فصل: قال الخازن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الخازن:

قوله عز وجل: {ولو ترى إذ وقفوا على ربهم} يعني على حكم ربهم وقضائه ومسألته وقال مقاتل عرضوا على ربهم {قال أليس هذا بالحق} أي يقول الله يوم القيامة أليس هذا البعث والنشر بعد الموت الذي كنتم تنكرونه في الدنيا وتكذبون به وتقولون لا بعث ولا نشور حقًا {قالوا بلى وربنا} يعني أنهم اعترفوا بما كانوا ينكرونه فأجابوا وقالوا بلى والله إنه لَحق.
وقيل: تقول لهم خزنة النار بأمر الله أليس هذا بالحق يعني البعث حقًا فأجابوا بقولهم بلى وربنا قال ابن عباس: للقيامة مواقف ففي موقف ينكرون ويقولون والله ربنا ما كنا مشركين وفي موقف يعترفون بما كانوا ينكرونه في الدنيا {قال فذوقوا العذاب} أي يقول الله لهم ذلك أو الخزنة تقول لهم ذلك بأمر الله تعالى.
وإنما خص لفظ الذوق، لأنهم في كل حال يجدون ألم العذاب وجدان الذائق في شدة الإحساس {بما كنتم تكفرون} يعني هذا العذاب بسبب كفركم وجحودكم البعث بعد الموت. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ على رَبّهِمْ} الكلام فيه كالذي مر في نظيره، خلا أن الوقوفَ هاهنا مجازٌ عن الجنس للتوبيخ والسؤال كما يوقَفُ العبدُ الجاني بين يدَيْ سيده للعقاب وقيل: عرَفوا ربَّهم حقَّ التعريف، وقيل: وُقفوا على جزاءِ ربهم، وقولُه تعالى: {قَالَ} استئناف مبنيٌّ على سؤال نشأ من الكلام السابق كأنه قيل: فماذا قال لهم ربهم إذ ذاك؟ فقيل: قال: {أَلَيْسَ هذا} مشيرًا إلى ما شاهدوه من البعث وما يتبعه من الأمور العظام {بالحق} تقريعًا لهم على تكذيبهم لذلك وقولِهم عند سماعِ ما يتعلق به ما هو بحقَ وما هو إلا باطلٌ {قَالُواْ} استئناف كما سبق {بلى وَرَبّنَا} أكّدوا اعترافهم باليمين إظهارًا لكمال يقينهم بحقِّيته وإيذانًا بصدور ذلك عنهم بالرغبة والنشاط طمعًا في نفعه.
{قَالَ} استئناف كما مر {فَذُوقُواْ العذاب} الذي عاينتموه، والفاءُ لترتيب التعذيب على اعترافهم بحقية ما كفروا به في الدنيا لكن لا على أن مدارَ التعذيب هو اعترافُهم بذلك بل هو كفرُهم السابقُ بما اعترفوا بحقيته الآن كما نطق به قوله عز وجل: {بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} أي بسبب كفركم في الدنيا بذلك أو بكل ما يجب الإيمانُ به فيدخل كفرُهم به دخولًا أوليًا، ولعل هذا التوبيخَ والتقريع إنما يقع بعد ما وُقفوا على النار فقالوا ما قالوا إذِ الظاهرُ أنه لا يبقى بعد هذا الأمر إلا العذاب. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ على رَبّهِمْ}.
تمثيل لحبسهم للسؤال والتوبيخ أو كناية عنه عند من لم يشترط فيها إمكان الحقيقة وجوز اعتبار التجوز في المفرد إلا أن الأرجح عندهم اعتباره في الجملة، وقيل: الوقوف بمعنى الاطلاع المتعدي بعلى أيضًا وفي الكلام مضاف مقدر أي وقفوا على قضاء ربهم أو جزائه، ولا حاجة إلى التضمين وجعله من القلب كما توهم، وقيل: هو بمعنى الاطلاع من غير حاجة إلى تقدير مضاف على معنى عرفوه سبحانه وتعالى حق التعريف ولا يلزم من حق التعريف حق المعرفة ليقال كيف هذا وقد قيل: ما عرفناك حق معرفتك، واستدل بعض الظاهرية بالآية على أن أهل القيامة يقفون بالقرب من الله تعالى في موقف الحساب ولا يخفى ما فيه.
{قَالَ} استئناف نشأ من الكلام السابق كأنه قيل: فماذا قال لهم ربهم سبحانه وتعالى إذ ذاك؟ فقيل: قال: إلخ.
وجوز أن يكون في موضع الحال أي قائلًا {أَلَيْسَ هذا} أي البعث وما يتبعه {بالحق} أي حقًا لا باطلًا كما زعمتم، وقيل: الإشارة إلى العقاب وحده وليس بشيء، ولا دلالة في {فَذُوقُواْ} عند أرباب الذوق على ذلك، والهمزة للتقريع على التكذيب {قَالُواْ} استئناف كما سبق {بلى} هو حق {وَرَبُّنَا} أكدوا اعترافهم باليمين إظهارًا لكمال تيقنهم بحقيته وإيذانًا بصدور ذلك عنهم برغبة ونشاط طمعًا بأن ينفعهم وهيهات {قَالَ فَذُوقُواْ العذاب} الذي كفرتم به من قبل وأنكرتموه {بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} أي بسبب كفركم المستمر أو ببدله أو بمقابلته أو بالذي كنتم تكفرون به، فما إما مصدرية أو موصولة والأول أولى، ولعل هذا التوبيخ والتقريع كما قيل إنما يقع بعدما وقفوا على النار فقالوا ما قالوا إذ الظاهر أنه لا يبقى بعد هذا الأمر إلا العذاب، ويحتمل العكس وأمر الأمر سهل. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ على رَبّهِمْ}.
لمّا ذكر إنكارهم البعث أعقبه بوصف حالهم حين يحشرون إلى الله، وهن حال البعث الذي أنكروه.
والقول في الخطاب وفي معنى {وقفوا} وفي جواب {لو} تقدّم في نظريتها آنفًا.
وتعليق {على ربّهم} بِ {وقفوا} تمثيل لحضورهم المحشر عند البعث.
شبّهت حالهم في الحضور للحساب بحال عبد جنى فقُبض عليه فوُقف بين يدي ربّه.
وبذلك تظهر مزية التعبير بلفظ {ربّهم} دون اسم الجلالة.
وجملة: {قال أليس هذا بالحقّ} استئناف بياني، لأنّ قوله: {ولو ترى إذ وقفوا} قد آذن بمشهد عظيم مهول فكان من حقّ السامع أن يسأل: ماذا لقوا من ربّهم، فيجاب: {قال أليس هذا بالحقّ} الآية.
والإشارة إلى البعث الذي عاينوه وشاهدوه.
والاستفهام تقريري دخل على نفي الأمر المقرّر به لاختبار مقدار إقرار المسؤول، فلذلك يُسأل عن نفي ما هو واقع لأنّه إن كان له مطمع في الإنكار تذرّع إليه بالنفي الواقع في سؤال المقرِّر.
والمقصود: أهذا حقّ، فإنّهم كانوا يزعمونه باطلًا.
ولذلك أجابوا بالحرف الموضوع لإبطال ما قبله وهو {بَلَى} فهو يُبطل النفي فهو إقرار بوقوع المنى، أي بلى هو حقّ، وأكّدوا ذلك بالقسم تحقيقًا لاعترافهم للمعترف به لأنّه معلوم لله تعالى، أي نقِرّ ولا نشكّ فيه فلذلك نقسم عليه.
وهذا من استعمال القسم لتأكيد لازم فائدة الخبر.
وفُصل {قال فذوقوا العذاب} على طريقة فصل المحاورات.
والفاء للتفريع عن كلامهم، أو فاء فصيحة، أي إذ كان هذا الحقّ فذوقوا العذاب على كفركم، أي بالبعث.
والباء سببية، وما مصدرية، أي بسبب كفركم، أي بهذا.
وذوْق العذاب استعارة لإحساسه، لأنّ الذوق أقوى الحواسّ المباشرة للجسم، فشبّه به إحساس الجلد. اهـ.

.قال الشعراوي:

{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ}.
هم- إذن- قد خافوا وارتبكوا وطلبوا العودة للحياة الدنيا؛ لأن ما شاهدوه هول كبير، فما بالك إذا وقفوا على الله؟ إنه موقف مرعب. وإذا كان الحق قد حذف من قبل الجواب عندما أوقفهم على النار؛ فالأولى هنا أن يحذف الجواب، حتى يترك للخيال أن يذهب مذاهب شتى.. إنه ارتقاء في الهول.
وهكذا نرى التبكيت لهم في قول الحق: {أَلَيْسَ هذا بالحق} إنهم يفاجأون بوجود إله يقول لهم بعد أن يشهدوا البعث ويقفوا على النار: {أَلَيْسَ هذا بالحق}؟ وسبحانه وتعالى لا يستفهم منهم ولكنه يقرر، وقد شاء أن يكون الإقرار منهم، فيقولون: بلى لأن الأمر لا يحتاج- إذن- إلى مكابرة. وبلى حرف يجعل النفي إثباتًا.
ويطرح الحق هذه المسألة بالنفي حتى لا يظن ظان أن هناك تلقينًا للجواب. ويصدر حكم الحق: {فَذُوقُواْ العذاب بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ} وهكذا يذوقون العذاب الذي كانوا به يكذبون. وذوْق العذاب ليس من صفة القهر والجبروت؛ لأن الله لا يظلم مثقال ذرة، ولكن بسبب أنهم قدموا ما يوجب أن يعذبوا عليه. اهـ.

.قال سيد قطب:

{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (22) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (25) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (26) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30)}.
هذه الجولة- أو هذه الموجة- عودة إلى مواجهة المشركين المكذبين بالقرآن الكريم، المكذبين بالبعث والآخرة.. ولكنها لا تواجههم بتصوير تعنتهم وعنادهم؛ ولا تواجههم بمصارع الغابرين من المكذبين من أسلافهم- كما سبق في سياق السورة- إنما تواجههم بمصيرهم في يوم البعث الذي يكذبون به؛ وبجزائهم في الآخرة التي ينكرونها.. تواجههم بهذا الجزاء وبذلك المصير في مشاهد حية شاخصة.. تواجههم به وهم محشورون جميعًا، مسؤولون سؤال التبكيت والتأنيب، وسؤال التشهير والتعجيب: {أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون} وهم في رعب وفزع، وفي تضعضع وذهول يقسمون بالله ويعترفون له وحده بالربوبية: {والله ربنا ما كنا مشركين}!.. وتواجههم به وهم موقوفون على النار، محبوسون عليها، وهم في رعب وفزع، وفي ندم وحسرة يقولون: {يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين}!.. وتواجههم به وهم موقوفون على ربهم، وهم يتذاوبون من الخجل والندم، ومن الروع والهول؛ وهو- جل جلاله- يسألهم سبحانه: {أليس هذا بالحق} فيجيبون في استخذاء وتذاوب: {بلى وربنا}. فلا يجديهم هذا الاعتراف شيئًا: {قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}.. ويواجهون به وهم قد خسروا أنفسهم وخسروا كل شيء إذن؛ وجاءوا يحملون أوزارهم على ظهورهم؛ وهم يجأرون بالحسرة على تفريطهم في الآخرة، وأخذهم للصفقة الخاسرة!
مشهد وراء مشهد، وكل مشهد يزلزل القلوب، ويخلخل المفاصل، ويهز الكيان، ويفتح العين والقلب- عند من يشاء الله أن يفتح عينه وقلبه- على الحق الذي يواجههم به رسول الله صلى الله عليه وسلم- والكتاب الذي يكذبون به؛ بينما الذين أوتوا الكتاب من قبلهم يعرفونه كما يعرفون أبنائهم!
{الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون}..
لقد تكرر في القرآن الكريم ذكر معرفة أهل الكتاب- وهم اليهود والنصارى- لهذا القرآن؛ أو لصحة رساله محمد صلى الله عليه وسلم وتنزيل هذا القرآن عليه من عند الله.. تكرر ذكر هذه الحقيقة سواء في مواجهة أهل الكتاب أنفسهم، عندما كانوا يقفون من النبي صلى الله عليه وسلم ومن هذا الدين وقفة المعارضة والإنكار والحرب والعداء (وكان هذا غالبًا في المدينة) أو في مواجهة المشركين من العرب؛ لتعريفهم أن أهل الكتاب، الذين يعرفون طبيعة الوحي والكتب السماوية، يعرفون هذا القرآن، ويعرفون صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنه وحي أوحى به ربه إليه كما أوحى إلى الرسل من قبله.
وهذا الآية- كما رجحنا- مكية. وذكر أهل الكتاب فيها على هذا النحو- إذن- يفيد أنها كانت مواجهة للمشركين بأن هذا القرآن الذي ينكرونه، يعرفه أهل الكتاب كما يعرفون أبناءهم؛ وإذا كانت كثرتهم لم تؤمن به فذلك لأنهم خسروا أنفسهم، فهم لا يؤمنون.
شأنهم في هذا شأن المشركين، الذين خسروا أنفسهم، فلم يدخلوا في هذا الدين! والسياق قبل هذه الآية وبعدها كله عن المشركين. مما يرجح مكيتها كما قلنا من قبل في التعريف بالسورة..
وقد جرى المفسرون على تفسير مثل هذا التقرير: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم}..
على أنهم يعرفون أنه منزل من عند الله حقًا؛ أو على أن النبي صلى الله عليه وسلم رسول من عندالله حقًا، يوحى إليه بهذا القرآن..
وهذا جانب من مدلول النص فعلًا، ولكنا نلمح- باستصحاب الواقع التاريخي وموقف أهل الكتاب من هذا الدين فيه- أن هناك جانبًا آخر من مدلول النص؛ لعل الله سبحانه أراد أن يعلمه للجماعة المسلمة، ليستقر في وعيها على مدار التاريخ، وهي تواجه أهل الكتاب بهذا الدين..
إن أهل الكتاب يعرفون أن هذا الكتاب حق من عند الله؛ ويعرفون- من ثم- ما فيه من سلطان وقوة؛ ومن خير وصلاح؛ ومن طاقة دافعة للأمة التي تدين بالعقيدة التي جاء بها؛ وبالأخلاق التي تنبثق منها؛ وبالنظام الذي يقوم عليها. ويحسبون كل حساب لهذا الكتاب وأهله؛ ويعلمون جيدًا أن الأرض لا تسعهم وتسع أهل الدين!.. إنهم يعرفون ما فيه من حق، ويعرفون ما هم فيه من باطل.. ويعرفون أن الجاهلية التي صاروا إليها، وصارت إليها أوضاع قومهم وأخلاقهم وأنظمتهم، لا يمكن أن يهادنها هذا الدين، أو يبقي عليها.. وأنها- من ثم- معركة لا تهدأ حتى تجلو الجاهلية عن هذه الأرض، ويستعلي هذا الدين، ويكون الدين كله لله.. أي أن يكون السلطان في الأرض كله لله؛ وأن يطارد المعتدون على سلطان الله في الأرض كلها. وبذلك وحده يكون الدين كله لله..