فصل: موعظة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فالأمة هو القدوة المعلم للخير، والقانت المطيع لله الملازم لطاعته، والحنيف المقبل على الله، المعرض عما سواه، ومن فسره بالمائل فلم يفسره بنفس موضوع اللفظ، وإنما فسره بلازم المعنى، فإن الحنف هو الإقبال، ومن أقبل على شيء مال عن غيره، والحنف في الرجلين هو إقبال إحداهما على الأخرى، ويلزمه ميلها عن جهتها. قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} الروم: الآية 30، فحنيفًا هو حال مفردة لمضمون قوله: فأقم وجهك للدين ولهذا فسرت مخلصًا فتكون الآية قد تضمنت الصدق والإخلاص، فإن إقامة الوجه للدين هو إفراد طلبه بحيث لا يبقى في القلب إرادة لغيره، والحنيف المفرد لمعبوده لا يريد غيره. فالصدق أن لا ينقسم طلبك، والإخلاص أن لا ينقسم مطلوبك، الأول:
توحيد، والثاني: توحيد المطلوب.
والمقصود: أن إبراهيم عليه السلام هو أبونا الثالث، وهو إمام الحنفاء، وتسميه أهل الكتاب عمود العالم، وجميع أهل الملل متفقة على تعظيمه وتوليه ومحبته.
وكان خير بنيه سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم يجله ويعظمه ويبجله ويحترمه. ففي الصحيحين: من حديث المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا خير البرية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذاك إبراهيم».
وسماه شيخه، كما تقدم.
وثبت في صحيح البخاري من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: إنكم محشرون حفاة عراة غرلًا ثم قرأ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} الأنبياء: من الآية104، وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه الخلق به، كما في الصحيحين، عنه قال: رأيت إبراهيم فإذا أقرب الناس شبهًا به صاحبكم يعني نفسه صلى الله عليه وسلم وفي لفظ آخر: فانظروا إلى صاحبكم.
وكان صلى الله عليه وسلم يعوذ أولاد ابنته حسنًا وحسينًا بتعويذ إبراهيم لإسماعيل وإسحاق، ففي صحيح البخاري: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: «إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة».
وكان صلى الله عليه وسلم أول من قرى الضيف، وأول من اختتن، وأول من رأى الشيب. فقال: ما هذا يا رب؟ قال: وقار. قال: رب زدني وقارًا.
تفسير قوله تعالى: {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم} الآية وتأمل ثناء الله سبحانه عليه في إكرام ضيفه الملائكة حيث يقول سبحانه: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ} الذريات: 24- 25- 26- 27، ففي هذا ثناء على إبراهيم من وجوه متعددة:
أحدها: أنه وصف ضيفه بأنهم مكرمون وهذا على أحد القولين أنه إكرام إبراهيم لهم. والثاني: أنهم المكرمون عند الله، ولا تنافي بين القولين، فالآية تدل على المعنيين.
الثاني: قوله تعالى: {إذ دخلوا عليه} فلم يذكر استئذانهم، ففي هذا دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان قد عرف بإكرام الضيفان واعتياد قراهم، بقي منزله مضيفة، مطروقًا لمن ورده، لا يحتاج إلى الاستئذان، بل استئذان الداخل دخوله، وهذا غاية ما يكون من الكرم.
الثالث: قوله: سلام بالرفع، وهم سلموا عليه بالنصب. والسلام بالرفع أكمل فإنه يدل على الجملة الاسمية الدالة على الثبوت والتجدد، والمنصوب يدل على الفعلية الدالة على الحدوث والتجدد، فإبراهيم حياهم بتحية أحسن من تحيتهم، فإن قولهم: سلامًا يدل على سلمنا سلامًا، وقوله: سلام أي: سلام عليكم.
الرابع: أنه حذف المبتدأ من قوله: قوم منكرون فإنه لما أنكرهم ولم يعرفهم احتشم من مواجهتهم بلفظ ينفر الضيف لو قال: أنتم قوم منكرون، فحذف المبتدأ هنا من ألطف الكلام.
الخامس: أنه بنى الفعل للمفعول، وحذف فاعله، فقال: منكرون ولم يقل إني أنكركم، وهو أحسن في هذا المقام وأبعد من التنفير والمواجهة بالخشونة.
السادس: أنه راغ إلى أهله ليجيئهم بنزلهم، والروغان هو الذهاب في اختفاء بحيث لا يكاد يشعر به الضيف، وهذا من كرم رب المنزل المضيف أن يذهب في اختفاء بحيث لا يشعر به الضيف، فيشق عليه ويستحي، فلا يشعر به إلا وقد جاءه بالطعام، بخلاف من يسمع ضيفه ويقول له، أو لمن حضر: مكانكم حتى آتيكم بالطعام ونحو ذلك مما يوجب حياء الضيف واحتشامه.
السابع: أنه ذهب إلى أهله فجاء بالضيافة فدل على أن ذلك كان معدا عندهم مهيأً للضيفان، ولم يحتج أن يذهب إلى غيرهم من جيرانه أو غيرهم فيشتريه أو يستقرضه.
الثامن: قوله: فجاء بعجل سمين دل على خدمته للضيف بنفسه، ولم يقل فأمر لهم، بل هو الذي ذهب وجاء به بنفسه، ولم يبعثه مع خادمه، وهذا أبلغ في إكرام الضيف.
التاسع: أنه جاء بعجل كامل ولم يأت ببضعة منه، وهذا من تمام كرمه صلى الله عليه وسلم.
العاشر: إنه سمين لا هزيل، ومعلوم أن ذلك من أفخر أموالهم، ومثله يتخذ للاقتناء والتربية، فآثر به ضيفانه.
الحادي عشر: أنه قربه إليهم بنفسه ولم يأمر خادمه بذلك.
الثاني عشر: أنه قربه إليهم ولم يقربهم إليه وهذا أبلغ في الكرامة، أن يجلس الضيف، ثم يقرب الطعام إليه، ويحمله إلى حضرته، ولا يضع الطعام في ناحية ثم تأمر ضيفك بأن يتقرب إليه.
الثالث عشر: أنه قال: ألا تأكلون وهذا عرض وتلطف في القول، وهو أحسن من قوله: كلوا، أو مدوا أيديكم، ونحوها، وهذا مما يعلم الناس بعقولهم حسنه ولطفه، ولهذا يقولون: بسم الله، أو ألا تتصدق، أو ألا تجبر، ونحو ذلك.
الرابع عشر: أنه إنما عرض عليهم الأكل لأنه رآهم لا يأكلون، ولم يكن ضيوفه يحتاجون معه إلى الإذن في الأكل، بل كان إذا قدم إليهم الطعام أكلوا، وهؤلاء الضيوف لما امتنعوا من الأكل قال لهم: ألا تأكلون ولهذا أوجس منهم خيفة، أي: أحسها وأضمرها في نفسه ولم يبدها لهم وهو الوجه.
الخامس عشر: فإنهم لما امتنعوا من الأكل لطعامه خاف منهم ولم يظهر لهم ذلك، فلما علمت الملائكة منه ذلك، قالوا: لا تخف وبشروه بالغلام.
فقد جمعت هذه الآية آداب الضيافة التي هي أشرف الآداب، وما عداها من التكلفات التي هي تخلف تكلف إنما هي من أوضاع الناس وعوائدهم، وكفى بهذه الآداب شرفًا وفخرًا، فصلى الله على نبينا وعلى إبراهيم وعلى آلهما وعلى سائر النبيين.
وقد شهد الله سبحانه بأنه وفى ما أمر به فقال تعالى: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} النجم: 36- 37، قال ابن عباس رضي الله عنه: وفى جميع شرائع الإسلام، ووفى ما أمر به من تبليغ الرسالة.
وقال تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} البقرة: 124، فلما أتم ما أمر به من الكلمات جعله الله إمامًا للخلائق يأتمون به.
وكان صلى الله عليه وسلم كما قيل: قلبه للرحمن، وولده للقربان، وبدنه للنيران، وماله للضيفان.
ولما اتخذه ربه خليلًا والخلة هي كمال المحبة، وهي مرتبة لا تقبل المشاركة والمزاحمة، وكان قد سأل ربه أن يهب له ولدًا صالحًا، فوهب له إسماعيل، فأخذ هذا الولد شعبة من قلبه، فغار الخليل على قلب خليله أن يكون فيه مكان لغيره، فامتحنه بذبحه ليظهر سر الخلة في تقديمه محبة خليله على محبة ولده، فلما استسلم لأمر ربه وعزم على فعله وظهر سلطان الخلة في الإقدام على ذبح الولد إيثارًا لمحبة خليله على محبته، فسخ الله ذلك عنه وفداه بالذبح العظيم، لأن المصلحة في الذبح كانت ناشئة من العزم وتوطين النفس على ما أمر به، فلما حصلت هذه المصلحة عاد الذبح مفسدة فنسخ في حقه، فصارت الذبائح والقرابين من الهدايا والضحايا سنة في أتباعه إلى يوم القيامة.
بيان أن إبراهيم عليه السلام هو الذي فتح للأمة باب مناظرة المشركين وأهل الباطل وكسر حججهم، وقد ذكر الله سبحانه مناظرته في القرآن مع إمام المعطلين، ومناظرته مع قومه المشركين، وكسر حجج الطائفتين بأحسن مناظرة، وأقربها إلى الفهم وحصول العلم.
قال تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} الأنعام: من الآية 83، قال زيد بن أسلم وغيره: بالحجة والعلم، ولما غلب أعداء الله معه بالحجة، وظهرت حجته عليهم، وكسر أصنامهم، فكسر حججهم ومعبودهم، هموا بعقوبته وإلقائه في النار، وهذا شأن المبطلين إذا غلبوا وقامت عليهم الحجة هموا بالعقوبة، كما قال فرعون لموسى وقد أقام عليه الحجة: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} الشعراء: 29، فأضرموا له النار وألقوه في المنجنيق، فكانت تلك السفرة من أعظم سفرة سافرها وأبركها عليه، فإنه ما سافر سفرة أبرك ولا أعظم ولا أرفع لشأنه وأقر لعينه منها، وفي تلك السفرة عرض له جبريل بين السماء والأرض فقال: «يا إبراهيم ألك حاجة؟» قال: «أما إليك فلا».
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} آل عمران: 173، قالها نبيكم، وقالها إبراهيم حين ألقي في النار، فجعل الله سبحانه عليه النار بردًا وسلامًا.
وقد ثبت في صحيح البخاري: من حديث أم شريك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ وقال: «كانت تنفخ على إبراهيم».
وهو الذي بنى بيت الله وأذن في الناس بحجه، فكل من حجه واعتمره حصل لإبراهيم من مزيد ثواب الله وإكرامه بعدد الحجاج والمعتمرين، قال تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} البقرة: من الآية125، فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم وأمته أن يتخذوا من مقام إبراهيم مصلى تحقيقًا للاقتداء به وإحياء آثاره صلى الله على نبينا وعليه وسلم.
ومناقب هذا الإمام الأعظم والنبي الأكرم أجل من أن يحيط بها كتاب، وإن مد الله في العمر أفردنا كتابًا في ذلك يكون قطرة في بحر فضائله أو أقل، جعلنا الله ممن ائتم به، ولا جعلنا ممن عدل عن ملته بمنه وكرمه.
وقد روى لنا عنه النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا وقع لنا متصل الرواية إليه، رويناه في كتاب الترمذي وغيره: من حديث القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال: يا محمد أقرئ أمتك السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر»، قال الترمذي: هذا حديث حسن. اهـ.

.موعظة:

.قال ابن الجوزي:

.المجلس الخامس في قصة إبراهيم الخليل عليه السلام:

الحمد لله العلي القوي المتين القاهر الظاهر المبين لا يعزب عن سمعه أقل الأنين ولا يخفى على بصره حركات الجنين ذل لكبريائه جبابرة السلاطين وقل عند دفاعه كيد الشياطين قضى قضاءه كما شاء على الخاطئين وسبق اختياره لما اختار الماء والطين فهؤلاء أهل الشمال وهؤلاء أهل اليمين جرى القدر بذلك قبل عمل العاملين {ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين} أحمده حمد الشاكرين وأسأله معونة الصابرين وأصلي على رسوله المقدم على التبيين وعلى صاحبه الصديق أول تابع له على الدين وعلى الفاروق عمر القوي الأمين وعلى عثمان زوج ابنته ونعم القرين وعلى علي بحر العلوم الأنزع البطين وعلى عمه العباس ذي الفخر القويم والنسب الصميم قال الله تعالى: {ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين} إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ ابن عابر ابن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن أهنخ بن يرد بن مهلاييل بن قاين بن أنوش وأمه نونا بنت كرينا بن كوثا من بني أرفخشذ وكرينا هو الذي كرى نهر كوثى وكان بين الطوفان ومولد إبراهيم ألف سنة وتسع وسبعون وقيل ألف ومائتا سنة وثلاث وستون وذلك بعد خلق آدم عليه السلام بثلاثة آلاف سنة وثلاثمائة وسبع وثلاثين سنة ولما أراد الله عز وجل إيجاد إبراهيم عليه السلام قال المنجمون لنمرود إنا نجد في علمنا أن غلامًا يولد في قريتك هذه يقال له إبراهيم يفارق دينكم ويكسر أوثانكم في شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا فلما دخلت السنة المذكورة بعث نمرود إلى كل امرأة حامل بقريته فحبسها عنده ولم يعلم بحبل أم إبراهيم فجعل لا يولد غلام في ذلك الشهر إلا ذبحه فلما أخذ أم إبراهيم الطلق خرجت ليلًا إلى مغارة فولدت فيها إبراهيم وأصلحت من شأنه ثم سدت عليه باب المغارة ثم رجعت إلى بيتها وذلك بمدينة كوثى وكانت تتردد إليه فتراه يمص إبهامه قد جعل الله رزقه في ذلك وكان آزر قد سألها عن حملها فقالت ولدت غلامًا فمات فسكت عنها وقيل بل أخبرته فأتاه فحفر له سربًا وسد عليه بصخرة وكانت أمه تختلف إلى رضاعه فلما تكلم قال لأمه من ربي قالت أنا قال فمن ربك قالت أبوك قال فمن رب أبي قالت له اسكت فسكت فرجعت إلى زوجها فقالت له إن الغلام الذي كنا نتحدث أنه يغير دين أهل الأرض هو ابنك فأتاه فقال له مثل ذلك فدنا إبراهيم عليه السلام بالليل من باب السرب فرأى كوكبًا قال ابن عباس هو الزهرة قال وكان له حينئذ سبع سنين وقال مجاهد هو المشتري فقال هذا ربي أي على زعمكم فلما خرج كان أبوه يصنع الأصنام ويقول له بعها فيأخذ الصنم ويخرج فيقول من يشتري ما يضره ولا ينفعه فشاع بين الناس استهزاؤه بالأصنام وجعل يقول لقومه {ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون} أي مقيمون على عبادتها {قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين} أي إنا نقتدي بهم ونقلدهم فخرجوا يومًا إلى عيد لهم فخرج معهم ثم ألقى نفسه في الطريق وقال: {إني سقيم}.