فصل: من فوائد الشعراوي في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ} تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مِثْلِ هَذَا التَّعْبِيرِ قَرِيبًا، وَوَقْفُهُمْ عَلَى رَبِّهِمْ عِبَارَةٌ عَنْ وَقْفِ الْمَلَائِكَةِ إِيَّاهُمْ فِي الْمَوْقِفِ الَّذِي حَاسَبَهُمْ فِيهِ رَبُّهُمْ، وَإِمْسَاكُهُمْ فِيهِ إِلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَا شَاءَ فِيهِمْ، فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ وُقُوفًا بِهَا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ أَيْ يَقِفُونَ مَطِيَّهُمْ عِنْدِي وُقُوفًا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا أَنْ يَكُونُوا فِي مَكَانٍ أَعْلَى مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ. أَوِ الْمَعْنَى يَحْبِسُونَهَا عَلَيَّ بِإِمْسَاكِهَا عِنْدِي. وَإِنَّمَا عَدَّى الْوَقْفَ وَالْوُقُوفَ الَّذِي بِهَذَا الْمَعْنَى بِعَلَيَّ وَكَذَا الْحَبْسُ وَالْإِمْسَاكُ الَّذِي فُسِّرَ بِهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى مَعْنَى الْقَصْرِ، قَالَ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [5: 4] أَيْ مِمَّا أَمْسَكَتْهُ الْجَوَرِاحُ مَقْصُورًا عَلَيْهِ فَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهُ لِأَجْلِكُمْ، وَكَذَلِكَ حَبَسُ الْعَقَارِ وَوَقْفُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَسَائِرِ وُجُوهِ الْبِرِّ فِيهِ مَعْنَى قَصْرِهِ عَلَى ذَلِكَ. وَالَّذِينَ تَقِفُهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَتَحْبِسُهُمْ فِي مَوْقِفِ الْحِسَابِ امْتِثَالًا لِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى فِيهِمْ: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [37: 24] يَكُونُونَ مَقْصُورِينَ عَلَى أَمْرِ اللهِ تَعَالَى، أَوْ يَكُونُ أَمْرُهُمْ مَقْصُورًا عَلَى اللهِ تَعَالَى لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ غَيْرُهُ {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [82: 19] وَإِنَّمَا أَطَلْتُ فِي بَيَانِ كَوْنِ اسْتِعْمَالِ وَقَفَ هُنَا مُتَعَدِّيًا بِعَلَى بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وُقِفُوا عَلَى النَّارِ} [27: 6] لِأَنَّ الْمُفَسِّرِينَ اضْطَرَبُوا فِي التَّعْدِيَةِ هُنَا فَحَمَلَ الْكَلَامَ بَعْضُهُمْ عَلَى التَّمْثِيلِ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْكِنَايَةِ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى مَجَازِ الْحَذْفِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَجَازِ، وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ مِنَ الْوُقُوفِ عَلَى الشَّيْءِ مَعْرِفَةً وَعِلْمًا وَجَاءَ بَعْضُهُمْ بِتَأْوِيلَاتٍ أُخْرَى لَا حَاجَةَ إِلَى ذِكْرِهَا.
بَيَّنَّا آنِفًا فِي تَفْسِيرِ {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ} أَنَّ جَوَابَ لَوْ حُذِفَ لِتَذْهَبَ النَّفْسُ فِي تَصَوُّرِهِ كُلَّ مَذْهَبٍ يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ، وَلِلْإِيذَانِ بِأَنَّهُ لَا يُحِيطُ بِهِ نِطَاقُ الْكَلَامِ، وَمِنْ شَأْنِ السَّامِعِ لِمِثْلِ هَذَا أَنْ يَنْتَظِرَ بَيَانًا لِمَا يَقَعُ فِي تِلْكَ الْحَالِ، فَإِنْ لَمْ يُوَافِهِ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ تَوَجَّهَتْ نَفْسُهُ إِلَى السُّؤَالِ عَنْهُ، فَلِهَذَا جَاءَ الْبَيَانُ جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ} إِدْخَالُ الْبَاءِ عَلَى الْحَقِّ يُفِيدُ تَأْكِيدَ الْمَعْنَى، أَيْ قَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَلَيْسَ هَذَا الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْبَعْثِ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ؟ {قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا} أَيْ بَلَى هَذَا الْحَقُّ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَا بَاطِلَ يَحُومُ حَوْلَهُ، اعْتَرَفُوا وَأَكَّدُوا اعْتِرَافَهُمْ بِالْيَمِينِ، فَشَهِدُوا بِذَلِكَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ، فَبِمَاذَا أَجَابَهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ {قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} أَيْ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَذُوقُوا الْعَذَابَ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ، بِسَبَبِ كُفْرِكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ عَلَيْهِ دَائِمُونَ. ثُمَّ قَفَّى عَلَى ذِكْرِ مَا رَبِحُوا مِنَ الشَّقَاءِ وَالْعَذَابِ، بِبَيَانِ مَا خَسِرُوا مِنَ السَّعَادَةِ وَالثَّوَابِ وَإِنَّمَا هُوَ خَسْرٌ عَلَى خَسْرٍ فَقَالَ: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللهِ} أَيْ خَسِرَ أُولَئِكَ الْكُفَّارُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللهِ تَعَالَى كُلَّ مَا رَبِحَهُ وَفَازَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ بِلِقَائِهِ مِنْ ثَمَرَاتِ الْإِيمَانِ وَعِبَادَةِ اللهِ وَمُنَاجَاتِهِ فِي الدُّنْيَا، كَالْقَنَاعَةِ وَالْإِيثَارِ وَالرِّضَاءِ مِنَ اللهِ فِي كُلِّ حَالٍ، وَالشُّكْرِ لَهُ عِنْدَ النِّعْمَةِ وَالصَّبْرِ وَالْعَزَاءِ وَالطُّمَأْنِينَةِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَزَايَا الَّتِي تَصْغُرُ مَعَهَا الْمَصَائِبُ وَالشَّدَائِدُ، وَيَكْبُرُ قَدْرُ النِّعَمِ وَالْمَوَاهِبِ. وَمِنْ ثَمَرَاتِ الْإِيمَانِ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْحِسَابِ الْيَسِيرِ، وَالثَّوَابِ الْكَبِيرِ وَالرِّضْوَانِ الْأَكْبَرِ، وَهُوَ «مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» كُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يَخْسَرُهُ الْمُكَذِّبُونَ بِلِقَاءِ اللهِ بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَخْسَرُونَ فِي الْحَقِيقَةِ أَنْفُسَهُمْ، وَإِنَّمَا حَذَفَ مَفْعُولَ خَسِرَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَجَعَلَ فَاعِلَهُ مَوْصُولًا لِدَلَالَةِ صِلَتِهِ عَلَى سَبَبِ الْخُسْرَانِ، لِأَنَّ التَّكْذِيبَ بِلِقَاءِ اللهِ تَعَالَى يَسْتَلْزِمُ مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأَحْوَالِ الَّتِي تُفْسِدُ النَّفْسَ، وَمَنْ خَسِرَ نَفْسَهُ بِفَسَادِهَا خَسِرَ كُلَّ شَيْءٍ.
{حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً} أَيْ كَذَّبُوا إِلَى أَنْ جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ مُبَاغِتَةً مُفَاجِئَةً، وَقِيلَ: إِنَّ الْغَايَةَ لِلْخُسْرَانِ بِقَصْرِهِ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا. وَالسَّاعَةُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ الزَّمَنُ الْقَصِيرُ الْمُعَيَّنُ بِعَمَلٍ يَقَعُ فِيهِ، يُقَالُ: جَلَسْتُ إِلَيْهِ سَاعَةً، وَغَابَ عَنِّي سَاعَةً، وَأُطْلِقَ فِي كُتُبِ الدِّينِ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَنْقَضِي بِهِ أَجْلُ هَذِهِ الْحَيَاةِ وَيَخْرَبُ هَذَا الْعَالَمُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي زَمَنٍ قَصِيرٍ. وَعَلَى مَا يَلِي ذَلِكَ مِنَ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ. فَإِنْ كَانَ إِطْلَاقُهُ عَلَيْهِ بِالتَّبَعِ لِإِطْلَاقِهِ عَلَى سَاعَةِ خَرَابِ الْعَالَمِ فَذَاكَ، وَإِلَّا كَانَ وَجْهُ تَسْمِيَتِهِ سَاعَةً بِاعْتِبَارِ سُرْعَةِ الْحِسَابِ فِيهِ [رَاجِعْ ص 190 ج 2 ط الْهَيْئَةِ] أَوْ بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَا بَعْدَهُ قَوْلَانِ: وَهَذِهِ السَّاعَةُ سَاعَةُ هَذَا الْعَالَمِ كُلِّهِ، وَمِنْ دُونِهَا سَاعَةُ كُلِّ فَرْدٍ وَقِيَامَتِهِ، وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ وَيَقْدَمُ عَلَى ذَلِكَ الْعَالَمِ، وَكَذَا سَاعَةُ الْأُمَّةِ أَوِ الْجِيلِ؛ وَلِذَلِكَ قَالُوا: إِنَّ الْقِيَامَةَ ثَلَاثٌ: كُبْرَى وَوُسْطَى وَصُغْرَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْبَحْثُ فِي الْجُزْءِ الْخَامِسِ مِنَ التَّفْسِيرِ [رَاجِعْ ص 174 ج 5 ط الْهَيْئَةِ] وَفَسَّرَ الرَّاغِبُ السَّاعَةَ هُنَا بِالْقِيَامَةِ الصُّغْرَى، إِذْ هُوَ الَّذِي يَنْطَبِقُ عَلَى الْكُفَّارِ الَّذِينَ نَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَاتُ، وَالْقِيَامَةُ الْكُبْرَى إِنَّمَا تَقُومُ عَلَى آخِرِ مَنْ يَكُونُ مِنَ الْخَلْقِ عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ. وَالْجُمْهُورُ يُفَسِّرُونَهَا بِالْقِيَامَةِ الْكُبْرَى وَهِيَ بِاعْتَبَارِ غَايَتِهَا- وَهُوَ يَوْمٌ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ- تَصْدُقُ عَلَى مَنْ نَزَلَتِ الآيَةُ: فِيهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ، وَبِاعْتَبَارِ بِدَايَتِهَا تَصْدُقُ عَلَى آخِرِ مَنْ يَعِيشُ فِي الدُّنْيَا فَقَطْ. وَيَرَوْنَ أَنَّ الْبَغْتَةَ لَا تَظْهَرُ فِي مَوْتِ الْأَفْرَادِ لِمَا يَكُونُ لَهُ فِي الْغَالِبِ مِنَ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْعَلَامَاتِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا وَقْتُهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ مَجِيءَ السَّاعَةِ بَغْتَةً فِي عِدَّةِ آيَاتٍ غَيْرِ هَذِهِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا الْقِيَامَةَ الْكُبْرَى الْعَامَّةَ، وَهِيَ الَّتِيَ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَخْفَى عِلْمَهَا عَنْ كُلِّ أَحَدٍ حَتَّى الرُّسُلِ وَالْمَلَائِكَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [31: 34] فَلَا يَدُلُّ عَلَى مَجِيءِ الْمَوْتِ بَغْتَةً، وَلَا عَلَى جَهْلِ كُلِّ أَحَدٍ بِوَقْتِهِ، فَقَدْ يُعْرَفُ بِأَسْبَابِهِ كَالْأَمْرَاضِ وَالْجُرُوحِ وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ الْمَرَضَ وَنَحْوَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَوْتِ مَهْمَا يَكُنْ شَدِيدًا، فَكَمْ مِنْ مَرِيضٍ جَزَمَ الْأَطِبَّاءُ بِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ إِلَّا أَيَّامًا أَوْ سَاعَاتٍ قَدْ شُفِيَ مِنْ مَرَضِهِ ذَاكَ وَعَاشَ بَعْدَهُ عِدَّةَ أَعْوَامٍ، عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَيْئَسُ مِنَ الْحَيَاةِ مَا دَامَ فِيهِ رَمَقٌ، فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِيهِ- إِنْ مَاتَ فِي مَرَضِهِ: أَنَّ الْمَوْتَ جَاءَهُ بَغْتَةً، وَإِنْ كَانَ هَذَا لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ مِنْ مَوْتِ الْفَجْأَةِ، وَمَنْ لَمْ يَجِئْهُ الْمَوْتُ فَجْأَةً جَاءَهُ الْمَرَضُ الَّذِي يَعْقُبُهُ الْمَوْتُ فَجْأَةً، وَلَاتَ حِينَ اسْتِعْدَادٍ، وَلَا رُجُوعٍ عَنْ شِرْكٍ وَإِلْحَادٍ، بَلْ يَمُوتُ الْمَرْءُ عَلَى مَا عَاشَ عَلَيْهِ، وَيُبْعَثُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ، وَيَنْدُرُ أَنْ يَظْهَرَ لِأَحَدٍ فِي مَرَضِ مَمَاتِهِ ضَلَالُهُ الَّذِي عَاشَ عَلَيْهِ طُولَ حَيَاتِهِ، وَلَا يَنْكَشِفُ الْغِطَاءُ عَنِ الْإِنْسَانِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ فَارَقَ هَذِهِ الْحَيَاةَ إِلَى الْعَالَمِ الْآخَرِ إِلَّا عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ مِنْ بَدَنِهِ، حِينَئِذٍ يَتَحَسَّرُ الْمُفَرِّطُونَ، وَيَنْدَمُ الْمُجْرِمُونَ، ثُمَّ تَتَجَدَّدُ الْحَسْرَةُ فِي مَوْقِفِ الْحِسَابِ، وَتَتَضَاعَفُ عِنْدَ حُلُولِ الْعَذَابِ.
{قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} هَذَا جَوَابُ إِذَا أَيْ: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللهِ وَأَصَرُّوا عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ مَنِيَّتُهُمْ وَهِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ مَبْدَأُ السَّاعَةِ الْعَامَّةِ وَالْمَرْحَلَةُ الْأُولَى مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْقِيَامَةِ، مُفَاجِئَةً لَهُمْ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَكُونُوا يَنْتَظِرُونَهَا، وَلَا يَحْسِبُونَ حِسَابًا وَلَا يُعِدُّونَ عُدَّةً لِمَجِيئِهَا، قَالُوا: يَا حَسْرَتَنَا عَلَى تَفْرِيطِنَا!.
هَذَا أَوَانُكِ فَاحْضُرِي وَبَرِّحِي ** بِالْأَنْفُسِ مَا شِئْتِ أَنْ تُبَرِّحِي

وَالْحَسْرَةُ- كَمَا قَالَ الرَّاغِبُ- الْغَمُّ عَلَى مَا فَاتَ وَالنَّدَمُ عَلَيْهِ، كَأَنَّ الْمُتَحَسِّرَ قَدِ انْحَسَرَ (أَيْ زَالَ وَانْكَشَفَ) عَنْهُ الْجَهْلُ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى مَا ارْتَكَبَهُ، أَوِ انْحَسَرَتْ عَنْهُ قُوَاهُ مِنْ فَرْطِ الْغَمِّ، أَوْ أَدْرَكَهُ إِعْيَاءٌ عَنْ تَدَارُكِ مَا فَرَطَ مِنْهُ، وَنِدَاءُ الْحَسْرَةِ فَسَّرَهُ سِيبَوَيْهِ بِالْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنَّاهُ آنِفًا، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: إِنَّ مَعْنَى حَرْفِ النِّدَاءِ تَنْبِيهُ الْمُخَاطَبِينَ، وَقِيلَ: بَلِ الْمُرَادُ بِهِ تَنْبِيهُ الْمُتَكَلِّمِ لِنَفْسِهِ، وَتَذْكِيرُهَا بِسَبَبِ مَا حَلَّ بِهِ. وَالتَّفْرِيطُ التَّقْصِيرُ مِمَّنْ قَدَرَ عَلَى الْجِدِّ وَالتَّشْمِيرِ. وَهُوَ مِنَ الْفَرْطِ بِمَعْنَى السَّبْقِ وَمِنْهُ الْفَارِطُ وَالْفَرَطُ: الَّذِي يَسْبِقُ الْمُسَافِرِينَ لِإِعْدَادِ الْمَاءِ لَهُمْ. وَالتَّضْعِيفُ فِيهِ لِلسَّلْبِ وَالْإِزَالَةِ كَجَلَّدْتُ الْبَعِيرَ إِذَا سَلَخْتَ جِلْدَهُ وَأَزَلْتَهُ عَنْهُ. فَيَكُونُ مَعْنَى التَّفْرِيطِ الْحَقِيقِيِّ عَدَمَ الِاسْتِعْدَادِ لِمَا يَنْفَعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَتَقْدِيمِ الْفَرْطِ، أَيْ يَا حَسْرَتَنَا وَغَمَّنَا وَنَدَمَنَا عَلَى مَا كَانَ مِنْ تَفْرِيطِنَا فِيهَا، أَيْ فِي حَيَاتِنَا الدُّنْيَا الَّتِي كُنَّا نَزْعُمُ أَنْ لَا حَيَاةَ لَنَا بَعْدَهَا، أَوْ فِي السَّاعَةِ أَوْ مَا هِيَ مِفْتَاحٌ لَهُ مِنَ الدَّارِ الْآخِرَةِ وَهِيَ تَشْمَلُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَقَدْ جَعَلَهُمَا بَعْضُهُمْ مَرْجِعَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ، أَيْ عَلَى تَفْرِيطِنَا فِي شَأْنِهَا بِعَدَمِ الِاسْتِعْدَادِ لَهَا بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَقِيلَ: إِنَّ الضَّمِيرَ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ كَلِمَةِ {فَرَّطْنَا} لِأَنَّ التَّقْصِيرَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْعَمَلِ، وَقِيلَ: لِلصَّفْقَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ كَلِمَةِ خَسِرَ وَهِيَ بَيْعُهُمُ الْآخِرَةَ بِالدُّنْيَا، وَهَذَا أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ، وَأَقْوَاهَا أَوَّلُهَا، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَمِنْ غَرَائِبِ غَفَلَاتِ الْمُفَسِّرِينَ مَا نَقَلَهُ بَعْضُ أَذْكِيَائِهِمْ عَنْ بَعْضٍ مِنْ دَعْوَى أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ فِي هَذَا الْقَوْلِ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي كَلَامِهِمْ، عَلَى كَوْنهِ هُوَ الْمَذْكُورَ فِيهِ دُونَ سِوَاهُ مِنَ الْمَرَاجِعِ الثَّلَاثَةِ الْأُخْرَى، وَلَكِنَّهُمْ ذَهَلُوا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} إِلَخْ، وَعَنْ كَوْنِ مَا بَعْدَهُ بَيَانًا لِعَاقِبَتِهِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ لَا سِيَاقًا جَدِيدًا مُسْتَقِلًّا، وَأَمَّا السَّاعَةُ فَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِيمَا حَكَاهُ اللهُ مِنْ شَأْنِهِمْ لَا عَنْهُمْ، فَكَانَ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَيْهَا فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْقُوَّةِ.
{وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ} الْأَوْزَارُ: جَمْعُ وِزْرٍ، وَهُوَ بِالْكَسْرِ الْحِمْلُ الثَّقِيلُ، وَوَزَرَهُ (بِوَزْنِ وَعَدَهُ) حَمَلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ، وَيُطْلَقُ الْوِزْرُ عَلَى الْإِثْمِ وَالذَّنْبِ؛ لِأَنَّ ثِقَلَهُ عَلَى النَّفْسِ كَثِقَلِ الْحِمْلِ عَلَى الظَّهْرِ، وَهُوَ الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ، وَجَعْلُ الذُّنُوبِ مَحْمُولَةً عَلَى الظُّهُورِ مَجَازٌ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ بِالِاسْتِعَارَةِ؛ لِأَنَّ حَالَةَ الْأَنْفُسِ فِيمَا تُقَاسِيهِ مِنْ سُوءِ تَأْثِيرِ الذُّنُوبِ فِيهَا وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ التَّعَبِ وَالشَّقَاءِ وَالْآلَامِ يُشْبِهُ هَيْئَةَ الْأَبْدَانِ فِي حَالِ نَوْئِهَا بِالْأَحْمَالِ الثَّقِيلَةِ، وَمَا تُقَاسِيهِ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّعَبِ وَالْجَهْدِ وَالزَّحِيرِ، أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْقَوْلِ بِتَجَسُّمِ الْمَعَانِي وَالْأَعْمَالِ فِي الْآخِرَةِ، وَتَمَثُّلِهَا هِيَ وَمَادَّتِهَا بِصُوَرٍ تُنَاسِبُهَا فِي الْحُسْنِ أَوِ الْقُبْحِ، كَمَا وَرَدَ فِي الْغُلُولِ وَالْمَالِ الَّذِي لَا تُؤَدَّى زَكَاتُهُ، وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ وَعَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيِّ أَنَّ الْأَعْمَالَ الْقَبِيحَةَ تَتَمَثَّلُ بِصُورَةِ رَجُلٍ حَسَنٍ أَوْ صُورَةٍ حَسَنَةٍ تَحْمِلُ صَاحِبَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ قَبِيلِ التَّمْثِيلِ أَيْضًا. وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُنَادُونَ الْحَسْرَةَ الَّتِي أَحَاطَتْ بِهِمْ أَسْبَابُهَا وَهُمْ فِي أَسْوَأِ حَالٍ بِمَا يَحْمِلُونَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ، وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى سُوءَ تِلْكَ الْحَالِ الَّتِي تُلَابِسُهُمْ عِنْدَ اللهَجِ بِذَلِكَ الْمَقَالِ بِقَوْلِهِ: {أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} فَبَدَأَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ بِأَلَا الِافْتِتَاحِيَّةِ الَّتِي يُرَادُ بِهَا الْعِنَايَةُ بِمَا بَعْدَهَا وَتَوْجِيهُ ذِهْنِ السَّامِعِ إِلَيْهِ، يُفِيدُ الْمُبَالِغَةَ فِي تَقْرِيرِهِ وَتَأْكِيدِ مَضْمُونِهِ وَوُجُوبِ الِاهْتِمَامِ بِالِاعْتِبَارِ بِهِ و{سَاءَ} فِعْلُ ذَمٍّ أُشْرِبَ مَعْنَى التَّعَجُّبِ أَوِ التَّعْجِيبِ، أَيْ: مَا أَسْوَأَ حِمْلَهُمْ ذَاكَ! أَوْ: مَا أَسْوَأَ تِلْكَ الْأَثْقَالَ الَّتِي يَحْمِلُونَهَا، وَقِيلَ: إِنَّ {سَاءَ} هُنَا الْفِعْلُ الْمُتَعَدِّي، أَيْ سَاءَهُمْ وَأَحْزَنَهُمْ حَمْلُهُمْ لِتِلْكَ الْأَوْزَارِ، أَوْ سَاءَتْهُمْ تِلْكَ الْأَوْزَارُ الَّتِي يَحْمِلُونَهَا. وَالْأَوَّلُ أَبْلَغُ. اهـ.

.من فوائد الشعراوي في الآية:

قال رحمه الله:
{قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ}.
إن كل رأس مال يحتاج إلى عمل يزيده، لكن أن يكون العمل قد أضاع المال، فهذا يعني الخسارة مرتين: مرة لأن رأس المال لم يبق عند حده بل إنه قد فنى وذهب وضاع، وثانية لأن هناك جهدًا من الإنسان قد ضاع وأضاع معه رأس المال.
إذن فقد خسر الذين كذبوا بلقاء الله؛ لأنهم باعوا الآجل الطويل العمر بالعاجل القصير العمر. وكل إنسان منا يريد أن يثمّر عمله ويحاول أن يعطي قليلًا ليأخذ كثيرًا.
وعلى سبيل المثال نجد الفلاح يقتطع مقدار كيلتين من أرادب القمح التي في مخزنه ليبذرها في الأرض بعد أن تُحرث. وهذا يعني النقص القليل في مخزن هذا الفلاح، ولكنه نقص لزيادة قادمة؛ فعندما وضع البذور في الأرض المحروثة نجد الحق سبحانه وتعالى ينبتها له أضعافًا مضاعفة. والفلاح بذلك يبيع العاجل القليل من أجل أن يأخذ الآجل الكبير.
وهذه أصول حركة العاقل الذي يزن خطواته، فإن أراد أن يزيد الثمار من حركته، فعليه أن يبذل الجهد. أما إن كانت الحركة لا تأتي له إلا بالقليل فلن يتحرك. ولأن العاقل لا يحب الخسارة نجده يوازن دائمًا ويقارن بين ما يبذله من جهد والعائد الذي سيأتي إليه. أما الذين كفروا بلقاء الله فهم قد خسروا أنفسهم، لأنهم لم يوازنوا بين حياتين: حياة مظنونة، وحياة متيقنة؛ لأن مدة حياتنا الدنيا مظنونة غير متيقنة.
إننا لا نعرف كم ستحيا فيها؛ فمتوسط عمر الإنسان على الأرض هو سبعون عامًا على سبيل المثال، ولكن أحدًا لا يعرف كم عمره في الدنيا بالضبط، وله أجل محدود. إنه فان وذاهب وميّت، ولكن حياة الآخرة متيقنة لا أجل لها، إنها دائمة، ونعلم أن نعيم الدنيا بالنسبة للإنسان هو على قدر الأسباب الموجودة لديه، أما نعيم الآخرة فهو على قدر طلاقة قدره المسبب وهو الله، وعلى هذا تكون خسارة الذين كفروا كبيرة وفادحة ودامية؛ لأنهم لم يتاجروا مع الله. {قَدْ خَسِرَ الذين كَذَّبُواْ بِلِقَاءِ الله حتى إِذَا جَاءَتْهُمُ الساعة بَغْتَةً قَالُواْ ياحسرتنا على مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} [الأنعام: 31].
ونعلم أن {حتى} هي جسر بين أمرين؛ فالأمر الذي نريد أن نصل إليه هو غاية، كقول إنسان ما: سرت حتى وصلت المنزل، والمنزل هنا هو غاية السير.
والذين كفروا، كان كفرهم وتكذيبهم موصلًا إلى الخسران، فمجيء الساعة بغتة ليس هو نهاية المطاف، ولكنه وصول إلى أول الخسران؛ لأن خسرانهم لا ينتهي من فور مجيء الساعة، ولكنه يبدأ لحظة مفاجأة الساعة لهم. فهم يفاجأون بوقوع ما كانوا يكذبون به. ويعلمون جيدًا أن ما صنعوه في الدنيا لا يستوجب إلا العذاب.
وهنا تبدأ الحسرة التي لا يقدرون على كتمانها، ولذلك يقولون: {ياحسرتنا على مَا فَرَّطْنَا فِيهَا}.. أي على تفريطنا وإسرافنا في أمرنا وذلك في أثناء وجودنا في الدنيا. وبذلك نعرف أن عدم التفريط في الدنيا والأخذ بالأسباب فيها أمر غير مذموم، ولكن التفريط في أثناء الحياة الدنيا هو الأمر المذموم؛ لأنه إضاعة للوقت وإفساد في الأرض.
إنني أقول ذلك حتى لا يفهم أحد أن الاستمتاع في الدنيا أمر مذموم في حد ذاته، وحتى لا يفهم أحد أن الآخرة هي موضوع الدين؛ لأن الدنيا هي موضوع الدين أيضًا، والجزاء في الآخرة إنما يكون على ألوان السلوك المختلفة في الدنيا؛ فمن يحسن السلوك في الدنيا ينال ثواب الآخرة ومن يسيء ينال عقاب الآخرة. ولذلك لا يصح على الإطلاق أن نقارن الدين بالدنيا.
إن علينا أن نعلم خطأ الذين يقولون: دين ودنيا فالدين ليس مقابلًا للدنيا. بل الدنيا هي موضوع الدين. أقول ذلك ردًا على من يظنون أن سبب ارتقاء بعض البلاد في زماننا هو أن أصحابها أهملوا الدين وفتنوا بما في الدنيا من لذة ومتعة فعملوا على بناء الحضارات.
نقول: إن الإقبال على الدين بروح من الفهم هو الذي يبني الحضارات ويُثاب المصلح في الدنيا يوم الجزاء، ولنا أن نعرف أن المقابل للدنيا هو الآخرة، والدين يشملهما معًا؛ يشمل الدنيا موضوعًا، والآخرة جزاءً. والذين يفتنون بالدنيا ولا يؤمنون بالآخرة هم الذين يقولون يوم القيامة: {ياحسرتنا على مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ على ظُهُورِهِمْ}. والأوزار المعنوية في الدنيا- وهي الذنوب- ستتجسم بحسيات وذلك حتى تكون الفضيحة علنية؛ فمن سرق غنمه يُبعث يوم القيامة وهو يحملها على ظهره، ومن سرق بقرة يُبعث يوم القيامة وهو يحملها على كتفه وهي تخور، وكذلك من سرق طنا من حديد عمارة سيُبعث يوم القيامة وهو يحمله على ظهره، وكذلك يفضحه الله يوم القيامة.