فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الألوسي:

والصلاة في الأصل عند بعض بمعنى الدعاء ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب وإن كان صائمًا فليصل» وهي عند أهل الشرع مستعملة في ذات الأركان لأنها دعاء بالألسنة الثلاثة الحال والفعل والمقال، والمشهور في أصول الفقه أن المعتزلة على أن هذه وأمثالها حقائق مخترعة شرعية لأنها منقولة عن معان لغوية والقاضي أبو بكر منا على أنها مجازات لغوية مشهورة لم تصر حقائق وجماهير الأصحاب على أنها حقائق شرعية عن معان لغوية.
وقال أبو علي ورجحه السهيلي الصلاة من الصلوين لعرقين في الظهر لأن أول ما يشاهد من أحوالها تحريكهما للركوع واستحسنه ابن جني وسمى الداعي مصليًا تشبيهًا له في تخشعه بالراكع الساجد.
وقيل أخذت الصلاة من ذاك لأنها جاءت ثانية للإيمان فشبهت بالمصلى من الخيل للآتي مع صلوى السابق وأنكر الإمام الاشتقاق من الصلوين مستندًا إلى أن الصلاة من أشهر الألفاظ فاشتقاقها من غير المشهور في غاية البعد وأكاد أوافقه وإن قيل إن عدم الاستشهار لا يقدح في النقل وقيل من صليت العصا إذا قومتها بالصلي، فالمصلي كأنه يسعى في تعديل ظاهره وباطنه مثل ما يحاول تعديل الخشبة بعرضها على النار وهي فعل بفتح العين على المشهور وجوز بعضهم سكونها فتكون حركة العين منقولة من اللام وقد اتفقت المصاحف على رسم الواو مكان الألف في مشكوة ونجاة ومناة وصلاة وزكاة وحياة حيث كن موحدات مفردات محلات باللام وعلى رسم المضاف منها كصلاتى بالألف وحذفت من بعض المصاحب العثمانية، واتفقوا على رسم المجموع منها بالواو على اللفظ قال الجعبري: ووجه كتابة الواو الدلالة على أن أصلها المنقلبة عنه واو وهو اتباع للتفخيم وهذا معنى قول ابن قتيبة بعض العرب يميلون الألف إلى الواو ولم أختر التعليل به لعدم وقوعه في القرآن العظيم وكلام الفصحاء والمراد بالصلاة هنا الصلاة المفروضة وهي الصلوات الخمس كما قاله مقاتل أو الفرائض والنوافل كما قاله الجمهور والأول هو المروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وادعى الإمام أنه هو المراد لأنه الذي يقع عليه الفلاح لأنه صلى الله عليه وسلم لما بين للأعرابي صفة الصلاة المفروضة قال: والله لا أزيد عليها ولا أنقص منها فقال عليه الصلاة والسلام: «أفلح الأعرابي إن صدق». اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَيُقِيمُونَ الصلاة} معطوف جملة على جملة.
وإقامة الصلاة أداؤها بأركانها وسننها وهيئاتها في أوقاتها؛ على ما يأتي بيانه.
يقال: قام الشيء أي دام وثبت؛ وليس من القيام على الرِّجْل؛ وإنما هو من قولك: قام الحق أي ظهر وثبت؛ قال الشاعر:
وقامت الحرب بنا على ساق

وقال آخر:
وإذا يقال أتيتُم لم يبرحوا ** حتى تُقيم الخيلُ سُوقَ طِعانِ

وقيل: {يقيمون} يديمون، وأقامه أي أدامه؛ وإلى هذا المعنى أشار عمر بقوله: من حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضَيّعها فهو لما سواها أضيع.
الخامسة: إقامة الصلاة معروفة؛ وهي سنة عند الجمهور، وأنه لا إعادة على تاركها.
وعند الأوزاعي وعطاء ومجاهد وابن أبي ليلى هي واجبة وعلى من تركها الإعادة؛ وبه قال أهل الظاهر، وروي عن مالك، واختاره ابن العربي قال: لأن في حديث الأعرابي: وأقم فأمره بالإقامة كما أمره بالتكبير والاستقبال والوضوء.
قال: فأما أنتم الآن وقد وقفتم على الحديث فقد تعيّن عليكم أن تقولوا بإحدى روايتي مالك الموافقة للحديث وهي أن الإقامة فرض.
قال ابن عبد البر قوله صلى الله عليه وسلم: «وتحريمها التكبير» دليل على أنه لم يَدخل في الصلاة من لم يُحْرِم، فما كان قبل الإحرام فحكمه ألا تعاد منه الصلاة إلا أن يجمعوا على شيء فيسلم للاجماع كالطهارة والقبلة والوقت ونحو ذلك.
وقال بعض علمائنا: مَن تركها عمدًا أعاد الصلاة، وليس ذلك لوجوبها إذ لو كان ذلك لاستوى سهوها وعمدها، وإنما ذلك للاستخفاف بالسنن، والله أعلم.

.فائدة: في حكم الإسراع إلى الصلاة:

واختلف العلماء فيمن سمع الإقامة هل يُسرع أوْ لا؟ فذهب الأكثر إلى أنه لا يسرع وإن خاف فوت الركعة لقوله عليه السلام: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تَسعَون وأتوها تمشون وعليكم السكِينة فما أدركتم فصَلُّوا وما فاتكم فأتِمُّوا» رواه أبو هريرة أخرجه مسلم.
وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ثُوّب بالصلاة فلا يَسْعَ إليها أحدكم ولكن لِيمْشِ وعليه السَّكِينة والوقار صَلِّ ما أدركت واقض ما سبقك» وهذا نص.
ومن جهة المعنى أنه إذا أسرع انبهر فشوّش عليه دخوله في الصلاة وقراءتها وخشوعها.
وذهب جماعة من السلف منهم ابن عمر وابن مسعود على اختلاف عنه أنه إذا خاف فواتها أسرع.
وقال إسحاق: يسرع إذا خاف فوات الركعة؛ وروي عن مالك نحوه، وقال: لا بأس لمن كان على فرس أن يحرّك الفرس؛ وتأوّله بعضهم على الفرق بين الماشي والراكب؛ لأن الراكب لا يكاد أن ينبهر كما ينبهر الماشي.
قلت: واستعمال سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حال أولى، فيمشي كما جاء الحديث وعليه السكينة والوقار؛ لأنه في صلاة ومحال أن يكون خبره صلى الله عليه وسلم على خلاف ما أخبر؛ فكما أن الداخل في الصلاة يلزم الوقار والسكون كذلك الماشي، حتى يحصل له التشبه به فيحصل له ثوابه.
ومما يدل على صحة هذا ما ذكرناه من السنة، وما خرّجه الدّارمي في مسنده قال: حدّثنا محمد بن يوسف قال حدّثنا سفيان عن محمد بن عجلان عن المقبري عن كعب بن عُجْرَة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا توضأت فعمدت إلى المسجد فلا تُشَبِّكَنّ بين أصابعك فإنك في صلاة» فمنع صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وهو صحيح مما هو أقل من الإسراع وجعله كالمصلّي؛ وهذه السنن تبيّن معنى قوله تعالى: {فاسعوا إلى ذِكْرِ الله} [الجمعة: 9] وأنه ليس المراد به الاشتداد على الأقدام، وإنما عنى العمل والفعل؛ هكذا فسره مالك.
وهو الصواب في ذلك والله أعلم.

.فائدة: في تأويل قوله عليه السلام: «وما فاتكم فأتِمُّوا»، وقوله: «واقض ما سبقك»:

واختلف العلماء في تأويل قوله عليه السلام: «وما فاتكم فأتِمُّوا» وقوله: «واقض ما سبقك» هل هما بمعنىً واحد أوْ لا؟ فقيل: هما بمعنىً واحد وأن القضاء قد يطلق ويراد به التمام، قال الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصلاة} [الجمعة: 10] وقال: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَّنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200].
وقيل: معناهما مختلف وهو الصحيح؛ ويترتب على هذا الخلاف خلاف فيما يدركه الداخل هل هو أوّل صلاته أو آخرها؟ فذهب إلى الأوّل جماعة من أصحاب مالك منهم ابن القاسم ولكنه يقضي ما فاته بالحمد وسورة، فيكون بانيًا في الأفعال قاضيًا في الأقوال.
قال ابن عبد البر: وهو المشهور من المذهب.
وقال ابن خُوَيْزْ مَنْدَاد: وهو الذي عليه أصحابنا، وهو قول الأوزاعي والشافعي ومحمد بن الحسن وأحمد بن حنبل والطبري وداود بن عليّ.
وروى أشهب وهو الذي ذكره ابن عبد الحكم عن مالك، ورواه عيسى عن ابن القاسم عن مالك، أن ما أدرك فهو آخر صلاته، وأنه يكون قاضيًا في الأفعال والأقوال؛ وهو قول الكوفيين.
قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب: وهو مشهور مذهب مالك.
قال ابن عبد البر: من جعل ما أدرك أوّلَ صلاته فأظنهم راعوا الإحرام؛ لأنه لا يكون إلا في أوّل الصلاة، والتشهد والتسليم لا يكون إلا في آخرها؛ فمن هاهنا قالوا: إن ما أدرك فهو أوّل صلاته، مع ما ورد في ذلك من السنة من قوله: «فأتموا» والتمام هو الآخر.
واحتج الآخرون بقوله: «فاقضوا» والذي يقضيه هو الفائت، إلا أن رواية من روى «فأتموا» أكثر، وليس يستقيم على قول من قال: إن ما أدرك أوّل صلاته ويطرد، إلا ما قاله عبد العزيز بن أبي سَلَمة الماجِشُون والمزني وإسحاق وداود من أنه يقرأ مع الإمام بالحمد وسورة إن أدرك ذلك معه؛ وإذا قام للقضاء قرأ بالحمد وحدها؛ فهؤلاء اطرد على أصلهم قولهم وفعلهم؛ رضي الله عنهم.
الثامنة: الإقامة تمنع من ابتداء صلاة نافلة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» خرّجه مسلم وغيره؛ فأما إذا شرع في نافلة فلا يقطعها؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تبطلوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وخاصة إذا صلى ركعة منها.
وقيل: يقطعها لعموم الحديث في ذلك. والله أعلم.

.فائدة: فيمن دخل المسجد ولم يكن ركع ركعتي الفجر ثم أقيمت الصلاة:

واختلف العلماء فيمن دخل المسجد ولم يكن ركع ركعتي الفجر ثم أقيمت الصلاة؛ فقال مالك: يدخل مع الإمام ولا يركعهما؛ وإن كان لم يدخل المسجد فإن لم يخف فوات ركعة فليركع خارج المسجد، ولا يركعهما في شيء من أفنية المسجد التي تصلَّى فيها الجمعة اللاصقة بالمسجد؛ وإن خاف أن تفوته الركعة الأولى فليدخل وليصل معه؛ ثم يصليهما إذا طلعت الشمس إن أحب؛ وَلأنْ يصلّيهما إذا طلعت الشمس أحبّ إليّ وأفضل من تركهما.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن خشي أن تفوته الركعتان ولا يدرك الإمام قبل رفعه من الركوع في الثانية دخل معه، وإن رجا أن يدرك ركعة الفجر خارج المسجد، ثم يدخل مع الإمام.
وكذلك قال الأوزاعي؛ إلا أنه يجوِّز ركوعهما في المسجد ما لم يخف فوت الركعة الأخيرة.
وقال الثوري: إن خشي فوت ركعة دخل معهم ولم يصلهما وإلا صلاهما وإن كان قد دخل المسجد.
وقال الحسن بن حَيّ ويقال ابن حَيَان: إذا أخذ المقيم في الإقامة فلا تطوّع إلا ركعتي الفجر.
وقال الشافعي: من دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة دخل مع الإمام ولم يركعهما لا خارج المسجد ولا في المسجد وكذلك قال الطبري وبه قال أحمد بن حنبل وحكي عن مالك؛ وهو الصحيح في ذلك؛ لقوله عليه السلام: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» وركعتا الفجر إمّا سنة، وإمّا فضيلة، وإمّا رَغِيبة؛ والحجة عند التنازع حجة السُّنة.
ومن حجة قول مالك المشهور وأبي حنيفة ما روي عن ابن عمر أنه جاء والإمام يصلي صلاة الصبح فصلاهما في حُجرة حفصة، ثم إنه صلى مع الإمام.
ومن حجة الثَوْري والأوزاعي ما روي عن عبد اللَّه بن مسعود أنه دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة فصلي إلى أُسْطُوَانة في المسجد ركعتي الفجر، ثم دخل الصلاة بمحضر من حذيفة وأبي موسى رضي الله عنهما.
قالوا: وإذا جاز أن يشتغل بالنافلة عن المكتوبة خارج المسجد جاز له ذلك في المسجد، روى مسلم عن عبد اللَّه بن مالك ابن بُحَيْنَة قال: أقيمت صلاة الصبح فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يصلي والمؤذن يقيم، فقال: «أتصلي الصبح أربعًا» وهذا إنكار منه صلى الله عليه وسلم على الرجل لصلاته ركعتي الفجر في المسجد والإمام يصلي، ويمكن أن يستدل به أيضًا على أن ركعتي الفجر إن وقعت في تلك الحال صَحّت؛ لأنه عليه السلام لم يقطع عليه صلاته مع تمكنه من ذلك، والله أعلم.
العاشرة: الصلاة أصلها في اللغة الدعاء، مأخوذة من صَلّى يصلّي إذا دعا؛ ومنه قوله عليه السلام: «إذا دُعي أحدكم إلى طعام فليُجِب فإن كان مفطرًا فليطعم وإن كان صائمًا فليُصَلّ» أي فليدْعُ.
وقال بعض العلماء: إن المراد الصلاة المعروفة، فيصلي ركعتين وينصرف؛ والأوّل أشهر وعليه من العلماء الأكثر.
ولما وَلدت أسماءُ عبد اللَّه بن الزبير أرسلته إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ قالت أسماء: ثم مسحه وصلّى عليه، أي دعا له.
وقال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] أي ادع لهم.
وقال الأعشى:
تقول بِنْتي وقد قَرُبتُ مرتحلًا ** يا ربّ جنّب أبي الأوْصاب والوَجَعَا

عليكِ مثلَ الذي صلّيتِ فاغْتمِضِي ** نومًا فإن لجَنْبِ المرء مُضطجَعَا

وقال الأعشى أيضًا:
وقابلها الرّيح في دَنِّها ** وصلَّى على دَنِّها وارتْسَمْ

ارتسم الرجل: كبّر ودعا؛ قاله في الصحاح.
وقال قوم: هي مأخوذة من الصَّلا وهو عِرْق في وسط الظهر ويفترق عند العَجْب فيكتنفه؛ ومنه أُخذ المُصَلَّي في سبق الخيل؛ لأنه يأتي في الحَلْبة ورأسه عند صَلْوَى السابق؛ فاشتقت الصلاة منه، إمّا لأنها جاءت ثانية للإيمان فشبهت بالمُصَلِّى من الخيل، وإما لأن الراكع تثنى صَلَوَاه.
والصَّلا: مَغْرِز الذَّنَب من الفرس، والاثنان صلوان.
والمُصَلّى: تالي السابق؛ لأن رأسه عند صَلاه.
وقال عليّ رضي الله عنه: سَبَقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وصَلَّى أبو بكر وثَلّث عمر.
وقيل: هي مأخوذة من اللزوم؛ ومنه صَلِي بالنار إذا لزمها؛ ومنه {تصلى نَارًا حَامِيَةً} [الغاشية: 4].
قال الحارث بن عُبَاد:
لم أكن من جُنَاتِها علم اللّه ** وإنّي بحرّها اليومَ صالِ

أي ملازم لحرّها؛ وكأنّ المعنى على هذا ملازمة العبادة على الحدّ الذي أمر الله تعالى به.
وقيل: هي مأخوذة من صَلَيت العود بالنار إذا قوّمته وليّنته بالصّلاء.
والصِّلاء: صِلاء النار بكسر الصاد ممدود؛ فإن فتحت الصاد قَصَرْت، فقلت صَلا النار، فكأنّ المصلي يقوّم نفسه بالمعاناة فيها ويلين ويخشع؛ قال الخارزنجي:
فلا تعْجل بأمرك واستدمه ** فما صَلَّى عصاك كمستديمِ

والصلاة: الدعاء.
والصلاة: الرحمة؛ ومنه: «اللّهم صلّ على محمد» الحديث.
والصلاة: العبادة؛ ومنه قوله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ البيت} [الأنفال: 35] الآية؛ أي عبادتهم.
والصلاة: النافلة؛ ومنه قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصلاة} [طه: 132].
والصلاة التسبيح؛ ومنه قوله تعالى: {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين} [الصافات: 143] أي من المصلين.
ومنه سُبْحة الضحى.
وقد قيل في تأويل {نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} [البقرة: 30]: نصلّي.
والصلاة: القراءة؛ ومنه قوله تعالى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ} [الإسراء: 110] فهي لفظ مشترك.
والصلاة: بيت يصلّى فيه؛ قاله ابن فارس.
وقد قيل: إن الصلاة اسم عَلَم وضع لهذه العبادة؛ فإن الله تعالى لم يُخلِ زمانًا من شرع، ولم يُخلَ شرع من صلاة؛ حكاه أبو نصر القشيري.
قلت: فعلى هذا القول لا اشتقاق لها؛ وأما على قول الجمهور فقد اختلف الأصوليون هل هي مبقاة على أصلها اللغوي الوضعي الابتدائي، وكذلك الإيمان والزكاة والصيام والحج، والشرع إنما تصرف بالشروط والأحكام، أو هل تلك الزيادة من الشرع تصيرّها موضوعة كالوضع الابتدائي من قبل الشرع.
هنا اختلافهم والأوّل أصح؛ لأن الشريعة ثبتت بالعربية، والقرآن نزل بها بلسان عربي مبين؛ ولكن للعرب تحكُم في الأسماء، كالدابة وضعت لكل ما يدِب؛ ثم خصصها العرف بالبهائم؛ فكذلك لعرف الشرع تحكُّم في الأسماء، والله أعلم.