فصل: الكلام على البسملة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الكلام على البسملة:

أين من كان قبلنا أين أينا ** من رجال كانوا جمالا وزينا

إن دهرا أتى عليهم فأفنى ** عددا منهم سيأتي علينا

خدعتنا الآمال حتى جمعنا ** وطلبنا لغيرنا وسعينا

وابتنينا وما نفكر في الدهر ** وفي صرفه غداة ابتنينا

وابتغينا من المعاش فضولا ** لو قنعنا بدونها لاكتفينا

ولعمري لنرحلن ولا نمضي ** بشيء منها إذا ما مضينا

اختلفنا في المقدرات وسوى الله ** بالموت بيننا فاستوينا

كم رأينا من ميت كان حيا ** ووشيكا يرى بنا ما رأينا

ما لنا نأمن المنون كأنا ** لا نراهن يهتدين إلينا

عجبا لامرئ تيقن أن الموت ** حق فقربا بالعيش عينا

إخواني ما الدنيا لولا الشقاء المكتوب كل طلابها قتلت فبئس المطلوب إلى متى مع الدنيا أين الذين اشتروا سلع الشك بسلع اليقين يا مستور الحال غدا تبين إذا حشرجت في الصدر وجاء الأنين وبرزت كماة الموت من الكمين وصرت بعد التجبر أذل مسكين وذبحت وشيكا بغير سكين ونقلت إلى لحد.
أنت فيه رهين انظر لنفسك أيها المتقاعد تدبر عملك قبل عرضه على الناقد وتأهب فكم بين يديك شدائد لا لا ينفعك فيه ولد ولا والد.
سبيل الخلق كلهم الفناء ** فما أحد يدوم له البقاء

يقربنا الصباح إلى المنايا ** ويدنينا إليهن المساء

فلا تركب هواك وكن معدا ** فليس مقدرا لك ما تشاء

أتأمل أن تعيش وأي غصن ** على الأيام طال له النماء

تراه أخضر العيدان غضا ** فيصبح وهو مسود غثاء

وجدنا هذه الدنيا غرورا ** متى ما تعط يرتجع العطاء

فلا تركن إليها مطمئنا ** فليس بدائم منها الصفاء

عباد الله على نية النقض وضع البنيان وعلى شرط الرحيل الأرواح في الأبدان وإنما الدنيا معبر إلى دار الحيوان وليس للإقامة فالعجب لاغترار الإنسان أين العقل والنظر إلام الجهل والبطر كم من منزل دثر كم ساع عثر وأنت في الأثر إلام هذا الأشر وقد علمت مآل البشر أين العقول والفكر كم وارد ما صدر البلايا مثل المطر وإنك لعلى خطر كم حضرت لدى محتضر ودمع المآقي قد انهمر لقلة الزاد وطول السفر ويحك إلى متى تختار الضرر لقد بعت الدر بالبعر إن العاقل ليختار الأجود وإن الحازم لا يرضى أن يستعبد يا من كلما جمعناه تبدد يا من كلما زجرناه مد اليد يا من إذا دعوناه لم يسدد كيف يختار الضلال من يعرف الطريق الأرشد كيف يؤثر النزول من يقال له اصعد إن اللبيب ليرى بعين الفكر ما في غد لو سمعت الحجارة وعظنا لانفطر الجلمد كم نصبنا لك شركًا وإلى الآن لم نصطد.
حتى متى لا تزال معتذرا ** من زلة منك لا تزال راكبها

تعقبها مثلها وتعقبك الحسرة ** من مثلها عواقبها

لتركك الذنب لا تقاربه ** أيسر من توبة تطالبها

أيها المعرض عن شكر الإفضال والنعم زاحمت على حوض الغفلة النعم تمد يد الجهل بالإنعام إلى أخذه واقتباسه وتنسى عقوبة ما قد جنيته في وقت باسه أين الهرب بخطاك عجبا منك وعيني تراك تراك تستحي من غيري ومني لا تراك من الذي ستر على القبيح فيما مضى من الذي لطف بك في دين دينه إذا اقتضى يا هذا إن وجدت من يصلح لك غيرنا فاذهب وإن رأيت مشربا يلذ غير حلمنا فاشرب لو أعلمت أباك ما نعلم منك أباك ولو أريت أخاك ما أريتنا جفاك نعمنا عليك قديمة كم نبعث لك ديمة لطف بعد ديمة أتراك تحن إلى ودنا أو تراعي عهد عهدنا يا هذا جبلت القلوب على حب من أحسن إليها فواعجبا ممن لم ير محسنا سوى الله عز وجل كيف لا يميل بكليته إليه يا منعما عليه بالعافية بئس ما أنفقت فيه رأس المال كم ذنب لك فعله غيرك فهتك ذاك وسترت ويحك احذر نفار النعم فما كل شارد بمردود إذا وصلت إليك أطرافها فلا تنفر أقصاها بقلة الشكر.
لك نفس يسرها ** كل شيء يضرها

هي تفنى على الزمان ** ويزداد شرها

قوله تعالى: {يوم يبعثهم الله جميعا} البعث إخراج أهل القبور أحياء عند النفخة الثانية في الصور وذلك أن الله تعالى ينزل من السماء ماء فتنبت الأجساد في القبور فتعود كما كانت ثم ينفخ إسرافيل في الصور فتنشق القبور فيقومون جميعًا إلى العرض والحساب {فينبئهم بما عملوا} من المعاصي وتضييع الفرائض {أحصاه الله} أي حفظه {ونسوه} أخبرنا ابن الحصين أنبأنا ابن المذهب أنبأنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي حدثنا عفان حدثنا همام حدثنا قتادة عن صفوان بن محرز عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل يدني المؤمن ويضع عليه كنفه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه ويقول له أتعرف ذنب كذا أتعر ذنب كذا أتعرف ذنب كذا حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال فإني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم أخرجاه في الصحيحين وبالإسناد حدثنا أحمد قال حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه فتعرض عليه ويخبأ عنه كبارها فيقال عملت كذا وكذا وهو مقر لا ينكر ولا مشفق من كبارها فيقال أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة قال فيقول إن لي ذنوبًا ما أراها قال أبو ذر فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك حتى بدت نواجذه انفرد بإخراجه مسلم.
وفي أفراده من حديث الشعبي عن أنس قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك وقال هل تدرون مم أضحك قال فقلنا الله ورسوله أعلم قال من مخاطبة العبد ربه عز وجل يقول يا رب ألم تجرني من الظلم قال يقول بلى قال فيقول إني لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني فيقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا وبالكرام الكاتبين شهودًا قال فيختم على فيه ويقال لأركانه انطقي قال فتنطق بأعماله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول بعدًا لكن وسحقًا فعنكن كنت أناضل إخواني ما من الموت بد باب البقاء في الدنيا قد سد كم قد في القبر قد قد كم خد في الأخد ود قد خد يا من ذنوبه لا تحصى إن شككت عد يا من أتى باب الإنابة كاذبًا فرد يا شدة الوجل عند حضور الأجل يا قلة الحيل إذا حل الموت ونزل يا قوة الأسى إذا نوقش من أسا يا خجل العاصين يا حسرة المفرطين يا أسف المقصرين يا سوء مصير الظالمين كيف يصنع من بضائعه القبائح كيف يفعل من شهوده الجوارح عدموا والله الوسيلة وأظلمت في وجوههم وجوه الحيلة أصبحوا جثيًا على ركبهم مأسورين بما في كتبهم لا يدرون ما يراد بهم قد جمعوا في صعيد ينتظرون حلول الوعيد والأرض بالخلق كلهم تميد والعبرات على العثرات تزيد إن بطش ربك لشديد زفرت والله الحطمة في وجوه الظلمة فذلوا بعد العظمة وخرسوا عن كلمة إخواني أيام أعماركم قصيرة وقد ضاعت على بصيرة وآخر الأمر حفيرة فيها أهوال كثيرة يا مشاهدًا حاله بحال الحيرة ألك عدة أم لك ذخيرة هذا الملك يحصي عملك حرفًا حرفًا ويملي فيملأ بالخطايا صحفًا يا من جمرات حرصه على الهوى ما تطفى وقد أشفى به مرض ما أراه يشفى إلام هذا التعليل كم نقومك وتميل متى يبرأ هذا العليل يا مقابلًا جميلنا بغير الجميل آن رحيلًا فأعد الزاد آن معادًا فاذكر المعاد ألا يهلك العمر وإن تمادى.
أيها المعرض عنا تذكر عرضك أيها الراقد في غفلته اذكر غمضك أيها الذليل بالمعاصي اذكر عرضك كم عتاب ما أمرضك ولا أمضك ويحك استصغر أملًا يمنعه الفوت استقصر أجلًا يقطعه الموت أقبل على العقل مستشيرًا فكفى به نصيحًا ونذيرًا إنه ليحل نقاب الشبه بأنامل البيان أولا يعلم العاصي أنه قد غرس لنفسه شجرة يتساقط عليه كل حين منها ثمرة ندم من غير هز فإذ اقام في القيامة شاهد أغصان ما غرس قد تعاظمت حتى أخذت بر البر فإن غفر له لم يذل حبيبًا مما جنى وإن عوقب ذاق مر الجنى وهذا الأسى الطويل إنما جره جر جرة الهوى ولو قنع بالطاق التي تسمع بها عين المباح لارتوى من غير أذى.
المرء في تأخير مدته ** كالثوب يخلق بعد جدته

ومصيره من بعد معرفة ** للناس ظلمة بيت وحدته

من مات مال ذوو مودته ** عنه وحالوا عن مودته

عجبًا لمنتبه يضيع ما ** يحتاج فيه ليوم رقدته

أزف الرحيل ونحن في لعب ** ما نستعد له بعدته

قال عتبة الغلام رأيت الحسن عند الموت وقد قهقه وما رأيته قط تبسم فقلت يا أبا سعيد من أي شيء تضحك فما كلمني لثقل حاله فلما مات رأيته في المنام فقلت يا معلم الخير من أي شيء ضحكت قال من أمر ملك الموت إنه نودي وأنا أسمع شدد عليه فإنه بقي عليه خطيئة فضحكت لذلك فقلت ما كانت فلم يجبني.
واأسفا هذا حال الحسن وما عرف منه إلا الحسن فكيف يكون حالنا إذن مع ما لنا من محن يا من قد لعب الهوى بفهمه وسودت شهواته وجه عزمه يا مبنيا عن عزم الباني على هدمه يا محمولًا إلى البلى لتمزيق لحمه أما يكفيه منذرًا وهن عظمه كم نقربك وأنت متباعد كم ننهضك إلى العلا يا قاعد كم نحرضك وما تساعد ساعد كم نوقظك وأنت في اللهو راقد يا أعمى البصيرة وما له قائد يا قتيل الأمل لست بخالد يا مفرق الهموم والمقصود واحد إن لاحت الدنيا فشيطان مارد تقاتل عليها فتكر وتطارد فإذا جاءت الصلاة فقلب غائب وجسم شاهد وتقول قد صليت أتبهرج على الناقد ما تعرفنا إلا في أوقات الشدائد أما ذنوبك كثيرة فما للطرف جامد ملكك الهوى ونحن نضرب في حديد بارد.
وربما غوفص ذو غفلة ** أصح ما كان ولم يستقم

يا واضع الميت في قبره ** خاطبك القبر فلم تفهم

كم ليلة سهرتها في الذنوب كم خطيئة أمليتها في المكتوب كم صلاة تركتها مهملًا للوجوب كم أسبلت سترًا على عتبة عيوب يا أعمى القلب بين القلوب ستدري دمع من يجري ويذوب ستعرف خبرك عند الحساب والمحسوب أين الفرار وفي كف الطالب المطلوب تنبه للخلاص أيها المسكين أعتق نفسك من الرق يا رهين اقلع أصل الهوى فعرق الهوى مكين احذر غرور الدنيا فما للدنيا يمين يا دائم المعاصي سجن الغفلة سجين تثب على الخطايا ولا وثبة تنين كأنك بالموت قد برز من كمين وآن الأمر فوقعت في الأنين واستبنت أنك في أحوال عنين كيف ترى حالك إذا عبثت الشمال باليمين ثم نقلت ولقبت بالميت الدفين وا أسفا لعظم حيرتك ساعة التلقين يا مستورا على الذنوب غدًا تنجلى وتبين متى هذا القلب القاسي يرعوي ويلين عجبا لقسوته وهو مخلوق من طين.
وقبل شخوص المرء يجمع زاده ** وتملأ من قبل الرماء الكنائن

حصادك يومًا ما زرعت وإنما ** يدان المرء يومًا بما هو دائن

ساعات السلامة بين يديك مبذولة سابق سيوف الآفات فإنها مسلولة وبادر ما دامت المعاذير مقبولة واقرأ علوم النجاة فهي منقوطة مشكولة وافتح عينيك فإلى كم بالنوم مكحولة وغير قبائحك القباح المرذولة يا لها نصيحة غير أن النفس على الخلائق مجبولة.