فصل: تفسير الآية رقم (7):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقيل: عشرون سنةً، وهو رأي الحَسَنِ البصري.
وقيل: ثمانية عشر عامًا.
وقيل: المقدار الوَسَطُ مثل أعمار أهل ذلك الزمان، واسْتُحْسِنَ هذا بأنَّ أهل الزَّمَنِ القديم كانوا يعيشون أربعمائة سَنَةً، وثلاثمائة سنة، وألفًا وأكثر وأقلَّ.
ومعنى الآية: أعطيناهم ما لم نُعْطِكُمْ.
وقال ابن عبَّاسٍ: أمهلناهم في العمر مثل قوم نوح وعادٍ وثمود.
قوله: {وَأَرْسَلْنَا السماء عَلَيْهِم مَّدْرَارًا} يعني المَطَرَ مِنفْعَال من الدَّرِّ و{مِدْرَارًا} حالٌ من {السماء} إنْ أُريد بها السحاب، فإن السحاب يوصف بكثرةِ التَّتَابُع أيضًا.
قال ابنُ عبَّاسٍ: مِدْرَارًا مُتَتَبابِعًا في أوْقاتِ الحَاجَاتِ، وإن أُريَد بها الماء فكذلك، ويَدُلُّ على أنه يُرَادُ به المَاءُ قوله في الحديث: «في أثر سماءٍ كَانَتْ من اللَّيلِ» ويقولون: ما زلنا نَطَأُ السماء حتى أتيناكم، ومنه: [الوفر]
إذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بأرْضِ قَوْم ** رَعَيْنَاهُ وإنْ كَانُوا غِضَابا

أي: رَعَيْنَا ما نشأ عنه، وإن أُريدَ بها هذه المِظَلَّةُ، فلابد من حذف مُضافٍ حينئذٍ، أي: مَطَر السماء، ويكون {مِدْرّارًا} حالًا منه.
و{مِدْرَارًا} مِفعال للمُبالغةِ كامرأة مِذْكارِ ومئناث.
قالوا: وأصله من دَرَّ اللَّبَن وهو كَثْرةُ ورودِه على الحالِبِ.
ومنه: لا دَرَّ دَرُّهُ في الدُّعَاءِ عليه بقلَّةِ الخير.
وفي المَثَلِ: سَبَقَتْ درَّتُه غِزَارَهُ. وهي مثلُ قولهم: سَبَقَ سَيْلُهُ مَطَرَه. واستدَّرت المِعْزَى كناية عن طلبها الفَحْلَ.
قالوا: لأنَّها إذا طَلَبَتْهُ حَمَلَتْ فَوَلَدَتْ فَدَرَّتْ.
قوله: {وَجَعَلْنَا الأنهار تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ} إن جعلنا جَعَلَ تَصْييريةً كان {تجري} مفعولًا ثانيًا، وإن جعلناها إيجادِيَّةً كان حالًا.
و{من تحتهم} يجوز فيه أوجه:
أن يكون متعلّقًا بـ {تجري}، وهو أظهرها، وأن كون حالًا، إمَّا من فاعل {تجري}، أو من {الأنهار}، وأنْ يكون مفعولًا ثانيًا {جَعَلْنَا} و{تجري} على هذا حالٌ من الضمير في الجَازَّ، وفيه ضَعْفٌ لتقدُّمِهَا على العامل المَعْنَوِيّ، ويجوز أن يكون {من تحتهم} حالًا من {الأنْهَار} كما تقدَّم، و{تجري} حالٌ من الضمير المُسْتَكِنِّ فيه، الضَّعْفُ المتقدّمُ.
و{من بعدهم} متعلِّق بـ {أنشأنا}.
قال أبو البقاء: ولا يجوز أن يكون حَالًا من {قرن}؛ لأنه ظَرفُ زمان يعني: أنه منه؛ لكنه منعن ذلك كونُهُ ظرف زمان والزَّمَانُ لا يُخْبَرُ به عن الحَدَثَ ولا يُوصَفُ، وقد تقدَّمَ أنه يصحُّ ذلك بتأويل في البقرة عند قوله تعالى: {والذين مِن قَبْلِكُمْ} [البقرة: 21] و{آخرين} صِفَةٌ لـ {قَرْن}؛ لأنه اسم جَمْع كقوم ورهط، فذلك اعْتُبِر معنها، ومن قال: إنَّهُ قدَّرَ مُضَافًا، أي: أهل قرن آخرين، وقد تقدَّمَ أنَّهُ مرْجُوحٌ، واللَّهُ أعلم. اهـ. باختصار.

.تفسير الآية رقم (7):

قوله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كانت ترجمة ما مضى: ثم هم يعدلون بربهم غيرَه ويكذبونك فيما جئت به من الحق مع ما أوضحت عليه من الحجج ونصبت من الدلائل، وكان صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على إيمانهم، كان المقام يقتضي أن يقول لسان الحال: أنزل عليهم يا رب ما ينتقلون به من النظر بالفكر إلى العيان كما اقترحوا عليّ، فأخبره أنهم لا يؤمنون بذلك، بقوله عطفًا على {وما تأتيهم من آية} تحقيقًا له وتصويرًا في جريته: {ولو نزلنا} أي على ما لنا من العظمة {عليك كتابًا} أي مكتوبًا من السماء {في قرطاس} أي ورق، إجابة لما أشار عليهم اليهود باقتراحه، ثم حقق أنه واضح الأمر، ليس بخيال ولا فيه نوع لبس بقوله: {فلمسوه} أي زيادة على الرؤية.
وزاد في التحقيق والتصوير ودفع التجوز بقوله: {بأيديهم لقال} وأظهر ولم يضمر تعليقًا للحكم بالوصف وتنبيهًا على أن من الموجودين من يسكت ويؤمن ولو بعد ذلك فقال: {الذين كفروا} أي حكمًا بتأبد كفرهم سترًا للآيات عنادًا ومكابرة، ولعله أسقطُ منهم إشارة إلى عموم دعوته، أي من العرب ومن غيرهم من أمة دعوتك ولاسيما اليهود المشار إلى تعنتهم وكذبهم بقوله: {يسئلك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السماء} [النساء: 153] {إن} أي ما {هذا إلاّ سحر} أي تمويه وخيال لا حقيقة له، وزادوا في الوقاحة فقالوا: {مبين} أي واضح ظاهر، قال صاحب كتاب الزينة: معنى السحر في كلام العرب التعليل بالشيء والمدافعة به والتعزير بشيء لا محصول له، يقال: سحره- إذا علله وعزره وشبه عليه حتى لا يدري من أين يتوجه ويقلب عن وجهه، فكأن السحرة يعللون الناس بالباطل ويشبهون الباطل في صورة الحق ويقلبونه عن جهته. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

اعلم أن الذين يتمردون عن قبول دعوة الأنبياء طوائف كثيرة، فالطائفة الأولى الذين بالغوا في حب الدنيا وطلب لذاتها وشهواتها إلى أن استغرقوا فيها واغتنموا وجدانها، فصار ذلك مانعًا لهم عن قبول دعوة الأنبياء، وهم الذين ذكرهم الله تعالى في الآية المتقدمة وبين أن لذات الدنيا ذاهبة وعذاب الكفر باق، وليس من العقل تحممل العقاب الدائم لأجل اللذات المنقرضة الخسيسة، والطائفة الثانية الذين يحملون معجزات الأنبياء عليهم السلام، على أنها من باب السحر لا من باب المعجزة، هؤلاء الذين ذكرهم الله تعالى في هذه الآية. اهـ.

.قال السمرقندي:

{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كتابا في قِرْطَاسٍ} ذلك أن النضر بن الحارث وعبد الله بن أمية وغيرهما قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لن نؤمن لك حتى تنزل علينا كتابًا من السماء.
قال الله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كتابا في قِرْطَاسٍ} يقول: مكتوبًا في صحيفة {فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} يقول: عاينوه وأخذوه بأيديهم ما يصدقونه {لَقَالَ الذين كَفَرُواْ} يعني: يقول الذين كفروا: {إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} ولا يؤمنون به. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ} الآية.
المعنى: ولو نزلنا يا محمد بمرأى منهم كما زعموا وطلبوا كلامًا مكتوبًا {في قرطاس}.
وعن ابن عباس: كتابًا معلّقًا بين السماء والأرض؛ وهذا يبيّن لك أن التنزيل على وجهين؛ أحدهما على معنى نزل عليك الكتاب بمعنى نزول الملك به.
والآخر ولو نزلنا كتابًا في قرطاس يمسكه الله بين السماء والأرض؛ وقال: {نَزَّلْنَا} على المبالغة بطول مكث الكِتاب بين السماء والأرض.
والكتاب مصدر بمعنى الكتابة؛ فبيّن أن الكتابة في قرطاس؛ لأنه غير معقول كتابة إلاَّ في قرطاس أي في صحيفة، والقرطاس الصحيفة؛ ويُقال: قُرْطاس بالضم؛ وقَرطَس فلان إذا رمى فأصاب الصحيفة الملزقة بالهَدف.
{فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} أي فعاينوا ذلك ومسُّوه باليد كما اقترحوا وبالغوا في مَيْزه وتقليبه جسًّا بأيديهم، ليرتفع كل ارتياب ويزول عنهم كل إشكال، لعاندوا فيه وتابعوا كفرهم، وقالوا: سحر مبين إنما سكِّرت أبصارُنا وسُحِرنا؛ وهذه الآية جواب لقولهم: {حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ} فأعلم الله بما سبق في علمه من أنه لو نزل لكذّبوا به.
قال الكَلْبيّ: نزلت في النَّضْر بن الحرث وعبد الله بن أبي أُميّة ونوفل بن خُويلد قالوا: {لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعًا} [الإسراء: 90] الآية. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {ولو نزَّلنا عليك كتابًا في قرطاس}.
سبب نزولها: أن مشركي مكة قالوا: يا محمد، والله لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله، ومعه أربعة من الملائكة يشهدون أنه من عند الله، وأنك رسوله، فنزلت هذه الآية، قاله ابن السائب، قال ابن قتيبة: والقرطاس: الصحيفة، يقال للرامي إذا أصاب الصحيفة: قَرْطَسَ، قال شيخنا أبو منصور اللغوي: القرطاس.
قد تكلموا به قديمًا.
ويقال إن أصله غير عربي.
والجمهور على كسر قافه، وضمها أبو رزين، وعكرمة، وطلحة، ويحيى بن يعمر.
فأما قوله تعالى: {فلمسوه بأيديهم} فهو توكيد لنزوله، وقيل: إنما علَّقه باللمس باليد إبعادًا له عن السحر، لأن السحر يُتَخَيَّلُ في المرئيات، دون الملموسات، ومعنى الآية: إنهم يدفعون الصحيح. اهـ.

.قال ابن عطية:

لما أخبر عنهم عز وجل بأنهم كذبوا بكل ما جاءهم من آية تبع ذلك إخبار فيه مبالغة مضمنه أنه لو جاءهم أشنع مما جاء لكذبوا أيضًا، والمعنى {لو نزلنا} بمرأى منهم عليك {كتابًا} أي كلامًا مكتوبًا {في قرطاس} أي في صحيفة، ويقال: قُرطاس بضم القاف {فلمسوه بايديهم} يريد أنهم بالغوا في ميزه وتقليبه ليرتفع كل ارتياب لعاندوا فيه وتابعوا كفرهم وقالوا هذا سحر مبين، ويشبه أن سبب هذه الآية اقتراح عبد الله بن أبي امية وتعنته إذ قال للنبي صلى الله عليه وسلم، لا أؤمن لك حتى تصعد إلى السماء ثم تنزل بكتاب فيه من رب العزة إلى عبد الله بن أبي أمية، يأمرني بتصديقك، وما أراني مع هذا كنت أصدقك، ثم أسلم بعد ذلك عبد الله وقتل شهيدًا في الطائف. اهـ.

.قال أبو حيان:

{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كتابا في قِرْطَاسٍ}.
سبب نزولها اقتراح عبد الله بن أبي أمية وتعنته إذ قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: لا أؤمن لك حتى تصعد إلى السماء، ثم تنزل بكتاب فيه من ربّ العزة إلى عبد الله بن أمية يأمرني بتصديقك.
وما أراني مع هذا كنت أصدقك.
ثم أسلم بعد ذلك وقتل شهيدًا بالطائف ولما ذكر تعالى تكذيبهم الحق لما جاءهم ثم وعظهم وذكرهم بإهلاك القرون الماضية بذنوبهم ذكرهم مبالغتهم في التكذيب بأنهم لو رأوا كلامًا مكتوبًا {في قرطاس} ومع رؤيتهم جسوه بأيديهم، لم تزدهم الرؤية واللمس إلا تكذيبًا وادعوا أن ذلك من باب السحر لا من باب المعجز عنادًا وتعنتًا وإن كان من له أدنى مسكة من عقل لا ينازع فيما أدركه بالبصر عن قريب ولا بما لمسته يده، وذكر اللمس لأنهم لم يقتصروا على الرّؤية لئلا يقولوا سكرت أبصارنا، ولما كانت المعجزات مرئيات ومسموعات ذكر الملموسات مبالغة في أنهم لا يتوقفون في إنكار هذه الأنواع كلها حتى إن الملموس باليد هو عندهم مثل المرئي بالعين والمسموع بالأذن، وذكر اليد هنا فقيل مبالغة في التأكيد ولأن اليد أقوى في اللمس من غيرها من الأعضاء.
وقيل: الناس منقسمون إلى بصراء وأضراء، فذكر الطريق الذي يحصل به العلم للفريقين.
وقيل: علقه باللمس باليد لأنه أبعد عن السحر.
وقيل: اللمس باليد مقدمة الإبصار ولا يقع مع التزوير.
وقيل: اللمس يطلق ويراد به الفحص عن الشيء والكشف عنه، كما قال: {وأنا لمسنا السماء} فذكرت اليد حتى يعلم أنه ليس المراد به ذلك اللمس، وجاء {لقال الذين كفروا} لأن مثل هذا الغرض يقتضي انقسام الناس إلى مؤمن وكافر، فالمؤمن يراه من أعظم المعجزات والكافر يجعله من باب السحر، ووصف السحر ب {مبين} إما لكونه بينًا في نفسه، وإما لكونه أظهر غيره. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كتابا في قِرْطَاسٍ} استئناف سيق بطريق تلوين الخطاب لبيان شدة شكيمتهم في المكابرة وما يتفرع عليها من الأقاويل الباطلة إثر بيان ما هم فيه من غير ذلك.
وعن الكلبي وغيره أنها نزلت في النضر بن الحرث وعبد الله بن أبي أمية ونوفل بن خويلد لما قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا محمد لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله تعالى ومعه أربعة من الملائكة يشهدون أنه من عند الله تعالى وأنك رسوله، والكتاب المكتوب، والجار بعده متعلق بمحذوف وقع صفة له أو متعلق به، وقيل: إن جعل اسمًا كالإمام فالجار في موضع الصفة له، وإن جعل مصدرًا بمعنى المكتوب فهو متعلق به.
وجوز أن يتعلق بنزلنا وفيه بعد، والقرطاس بكسر القاف وضمها، وقرئ بهما معرب كراسة كما قيل، وممن نص على أنه غير عربي الجواليقي، وقيل: إنه مشترك ومعناه الورق، وعن قتادة الصحيفة، وفي القاموس القرطاس مثلثة القاف وكجعفر ودرهم الكاغد، وقال الشهاب: هو مخصوص بالمكتوب أو أعم منه ومن غيره.
{فَلَمَسُوهُ} أي الكتاب أو القرطاس، واللمس كما قال الجوهري المس باليد فقوله تعالى: {بِأَيْدِيهِمْ} لزيادة التعيين ودفع احتمال التجوز الواقع في قوله تعالى: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السماء} [الجن: 8] أي تفحصنا، وقيل: إنه أعم من المس باليد، فعن الراغب المس إدراك بظاهر البشرة كاللمس، وبالتقييد به يندفع احتمال التجوز أيضًا.
وقيل: إنما قيد بذلك لأنه الإحساس باللصوق يكون بجميع الأعضاء ولليد خصوصية في الإحساس ليست لسائرها.
وأما التجوز باللمس عن الفحص فلا يندفع به إذ لا بعد في أن يكون ذلك لمباشرتهم للفحص بأنفسهم بل يندفع لكون المعنى الحقيقي أنسب بالمقام وليس بشيء كما لا يخفى، وقيل: إن ذكر الأيدي ليفيد أن اللمس كان بكلتا اليدين ولا يظهر وجه الإفادة وتخصيص اللمس لأنه يتقدمه الإبصار حيث لا مانع ولأن التزوير لا يقع فيه فلا يمكنهم أن يقولوا إذا ترك العناد والتعنت: إنما سكرت أبصارنا.
واعترض بأن اللمس هنا إنما يدفع احتمال كون المرئي مخيلًا وأما نزوله من السماء فلا يثبت به.
وأجيب بأنه إذا تأيد الإدراك البصري في النزول بالإدراك اللمسي في المنزل يجزم العقل بديهة بوقوع المبصر حزمًا لا يحتمل النقيض فلا يبقى بعده إلا مجرد العناد مع أن حدوثه هناك من غير مباشرة أحد يكفي في الإعجاز كما لا يخفى، وقال ابن المنير الظاهر أن فائدة زيادة (لمسهم) بأيديهم تحقيق القراءة على قرب أي فقرؤه وهو بأيديهم لا بعيد عنهم لما آمنوا.
وقوله تعالى: {لَقَالَ الذين كَفَرُواْ} جواب {لَوْ} على الأفصح من اقتران جوابها المثبت باللام.
والمراد لقالوا تعنتًا وعنادًا للحق.
وإنما وضع الموصول موضع الضمير للتنصيص على اتصافهم بما في حيز الصلة من الكفر الذي (لا يخفى) كما قيل حسن موقعه باعتبار معناه اللغوي أيضًا، وجوز أن يكون المراد بهم قوم معهودون من الكفرة فحديث الوضع حينئذ موضوع و{إن} في قوله سبحانه: {إِنَّ هَذَا} أي الكتاب نافية أي ما هذا {إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} أي ظاهر كونه سحرًا. اهـ.