين آتينا (أنفس) مفعول به منصوب و(هم) ضمير مضاف إليه (الفاء) زائدة لمشابهة الموصول للشرط (هم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (لا) نافية (يؤمنون) مضارع مرفوع... والواو فاعل.
جملة {الذين آتيناهم...} لا محلّ لها استئنافية.
وجملة {آتيناهم الكتاب} لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الأول.
وجملة {يعرفونه} في محلّ رفع خبر المبتدأ (الذين).
وجملة {يعرفون أبناءهم} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (ما).
وجملة {الذين خسروا} لا محلّ لها بدل من جملة الاستئناف- أو استئنافية.
وجملة {خسروا...} لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة {هم لا يؤمنون} في محلّ رفع خبر المبتدأ (الذين).
وجملة {لا يؤمنون} في محلّ رفع خبر المبتدأ (هم).

.الفوائد:

1- بعض المحدثين أعرب الفاء في قوله تعالى: {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} أنها رابطة للجواب وعلل ذلك بقوله: إن الموصول يتضمن معنى الشرط.
ونحن لا نردّ ذلك ولكن نرجح تسميتها بالفاء الزائدة كما أسماها علماء النحو.
وقد عرفوها بأنها الفاء الداخلة على خبر المبتدأ إذا تضمن معنى الشرط وقد مثلوا لها بقولهم الذي يأتي فله درهم وإنما كانت زائدة لأن الخبر مستغن عن رابط يربطه بالمبتدأ فتأمل.

.[سورة الأنعام: الآيات 21- 24]

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (22) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (24)}.

.الإعراب:

(الواو) استئنافية (من) اسم استفهام مبني في محلّ رفع مبتدأ (أظلم) خبر مرفوع (من) حرف جر و(من) اسم موصول مبني في محلّ جر متعلق بـ (أظلم)، (افترى) فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (على الله) جار ومجرور متعلق بـ (افترى)، (كذبا) مفعول به منصوب (أو) حرف عطف (كذب) مثل افترى (بآيات) جار ومجرور متعلق بـ (كذّب)، و(الهاء) ضمير مضاف إليه (إنّ) حرف مشبه بالفعل و(الهاء) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ، وهو ضمير الشأن (لا) نافية (يفلح) مضارع مرفوع (الظالمون) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة {من أظلم...} لا محلّ لها استئنافية.
وجملة {افترى...} لا محلّ لها صلة الموصول (من).
وجملة {كذّب بآياته} لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة {إنّه لا يفلح...} لا محلّ لها استئنافية في حكم التعليل.
وجملة {لا يفلح الظالمون} في محلّ رفع خبر إنّ.
(22) (الواو) عاطفة (يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق بفعل لا يفلح لأنه معطوف على ظرف مقدّر متعلق بالفعل نفسه أي: لا يفلح الظالمون اليوم ويوم نحشرهم جميعا، (نحشر) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن و(هم) ضمير مفعول به (جميعا) حال منصوبة من الضمير المفعول في (نحشرهم)، (ثم) حرف عطف (نقول) مثل نحشر (اللام) حرف جر (الذين) اسم موصول مبني في محلّ جر متعلق بـ (نقول)، (أشركوا) فعل ماض مبني على الضمّ... والواو فاعل (أين) اسم استفهام مبني في محلّ نصب على الظرفية المكانية متعلق بمحذوف خبر مقدم (شركاء) مبتدأ مؤخر مرفوع و(كم) ضمير مضاف إليه (الذين) موصول في محلّ رفع نعت لشركاء (كنتم) فعل ماض ناقص مبني على السكون (تم) ضمير في محلّ رفع اسم كان (تزعمون) مضارع مرفوع... والواو فاعل، ومفعولا الفعل المتعدي الاثنين مقدران... أي تزعمونهم شركاء.
وجملة {نحشرهم...} في محلّ جر مضاف إليه.
وجملة {نقول...} في محلّ جر معطوفة على جملة نحشرهم.
وجملة {أشركوا} لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الأول.
وجملة {أين شركاؤكم} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة {كنتم تزعمون} لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة {تزعمون} في محلّ نصب خبر كنتم.
(23) (ثمّ) حرف عطف (لم) حرف نفي وجزم وقلب (تكن) مضارع مجزوم ناقص (فتنة) اسم تكن مرفوع و(هم) ضمير مضاف إليه (إلا) أداة حصر (أن) حرف مصدري (قالوا) مثل أشركوا (الواو) واو القسم (الله) لفظ الجلالة مجرور بالواو متعلق بفعل أقسم المقدّر (ربّنا) نعت للفظ الجلالة مجرور، أو بدل منه... (ونا) ضمير مضاف إليه (ما) نافية (كنّا) مثل كنتم (مشركين) خبر كنا منصوب وعلامة النصب الياء.
والمصدر المؤول (أن قالوا) في محلّ نصب خبر تكن.
وجملة {لم تكن فتنتهم...} في محلّ جر معطوفة على جملة نقول.
وجملة {قالوا...} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن).
وجملة (نقسم) {بالله...} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة {ما كنا مشركين} لا محلّ لها جواب القسم.
(24) (انظر) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (كيف) اسم استفهام مبني في محلّ نصب حال عامله (كذبوا) وهو مثل أشركوا (على أنفس) جار ومجرور متعلق بـ (كذبوا)، و(هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة- أو استئنافية- (ضلّ) مثل افترى (عن) حرف جر و(هم) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (ضلّ) بتضمينه معنى غاب (ما) اسم موصول مبني في محلّ رفع فاعل، والعائد محذوف، (كانوا) مثل كنتم (يفترون) مثل تزعمون.
جملة {انظر...} لا محلّ لها استئنافية.
وجملة {كذبوا...} في محلّ نصب مفعول به لفعل النظر المعلق بالاستفهام.
وجملة {ضلّ...} في محلّ نصب معطوفة على جملة كذبوا.
وجملة {كانوا...} لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة {يفترون...} في محلّ نصب خبر (كانوا).

.الفوائد:

1- للمستثنى بإلّا بحث ضاف قتله النحاة بحثا وتوضيحا، ولا يعنينا في هذه الآية سوى الاستثناء المفرغ على حد تعبير بعضهم واعراب المستثنى بإلّا على حسب العوامل على حد تعبير الآخرين وسواء راق لنا هذا التعريف أو ذاك فلابد للمستثنى من شرطين حتى يعرب بحسب العوامل وهما: أولا أن يكون مفرغا من ذكر المستثنى منه.
ثانيا: أن يكون الكلام منفيا وفي هذه الحالة يمكن أن نسمي إلا أداة حصر، على حد تعبير علماء البلاغة.
1- أجمع النحاة على أن كيف اسم يستفهم به عن حالة الشيء، وقد تكتسب معنى التعجب نحو {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} أو معنى النفي والإنكار نحو: كيف افعل هذا أو معنى التوبيخ كقوله تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} وقد تتضمن كيف معنى الشرط إما متصلة بما نحو كيفما تكن يكن قرينك أو غير متصلة بها نحو: كيف تجلس أجلس.
وفي إعمالها أو إهمالها مذهبان:
مذهب الكوفيين وهم يجزمون بها فعل الشرط وجوابه.
ومذهب البصريين وهي عندهم اسم شرط غير جازم فالفعلان بعدها مرفوعان فاختر أيهما أقرب للصواب ولا تألو.

.[سورة الأنعام: آية 25]

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (25)}.

.الإعراب:

(الواو) استئنافية (من) حرف جر و(هم) ضمير في محلّ جر متعلق بمحذوف خبر مقدم، (من) اسم موصول مبني في محلّ رفع مبتدأ (يستمع) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (إلى) حرف جر (الكاف) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (يستمع)، (الواو) عاطفة- أو حالية- (جعلنا) فعل ماض مبني على السكون... (ونا) فاعل (على قلوب) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من أكنّة، و(هم) ضمير مضاف إليه (أكنّة) مفعول به منصوب (أن) حرف مصدري ونصب (يفقهوا) منصوب وعلامة النصب حذف النون... والواو فاعل و(الهاء) ضمير مفعول به.
والمصدر المؤوّل (أن يفقهوه) في محلّ نصب مفعول لأجله على حذف مضاف أي كراهة أن يفقهوه.
(الواو) عاطفة (في آذان) جار ومجرور متعلق بما تعلق به (على قلوبهم) بسبب العطف، وكذلك (وقرا) معطوفة على أكنّة، (الواو) عاطفة (إن) حرف شرط جازم (يروا) مضارع مجزوم فعل الشّرط وعلامة الجزم حذف النون... والواو فاعل (كلّ) مفعول به منصوب (آية) مضاف إليه مجرور (لا) نافية (يؤمنوا) مضارع مجزوم جواب الشرط مثل يروا (الباء) حرف جر و(ها) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (يؤمنوا)، (حتّى) حرف ابتداء (إذا) ظرف للمستقبل متضمّن معنى الشّرط في محلّ نصب متعلق بـ (يقول)، (جاؤوا) فعل ماض وفاعله و(الكاف) ضمير مفعول به (يجادلون) مضارع مرفوع... والفاعل الواو و(الكاف) ضمير مفعول به (يقول) مثل يستمع (الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع فاعل (كفروا) مثل جاؤوا (إن) حرف نفي (ها) حرف تنبيه (ذا) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ (إلا) أداة حصر (أساطير) خبر مرفوع (الأوّلين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الياء.
جملة {منهم من يستمع...} لا محلّ لها استئنافية.
وجملة {يستمع...} لا محلّ لها صلة الموصول (من).
وجملة {جعلنا...} لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة {يفقهوه} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن).
وجملة {يروا...} لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة {لا يؤمنوا بها...} لا محلّ لها جواب شرط غير مقترنة بالفاء.
وجملة {جاؤوك...} في محلّ جر مضاف إليه.
وجملة {يجادلونك...} في محلّ نصب حال من فاعل جاؤوك.
وجملة {يقول الذين...} لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة {كفروا...} لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة {إن هذا إلا أساطير} في محلّ نصب مقول القول.

.الصرف:

(أكنّة)، جمع كنان كأعنة وعنان، اسم جامد من فعل كن باب ردّ. وكنان وزنه فعال بكسر الفاء ووزن أكنّة أفعلة جاءت العين واللام من حرف واحد.
(وقرا)، مصدر سماعي من فعل وقر يوقر باب فرح وباب وعد.
ووقر الله الأذن... فالفعل يستعمل لازما ومتعديا. وزنه فعل بفتح فسكون.
(أساطير)، جمع أسطورة، بضم الهمزة وإسطارة بكسر الهمزة، وقيل أساطير جمع أسطار وهو جمع سطر بفتح الطاء. وأسطورة اسم بمعنى الحديث الباطل وزنه أفعولة بضم الهمزة، ووزن أساطير أفاعيل.
(الأوّلين)، جمع الأول، وهو اسم يدل على الترتيب في العدد، وهو وحده يأتي على هذه الصيغة وأما ما يليه فيكون على وزن الفاعل كالثاني والثالث.

.البلاغة:

1- الكناية: في قوله تعالى: {وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْرًا}.
فالكلام عند غير واحد تمثيل كناية عن كمال جهلهم بشؤون النبي صلى الله عليه وسلم وفرط نبو قلوبهم عن فهم القرآن الكريم وصمم أسماعهم، وجوزوا أن يكون هناك استعارة تصريحية أو مكنية أو مشاكلة.

.[سورة الأنعام: آية 26]

{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (26)}.

.الإعراب:

(الواو) عاطفة (هم) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ (ينهون) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون... والواو فاعل (عن) حرف جر و(الهاء) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (ينهون)، ومفعول ينهون محذوف أي ينهون الناس. (ينأون عنه) مثل ينهون عنه (الواو) استئنافية (إن) نافية (يهلكون) مضارع مرفوع... والواو فاعل (إلّا) أداة حصر (أنفس) مفعول به منصوب و(هم) ضمير مضاف إليه (الواو) حالية (ما) نافية (يشعرون) مل (ينهون).
جملة {هم ينهون...} لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة في الآية السابقة.
وجملة {ينهون...} في محلّ رفع خبر المبتدأ هم.
وجملة {ينأون...} في محلّ رفع معطوفة على جملة ينهون.
وجملة {يهلكون...} لا محلّ لها استئنافية.
وجملة {ما يشعرون} في محلّ نصب حال.

.الصرف:

(ينهون)، فيه إعلال بالحذف، أصله ينهاون، جاءت الألف والواو ساكنتين، حذفت الألف لالتقاء الساكنين، وزنه يفعون.
(ينأون)، فيه إعلال جرى مجرى ينهون.

.البلاغة:

- الجناس: في قوله تعالى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} وهو جناس التصريف الذي هو اختلاف صيغة الكلمتين بإبدال حرف من حرف قريب من مخرجه، سواء أكان الإبدال في الأول أم في الوسط أم في الآخر.

.الفوائد:

1- قبل أن نغادر هذه الآية حقيق بنا أن نقف مليا عند قوله: ينهون وينأون: فهو من الجناس الناقص كما يقول علماء البلاغة.
وتعريف الجناس هو اتفاق الكلمتين في اللفظ واختلافهما في المعنى: فإذا اختلف لفظاهما بحرف واحد سمي جناسا ناقصا كما هو في هذه الآية، وهو من المحسنات اللفظية في القرآن ويبدو أن هذا الفن قد لعب دورا كبيرا في عقول الأدباء وأذواقهم خلال عصر من العصور الأدبية حتى آل إلى ظاهرة من ظواهر التصنّع خلال عصور الركود والجمود، وقد تلقفه الشعراء الشعبيون عن زملائهم الشعراء المثقفين وحسبوا أنه مفخرة من مفاخر الأدب وأنه غاية وليس وسيلة وأنه يطلب لذاته فاتخذوه معيار الموازنة بين الشعراء فعليه يقوم فنّ العتابا وفنون أخرى من الشعر الشعبي ويدعونه المرصود وفي الحقيقة هو ضرب من التزام ما لا يلزم في الشعر أو في النثر. ويبقى الجناس فنا أصيلا ما دام يأتي عفو الخاطر فإذا راح الأديب يلهث في إثره أصبح تصنعا وتكلفا وسمة ضعف في شعر الشعراء ونثر الناثرين.

.[سورة الأنعام: آية 27]

{وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27)}.

.الإعراب:

(الواو) استئنافية (لو) شرطية غير جازمة (ترى) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت، (إذ) ظرف استعمل للمستقبل لأنه في حكم المحقق (وقفوا) فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم... والواو نائب فاعل (على النار) جار ومجرور متعلق بـ (وقفوا) بتضمينه معنى عرضوا (الفاء) عاطفة (قالوا) فعل ماض وفاعله (يا) أداة تنبيه، (ليت) حرف مشبه بالفعل للتمني و(نا) ضمير في محلّ نصب اسم ليت (نردّ) مضارع مبني للمجهول مرفوع، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره نحن (الواو) واو المعية (لا) نافية (نكذّب) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد واو المعية، والفاعل نحن (بآيات) جار ومجرور متعلق بـ (نكذب)، (رب) مضاف إليه مجرور و(نا) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤول (أن نكذّب) معطوف على مصدر متصيّد من الكلام السابق أي ليت لنا ردّا وإنفاء تكذيب بآيات ربنا وكوننا من المؤمنين.
(الواو) عاطفة (نكون) مضارع ناقص منصوب معطوف على (نكذّب)، واسمه ضمير مستتر تقديره نحن (من المؤمنين) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر نكون.
جملة {ترى...} لا محلّ لها استئنافية... وجواب لو محذوف أي: لرأيت أمرا عظيما.
وجملة {وقفوا} في محلّ جر مضاف إليه.
وجملة {قالوا...} في محلّ جر معطوفة على جملة وقفوا.
وجملة {ليتنا نرد} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة {نرد...} في محلّ رفع خبر ليت.
جملة {لا نكذّب} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) المقدّر.
وجملة {نكون...} لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفي.

.البلاغة:

1- الإيجاز بالحذف: وهو هنا في الآية حذف جواب لو ثقة بظهوره وإيذانا بقصور العبارة عن تفصيله. وكذا مفعول ترى لدلالة ما في حيز الظرف عليه، أي لو تراهم حين يقفون على النار حتى يعاينوها لرأيت مالا يسعه التعبير. وصيغة الماضي للدلالة على التحقق.

.الفوائد:

1- من المصطلح عليه أن إذ ظرف لما مضى من الزمن ولكنها قد تكون على قلّة ظرفا للمستقبل كقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ}.
وهي من الظروف المبنية وبناؤها على السكون في محلّ نصب وقد تأتي مضافا إليه كقوله تعالى: {رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا} وقد تقع موقع المفعول به نحو: {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا}. وهي تضاف دائما إلى الجمل.
وقد تحذف الجملة بعدها ويعوض عنها بتنوين العوض كقوله تعالى: {فَلولا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ} أي وأنتم حين إذ بلغت الروح الحلقوم تنظرون.

.[سورة الأنعام: الآيات 28- 29]

{بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (28) وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29)}.

.الإعراب:

(بل) للإضراب والابتداء (بدا) فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف (اللام) حرف جر و(هم) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (بدا)، (ما) اسم موصول مبني في محلّ رفع فاعل (كانوا) فعل ماض ناقص مبني على الضم... والواو اسم كان (يخفون) مضارع مرفوع... والواو فاعل (من) حرف جر (قبل) اسم مبني على الضم في محلّ جر متعلق بـ (يخفون)، (الواو) عاطفة (لو) شرط غير جازم (ردّوا) فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم... والواو نائب فاعل (اللام) واقعة في جواب لو (عادوا) مثل قالوا، (اللام) حرف جر (ما) اسم موصول مبني في محلّ جر متعلق بـ (عادوا)، (نهوا) مثل ردّوا (عنه) مثل السابق متعلق بـ (نهوا)، (الواو) عاطفة (إنّ) حرف مشبه بالفعل و(هم) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ (اللام) هي المزحلقة تفيد التوكيد (كاذبون) خبر إنّ مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة {بدا لهم ما كانوا...} لا محلّ لها استئنافية.
وجملة {كانوا...} لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الأول.
وجملة {يخفون...} في محلّ نصب خبر كانوا.
وجملة {ردّوا...} لا محلّ لها معطوفة على جملة بدا لهم.
وجملة {عادوا} لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة {نهوا...} لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة {إنهم لكاذبون} لا محلّ لها معطوفة على جملة عادوا.
(29) (الواو) عاطفة (قالوا) مثل الأول، (إن) حرف نفي (هي) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (إلا) أداة حصر (حياة) خبر مرفوع و(نا) ضمير مضاف إليه (الدنيا) نعت للحياة مرفوع مثله وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف (الواو) عاطفة (ما) نافية عاملة عمل ليس (نحن) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع اسم ما (الباء) زائدة (مبعوثين) خبر ليس مجرور لفظا منصوب محلا، وعلامة الجر الياء.
وجملة {قالوا...} لا محلّ لها معطوفة على جمل عادوا.
وجملة {إن هي إلا حياتنا...} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة {ما نحن بمبعوثين} في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.