فصل: من فوائد أبي حيان في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال ابن عباس: نزلت سورة الأنعام بمكة إلا ست آيات منها قوله: {وما قدروا الله حق قدره} فإنها نزلت بالمدينة ثم اختلف القائلون بهذا القول في اسم من نزلت هذه الآية فيه فقال سعيد بن جبير: جاء رجل من اليهود يقال له مالك بن الصيف يخاصم النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنشدك الله الذي أنزل التوراة على موسى أما تجدون في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين وكان حبرًا سمينًا فغضب.
وقال: والله ما أنزل الله على بشر من شيء فقال أصحابه الذين معه ويحك ولا على موسى فقال والله ما أنزل الله على بشر من شيء فأنزل الله: {وما قدروا الله حق قدره} {إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء} {قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى} نورًا وهدى للناس الآية.
قال البغوي: وفي القصة أن مالك بن الصيف لما سمعت اليهود منه تلك المقالة عتبوا عليه وقالوا: أليس الله أنزل التوراة على موسى فلمَ قلت ما أنزل الله على بشر من شيء؟ فقال مالك بن الصيف: أغضبني محمد فقلت ذلك.
فقالوا له: وأنت إذا غضبت تقول على الله غير الحق؟ فنزعوه عن الحبرية وجعلوا مكانه كعب الأشرف.
وقال السدي: لما نزلت هذه الآية في فنحاص بن عازوراء اليهودي وهو القائل هذه المقالة.
وقال ابن عباس: قالت اليهود يا محمد أنزل الله عليك كتابًا؟ قال: نعم فقالوا: والله ما أنزل الله من السماء كتابًا فأنزل الله: {وما قدروا الله حق قدره} {إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء} {قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى} الآية وقال محمد بن كعب القرظي: جاء ناس من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو محتب؟ فقالوا يا أبا القاسم ألا تأتينا بكتاب من السماء كما جاء به موسى ألواحًا يحملونها من عند الله فأنزل الله: {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السماء} الآية التي في سورة النساء فلما حدثهم بأعمالهم الخبيثة جثا رجل منهم وقال: ما أنزل الله عليك ولا على موسى ولا على عيسى ولا على أحد شيئًا فانزل الله: {وما قدروا الله حق قدره} إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء وأورد الرازي على هذا القول إشكالًا أيضًا وهو أنه قال: إن اليهود مقرون بإنزال التوراة على موسى فكيف يقولون ما أنزل الله على بشر من شيء مع اعترافهم بإنزال التوراة ولم يجب عن هذا الإشكال بشيء وأجيب عنه بأن مراد اليهود إنكار إنزال القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم فقط ولهذا ألزموا بملا لابد لهم من الإقرار به من إنزال التوراة على موسى فقال تعالى: {قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى} أي: قل يا محمد لهؤلاء اليهود الذين أنكروا إنزال القرآن عليك بقولهم ما أنزل الله على بشر من شيء من أنزل التوراة على موسى وفيه هذا الإلزام توبيخ اليهود بسوء جهلهم وإقدامهم على إنكار الحق الذي لا ينكر {نورًا وهدى للناس} يعني التوراة ضياء من ظلمة الضلالة وبيانًا يفرق بين الحق والباطل من دينهم وذلك قبل أن تبدل وتغير {تجعلونه قراطيس} يكتبونه في قراطيس مقطعة {تبدونها} يعني القراطيس المكتوبة {وتخفون كثيرًا} يعني ويخفون كثيرًا مما كتبوه في القراطيس وهو ما عندهم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته في التوراة ومما اخفوه أيضًا آية الرجم وكانت مكتوبة عندهم في التوراة {وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم} أكثر المفسرين على أن هذا خطاب لليهود ومعناه: أنكم علمتم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم من قبل.
قال الحسن: جعل لهم علم ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فضيعوه ولم ينتفعوا به.
وقال مجاهد: هذا خطاب للمسلمين يذكرهم النعمة فيما علمهم على لسان نيبه صلى الله عليه وسلم {قل الله} هذا راجع إلى قوله: {قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى} فإن أجابوك يا محمد وإلا فقل أنت الله الذي أنزله: {ثم ذرهم في خوضهم يلعبون} يعني: دعهم يا محمد فيما هم فيه يخوضون من باطلهم وكفرهم بالله.
ومعنى يلعبون: يستهزؤون ويسخرون.
وقيل: معناه يا محمد إنك إذا أقمت الحجة عليهم وبلغت في الأعذار والإنذار هذا المبلغ العظيم فحينئذ لم يبق عليك من أمرهم شيء فذرهم فيما هم فيه من الخوض واللعب وفيه وعيد وتهديد للمشركين.
وقال بعضهم: هذا منسوخ بآية السيف وفيه بُعد لأنه مذكور لأجل التهديد والوعيد. اهـ.

.من فوائد أبي حيان في الآية:

قال رحمه الله:
{وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء}.
نزلت في اليهود قاله ابن عباس ومحمد بن كعب، أو في مالك بن الصيف اليهودي إذ قال له الرسول: «أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أتجد فيها أن الله يبغض الحبر السمين؟» قال: نعم.
قال: «فأنت الحبر السمين» فغضب ثم قال: ما أنزل الله على بشر من شيء قاله ابن عباس وابن جبير وعكرمة، أو في فنحاص بن عازورا منهم قاله السدي، أو في اليهود والنصارى قاله قتادة، أو في مشركي العرب قاله مجاهد، وغيره، وبعضهم خصه عنه بمشركي قريش وهي رواية ابن أبي نجيح عنه، وفي رواية ابن كثير عن مجاهد أن من أولها إلى {من شيء} في مشركي قريش وقوله: {أنزل الكتاب} في اليهود ولما ذكر تعالى عن إبراهيم دليل التوحيد وتسفيه، رأى أهل الشرك وذكر تعالى ما منّ به على إبراهيم من جعل النبوّة في بنيه وأن نوحًا عليه السلام جدّه الأعلى كأن الله تعالى قد هداه وكان مرسلًا إلى قومه وأمر تعالى الرسول بالاقتداء بهدى الأنبياء أخذ في تقرير النبوّة والردّ على منكريّ الوحي فقال تعالى: {وما قدروا الله حق قدره} وأصل القدر معرفة الكمية يقال: قدر الشيء إذا حزره وسبره وأراد أن يعلم مقدار يقدره بالضم قدرًا وقدرًا ومنه: «فإن غم عليكم فاقدروا له» أي فاطلبوا أن تعرفوه، ثم توسع فيه حتى قيل: لكل من عرف شيئًا هو يقدر قدره ولا يقدر قدره إذا لم يعرفه بصفاته، قال ابن عباس والحسن واختاره الفراء وثعلب والزُّجاج معناه ما عظموا الله حق تعظيمه، وقال أبو عبيدة والأخفش: ما عرفوه حق معرفته، قال الماتريدي: ومن الذي يعظم الله حق عظمته أو يعرفه حق معرفته؟ قالت الملائكة: ما عبدناك حق عبادتك والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا أحصي ثناءً عليك» وينفصل عن هذا أن يكون المعنى: ما عظموه العظمة التي في وسعهم وفي مقدورهم وما عرفوه كذلك، وقال أبو العالية: واختاره الخليل بن أحمد معناه: ما وصفوه حق صفته فيما وجب له واستحال عليه وجاز، وقال ابن عباس أيضًا: ما آمنوا بالله حق إيمانه وعلموا أن الله على كل شيء قدير، وقال أبو عبيدة أيضًا: ما عبدوه حق عبادته، وقيل: ما أجلُّوه حق إجلاله حكاه ابن أبي الفضل في ريّ الظمآن وهو بمعنى التعظيم، وقال ابن عطية: من توفية القدر فهي عامّة يدخل تحتها من لم يعرف ومن لم يعظم وغير ذلك غير أن تعليله بقولهم: {ما أنزل الله} يقضي بأنهم جهلوا ولم يعرفوا الله حق معرفته إذ أحالوا عليه بعثة الرسل، وقال الزمخشري: ما عرفوا الله حق معرفته في الرحمة على عباده واللطف بهم حين أنكروا بعثة الرسل والوحي إليهم، وذلك من أعظم رحمته وأجلّ نعمته {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} أو ما عرفوه حق معرفته في سخطه على الكافرين وشدة بطشه بهم ولم يخافوه حين جسروا على تلك المقالة العظيمة من إنكار النبوّة، والقائلون هم اليهود بدليل قراءة من قرأ {تجعلونه} بالتاء وكذلك {تبدونها} و{تخفون} وإنما قالوا ذلك مبالغة في إنكار إنزال القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فألزموا ما لابد لهم من الإقرار به من إنزال التوراة على موسى.
انتهى، والضمير في {وما قدروا} عائد على من أنزلت الآية بسببه على الخلاف السابق ويلزم من قال: إنها في بني إسرائيل أن تكون مدنية ولذا حكى النقاش أنها مدنية، وقرأ الحسن وعيسى الثقفي {وما قدروا} بالتشديد {حَقَّ قَدْرِهِ} بفتح الدال وانتصب {حق قدره} بفتح الدال وانتصب {حق قدره} على المصدر وهو في الأصل وصف أي قدره الحق ووصف المصدر إذا أضيف إليه انتصب نصب المصدر، والعامل في إذ قدروا وفي كلام ابن عطية ما يشعر أن إذ تعليلًا.
{قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورًا وهدى للناس} إن كان المنكرون بني إسرائيل فالاحتجاج عليهم واضح لأنهم ملتزمون نزول الكتاب على موسى وإن كانوا العرب فوجه الاحتجاج عليهم أن إنزال الكتاب على موسى أمر مشهور منقول، نقل قوم لم تكن العرب مكذبة لهم وكانوا يقولون: لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم، وقال أبو حامد الغزالي: هذه الآية مبنية على الشكل الثاني من الأشكال المنطقية وذلك لأن حاصله يرجع إلى أن موسى عليه السلام أنزل عليه شيء واحد من البشر ما أنزل الله عليه شيئًا ينتج من الشكل الثاني أن موسى ما كان من البشر، وهذا خلف محال وليست هذه الاستحالة بحسب شكل القياس ولا بحسب صحة المقدمة، فلم يبق إلا أنه لزم من فرض صحة المقدمة وهي قولهم: {ما أنزل الله على بشر من شيء} فوجب القول بكونها كاذبة فتمت أن دلالة هذه الآية على المطلوب إنما تصح عند الاعتراف بصحة الشكل الثاني من الأشكال المنطقية وعند الاعتراف بصحة قياس الخلف، انتهى كلامه.
وفي الآية دليل على أن النقض يقدح في صحة الكلام وذلك أنه نقض قولهم: {ما أنزل الله} بقوله: {قل من أنزل الكتاب} فلو لم يكن النقض دليلًا على فساد الكلام لما كانت حجة مفيدة لهذا المطلوب، والكتاب هنا التوراة وانتصب {نورًا وهدى} على الحال والعامل {أنزل} أو جاء.
{تجعلونها قراطيس تبدونها وتخفون كثيرًا} التاء قراءة الجمهور في الثلاثة، وظاهره أنه لبني إسرائيل والمعنى: {تجعلونها} ذا {قراطيس}، أي أوراقًا وبطائق، {وتخفون كثيرًا} كإخفائهم الآيات الدالة على بعثة الرسول وغير ذلك من الآيات التي أخفوها، وأدرج تعالى تحت الإلزام توبيخهم وإن نعى عليهم سوء حملهم لكتابهم وتحريفهم وإبداء بعض وإخفاء بعض، فقيل: جاء به موسى وهو نور وهدى للناس فغيرتموه وجعلتموه قراطيس وورقات لتستمكنوا مما رمتم من الإبداء والإخفاء، وتتناسق قراءة التاء مع قوله: {علمتم} ومن قال: إن المنكرين العرب أو كفار قريش لم يمكن جعل الخطاب لهم، بل يكون قد اعترض بني إسرائيل فقال: خلال السؤال والجواب: تجعلونه أنتم يا بني إسرائيل قراطيس ومثل هذا يبعد وقوعه لأن فيه تفكيكًا لنظم الآية وتركيبها، حيث جعل الكلام أولًا خطابًا مع الكفار وآخرًا خطابًا مع اليهود وقد أجيب بأن الجميع لما اشتركوا في إنكار نبوة الرسول، جاء بعض الكلام خطابًا للعرب وبعضه خطابًا لبني إسرائيل، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالياء على الغيبة في الثلاثة.
{وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم} ظاهره أنه خطاب لبني إسرائيل مقصود به الامتنان عليهم وعلى آبائهم، بأن علموا من دين الله وهداياته ما لم يكونوا عالمين به لأن آباءهم كانوا علموا أيضًا وعلم بعضهم وليس كذلك آباء العرب، أو مقصود به ذمهم حيث لم ينتفعوا به لإعراضهم وضلالهم، وقيل: الخطاب للعرب، قاله مجاهد ذكر الله منته عليهم أي علمتم يا معشر العرب من الهدايات والتوحيد والإرشاد إلى الحق ما لم تكونوا عالمين {ولا آباؤكم} وقيل: الخطاب لمن آمن من اليهود، وقيل: لمن آمن من قريش وتفسير {ما لم تعلموا} يتخرج على حسب المخاطبين التوراة أو دين الإسلام وشرائعه أو هما أو القرآن، قال الزمخشري: الخطاب لليهود أي علمتم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم مما أوحي إليه {ما لم تعلموا أنتم} وأنتم حملة التوراة ولم يعلمه آباؤكم الأقدمون الذين كانوا أعلم منكم أن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون، وقيل: الخطاب لمن آمن من قريش {لتنذر قومًا ما أنذر آباؤهم} انتهى.
{قل الله} أمره بالمبادرة إلى الجواب أي قل الله أنزله فإنهم لا يقدرون أن يناكروك، لأن الكتاب الموصوف بالنور والهدى الآتي به من أيد بالمعجزات بلغت دلالته من الوضوح إلى حيث يجب أن يعترف بأن منزله هو الله سواء أقرّ الخصم بها أم لم يقر، ونظيره: {قل أي شيء أكبر شهادة قل الله} قال ابن عطية: ويحتمل أن يكون المعنى فإن جهلوا أو تحيروا أو سألوا ونحو هذا فقل الله انتهى، ولا يحتاج إلى هذا التقدير لأن الكلام مستغن عنه.
{ثم ذرهم في خوضهم يلعبون} أي في باطلهم الذي يخوضون فيه ويقال لمن كان في عمل لا يجدي عليه إنما أنت لاعب و{يلعبون} حال من مفعول ذرهم أي من ضمير {خوضهم} و{في خوضهم} متعلق ب {ذرهم} أو ب {يلعبون} أو حال من {يلعبون} وظاهر الأمر أنه موادعة فيكون منسوخًا بآيات القتال وإن جعل تهديدًا أو وعيدًا خاليًا من موادعة فلا نسخ. اهـ.

.من فوائد أبي السعود في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَمَا قَدَرُواْ الله} لما بيَّن شأنَ القرآنِ العظيم وأنه نعمةٌ جليلةٌ منه تعالى على كافة الأمم حسبما نطَقَ به قولُه تعالى: {وَمَا أرسلناك إِلاَّ رَحْمَةً للعالمين} عقّب ذلك ببيان غمْطِهم إياها، وكفرِهم بها على وجْهٍ سرَى ذلك إلى الكفر بجميع الكتب الإلهية، وأصلُ القدْر السبْرُ والحزْرُ، يقال: قدَر الشيء يقدرُه بالضم قدْرًا إذا سبَره وحزَره ليعرِف مقداره ثم استُعمل في معرفة الشيء في مقداره وأحوالِه وأوصافِه.
وقوله تعالى: {حَقَّ قَدْرِهِ} نُصب على المصدرية، وهو في الأصل صفةٌ للمصدر أي قدْرَه الحقَّ، فلما أضيف إلى موصوفه انتصبَ على ما كان ينتصبُ عليه موصوفُه، أي ما عرفوه تعالى حقَّ معرفتِه في اللُطف بعباده والرحمةِ عليهم، ولم يُراعوا حقوقَه تعالى في ذلك، بل أخلّوا بها إخلالًا {إِذْ قَالُواْ} منكرين لبِعثة الرسلِ وإنزالِ الكتُب كافرين بنعمته الجليلةِ فيهما {مَا أَنزَلَ الله على بَشَرٍ مّن شيء} فنفى معرفتَهم لقَدْره سبحانه كنايةً عن حطِّهم لقدرِه الجليل ووصفهم له تعالى بنقيضِ نعتِه الجميل كما أن نفيَ المحبةِ في مثل {إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الكافرين} كنايةٌ عن البغض والسُخط، وإلا فنفيُ معرفةِ قدرِه تعالى يتحقق مع عدم التعرُّض لحطِه، بل مع السعْي في تحصيل المعرفةِ كما في قول مَن يناجي مستقصِرًا لمعرفته وعبادته: سبحانك ما عرَفناك حقَّ معرفتِك، وما عبدناك حقَّ عبادتك. أو ما عرفوه حقَّ معرفتِه في السُخط على الكفار وشدّةِ بطشِه تعالى بهم حسْبما نطقَ به القرآنُ حين اجترأوا على التفوُّه بهذه العظيمةِ الشنعاءِ، فالنفيُ بمعناه الحقيقي والقائلون هم اليهودُ وقد قالوه مبالغةً في إنكار إنزالِ القرآنِ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُلزِموا بما لا سبيلَ إلى إنكاره أصلًا حيث قيل: {قُلْ مَنْ أَنزَلَ الكتاب الذي جَاء بِهِ موسى} أي قل لهم ذلك على طريقة التبكيت وإلقامِ الحجر.