فصل: قال أبو البقاء العكبري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو البقاء العكبري:

سورة الأنعام:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى: {بربهم} الباء تتعلق ب {يعدلون} أي الذين كفروا يعدلون بربهم غيره، والذين كفروا مبتدأ، ويعدلون الخبر، والمفعول محذوف.
ويجوز على هذا أن تكون الباء بمعنى عن، فلا يكون في الكلام مفعول محذوف، بل يكون يعدلون لازما: أي يعدلون عنه إلى غيره، ويجوز أن تتعلق الباء بكفروا فيكون المعنى: الذين جحدوا ربهم مائلون عن الهدى.
قوله تعالى: {خلقكم من طين} في الكلام حذف مضاف: أي خلق أصلكم ومن طين متعلق بخلق، ومن هنا لابتداء الغاية، ويجوز أن تكون حالا: أي خلق أصلكم كائنا من طين {وأجل مسمى} مبتدأ موصوف، و{عنده} الخبر.
قوله تعالى: {وهو الله} وهو مبتدأ والله الخبر.
و{في السموات} فيه وجهان: أحدهما يتعلق ب {يعلم} أي يعلم سركم وجهركم في السموات والأرض، فهما ظرفان للعلم فيعلم على هذا خبر ثان، ويجوز أن يكون الله بدلا من هو ويعلم الخبر.
والثانى أن يتعلق {في} باسم الله لأنه بمعنى المعبود: أي وهو المعبود في السموات والأرض.
ويعلم على هذا خبر ثان أو حال من الضمير في المعبود أو مستأنف.
وقال أبو علي: لا يجوز أن تتعلق {في} باسم الله لأنه صار بدخول الألف واللام والتغيير الذي دخله كالعلم ولهذا قال تعالى: {هل تعلم له سميا} وقيل قد تم الكلام على قوله: {في السموات وفى الأرض} يتعلق بيعلم، وهذا ضعيف لأنه سبحانه معبود في السموات وفى الأرض ويعلم مافى السماء والأرض فلا اختصاص لإحدى الصفتين بأحد الظرفين، و{سركم وجهركم} مصدران بمعنى المفعولين: أي مسركم ومجهوركم، ودل على ذلك قوله: {يعلم ما تسرون وما تعلنون} أي الذى، ويجوز أن يكونا على بابهما.
قوله تعالى: {من آية} موضعه رفع بتأتى، ومن زائدة، و{من آيات} في موضع جر صفة لآية، ويجوز أن تكون في موضع رفع على موضع آية.
قوله تعالى: {لما جاءهم} لما ظرف لكذبوا، وهذا قد عمل فيها وهو قبلها، ومثله إذا، و{به} متعلق ب {يستهزئون}.
قوله تعالى: {كم أهلكنا} كم استفهام بمعنى التعظيم.
فلذلك لا يعمل فيها يروا وهى في موضع نصب بأهلكنا، فيجوز أن تكون كم مفعولا به، ويكون {من قرن} تبيينا لكم، ويجوز أن يكون ظرفا، ومن قرن مفعول أهلكنا، ومن زائدة أي كم أزمنة أهلكنا فيها من قبلهم قرونا، ويجوز أن يكون كم مصدرا: أي كم مرة وكم إهلاكا وهذا يتكرر في القرآن كثيرا {مكناهم} في موضع جر صفة القرن، وجمع على المعنى {ما لم نمكن لكم} رجع من الغيبة في قوله: {ألم يروا} إلى الخطاب في لكم، ولو قال لهم لكان جائزا و{ما} نكرة موصوفة، والعائد محذوف: أي شيئا لم نمكنه لكم، ويجوز أن تكون {ما} مصدرية والزمان محذوف أي مدة ما لم نمكن لكم: أي مدة تمكنهم أطول من مدتكم، ويجوز أن تكون {ما} مفعول نمكن على المعنى، لأن المعنى أعطيناهم ما لم نعطكم، و{مدرارا} حال من السماء، و{تجرى} المفعول الثاني لجعلنا أو حال من الأنهار إذا جعلت جعل متعدية إلى واحد، و{من تحتهم} يتعلق بتجرى، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في تجرى: أي وهى من تحتهم، ويجوز أن يكون من تحتهم مفعولا ثانيا لجعل أو حالا من الأنهار.
وتجرى في موضع الحال من الضمير في الجار: أي وجعلنا الأنهار من تحتهم جارية: أي استقرت جارية، و{من بعدهم} يتعلق بأنشأنا، ولايجوز أن يكون حالا من قرن لأنه ظرف زمان.
قوله تعالى: {في قرطاس} نعت لكتاب، ويجوز أيتعلق بكتاب على أنه ظرف له، والكتاب هنا المكتوب في الصحيفة لا نفس الصحيفة، والقرطاس بكسر القاف وفتحها لغتان وقد قرئ بهما، والهاء في {لمسوه} يجوز أن ترجع على قرطاس، وأن ترجع على كتاب.
قوله تعالى: {ما يلبسون} {ما} بمعنى الذي وهو مفعول {لبسنا}.
قوله تعالى: {ولقد استهزئ} يقرأ بكسر الدال على أصل التقاء الساكنين، وبضمها على أنه أتبع حركتها حركة التاء لضعف الحاجز بينهما، و{ما} بمعنى الذى، وهو فاعل حاق، و{به} يتعلق ب {يستهزءون} ومنهم الضمير للرسل فيكون منهم متعلقا بسخروا لقوله: {فيسخرون منهم} ويجوز في الكلام سخرت به، ويجوز أن يكون الضمير راجعا إلى المستهزئين فيكون منهم حالا من ضمير الفاعل في سخروا.
قوله تعالى: {كيف كان} كيف خبر كان، و{عاقبة} اسمها، ولم يؤنث الفعل لأن العاقبة بمعنى المعاد فهو في معنى المذكر، ولأن التأنيث غير حقيقي.
قوله تعالى: {لمن} من استفهام، و{ما} بمعنى الذي في موضع مبتدإ، ولمن خبره {قل لله} أي قل هو لله {ليجمعنكم} قيل موضعه نصب بدلا من للرحمة وقيل لا موضع له بل هو مستأنف واللام فيه جواب قسم محذوف وقع كتب موقعه {لاريب فيه} قد ذكر في آل عمران والنساء {الذين خسروا} مبتدأ {فهم} مبتدأ ثان، و{لا يؤمنون} خبره، والثانى وخبره خبر الأول، ودخلت الفاء لما في الذين من معنى الشرط.
وقال الأخفش: للذين خسروا: بدل من المنصوب في ليجمعنكم، وهو بعيد لأن ضمير المتكلم والمخاطب لا يبدل منهما لوضوحهما غاية الوضوح، وغيرهما دونهما في ذلك.
قوله تعالى: {أغير الله} مفعول أول {أتخذ} و{وليا} الثاني، ويجوز أن يكون أتخذ متعديا إلى واحد وهو ولى، وغير الله صفة له قدمت عليه فصارت حالا ولايجوز أن تكون غير هنا استثناء {فاطر السموات} يقرأ بالجر وهو المشهور، وجره على البدل من اسم الله، وقرئ شاذا بالنصب وهو بدل من ولى، والمعنى على هذا: أجعل فاطر السموات والأرض غير الله، ويجوز أن يكون صفة لولى، والتنوين مراد، وهو على الحكاية: أي فاطر السموات {وهو يطعم} بضم الياء وكسر العين {ولايطعم} بضم الياء وفتح العين وهو المشهور، ويقرأ {ولا يطعم} بفتح الياء والعين، والمعنى على القراءتين يرجع إلى الله، وقرئ في الشاذ {وهو يطعم} يفتح الياء والعين، ولايطعم بضم الياء وكسر العين، وهذا يرجع إلى الولى الذي هو غير الله: {من أسلم} أي أول فريق أسلم {ولا تكونن} أي وقيل لى لا تكونن، ولو كان معطوفا على ما قبله لقال وأن لاأكون.
قوله تعالى: {من يصرف عنه} يقرأ بضم الياء وفتح الراء على ما لم يسم فاعله، وفى القائم مقام الفاعل وجهان: أحدهما {يومئذ} أي من يصرف عنه عذاب يومئذ فحذف المضاف، ويومئذ مبنى على الفتح.
والثانى أن يكون مضمرا في يصرف يرجع إلى العذاب فيكون يومئذ ظرفا ليصرف أو للعذاب أو حالا من الضمير، ويقرأ بفتح الياء وكسر الراء على تسمية الفاعل: أي من يصرف الله عنه العذاب، فمن على هذا مبتدأ، والعائد عليه الهاء في عنه، وفى {رحمه} والمفعول محذوف وهو العذاب، ويجوز أن يكون المفعول يومئذ: أي عذاب يومئذ، ويجوز أن تجعل {من} في موضع نصب بفعل محذوف تقديره: من يكرم يصرف الله عنه العذاب، فجعلت يصرف تفسيرا للمحذوف، ومثله {فإياى فارهبون} ويجوز أن ينصب من يصرف، وتجعل الهاء في عنه للعذاب: أي أي إنسان يصرف الله عنه العذاب فقد رحمه، فأما {من} على القراءة الأولى فليس فيها إلا الرفع على الابتداء، والهاء في عنه يجوز أن ترجع على {من} وأن ترجع على العذاب.
قوله تعالى: {فلا كاشف له} له خبر كاشف {إلا هو} بدل من موضع لا كاشف، أو من الضمير في الظرف، ولايجوز أن يكون مرفوعا بكاشف، ولابدلا من الضمير فيه لأنك في الحالتين اسم {لا} ومتى أعملته ظاهرا نونته.
قوله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده} هو مبتدأ، والقاهر خبره، وفى فوق وجهان: أحدهما هو أنه في موضع نصب على الحال من الضمير في القاهر: أي وهو القاهر مستعليا أو غالبا.
والثانى هو في موضع رفع على أنه بدل من القاهر أو خبر ثان.
قوله تعالى: {أي شيء} مبتدأ و{أكبر} خبره، {شهادة} تمييز، وأى بعض ماتضاف إليه، فإذا كانت استفهاما اقتضى الظاهر أن يكون جوابها مسمى باسم ما أضيف إليه: أي وهذا يوجب أن يسمى الله شيئا، فعلى هذا يكون قوله: {قل الله}.
جوابا والله مبتدأ والخبر محذوف: أي أكبر شهادة، وقوله: {شهيد} خبر مبتدإ محذوف، ويجوز أن يكون الله مبتدأ وشهيد خبره، ودلت هذه الجملة على جواب أي من طريق المعنى، و{بينكم} تكرير للتأكيد، والأصل شهيد بيننا، ولك أن تجعل بين ظرفا يعمل فيه شهيد، وأن تجعله صفة لشهيد فيتعلق بمحذوف {ومن بلغ} في موضع نصب عطفا على المفعول في أنذركم وهو بمعنى الذى، والعائد محذوف، والفاعل ضمير القرآن: أي وأنذر من بلغه القرآن {قل إنما هو إله واحد} في ماوجهان: أحدهما هي كافة لإن عن العمل فعلى هذا هو مبتدأ وإله خبره، وواحد صفة مبينة.
وقد ذكر مشروحا في البقرة.
والثانى أنها بمعنى الذي في موضع نصب بأن وهو مبتدأ وإله خبره، والجملة صلة الذى، وواحد خبر إن وهذا أليق بما قبله.
قوله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب} في موضع رفع بالابتداء، و{يعرفونه} الخبر والهاء ضمير الكتاب، وقيل ضمير النبي صلى الله عليه وسلم {الذين خسروا أنفسهم} مثل الأولى.
قوله تعالى: {ويوم نحشرهم} هو مفعول به، والتقدير: واذكر يوم نحشرهم و{جميعا} حال من ضمير المفعول ومفعولا {تزعمون} محذوفان: أي تزعمونهم شركاءكم، ودل على المحذوف ما تقدم.
قوله تعالى: {ثم لم تكن} يقرأ بالتاء، ورفع الفتنة على أنها اسم كان، و{أن قالوا} الخبر، ويقرأ كذلك إلا أنه بالياء لأن تأنيث الفتنة غير حقيقي، ولأن الفتنة هنا بمعنى القول، ويقرأ بالياء، ونصب الفتنة على أن اسم كان أن قالوا وفتنتهم الخبر، ويقرأ كذلك إلا أنه بالتاء على معنى أن قالوا، لأن أن قالوا بمعنى القول والمقالة والفتنة {ربنا} يقرأ بالجر صفة لاسم الله، وبالنصب على النداء أو على إضمار أعنى وهو معترض بين القسم والمقسم عليه، والجواب {ماكنا}.