فصل: قال أبو السعود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو السعود:

{وإسماعيل واليسع} وهو ابنُ أخطوبَ بنِ العجوز، وقرئ واللَّيْسعَ وهو على القراءتين علم أعجميٌّ أُدخل عليه اللام ولا اشتقاق له، ويقال: إنه يوشَعُ بن نون، وقيل: إنه منقولٌ من مضارعِ وسِعَ واللام كما في يزيدَ في قوله من قال:
رأيتُ الوليدَ بنَ اليزيدَ مباركا ** شديدًا بأعباءِ الخِلافة كاهلُه

{وَيُونُسَ} وهو ابن متى {وَلُوطًا} هو ابنُ هارونَ بنِ أخي إبراهيمَ عليه السلام {وَكُلًا} أي وكلَّ واحدٍ من أولئك المذكورين {فَضَّلْنَا} بالنبوة لا بعضَهم دون بعض {عَلَى العالمين} على عالَمي عصرهم، والجملةُ اعتراضٌ كأختَيْها. اهـ.

.قال الألوسي:

{وإسماعيل} هو كما قال النووي أكبر ولد إبراهيم عليه السلام ويقال كما نقل عن الجواليقي بالنون آخره قيل ومعناه: مطيع الله: {واليسع} قال ابن جرير: هو ابن أخطوب بن العجوز.
وقرأ حمزة والكسائي {الليسع} بوزن ضيغم وهو أعجمي دخلت عليه اللام على خلاف القياس وقارنت النقل فجعلت علامة التعريب كما قاله التبريزي ونص على أن استعماله بدونها خطأ يغفل عنه الناس فليس كاليزيد في قوله:
رأيت الوليد بن اليزيد مباركا ** شديدًا بأعباء الخلافة كاهله

من جميع الوجوه، وهو على القراءة الأولى أعجمي أيضًا، وقيل: إنه معرب يوشع وقيل: عربي منقول من يسع مضارع وسع {واليسع وَيُونُسَ} وهو ابن متى بفتح الميم وتشديد التاء الفوقية مقصور كحتى ويقال متتى بالفك وهو اسم أبيه كما قاله ابن حجر وغيره من الحفاظ، ووقع في تفسير عبد الرزاق أنه اسم أمه وهو مردود ولم نقف كغيرنا على اتصال نسبه عليه السلام، وقد مر ما في جامع الأصول.
وقيل: إنه كان في زمن ملوك الطوائف من الفرس وهو مثلث النون ويهمز.
وقرأ أبو طلحة {يُونُسَ} بكسر النون قيل: أراد أن يجعله عربيًا من أنس وهو شاذ {وَلُوطًا} قال ابن إسحاق: هو ابن هاران بن آزر، وفي المستدرك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه ابن أخي إبراهيم ولم يصرح باسم أبيه {وَكُلًا} أي كل واحد من هؤلاء المذكورين لا بعضهم دون بعض {فَضَّلْنَا} بالنبوة {عَلَى العالمين} أي عالمي عصرهم، والجملة اعتراض كأختيها، وفيها دليل على أن الأنبياء أفضل من الملائكة. اهـ.

.قال الفخر:

احتج القائلون بأن الأنبياء عليهم السلام أفضل من الملائكة بقوله تعالى بعد ذكر هؤلاء عليهم السلام: {وَكُلًا فَضَّلْنَا عَلَى العالمين} وذلك لأن العالم اسم لكل موجود سوى الله تعالى، فيدخل في لفظ العالم الملائكة، فقوله تعالى: {وَكُلًا فَضَّلْنَا عَلَى العالمين} يقتضي كونهم أفضل من كل العالمين.
وذلك يقتضي كونهم أفضل من الملائكة، ومن الأحكام المستنبطة من هذه الآية: أن الأنبياء عليهم السلام يجب أن يكونوا أفضل من كل الأولياء، لأن عموم قوله تعالى: {وَكُلًا فَضَّلْنَا عَلَى العالمين} يوجب ذلك.
قال بعضهم: {وَكُلًا فَضَّلْنَا عَلَى العالمين} معناه فضلناه على عالمي زمانهم.
قال القاضي: ويمكن أن يقال المراد: وكلًا من الأنبياء يفضلون على كل من سواهم من العالمين.
ثم الكلام بعد ذلك في أن أي الأنبياء أفضل من بعض، كلام واقع في نوع آخر لا تعلق به بالأول والله أعلم. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من فوائد السمرقندي في الآيات:

قال رحمه الله:
{وَوَهَبْنَا لَهُ} يعني: لإبراهيم {إسحاق وَيَعْقُوبَ} قال الضحاك: ولدت سارة إسحاق ولها تسعة وتسعون سنة.
ولإبراهيم مائة وعشرون سنة ثم ولد لإسحاق يعقوب {كُلًا هَدَيْنَا} يعني: إسحاق ويعقوب هديناهما بالنبوة والإسلام {وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ} يعني: هديناه للنبوة والإسلام من قبل إبراهيم {وَمِن ذُرّيَّتِهِ} قال الكلبي: يعني من ذرية نوح.
وقال الضحاك: يعني من ذرية إبراهيم {دَاوُودُ} النبي عليه السلام {وسليمان} وهو ابن داود {وَأَيُّوبَ} وهو من ولد عيصو بن إسحاق {وَيُوسُفَ} وهو ابن يعقوب {وموسى وهارون وَكَذَلِكَ نَجْزِى المحسنين} يعني: نعطيهم أفضل الثواب {وَزَكَرِيَّا} يعني: من ذرية إبراهيم زكريا {ويحيى وعيسى وَإِلْيَاسَ} قال الضحاك: كان إلياس من ولد إسماعيل.
وذكر عن القتبي أنه كان من سبط يوشع بن نون {كُلٌّ مّنَ الصالحين} يعني: من المرسلين {وإسماعيل} وهو من صلب إبراهيم عليه السلام {واليسع} قرأ حمزة والكسائي {واليسع} مشددًا.
وقرأ الباقون {إسماعيل واليسع} بالتخفيف.
فمن قرأ بالتشديد فالاسم منه ليسع ثم أدخلت الألف واللام للتعريف فصار الليسع.
ومن قرأ بالتخفيف فالاسم منه يسع.
ثم أدخلت الألف واللام للتعريف فصار اليسع.
وكذا هذا الاختلاف في سورة {ص} وكان اليسع تلميذ إلياس وكان خليفته من بعده.
{وَيُونُسَ} ابن متى {وَلُوطًا وَكُلًا فَضَّلْنَا عَلَى العالمين} بالرسالة والنبوة في ذلك الزمان. اهـ.

.من فوائد الثعلبي في الآيات:

قال رحمه الله:
{وَوَهَبْنَا لَهُ} لإبراهيم {إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًا هَدَيْنَا} وفقنا وأرشدنا {وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ} إبراهيم وولده {وَنُوحًا هَدَيْنَا} يعني ومن داود ونوح لأن داود لم يكن من ذرية إبراهيم وهو داود بن أيشا {دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} يعني ابنه {وَأَيُّوبَ} وهو أيوب بن أموص بن رانزخ بن روح ابن عيصا بن إسحاق بن إبراهيم {وَيُوسُفَ} وهو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الذي قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم» {وموسى} وهو موسى بن عمران بن (صهر بن فاعث بن لادي) بن يعقوب.
وهارون وهو أخو موسى أكبر منه بسنة {وَكَذَلِكَ} أي كما جزينا إبراهيم على توحيده وثباته على دينه بأن رفعنا درجته ووهبنا له أولادًا أنبياء أتقياء {نَجْزِي المحسنين} على إحسانهم {وَزَكَرِيَّا} وهو زكريا بن أزن بن بركيا {ويحيى} وهو إبنه {وعيسى} وهو ابن مريم بنت عمران بن أشيم بن أمون بن حزقيا {وَإِلْيَاسَ}.
واختلفوا فيه، فقال عبد اللّه بن مسعود: هو إدريس مثل يعقوب وإسرائيل.
وقال غيره: هو إلياس بن بستي بن فنخاص بن العيزار بن هارون بن عمران نبي اللّه عليه السلام وهو النصيح لأن اللّه تعالى نسب في هذه الآية الناس إلى نوح وجعله من ذريته ونوح هو ابن لمك بن متوشلخ بن اخنوخ وهو إدريس ومحال أن يكون جدّ أبيه منسوبًا إلى أنه من ذريته و{كُلٌّ مِّنَ الصالحين} يعني الأنبياء والمؤمنين {وَإِسْمَاعِيلَ} وهو ابن إبراهيم {واليسع} وهو اليسع بن إخطوب بن العجون {وَيُونُسَ} وهو يونس بن متى {وَلُوطًا} وهو لوط بن هارون أو ابن أخي إبراهيم عليه السلام {وَكُلًا فَضَّلْنَا عَلَى العالمين} يعني عالمي زمانهم. اهـ.

.من فوائد ابن عطية في الآية:

قال رحمه الله:
{ووهبنا} عطف على {آتينا} [الأنعام: 83] و{إسحاق} ابنه من سارة، {ويعقوب} هو ابن إسحاق، و{كلًا} و{نوحًا} منصوبان على المفعول مقدمان على الفعل، وقوله: {من قبل} لقومه صلى الله عليه وسلم، وقوله: {ومن ذريته} المعنى وهدينا من ذريته، والضمير في {ذريته} قال الزجّاج جائز أن يعود على إبراهيم، ويعترض هذا بذكر لوط عليه السلام وهو ليس من ذرية إبراهيم بل هو ابن أخيه وقيل ابن أخته ويتخرج عند من يرى الخال أبًا وقيل: يعود الضمير على نوح وهذا هو الجيد، و{داود} يقال هو ابن إيشى {وسليمان} ابنه، {وأيوب} هما فيما يقال أيوب بن رازح بن عيصو بن إسحاق بن إيراهيم، {ويوسف} هو ابن يعقوب بن إسحق، {وموسى وهارون} ها ابنا عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب، ونصب {دواد} يحتمل أن يكون ب {وهبنا} ويحتمل أن يكون ب {هدينا} وهذه الأسماء كلها فيها العجمة والتعريف، فهي غير مصروفة، {وموسى} عند سيبويه وزنه مفعل فعلى هذا يتصرف في النكرة، وقيل وزنه فعلى، فعلى هذا لا يتصرف في معرفة ولا نكرة، {وكذلك نجزي المحسنين} وعد من الله عز وجل لمن أحسن في عمله وترغيب في الإحسان، {وزكريا} فيما يقال هو ابن آذر بن بركنا، {وعيسى} ابن مريم بنت عمران بن ياشهم بن أمون بن حزينا، {والياس} هو ابن نسي بن فنحاص بن العيزان بن هارون بن عمران، وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال إدريس هو الياس ورد ذلك الطبري وغيره بأن إدريس هو جد نوح تظاهرت بذلك الروايات وزكرياء قرأته طائفة بالمد وقرأته طائفة بالقصر زكريا، وقرأ ابن عامر باختلاف عنه، والحسن وقتادة بتسهيل الهمزة من الياس، وفي هذه الآية أن عيسى عليه السلام من ذرية نوح أو إبراهيم بحسب الاختلاف في عود الضمير من ذريته، وهو ابن ابنته، وبهذا يستدل في الأحباس على أن ولد البنت من الذرية، وإسماعيل هو أكبر ولدي إبراهيم عليه السلام وهو من هاجر واليسع قال زيد بن أسلم وهو يوشع بن نون، وقال غيره: هو أليسع بن أخطوب بن العجوز، وقرأ جمهور الناس {وأليسع} وقرأ حمزة والكسائي {والليسع} كأن الألف واللام دخلت على فيعل، قال أبو علي الفارسي: فالألف واللام في اليسع زائدة لا تؤثر معنى تعريف لأنها ليست للعهد كالرجل والغلام ولا للجنس كالإنسان والبهائم ولا صفة غالبة كالعباس والحارث لأن ذلك يلزم عليه أن يكون اليسع فعلًا، وحينئذ يجري صفة. وإذا كان فعلًا وجب أن يلزمه الفاعل ووجب أن يحكى إذ هي جملة ولو كان كذلك لم يجز لحاق اللام له إذ اللام لا تدخل على الفعل فلم يبق إلا أن تكون الألف واللام زائدة كما هي زائدة في قولهم الخمسة العشر درهمًا، وفي قول الشاعر: [الرجز]
يا ليت أمَّ العمرِ كَانَتْ صَاحبي

بالعين غير منقوطة، وفي قوله: [الطويل]
وَجَدْنَا الوليدَ بْنَ اليزيدِ مُبَارَكًا ** شديدًا بأعباءِ الخلافةِ كاهِلُهْ

قال وأما الليسع فالألف واللام فيه بمنزلتها في الحارث والعباس لأنه من أبنية الصفات لكنها بمنزلة اليسع في أنه خارج عما عليه الأسماء الأعجمية إذ لم يجيء فيها شيء هو على هذا الوزن كما لم يجيء منها شيء فيه لام تعريف فهما من الأسماء الأعجمية إلا أنهما مخالفات للأسماء فيما ذكر.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: وأما اليزيد فإنه لما سمي به أزيل منه معنى الفعل وأفردت فيه الاسمية فحصل علمًا وزيدت فيه الألف واللام لا لتعريف، وقال الطبري دخلت الألف واللام إتباعًا للفظ الوليد، {ويونس} هو ابن متَّى ويقال يونس ويونَس ويونُس وكذلك يوسِف ويوسَف ويوسُف وبكسر النون من يونِس والسين من يوسِف قرأ الحسن وابن مصرف وابن وثاب وعيسى بن عمر والأعمش في جميع القرآن و{العالمين} معناه عالمي زمانهم. اهـ.

.من فوائد القرطبي في الآيات:

قال رحمه الله:
قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86)}.
فيه ثلاث مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} أي جزاءً له على الاحتجاج في الدِّين وبذل النفس فيه.
{كُلًا هَدَيْنَا} أي كل واحد منهم مهتد.
و{كُلًا} نصب ب{هدينا} {وَنُوحًا} نصب ب{هدينا} الثاني.
{وَمِن ذُرِّيَّتِهِ} أي ذرّية إبراهيم.
وقيل: من ذرية نوح؛ قاله الفرّاء واختاره الطَّبريّ وغير واحد من المفسرين كالقُشيرِيّ وابن عطية وغيرهما.
والأوّل قاله الزجاج، واعترض بأنه عُدّ من (هذه) الذرّية يونس ولوط وما كانا من ذرّية إبراهيم.
وكان لوطٌ ابن أخيه.
وقيل: ابنَ أختِه.
وقال ابن عباس: هؤلاء الأنبياء جميعًا مضافون إلى ذرّية إبراهيم، وإن كان فيهم مَن لم تلحقه وِلادة من جهته من جهة أب ولا أمّ؛ لأن لوطًا ابن أخي إبراهيم.
والعرب تجعل العَمَّ أبًا كما أخبر الله عن ولد يعقوب أنهم قالوا: {نَعْبُدُ إلهك وإله آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [البقرة: 133].
وإسماعيل عمُّ يعقوب.
وعدّ عيسى من ذريّة إِبراهيم وإنما هو ابن البنت.
فأولاد فاطمة رضي الله عنها ذرّية النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وبهذا تمسّك من رأى أن ولد البنات يدخلون في اسم الولد وهي:
الثانية: قال أبو حنيفة والشافعيّ: من وقَف وقفًا على ولده وولد ولده أنه يدخل فيه ولد ولده وولد بناته ما تناسلوا.
وكذلك إذا أوصى لقرابته يدخل فيه ولد البنات.
والقرابة عند أبي حنيفة كلُّ ذي رَحِم مَحْرم.