فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



واليهود- مهما بلغ من كيدهم ومكرهم- لا يملكون أن يغلبوا الفطرة البشرية، التي تجد في قرارتها الإيمان بوجود إله- وإن كانت تضل فقط في معرفة الإله الحق بصفاته الحقة؛ كما أنها تنحرف بعدم توحيد سلطانه في حياتها، فتوصم بالشرك والكفر على هذا الأساس- ولكن بعض النفوس تفسد فطرتها، وتتعطل فيها أجهزة الاستقبال والاستجابة الفطرية. وهذه النفوس وحدها هي التي يمكن أن يفلح معها كيد اليهود الذي يستهدف نفي وجود الله فيها. ولكن هذه النفوس المعطلة الفطرة ستظل قليلة وشاذة في مجموع البشر في كل زمان.. والملحدون الحقيقيون على ظهر الأرض اليوم لا يتجاوزون بضعة ملايين في روسيا والصين من بين مئات الملايين الذين يحكمهم الملحدون بالحديد والنار؛ على الرغم من الجهد الناصب خلال أربعين عامًا في نزع الإيمان بكل وسائل التعليم والإعلام!
إنما يفلح اليهود في حقل آخر. وهو تحويل الدين إلى مجرد مشاعر وشعائر. وطرده من واقع الحياة. وإيهام المعتقدين به أنهم يمكن أن يظلوا مؤمنين بالله؛ مع أن هناك أربابًا أخرى هي التي تشرع لحياتهم من دون الله! ويصلون بذلك إلى تدمير البشرية فعلًا، حتى مع وهمها أنها لا تزال تؤمن بالله.
وهم يستهدفون الإسلام- قبل كل دين آخر- لأنهم يعرفون من تاريخهم كله، أنهم لم يغلبهم إلا هذا الدين يوم كان يحكم الحياة. وأنهم غالبو أهله طالما أهله لا يحكمونه في حياتهم؛ مع توهمهم أنهم ما يزالون مسلمين مؤمنين بالله! فهذا التخدير بوجود الدين- وهو غير موجود في حياة الناس- ضروري لتنجح المؤامرة.. أو يأذن الله فيصحو الناس!
وأحسب- والله أعلم- أن اليهود الصهيونيين، والنصارى الصليبيين، كليهما، قد يئسوا من هذا الدين في هذه المنطقة الإسلامية الواسعة في إفريقية وآسيا وأوربا كذلك.. يئسوا من أن يحولوا الناس فيها إلى الإلحاد- عن طريق المذاهب المادية- كما يئسوا كذلك من تحويلهم إلى ديانات أخرى عن طريق التبشير أو الاستعمار.. ذلك أن الفطرة البشرية بذاتها تنفر من الإلحاد وترفضه حتى بين الوثنيين- فضلًا على المسلمين- وأن الديانات الأخرى لا تجرؤ على اقتحام قلب عرف الإسلام، أو حتى ورث الإسلام!
وأحسب- والله أعلم- أنه كان من ثمرة اليأس من هذا الدين أن عدل اليهود والصهيونيون والنصارى الصليبيون عن مواجهة الإسلام جهرة عن طريق الشيوعية أو عن طريق التبشير؛ فعدلوا إلى طرائق أخبث، وإلى حبائل أمكر.. لجأوا إلى إقامة أنظمة وأوضاع في المنطقة كلها تتزيا بزي الإسلام؛ وتتمسح في العقيدة؛ ولا تنكر الدين جملة.. ثم هي تحت هذا الستار الخادع، تنفذ جميع المشروعات التي أشارت بها مؤتمرات التبشير وبروتوكولات صهيون، ثم عجزت عن تنفيذها كلها في المدى الطويل!
إن هذه الأنظمة والأوضاع ترفع راية الإسلام- أو على الأقل تعلن احترامها للدين- بينما هي تحكم بغير ما أنزل الله؛ وتقصي شريعة الله عن الحياة؛ وتحل ما حرم الله؛ وتنشر تصورات وقيمًا مادية عن الحياة والأخلاق تدمر التصورات والقيم الإسلامية؛ وتسلط جميع أجهزة التوجيه والإعلام لتدمير القيم الأخلاقية الإسلامية، وسحق التصورات والاتجاهات الدينية؛ وتنفذ ما نصت عليه مؤتمرات المبشرين وبروتوكولات الصهيونيين، من ضرورة إخراج المرأة المسلمة إلى الشارع، وجعلها فتنة للمجتمع، باسم التطور والتحضر ومصلحة العمل والإنتاج؛ بينما ملايين الأيدي العاملة في هذه البلاد متعطلة لا تجد الكفاف! وتيسر وسائل الانحلال وتدفع الجنسين إليها دفعًا بالعمل والتوجيه.. كل ذلك وهي تزعم أنها مسلمة وأنها تحترم العقيدة! والناس يتوهمون أنهم يعيشون في مجتمع مسلم، وأنهم هم كذلك مسلمون! أليس الطيبون منهم يصلون ويصومون؟ أما أن تكون الحاكمية لله وحده أو تكون للأرباب المتفرقة، فهذا ما قد خدعتهم عنه الصليبية والصهيونية والتبشير والاستعمار والاستشراق وأجهزة الإعلام الموجهة؛ وأفهمتهم أنه لا علاقة له بالدين. وأن المسلمين يمكن أن يكونوا مسلمين؛ وفي دين الله؛ بينما حياتهم كلها تقوم على تصورات وقيم وشرائع وقوانين ليست من هذا الدين!
وإمعانًا في الخداع والتضليل؛ وإمعانًا من الصهيونية العالمية والصليبية العالمية في التخفي، فإنها تثير حروبًا مصطنعة- باردة أو ساخنة- وعداوات مصطنعة في شتى الصور، بينها وبين هذه الأنظمة والأوضاع التي أقامتها والتي تكفلها بالمساعدات المادية والأدبية، وتحرسها بالقوى الظاهرة والخفية، وتجعل أقلام مخابراتها في خدمتها وحراستها المباشرة!
تثير هذه الحروب المصطنعة والعداوات المصطنعة، لتزيد من عمق الخدعة؛ ولتبعد الشبهة عن العملاء، الذين يقومون لها بما عجزت هي عن إتمامه في خلال ثلاثة قرون أو تزيد؛ من تدمير القيم والأخلاق؛ وسحق العقائد والتصورات؛ وتجريد المسلمين في هذه الرقعة العريضة من مصدر قوتهم الأول.. وهو قيام حياتهم على أساس دينهم وشريعتهم.. وتنفيذ المخططات الرهيبة التي تضمنتها بروتوكولات الصهيونيين ومؤتمرات المبشرين؛ في غفلة من الرقباء والعيون!
فإذا بقيت بقية في هذه الرقعة لم تجز عليها الخدعة؛ ولم تستسلم للتخدير باسم الدين المزيف؛ وباسم الأجهزة الدينية المسخرة لتحريف الكلم عن مواضعه؛ ولوصف الكفر بأنه الإسلام؛ والفسق والفجور والانحلال، بأنه تطور وتقدم وتجدد.. إذا بقيت بقية كهذه سلطت عليها الحرب الساحقة الماحقة؛ وصبت عليها التهم الكاذبة الفاجرة وسحقت سحقًا، بينما وكالات الأنباء العالمية وأجهزة الإعلام العالمية خرساء صماء عمياء!!!
ذلك بينما الطيبون السذج من المسلمين يحسبون أنها معركة شخصية، أو طائفية، لا علاقة لها بالمعركة المشبوبة مع هذا الدين؛ ويروحون يشتغلون في سذاجة بلهاء- من تأخذه الحمية للدين منهم وللأخلاق- بالتنبيه إلى مخالفات صغيرة، وإلى منكرات صغيرة، ويحسبون أنهم أدوا واجبهم كاملًا بهذه الصيحات الخافتة.. بينما الدين كله يسحق سحقًا، ويدمر من أساسه؛ وبينما سلطان الله يغتصبه المغتصبون، وبينما الطاغوت- الذي أمروا أن يكفروا به- هو الذي يحكم حياة الناس جملة وتفصيلًا!
إن اليهود الصهيونيين والنصارى الصليبيين يفركون أيديهم فرحًا بنجاح الخطة وجواز الخدعة؛ بعدما يئسوا من هذا الدين أن يقضوا عليه مواجهة باسم الإلحاد، أو يحولوا الناس عنه باسم التبشير، فترة طويلة من الزمان..
إلا أن الأمل في الله أكبر؛ والثقة في هذا الدين أعمق، وهم يمكرون والله خير الماكرين. وهو الذي يقول: {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام} أما مواجهة دليل الخلق ودليل الحياة للوثة الإلحاد، فهي مواجهة قوية، لا يجد الملحدون إزاءها إلاّ المماحلة والمغالطة والالتواء:
إن وجود هذا الكون ابتداء، بهذا النظام الخاص، يستلزم- بمنطق الفطرة البديهي وبمنطق العقل الواعي على السواء- أن يكون وراءه خالق مدبر..
فالمسافة بين الوجود والعدم مسافة لا يملك الإدراك البشري أن يعبرها، إلا بتصور إله ينشئ ويخلق ويوجد هذا الوجود.
والذين يلحدون يعمدون إلى هذه الفجوة فيريدون ملأها بالمكابرة. ويقولون: إنه لا داعي لأن نفترض أنه كان هناك عدم قبل الوجود!.. ومن هؤلاء فيلسوف عرف بأنه فيلسوف الروحية المدافع عنها في وجه المادية. وعلى هذا الأساس ربما أشاد به بعض المخدوعين من المسلمين واستأنسوا بأقواله لدينهم كأنما ليؤازروا دين الله بقول عبد من العبيد.. هذا الفيلسوف هو برجسون.. اليهودي!!!
إنه يقول: إن هذا الوجود الكوني لم يسبقه عدم! وإن فرض الوجود بعدم العدم ناشئ من طبيعة العقل البشري الذي لا يستطيع أن يتصور إلا على هذا النحو.
فإلى أي منطق يا ترى يستند برجسون إذن في إثبات أن الوجود الكوني لم يسبقه عدم؟
إلى العقل؟ لا. فإن العقل- كما يقرر- لا يمكن أن يتصور إلا وجودًا بعد عدم! إلى وحي من الله؟ إنه لا يدعي هذا. وإن كان يقول: إن حدس المتصوفة كان دائمًا يجد إلهًا ولابد أن نصدق هذا الحدس المطرد (الإله الذي يتحدث عنه برجسون ليس هو الله إنما هو الحياة!).. فأين المصدر الثالث الذي يعتمد عليه (برجسون) إذن في إثبات أن الوجود الكوني غير مسبوق بعدم؟ لا ندري!
إنه لابد من الالتجاء إلى تصور خالق خلق هذا الكون.. لابد من الالتجاء إلى هذا التصور لتعليل مجرد وجود الكون.. فكيف إذا كان الحال أنه لم يوجد مجرد وجود. ولكنه وجد محكومًا بنواميس لا تتخلف، محسوبًا فيها كل شيء بمقاييس، قصارى العقول البشرية أن تدرك أطرافًا منها، بعد التدبر الطويل؟!
كذلك نشأة هذه الحياة. والمسافة بينها وبين المادة- أيًا كان مدلول المادة ولو كان هو الإشعاع- لا يمكن تعليلها إلا بتصور وجود إله خالق مدبر. يخلق الكون بحالة تسمح بنشأة الحياة فيه؛ وتسمح بكفالة الحياة أيضًا بعد وجودها. والحياة الإنسانية بخصائصها الباهرة درجة فوق مجرد الحياة.. وأصله من طين.. أي من مادة هذه الأرض وجنسها؛ ولابد من إرادة مدبرة تمنحه الحياة، وتمنحه خصائص الإنسان عن قصد واختيار.
وكل المحاولات التي بذلها الملحدون لتعليل نشأة الحياة باءت بالفشل- عند العقل البشري ذاته- وآخر ما قرأته في هذا الباب محاولة (ديورانت) المتفلسف الأمريكي للتقريب بين نوع الحركة الذي في الذرة- وهو يسميه درجة من الحياة- ونوع الحياة المعروف في الأحياء. وذلك في جهد مستميت لملء الفجوة بين المادة الهامدة والحياة النابضة. بقصد الاستغناء عن الإله الذي ينشئ الحياة في الموات!
ولكن هذه المحاولة المستميتة لا تنفعه ولا تنفع الماديين في شيء.. ذلك أنه إن كانت الحياة صفة كامنة في المادة، ولم يكن وراء هذه المادة قوة أخرى ذات إرادة، فما الذي يجعل الحياة التي في المادة الكونية تتبدى في درجات بعضها أرقى وأعقد من بعض؟ فتتبدى في الذرة مجرد حركة آلية غير واعية. ثم تتبدى في النبات في صورة عضوية. ثم تتبدى في الأحياء المعروفة في صورة عضوية أكثر تركيبًا وتعقيدًا..
ما الذي جعل المادة- المتضمنة للحياة كما يقال- يأخذ بعضها من عنصر الحياة أكثر مما يأخذ البعض الأخر، بلا إرادة مدبرة؟ ما الذي جعل الحياة الكامنة في المادة، تختلف في مدارجها المترقية؟!
إننا نفهم هذا التفاوت يوم نقدر أن هناك إرادة مدبرة هي التي تصنع ذلك مختارة مريدة.
فأما حين تكون المادة (الحية ولنفرض ذلك!) هي وحدها، فإنه يستحيل على العقل البشري ذاته أن يفهم هذا التفاوت أو يعلله!
إن التعليل الإسلامي لانبثاق الحياة في درجاتها المتفاوتة هو الحل الوحيد لهذه الظاهرة التي لا تعللها المحاولات المادية البائسة!
وإذ كنا- في هذه الظلال- لا نخرج عن المنهج القرآني؛ فإننا لا نمضي أكثر من هذا في مواجهة لوثة الإلحاد ببراهين الخلق والتدبير والحياة.. فالقرآن الكريم لم يجعل قضية وجود الله قضيته. لعلم الله أن الفطرة ترفض هذه اللوثه. إنما القضية هي قضية توحيد الله؛ وتقرير سلطانه في حياة العبد؛ وهي القضية التي تتوخاها السورة في هذه الموجة التي استعرضناها. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله: {وهُوَ اللِّهُ في السَّمواتِ} في هذه الآية أقْوالٌ كثيرة، وقد لُخِصَّتْ في اثْنَيْ عشر وَجْهًا؛ وذلك أن هو فيه قولان:
أحدهما: هو ضمير اسم الله تعالى يعودُ على ما عَادَتْ عليه الضَّمائِرُ قبله.
الثاني: أنَّهُ ضميرُ القِصَّةِ، قال أبو عليَّ.
قال أبو حيَّان: وإنَّما فرَّ إلى هذا؛ لأنه لو أعاد على اللِّهِ لَصَارَ التقديرُ: اللَّهُ اللَّهُ، فتركَّب الكلام من اسمين مُتَّحِدَيْنِ لفظًا ومعنى لا نِسْبَةَ بينهما إسنادية.
قال شهاب الدين: الضَّميرُ إنما هو عَائِدٌ على ما تقدَّمَ من المَوْصُوفِ بتلك الصِّفات الجلية، وهي خَلْقُ السَّموات والأرض، وجعل الظُّلُماتِ والنُّور، وخَلْق النَّاس من طين إلى آخرها، فصَارَ في الإخبار بذلك فَائِدَةٌ من غير شَكِّ، فعلى قولِ الجُمْهُورِ يكون {هو} مبتدأ، و{اللَّهُ} خبره، و{في السَّمَوَات} متعلقٌ بنفس الجلالة لمَّا تَضمَّنّتْهُ من معنى العِبَادةِ، كأنَّهُ قيل: وهو المَعْبُود في السَّموات، وهذا قول الزَّجَّاج، وابن عطيَّة، والزمخشري.
قال الزَّمخشري: في السَّمَوَات متعلِّقٌ بمعنى اسم اللَّهِ، كأنَّهُ قيل: هو المَعْبُود فيها، ومنه: {وَهُوَ الذي فِي السماء إله وَفِي الأرض إله} [لزخرف: 84] أو هو المعروف بالإلهية والمتوحد بالإلهيّة فيها، أو الذي يُقَالُ له اللَّه لا يشركه في هذا الاسم غيره.
وقال شهابُ الدين: إنما قال: أو هو المَعْرُوفُ، أو هو الذي يُقال له: اللَّهُ؛ لأنَّ الاسم الشَّريف تقدَّم فيه خلافٌ، هل هو مُشْتَقٌ أوْ لا؟ فإن كان مُشْتقًا ظَهَرَ تلُّق الجَارِّ بِهِ، وإنْ كان لَيْسَ بمشتقِّ، فإمَّا أن يكون يتأوّل ذلك على كل قول من هذه الأقوال الثلاثة.
فقوله: المَعْبُود راجعٌ للاشتقاقِ، وقوله: المَعْرُوف راجع لكونه عَلمًا مَنْقُولًا، وقوله: الَّذي يُقَال له: اللَّهُ راجع إلى كونه مُرْتجلًا، وكأنه رحمه الله اسْتَشْعَرَ بالاعتراض المذكور.
والاعْتِراضُ مَنْقُولٌ عن الفَارسيَّ.
قال: وإذا جَعَلْتَ الظَّرْفَ متعلّقًا بام اللِّهِ جَازَ عندي على قياس مَنْ يقول: إنَّ الله أصْلُه الإله ومن ذَهَبَ بهذا الاسم مذهب الأعلام وجب ألاَّ يتعلٌّق به عنده إلاَّ أنْ تُقدِّر فيه ضَرْبًا من معنى الفِعْلِ، نقل عن أبي عليّ أنه لا يتعلَّقُ في باسم اللَّهِ؛ لأنَّه صار بدخول الألف واللام، والتغيير الذي دخله كالعلم، ولهذا قال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّا} [مريم: 65] فظاهرُ هذا النقل أنه بمنعُ التعلُّق به وإنْ كاني في الأصْل مُشْتَقًا.
وقال الزَّجَّاج: وهو مُتَعَلِّقٌ بما تَضَمَّنَهث اسْمُ من المَعاَاني، كقولك: أميرٌ المؤمنين الخَلِيفَة في المَشْرِق والمغْرِبِ.
قال ابن عطيّة: هذا عندي أفْضَلُ الأقوالِ، وأكثرها إحْرَازًا لفَصَاحَةِ اللَّفْظِ، وجَزَالَةِ المعنى.
وإيضاحُهُ أنَّهُ أراد أنْ يَدُلَّ على خَلْقِهِ وآثَارِ قُدْرتِهِ وإحاطتِهِ واستيلائه، ونحو الصفات، فجمع هذه كُلَّها في قوله: وَهُوَ اللَّهُ؛ أي: الذي له هذه كُلُّها في السَّموات، وفي الأرضِ كأنه قال: وهو الخالق، والرازق، والمحيي، والمحيط في السموات وفي الأرض كما تقول: زيد السُّلطانُ في الشام والعراق فلو قصدت ذات زَيْدٍ لكان مُحَالًا، فإذا كان مَقْصِدُ قولك: زيد الآمر النّاهي الذي يُوَلِّي ويَعْزلُ كان فَصِيحًا صَحِيحًا، فأقمت السَّلطَنَةَ مَقَامَ هذه الصِّفَاتِ، كذلك في الآية الكريمة أقَمْتَ الله مقام تلك الصِّفات.