فصل: تفسير الآية رقم (95):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وَكَأنَّمَا أقِصُ الإكَامَ عَشِيَّةً ** بِقَريبِ بَيْنِ المَنْسِمَيْنِ مُصَلَّمِ

وقال مهلهل: [الوافر]
كَأنَّ رِمَاحَنَا أشْطَانُ بِئْرٍ ** بَعِيدَةِ بَيْنِ جَالَيْهَا جَرُورِ

فقد استعمل في هذه المواضع كلها مُضَافًا إليه متصرّفًا فيه، فكذا هنا، ومثله قوله:
[الطويل]
-.................. ** وَجِلْدَةُ بَيْنِ الأنْفِ والعَيْنِ سَالِمُ

وقوله في ذلك: [البسيط]
-................. ** إلاَّ قَرَابَةُ بَيْنِ الزَّنْجِ والرُّومِ

وقول القائل في ذلك: [الطويل]
وَلَمْ يَتْرُكِ النَّبْلُ المُخَالِفُ بَيْنُهَا ** أخًا لاَحَ قَدْ يُرْجَى وَمَا ثَوْرَةُ الهِنْدِ

يروى برفع {بينهما} وفتح على أنها فعل لمُخَالف، وإنما بُنِيَ لإضافتِهِ إلى ذلك ومثله في ذلك: أمام ودون، كقوله: [الكامل]
فَغَدَتْ كِلاَ الفَرْجَيْنِ تَحْسِبُ أنَّهُ ** مَوْلَى المخَافَةِ خَلْفُهَا وأمَامُهَا

برفع أمام، كقول القائل في ذلك: [الطويل]
ألَمْ تَرَ أنِّي قَدْ حَمَيْتُ حَقِقَتِي ** وبَاشَرْتُ حَدَّ والمَوْتِ والمَوْتُ دُونُهَا

برفع دون.
الثاني: أن بين اسم غير ظَرْفٍ، وإنم منعناها الوَصْل، أي: لقد تقطَّع وصلكم.
ثم للناس بعد ذلك عبارتان تؤذن بأن بَيْنَ مصدر بان يبينُ بَيْنًا بمعنى بَعْدَ، فيكون من الأضْدَاد، أي: إنه مشترك اشتراكًا لفظيًا يستعمل للوصل والفراق كالجون للأسود، والأبيض، ويعزى هذا لأبي عمرو، وابن جني، والمهدوي، والزهري، وقال أبو عبيدة: وكان أبو عمرو يقول: معنى {تقطع بينكم} تقطع فصارت هنا اسمًا بغير أن يكون معها ما.
قوال الزجاج: والرفع أجود، ومعناه: لقد تقطع وصلكم، فقد أطلق هؤلاء أن بين بمعنى الوصل، والأصل في الإطلاق الحقيقة، إلا ان ابن عطية طعن فيه، وزعم أنه لم يسمع من العرب البَيْن بمعنى الوَصْل، وإنما انتزع ذلك من هذه الآية الكريمة، لو أنه أري بالبين الافْتِرَاقُ، وذلك عن الأمر البعيد، والمعنى: لقد تقطعت المسافةُ بينكن لطولها، فعبر عن ذلك بالبين.
قال شهاب الدين: فظاهر كلام ابن عطية يُؤذِنُ بأنه فهم أنها بمعنى الوَصْل حقيقة، ثم ردَّهُ بكونه لم يسمع من العرب، وهذا منه غير مرضٍ، لأن أبا عمرو وأبا عبيد وابن جني، والزهراوي، والمهدوي، والزجاج أئمة يقبل قولهم.
وقوله: وإنما انتزع من هذه الآية ممنوع، بل ذلك مفهوم من لُغَةِ العرب، ولم لم يكن مَنْ نقلها إلا أبو عمرو لكفى به، وعبارته تُؤذِنُ بأنه مجازٌ، ووجه المجاز كما قال وصداقَةٌ صارت لاستعمالها في هذه المواضع بمعنى الوَصْلةِ، وعلى خلاف الفُرْقَةِ، فلهذا جاء: لَقَدْ تَقَطَّع وَصْلكُم وإذا تَقدَّرَ هذا، فالقول بكونه مجازًا أولى من القول بكونه مشتركًا؛ لأنه متى تعارضَ الاشتراك والمجاز، فالمجاز خير منه عند الجمهور.
وقال أبو علي أيضًا: وَيُدلُّ على أن هذا المرفوع هو الذي استعمل ظرفًا أنه لا يخلو من أن يكون الذي هو مَصْدَرٌ، فلا يجوز أن يكون هذا القِسْم؛ لأن التَّقدير يصير: لقد تقطَّع اقْتِرَاقكم، وهذا خلاف المقصد، والمعنى أي: ألا ترى أن المراد وَصْلُكُمْ، وما كُنْتُم تتآلَفُون عليه.
فإن قلت: كيف جَازَ أن يكون بِمَعْنى: الوَصْلِ، وأصله: الافْتِرَاقُ، والتَّبَايُنُ.
قيل: إنه لما استُعمل مع الشَّيْئَيْنِ المُتلابسيْنِ في نحو: بيْنِي وبيْنَك شَرِكَة فذكر ما تقدَّم عنه من وَجْهِ المجازِ.
وأجاز أبو عُبَيْدَة، والزَّجَّاج، وجماعة: قراءة الرفع، قال أبو عبيدة: وكذلك يَقْرؤُها بالرفع؛ لأنَّا قد وَجدنا العرب تجعل بَيْنَ اسمًا من غَيْر مَا، ويُصدِّقُ ذلك قوله تعالى: {بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا} [الكهف: 61] فجعل بَيْنَ اسمًا من غير ما، وكذلك قوله- تبارك وتعالى: {هذا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78] قال: وقد سَمِعْنَاهُ في غير موضع من أشْعارِهَا ثمَّ ذكر ما ذركته عن ابني عمرو بن العلاء، ثمَّ قال: وقرأها الكسَائيُّ نصبًا وكان يعتبرها بحرف عبد الله: لقد تقطَّع ما بينكم.
وقال الزَّجَّاج: والرَّفْع أجودن والنَّصْب جَائِز، والمعنى: لقد تقطَّع ما كان من الشَّركة بَيْنكم.
الثالث: أن هذا الكلام مَحْمُولٌ على مَعْنَاه؛ إذ المعنى: لقد تَفَرَّقَ جَمْعُكُم وتشتت، وهذا لا يَصْلُح أن يكون تفسير إعرابٍ.
قوله: {مَا كُنتُمْ} {ما} يجوز أن تكون مَوْصولةً اسميَّةً، أو نكرة موصوفة، أو مصدريَّة، والعائد على الوجْهَيْن الأوَّلَيْن محذوفٌ، بخلاف الثُّالِث فالتَّقْدِير: تزعمونَهُم شُرَكَاءَ أو شُفَعَاء؛ فالعَائِد هو المفعُول الأوّل، وشركاء هو الثُّاني؛ فالمَفْعُولان مَحْذُوفانِ اختصارًا؛ للدلالةِ عليهما إن قُلْنَا: إنَّ ما موصولة اسميَّة، أو نكرة موصُوفَةً، ويجُوز أن يكون الحَذْفُ اختصارًا؛ إن قلنا: إنَّها مصدريَّة؛ لأن المصدريَّة لا تحتاج إلى عائد، بخلاف غيرها، فإنَّها تَفْتَقِرُ إلى عائدٍ، فلابد من الالتِفَاتِ إلَيْه، وحينئذ يَلْزَمُ تَقْديرُ المفعُول الثُّاني، ومن الحذف اختصارًا: [الطويل]
بأيِّ كِتَاب أمْ بأيَّةِ سُنَّةٍ ** تَرَى حُبُّهُمْ عَارًا عليَّ وتَحْسِبُ؟

أي: تحسب حُبَّهُم عارًا عليَّ. اهـ. باختصار.

.تفسير الآية رقم (95):

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

.قال البقاعي:

ولما ثبتت الوحدانية والنبوة والرسالة وتقاريع من تقاريعها، وانتهى الكلام هنا إلى ما تجلى به مقام العظمة، وانكشف له قناع الحكمة وتمثل نفوذ الكلمة، فتهيأ السامع لتأمله، وتفرع فهمه لتدبره؛ قال دالًا عليه مشيرًا إليه، معلمًا أن ما مضى أنتجه وأظهره لابد وأبرزه، مذكرًا بآياته {والذين يؤمنون بالآخرة} وبمحاجة إبراهيم عليه السلام، مصرفًا ما مضى أول السورة من دلائل الوحدانية على أوجه أخرى، إعلامًا بأن دلائل الجلال تفوق عدد الرمال، وتنبيهًا على أن القصد بالذات معرفة الله تعالى بذاته وصفاته: {إن الله} أي الذي له جميع صفات الكمال، فهو قادر على كل ما يريد {فالق الحب} أي فاطره وشاقه عن الزروع والنبات، وعبر بذلك لأن الشيء قبل وجوده كان معدومًا، والعقل يتوهم ويتخيل من العدم ظلمة متصلة، فإذا خرج من العدم المحض والفناء الصرف فكأنه بحسب التخيل والتوهم شق ذلك العدم {والنوى} أي وهو ما يكون داخل الثمار المأكولة كالتمر، ولا يكون مقصودًا لذاته بفلقها عن الأشجار، وفي ذلك حكم وأسرار تدق عن الأفكار، وتدل على كمال الواحد المختار؛ قال الإمام الرازي ما حاصله: إن النواة والحبة تكون في الأرض الرطبة مدة، فيظهر الله فيها شقًا في أعلاها وآخر في أسفلها، وتخرج الشجرة من الأعلى فتعلو وتهبط من الأسفل شجرة أخرى في أعماق الأرض، هي العروق، وتلك الحبة أو النواة سبب واصل بين الشجرتين: الصاعدة والهابطة، فيشهد الحس والعقل بأن طبع الصاعدة والهابطة متعاكس، وليس ذلك قطعًا بمقتضى الطبع والخاصية، بل بالإيجاد والاختراع والتكوين والإبداع، ولا شك أن العروق الهابطة في غاية اللطافة والرقة بحيث لو دلكت باليد بأدنى قوة صارت كالماء، وهي مع ذلك تقوى على النفوذ في الأرض الصلبة التي لا ينفذ فيها المسلّة والسكين الحادة إلا بإكراه عظيم، فحصول هذا النفوذ لهذه الأجرام اللطيفة لا يكون قطعًا إلا لقوة الفاعل المختار، لاسيما إذا تأملت ظهور شجرة من نواة صغيرة، ثم تجمع الشجرة طبائع مختلفة في قشرها ثم فيما تحته من جرم الخشبة، وفي وسط تدوير الخشبة جرم ضعيف كالعهن المنفوش، ثم يتولد من ساقها أغصانها، ومن الأغصان أوراقها أولًا ثم أنوارها وأزهارها ثانيًا، ثم الفاكهة ثالثًا، ثم قد يحصل للفاكهة أربعة أنواع من القشور، مثل الجوز واللوز قشره الأعلى ذلك الجرم الأخضر، وتحته القشر الذي كالخشب، وتحته القشر الذي كالغطاء الرقيق المحيط باللبة، وتحته اللب المشتمل على جرم كثيف هو أيضًا كالقشرة، وعلى جرم لطيف هو الزهر، وهو المقصود بالذات، فتولدُ هذه الأجسام المختلفة طبعًا وصفة ولونًا وشكلًا وطعمًا مع تساوي تأثيرات الطبائع والنجوم والعناصر والفصول الأربعة دال على القادر المختار بتلوه في الفرحة، وقد تجتمع الطبائع الأربعة في الفاكهة الواحدة كالأترج قشره حار يابس ونوره حار يابس، وكذلك العنب قشره وعجمه يابس حار رطب مع أنك تجد أحوالها مختلفة، بعضها لبه في داخله وقشره في خارجه كالجوز واللوز، وبعضها يكون المطلوب منه في الخارج وخشبه في الداخل كالخوخ والمشمش، وبعضه لا لب لنواه كالتمر، وبعضه يكون كله مطلوبًا كالتين، واختلاف هذه الطبائع والأحوال المتضادة والخواص المتنافرة حتى في الحبة الواحدة لا يكون عن طبيعة، بل عن الواحد المختار، والحبوب مختلفة الألوان والأشكال والصور، فشكل الحنطة كأنه نصف مخروط، وشكل الشعير كأنه مخروطان اتصلا بقاعدتيهما وشكل الحمص على وجه آخر، وأودع سبحانه في كل نوع منها خاصية ومنفعة غير ما في الآخر، وقد تكون الثمرة غذاء لحيوان وسمًّا لحيوان آخر، فهذا الاختلاف مع اتحاد الطبائع وتأثيرات الكواكب دالّ على أنها إنما حصلت بالفاعل المختار، ثم إنك تجد في ورقة الشجرة خطًا في وسطها مستقيمًا نسبته لتلك الورقة نسبة النخاع إلى بدن الإنسان، ينفصل عنه خيوط مختلفة، وعن كل واحد منها خيوط أخرى أدق من الأولى، ولا يزال على هذا النهج حتى تخرج الخيوط عن الحس والبصر، كما أن النخاع يتفصل منه أعصاب كثيرة يمنة ويسرة في البدن، ثم لا يزال يتفصل عن كل شعبة أخرى، ولا يزال يستدق حتى تلطف عن الحس، فعل سبحانه ذلك في الورقة لتقوى القوى المذكورة في جرم تلك الورقة على جذب الأجزاء اللطيفة الأرضية في تلك المجاري الضيقة، فهذا يعلمك أن عنايته سبحانه في اتخاذ جملة تلك الشجرة أكمل، فعنايته في تكوين جملة النبات أكمل، وهو إنما خلق جملة النبات لمصلحة الحيوان فعنايته في تخليق الحيوان أكمل، والمقصود من تخليق جملة الحيوان هو الإنسان فعنايته في تخليقه أكمل، وهو سبحانه إنما خلق الحيوان والنبات في هذا العالم ليكون غذاء ودواء للإنسان بحسب جسده، والمقصود من جسده حفظ تركيبه لأجل المعرفة والمحبة والعبودية، فسبيلك أن تنظر في ورقة الشجرة وتتأمل في تلك الأوتار ثم تترقى منها إلى أوج تخليق الشجرة ثم إلى ما فوقها رتبة رتبة لتعلم أن المقصود الأخير منها حصول المعرفة والمحبة في الأرواح البشرية، وحينئذ ينفتح لك باب من المكاشفات لا آخر له، ويظهر لك أن نعم الله في خلقك غير متناهية {وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها} [إبراهيم: 34]- والله الهادي.
ولما كان فلقهما عن النبات من جنس الإحياء لما فيه من النمو فسر معنى الفلق وبينه إشارة إلى الاعتناء به وقتًا بعد وقت بقوله: {يخرج} أي على سبيل التجدد والاستمرار تثبيتًا لأمر البعث {الحي} أي كالنجم والشجر والطير والدواب {من الميت} من الحب والنوى والبيض والنطف فكيف تنكرون قدرته على البعث؛ ولما انكشف معناه وبان مغزاه بإخراج الأشياء من أضدادها لئلا يتوهم- لو كان لا يخرج عن شيء إلا مثله- أن الفاعل الطبيعة والخاصية، عطف على {فالق} زيادة في البيان قوله معبرًا باسم الفاعل الدال على الثبات لأنه لا منازعة لهم فيه، فلم تدع حاجة إلى التعبير بالفعل الدال على التجدد: {ومخرج الميت} أي من الحب وما معه {من الحي} أي من النجم وما معه.
ولما تقررت له سبحانه هذه الأوصاف التي لا قدرة أصلًا لأحد غيره على شيء منها، قال منبهًا لهم على غلطهم في إشراكهم، إعلامًا بأن كل شريك ينبغي أن يساوي شريكه في شيء ما من الأمر المشرك فيه، ولا مكافئ له سبحانه وتعالى في شيء من الأشياء فلا شريك له بوجه: {ذلكم} أي العالي المراتب المنيع المراقي هو {الله} أي المستجمع لصفات الكمال وحده فلا يحق الإلهية إلا له؛ ولما كان هذا معنى الكلام، سبب عنه قوله: {فأنَّى} أي فكيف ومن أيّ وجه {تؤفكون} أي تصرفون وتقلبون عما ينبغي اعتقاده. اهـ.

.قال الفخر:

اعلم أنه تعالى لما تكلم في التوحيد ثم أردفه بتقرير أمر النبوة، ثم تكلم في بعض تفاريع هذا الأصل، عاد هاهنا إلى ذكر الدلائل الدالة على وجود الصانع، وكمال علمه وحكمته وقدرته تنبيهًا على أن المقصود الأصلي من جميع المباحث العقلية والنقلية، وكل المطالب الحكمية إنما هو معرفة الله بذاته وصفاته وأفعاله. اهـ.

.اللغة:

{فالق} الفلق: الشق، وانفلق الصبح انشق.
{سكنا} السكن ما يسكن إليه الإنسان ويانس به، والسكن: الرحمة.
{حسبانا} أي بحساب، قال الزمخشري: الحسبان مصدر حسب كما أن الحسبان مصدر حسب ونظيره الكفران والشكران.
{متراكبا} بعضه فوق بعض.
{قنوان} جمع قنو وهو العذق أي عنقود النخلة.
{وينعه} أي نضجه وإدراكه يقال: ينعت الشجرة وأينعت إذا نضجت.
{خرقوا} اختلقوا كذبا وإفكا.
{بديع} مبدع وهو الخالق على غير مثال سابق، والإبداع الإتيان بشيء لم يسبق إليه، ولهذا يقال لمن أتى في فن من الفنون لم يسبقه فيه غيره: إنه أبدع.
{نصرف} التصريف: نقل الشيء من حال الى حال. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

وفي قوله: {فَالِقُ الحب والنوى} قولان:
القول الأول: وهو مروي عن ابن عباس وقول الضحاك ومقاتل: {فَالِقُ الحب والنوى} أي خالق الحب والنوى.
قال الواحدي: ذهبوا بفالق مذهب فاطر، وأقول: الفطر هو الشق، وكذلك الفلق، فالشيء قبل أن دخل في الوجود كان معدومًا محضًا ونفيًا صرفًا، والعقل يتصور من العدم ظلمة متصلة لا انفراج فيها ولا انفلاق ولا انشقاق، فإذا أخرجه المبدع الموجد من العدم إلى الوجود، فكأنه بحسب التخيل والتوهم شق ذلك العدم وفلقه.
وأخرج ذلك المحدث من ذلك الشق.