فصل: التفسير الإشاري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



الثالث: أن الجملة من {وله الملك} في محل نصبٍ على الحال، وهذا الوجه ضعيف لشيئين:
أحدهما: أنها تكون حالًا مؤكّدة، والأصل أن تكون مؤسّسة.
الثاني: أن العامل فيها معنوي؛ لأنه الاستقرار المُقَدَّرُ في الظرف الواقع خبرًا، ولا يجيزه إلا الأخفش، ومن تابعه، وقد تقدَّم تقرير مذهبه.
قوله: {يَوْمَ يُنْفَخُ} فيه ثمانية أوجه:
أحدها: أنها خبر لقوله تعالى: {قوله الحق}، وقد تقدم تحقيقه.
الثاني: أنه بَدَلٌ من {يوم يقول} فيكون حُكْمُهُ ذاك.
الثالث: أنه طرف لـ {تحشرون} أي: وهو الذي إليه تحشرون في يوم يُنْفَخُ في الصور.
الرابع: أنه منصوب بنفس المُلْك، أي: وله المُلْكُ في ذلك اليوم.
فإن قيل: يلزم من ذلك تقييد الملك بيوم النَّفْخ، والملك له كل وقت.
فالجواب: ما تقدم في قوله: {الحق}، وقوله: {لِّمَنِ الملك اليوم} [غافر: 16] وقوله: {والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانقطار: 19] وهو أن فائدة الإخبار بذلك أنه أثبت المُلْكَ والأمْرَ في يوم لا يمكن لأحد أن يدعي فيها شيئًا من ذلك.
الخامس: أنه حالٌ من المُلْكِ، والعامل فيه {له} لما تضمنه من معنى الفعل.
السادس: أنه منصوب بقوله: {يقول}.
السابع: أنه مَنْصُوبٌ بعالم الغيب بعده.
الثامن: أنه منصوبٌ بقوله تعالى: {قوله الحق} فقد تحصَّل في كل من اليومين ثمانية أوجه.
والجمهور على {يُنْفَخُ} مبنيًا للمفعول بياء الغيبة، والقائم مقام الفاعل الجار بعده.
وقرأ أبو عمرو في رواية عبد الوارث: {نَنْفُخُ} بنون العظمة مبنيًا للفاعل.
والصُّورُ: الجمهور على قراءته ساكن العين وقرأه الحسن البصري بفتحها.
فأما قراءة الجمهور، فاختلفوا في معنى {الصُّور} فيها فقال جماعة الصور: جمع صُورة كالصُّوف جمع صوفة، والثوم جمع ثومة، وهذا ليس جمعًا صِنَاعيَّا، وإنما هو اسم جنس، إذ يفرق بينه وبين واحد بتءا التأنيث، وأيَّدُوا هذا القول بقراءة الحسن المتقدمة.
وقال جماعة: الصُّور هو القَرْنُ.
قال مجاهد كَهَيْئَةِ البُوقِ، وقيل: هو بلغة أهل اليمن، وأنشدوا: [السريع أو الرجز]
نَحْنُ نَطَحْنَاهُمْ غَدَاةَ الجَمْعَيْن ** بِالشَّامِخَاتِ فِي غُبَارِ النُّقْعَينْ

نَطْحًا شَدِيدًا لا كَنَطْحِ الصُّورَينْ

وأيَّدُوا ذلك بما ورد في الأحاديث الصحيحة، وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما الصُّورُ؟ قال: «قَرْنٌ يُنْفَخُ فيهِ» وعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كَيْفَ أنْعَمُ وصَحِبُ الصُّورِ قَد التَقَمهُ وأصْغَى سمْعَهُ وَحَتَى جَبْهَتهُ يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤمَرٍُ».
فقالوا: يا رسول الله وما تأمرنا؟ فقال: «قُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ».
وقيل في صفته: إنه قَرْنٌ مستطبل في أبخاش، وأن أرواح الناس كلهم فيه، فإذا نفخ فيه إسرافيل خرجت رُوحُ كُلِّ جسدٍ من بخش من تلك الأبخاش.
وأنحى أبو الهيثم على من ادَّعى أن الصور جمع صُورة، فقال: وقد اعترض قوم فأنكروا أن يكون الصور قَرْنًا كما أنكروا العَرْشَ والميزان والصراط، وادَّعُوا أن الصور جمع صورة، كالصوف جمع الصوفة، ورووا ذلك عن أبي عُبَيْدة، وهذا خطأ فاحش، وتحريف لكلام الله- عزَّ وجلَّ- عن مواضعهِ؛ لأن الله تعالى قال: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر: 64] و{نفخ في الصور} فمن قرأها: و{نفخ في الصور} أي بالفتح، وقرأ {فأحْسَنَ صُوْركم} أي بالسكون فقد افترى الكذب على الله- عزَّ وجلَّ- وكان أبو عبيدة صاحب أخبار غريبة ولم يكن له معرفة بالنحو.
قال الأزْهَرِيُّ: قد احتج أبو الهيثم فأحسن الاحتجاج، ولا يجوز عندي غير ما ذهب إليه، وهو قول أهل السنّة والجماعة انتهى.
قال السمين: ولا ينبغي أن ينسب ذلك إلى هذه الغاية التي ذكرها أبو الهيثم.
قال ابن الخطيب ومما يقوِّي هذا الوجه أنه لو كان المراد نفخ الروح في تلك الصورة لأضاف ذلك إلى نَفْسِه، لأن نَفْخَ الأرواح في الصور يضيفه الله إلى نفسه؛ كقوله: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي} [الحجر: 29] وقال: {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا} [التحريم: 12] وقال: {ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: 14]، وأما نفخ الصور بمعنى النَّفخ في القَرْنِ، فإنه تعالى يضيفه لا إلى نفسه كا قال تعالى: {فَإِذَا نُقِرَ فِي الناقور} [المدثر: 8] وقال: {وَنُفِخَ فِي الصور فَصَعِقَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض إِلاَّ مَن شَاءَ الله ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُون} [الزمر: 68].
وقال الفراء: يُقَال: نفخ في الصور، ونفخ الصور، وأنشد: [البسيط]
لَوْلاَ ابْنُ جَعْدَةَ لَمْ يُفْتَحْ قُهَنْدُزُكُمْ ** ولا خُرَاسَانُ حَتَّى يُنْفَخَ الصُّورُ

قوله: {عَالِمُ الغيْبِ} في رفعه أربعة أوجه:
أحدها: أن يكون صِفةً لـ {الذي} في قوله: {وهو الذي خلق}، وفيه بُعْدٌ لطُولِ الفَصْلِ بأجنبي.
الثاني: أنه خبر مضمر أي: هو عالم.
الثالث: أنه فاعل لقوله: {يقول} أي: يوم يقول عالم الغيب.
والرابع: أنه فاعل بفعل محذوف يَدُلُّ عليه الفعل المبني للمفعول؛ لأنه لما قال: {ينفخ في الصور} سأل سَائِلٌ فقال: من الذي يَنْفُخُ فيه؟ فقيل: {عَلِمُ الغَيْبِ}، أي: ينفخ فيه عالم الغيب، أي: يأمر بالنَّفْخِ فيه لقوله تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والآصال رِجَالٌ} [النور: 36، 37] أي: تُسَبِّحُهُ.
ومثله أيضًا قول الآخر: [الطويل]
لِيُبْكَ يَزِيدُ ضَارعٌ لِخُصُومَةٍ ** وَمُخْتبِطٌ مِمَّا تُطِيحُ الطَّوَائِحُ

أي: مَنْ يبكيه؟ فقيل: ضارع، أي: بيكيه ضارع لخصومة.
ومثله: {وكذلك زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ المشركين قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} [الأنعام: 137] في قراءة من يبني {زُيِّنَ} للمفعول ورفع {قَتْلُ}، و{شركاؤهم} كأنه قيل: من زَيَّنَهُ لهم؟ فقيل: زَيَّنَهُ شُركَاؤهُمْ، والرفع على ما تقدم قراءة الجمهور.
وقرأ الحسن البصري والأعمش: {عالم} بالجر وفيها ثلاثة أوجه:
أحسنها: أنه بدل من الهاء في {له}.
الثاني: أنه بدل من {رب العالمين}، وفيه بُعْدٌ لطول الفصل بين البدل والمبدل منه.
الثالث: أنه نعت للهاء في {له}، وهذا إنما يتمشى على رأي الكسائي حيث يُجِيزُ نعت المضمر بالغائب، وهو ضعيف عند البصريين والكوفيين غير الكسائي. اهـ.

.التفسير الإشاري:

.قال نظام الدين النيسابوري:

التأويل: {وهو القاهر} بوصف الجلال للأولياء، قهار بوصف الجبروت للأعداء. {ويرسل عليكم حفظة} من صفات قهره حتى لو أرادت نفسه الخروج عن قيد مجاهدتها قهرتها سطوات العتاب فردتها إلى بذل الجهد، وإن أراد قلبه فرجة عن مطالبات العزة قهرته صدمات الهيبة فردته إلى توديع البهجة، ولو أراد روحه استرواحًا من الحرقات قهرته بوارق التجلي فردته إلى بذل المهجة {حتى إذا جاء أحدكم الموت} يعني الفناء عن أوصاف الوجود {توفته} رسل صفات قهرنا وهم لا يقصرون في إفناء الأوصاف {ثم ردوا} إلى البقاء بالله: {قل الله ينجيكم من ظلمات} بر الأجسام وبحر الأرواح فإن عالم الأرواح بالنسبة إلى عالم الألوهية ظلمانية.
{تدعونه تضرعا} بالجسم {وخفية} بالروح {ومن كل كرب} آفة وفتنة {ثم أنتم تشركون} حين يتجلى لكم نور من أنوار صفاته، فبعضكم يقول: أنا الحق وبعضكم يقول: سبحاني ما أعظم شأني {عذابًا من فوقكم} بسدل حجاب العزة والغيرة بينه وبينكم {أو من تحت أرجلكم} حجابًا من أوصاف بشريتكم باستيلاء الهوى عليكم {أو يلبسكم شيعًا} بجعل الخلق فيكم فرقًا. فمن قائل هم الصديقون، ومن قائل هم الزنديقون {ويذيق بعضكم بأس بعض} بالقتل والصلب وقطع الأطراف {انظر كيف نصرف} آيات المصارف للسائرين إلى الله: {لعلهم يفقهون} لشرائط السير ولا يفقهون في مقام دون الفناء عن كلية الوجود بالبقاء بشهود المعبود {وكذب} بهذا المقام {قومك} المنكرون {وهو الحق قل لست عليكم بوكيل} لا أسلك طريق هذا المقام بوكالتكم لأنه ليس للإنسان إلا ما سعى كما قال: {لكل نبأ مستقر} أي لكل سائر وواقف مستقر من درجات القرب أو دركات البعد {وإذا رأيت الذين يخوضون} في أحوال الرجال ولا حظ لهم منها {فأعرض عنهم} ولا تجالسهم {حتى يخوضوا في حديث} غير تلك الطامات التي هي ريح في شبح. {وذر الذين اتخذوا دينهم لعبًا ولهوًا} لأن همهم من لبس الخرقة والتزيي بزي الطالبين إنما هو الدنيا وقبول الحق {أن تبسل نفس} أي كراهة أن يبطل استعدادها بالكلية {بما كانوا يكفرون} بمقامات الرجال من الوصول والوصال {قل أندعوا من دون الله} أنطلب غير الله الذي هو النافع الضار. والنفع الحقيقي هو الفوز بالوصول إليه، والضر الحقيقي هو الانقطاع عنه. {ونرد على أعقابنا} إلى مقام الإثنينية التي كنا فيها بعد أن هدانا الله إلى الوحدة كالذي أضلته شياطين الجن والإنس في أرض البشرية باتباع الهوى {حيران} من إغوائهم. {وأمرنا لنسلم} بترك الوجود كالكرة في ميدان القدرة مستسلمًا لصولجان القضاء {وأن أقيموا الصلاة} بمحافظة الأسرار عن الأغيار والاتقاء به عن غيره ليحشر إليه لا إلى الجنة أو النار كما قال: ألا من طلبني وجدني. {وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق} أي لإظهار صفاته، فجعل المخلوقات مرآة لجماله وجلاله وإذا أراد أن يرى عبدًا من عباده تلك الصفات يقول له: كن رائيًا فيكون، ولن يصير رائيًا بمجرد سعيه لأن قوله في حق الإنسان كن رائيًا هو الحق وله ملك الإراءة وملك الرؤية، ينفخ الإراءة في صور القلب {وهو الحكيم} فيما اختص الإنسان بإراءة الآيات {الخبير} بمن يخصه من بين الناس بالإراءة. اهـ.

.قال الألوسي:

ومن باب الإشارة في الآيات: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ}.
اعلم أن بعض ساداتنا الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم ذكروا أن للغيب مراتب، أولاها غيب الغيوب وهو علم الله تعالى المسمى بالعناية الأولى.
وثانيتها غيب عالم الأرواح وهو انتقاش صورة كل ما وجد وسيوجد من الأزل إلى الأبد في العالم الأول العقلي الذي هو روح العالم المسمى بأم الكتاب على وجه كلي وهو القضاء السابق.
وثالثتها غيب عالم القلوب وهو ذلك الانتقاش بعينه مفصلًا تفصيلًا علميًا كليًا وجزئيًا في عالم النفس الكلية التي هي قلب العالم المسمى باللوح المحفوظ.
ورابعتها غيب عالم الخيال وهو انتقاش الكائنات بأسرها في النفوس الجزئية الفلكية منطبعة في اجرامها معينة مشخصة مقارنة لأوقاتها على ما يقع بعينه.
وذلك العالم هو الذي يعبر عنه بالسماء الدنيا إذ هو أقرب مراتب الغيوب إلى عالم الشهادة ولوح القدر الإلهي الذي هو تفصيل قضائه سبحانه، وذكروا أن علم الله تعالى الذي هو العناية الأولى عبارة عن إحاطته سبحانه بالكل حضورًا فالخزائن المشتملة على جميع الغيوب حاضرة لذاته وليس هناك شيء زائد ولا يعلمها إلا هو سبحانه.
وكذا أبواب تلك الخزائن مغلقة ومفاتيحها بيده تعالى لا يطلع على ما فيها أحد غيره عز وجل وقد يفتح منها ما شاء لمن يشاء.
هذا وقد يقال: حقق كثير من الراسخين في العلم أن حقائق الأشياء وماهياتها ثابتة في الأزل وهي في ثبوتها غير مجعولة وإنما المجعول الصور الوجودية وهي لا تتبدل ولا تتغير ولا تتصف بالهلاك أصلا كما يشير إليه قوله تعالى: {كُلُّ شيء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص: 88] بناء على عود الضمير إلى الشيء وتفسير الوجه بالحقيقة وعلم الله تعالى بها حضوري وهي كالمرايا لصورها الحادثة فتكون تلك الصور مشهودة لله تعالى أزلا مع عدمها في نفسها ذهنًا وخارجًا، وقد بينوا انطواء العلم بها في العلم بالذات بجميع اعتباراته التي منها كونه سبحانه مبدأ لإفاضة وجوداتها عليها بمقتضى الحكمة فيمكن أن يقال: إن المفاتح بمعنى الخزائن إشارة إلى تلك الماهيات الأزلية التي هي كالمرايا لما غاب عنا من الصور وتلك حاضرة عنده تعالى أزلا ولا يعلمها علمًا حضوريًا غير محتاج إلى صورة ظلية إلا هو جل وعلا، وهذا ظاهر لمن أخذت العناية بيده.
{وَيَعْلَمُ مَا في البر} أي بر النفوس من ألوان الشهوات ومراتبها. أي بحر القلوب من لآلئ الحكم ومرجان العرفان.
{وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ} من أوراق أشجار اللطف والقهر في مهيع النفس وخصم القلب {إِلاَّ يَعْلَمُهَا} في سائر أحوالها.
{وَلاَ حَبَّةٍ} من بذر الجلال والجمال {فِى ظلمات الأرض} وهو عالم الطبائع والأشباح {وَلاَ رَطْبٍ} من الإلهامات التي ترد على القلب بلطف من غير انزعاج {وَلاَ يَابِسٍ} من الوساوس والخطرات التي تفزع منها النفس حين ترد عليها {إِلاَّ في كتاب مُّبِينٍ} [الأنعام: 59] وهو علمه سبحانه الجامع، وبعضهم لم يؤول شيئًا من المذكورات وفسر الكتاب بسماء الدنيا لتعين هذه الجزئيات فيها، ويمكن أن يقال إن الكتاب إشارة إلى ماهيات الأشياء وهي المسماة بالأعيان الثابتة، ومعنى كونها فيها ما أشرنا إليه أن تلك الأعيان كالمرايا لهذه الموجودات الخارجية {وَهُوَ الذي يتوفاكم باليل} أي ينيمكم وقيل: يتوفاكم بطيران أرواحكم في الملكوت وسيرها في رياض حضرات اللاهوت.
وقيل: يمكن أن يكون المعنى وهو الذي يضيق عليكم إلى حيث يكاد تزهق أرواحكم في ليل القهر وتجلي الجلال {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم} أي كسبتم {بالنهار} من الأعمال مطلقًا، وقيل من الأعمال الشاقة على النفس المؤلمة لها كالطاعات.
وقيل: يحتمل أن يكون المعنى ويعلم ما كسبتموه بنهار التجلي الجمالي من الأنس أو شوارد العرفان {ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} أي فيما جرحتم من صور أعمالكم ومكاسبكم الحسنة والقبيحة، وقيل الحسنة، وقيل فيما كسبتموه في نهار التجلي، وأول الأقوال هنا وفيما تقدم أولى {ليقضى أَجَلٌ مّسَمًّى} أي معين عنده {ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ} في عين الجمع المطلق {ثُمَّ يُنَبّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأنعام: 60] بإظهار صور أعمالكم عليكم وجزائكم بها {وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ} لأنه الوجود المطلق حتى عن قيد الإطلاق وله الظهور حسبما تقتضيه الحكمة ولا تقيده المظاهر {والله مِن وَرَائِهِمْ مُّحِيطٌ} [البروج: 20].