فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الألوسي:

{وجنات مّنْ أعناب} عطف على {نَبَاتَ كُلّ شيء} أي وأخرجنا به جنات كائنة من أعناب، وجعله الواحدي عطفًا على {خُضْرًا}.
وقال الطيبي: الأظهر أن يكون عطفًا على {حَبًّا} لأن قوله سبحانه: {نَبَاتَ كُلّ شيء} مفصل لاشتماله على كل صنف من أصناف النامي، والنامي الحب والنوى وشبههما.
وقوله سبحانه: {فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا} إلخ تفصيل لذلك النبات، وهو بدل من {فَأَخْرَجْنَا} الأول بدل اشتمال، وقيل: وهذا مبني على أن المراد بالنبات المعنى العام وحينئذٍ لا يحسن عطفه عليه لأنه داخل فيه وإن أريد ما لا ساق له تعين عطفه عليه لأنه غير داخل فيه وتعين أن يقدر لقوله سبحانه: {وَمِنَ النخل} فعل آخر كما أشير إليه فتدبر.
وقرأ أمير المؤمنين علي كرم الله تعالى وجهه وابن مسعود والأعمش ويحيى بن يعمر وأبو بكر عن عاصم {وجنات} بالرفع على الإبتداء أي ولكم أو ثم جنات أو نحو ذلك، وجوز الزمخشري أن يكون على العطف على {قنوان} قال في التقريب وفيه نظر لأنه إن عطف على ذلك فمن أعناب حينئذ إما صفة {جنات} فيفسد المعنى إذ يصير المعنى وحاصلة من النخيل جنات حصلت من أعناب، وإما خبر لجنات فلا يصح لأنه يكون عطفًا لها على مفرد ويكون المبتدأ نكرة فلا يصح، وفي الكشف أن الثاني بعيد الفهم من لفظ الزمخشري وإن أمكن الجواب بأن العطف على المخصص مخصص كما قال ابن مالك، واستشهد عليه بقوله:
عندي اصطبار وشكوى عند قاتلتي ** فهل بأعجب من هذا امرؤ سمعًا

والظاهر الأول لكنه عطف جملة على جملة ويقدر ومخرجة من الخضر أو من الكرم أو حاصلة جنات من أعناب دون صلته لأن التقييد لازم كما حقق في عطف المفرد وحده، ولا يخفى أن هذا تكلف مستغنى عنه، ولعل زيادة الجنات هنا كما قيل من غير اكتفاء بذكر اسم الجنس كما فيما تقدم وما تأخر لما أن الانتفاع بهذا الجنس لا يتأتى غالبًا إلا عند اجتماع طائفة من أفراده.
{والزيتون والرمان} نصب على الاختصاص لعزة هذين الصنفين عندهم أو على العطف على {نَبَاتُ}. اهـ.

.قال الفخر:

فيه مباحث: الأول: في تفسير {مُشْتَبِهًا} وجوه:
الأول: أن هذه الفواكه قد تكون متشابهة في اللون والشكل، مع أنها تكون مختلفة في الطعم واللذة، وقد تكون مختلفة في اللون والشكل، مع أنها تكون متشابهة في الطعم واللذة، فإن الأعناب والرمان قد تكون متشابهة في الصورة واللون والشكل.
ثم إنها تكون مختلفة في الحلاوة والحموضة وبالعكس.
الثاني: أن أكثر الفواكه يكون ما فيها من القشر والعجم متشابهًا في الطعم والخاصية.
وأما ما فيها من اللحم والرطوبة فإنه يكون مختلفًا في الطعم، والثالث: قال قتادة: أوراق الأشجار تكون قريبة من التشابه.
أما ثمارها فتكون مختلفة، ومنهم من يقول: الأشجار متشابهة والثمار مختلفة، والرابع: أقول إنك قد تأخذ العنقود من العنب فترى جميع حباته مدركة نضيجة حلوة طيبة إلا حبات مخصوصة منها بقيت على أول حالها من الخضرة والحموضة والعفوصة.
وعلى هذا التقدير: فبعض حبات ذلك العنقود متشابهة وبعضها غير متشابه.
والبحث الثاني: يقال: اشتبه الشيآن وتشابها كقولك استويا وتساويا، والافتعال والتفاعل يشتركان كثيرًا، وقرئ {متشابها وَغَيْرَ متشابه}.
والبحث الثالث: إنما قال مشتبهًا ولم يقل مشتبهين إما اكتفاء بوصف أحدهما، أو على تقدير: والزيتون مشتبهًا وغير متشابه والرمان كذلك كقوله:
رماني بأمر كنت منه ووالدي.. بريا ومن أجل الطوى رماني. اهـ.

.قال الألوسي:

وقوله سبحانه: {مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ متشابه} إما حال من {الزيتون} لسبقه اكتفى به عن حال ما عطف عليه والتقدير والزيتون مشتبهًا وغير متشابه والرمان كذلك، وإما حال من {الرمان} لقربه ويقدر مثله في الأول.
وأيًا ما كان ففي الكلام مضاف مقدر وهو بعض أي بعض ذلك مشتبهًا وبعضه غير متشابه في الهيئة والمقدار واللون والطعم وغير ذلك من الأوصاف الدالة على كمال قدرة صانعها وحكمة منشيها ومبدعها جل شأنه وإلا كان المعنى جميعه مشتبه وجميعه غير متشابه وهو غير صحيح.
ومن الناس من جوز كونه حالًا منهما مع التزام التأويل.
وافتعل وتفاعل هنا بمعنى كاستوى وتساوى.
وقرئ {والرمان متشابها وَغَيْرَ متشابه}. اهـ.

.قال الفخر:

فيه مباحث:
البحث الأول: قرأ حمزة والكسائي {ثَمَرِهِ} بضم الثاء والميم، وقرأ أبو عمرو {ثَمَرِهِ} بضم الثاء وسكون الميم والباقون بفتح الثاء والميم.
أما قراءة حمزة والكسائي: فلها وجهان:
الوجه الأول: وهو الأبين أن يكون جمع ثمرة على ثمر كما قالوا: خشبة وخشب.
قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ} [المنافقون: 4] وكذلك أكمة وأكم.
ثم يخففون فيقولون أكم.
قال الشاعر:
ترى الأكم فيها سجدًا للحوافر

والوجه الثاني: أن يكون جمع ثمرة على ثمار.
ثم جمع ثمارًا على ثمر فيكون ثمر جمع الجمع، وأما قراءة أبي عمرو فوجهها أن تخفيف ثمر ثمر كقولهم: رسل ورسل.
وأما قراءة الباقين فوجهها: أن الثمر جمع ثمرة، مثل بقرة وبقر، وشجرة وشجر، وخرزة وخرز.
والبحث الثاني: قال الواحدي: الينع النضج.
قال أبو عبيدة: يقال ينع يينع، بالفتح في الماضي والكسر في المستقبل.
وقال الليث: ينعت الثمرة بالكسر، وأينعت فهي تينع وتونع إيناعًا وينعًا بفتح الياء، وينعًا بضم الياء، والنعت يانع ومونع.
قال صاحب الكشاف: وقرئ {وَيَنْعِهِ} بضم الياء، وقرأ ابن محيصن {ويانعه}.
والبحث الثالث: قوله: {متشابه انظروا إلى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} أمر بالنظر في حال الثمر في أول حدوثها.
وقوله: {وَيَنْعِهِ} أمر بالنظر في حالها عند تمامها وكمالها، وهذا هو موضع الاستدلال والحجة التي هي تمام المقصود من هذه الآية.
ذلك لأن هذه الثمار والأزهار تتولد في أول حدوثها على صفات مخصوصة، وعند تمامها وكمالها لا تبقى على حالاتها الأولى، بل تنتقل إلى أحوال مضادة للأحوال السابقة، مثل أنها كانت موصوفة بلون الخضرة فتصير ملونة بلون السواد أو بلون الحمرة، وكانت موصوفة بالحموضة فتصير موصوفة بالحلاوة، وربما كانت في أول الأمر باردة بحسب الطبيعة، فتصير في آخر الأمر حارة بحسب الطبيعة، فحصول هذه التبدلات والتغيرات لابد له من سبب، وذلك السبب ليس هو تأثير الطبائع والفصول والأنجم والأفلاك، لأن نسبة هذه الأحوال بأسرها إلى جميع هذه الأجسام المتباينة متساوية متشابهة، والنسب المتشابهة لا يمكن أن تكون أسبابًا لحدوث الحوادث المختلفة، ولما بطل إسناد حدوث هذه الحوادث إلى الطبائع والأنجم والأفلاك وجب إسنادها إلى القادر المختار الحكيم الرحيم المدبر لهذا العالم على وفق الرحمة والمصلحة والحكمة. اهـ.

.قال الألوسي:

{انظروا} نظر اعتبار واستبصار {إلى ثَمَرِهِ} أي ثمر ذلك أي الزيتون والرمان والمراد شجرتهما وأريد بهما فيما سبق الثمرة ففي الكلام استخدام.
وعن الفراء أن المراد في الأول: شجر الزيتون وشجر الرمان وحينئذ لا استخدام، وأيًا ما كان فالضمير راجع إليها بتأويله باسم الإشارة.
ورجوعه إلى كل واحد منهما على سبيل البدل بعيد لا نظير له في عدم تعيين مرجع الضمير.
وجوز رجوع الضمير إلى جميع ما تقدم بالتأويل المذكور ليشمل النخل وغيره مما يثمر {إِذَا أَثْمَرَ} أي إذا أخرج ثمره كيف يخرجه ضئيلًا لا يكاد ينتفع به.
وقرأ حمزة والكسائي {ثَمَرِهِ} بضم الثاء وهو جمع ثمرة كخشبة وخشب أو ثمار ككتاب وكتب {وَيَنْعِهِ} أي وإلى حال نضجه أو إلى نضيجه كيف يعود ضخما ذا نفع عظيم ولذة كاملة.
وهو في الأصل مصدر ينعت الثمرة إذا أدركت، وقيل: جمع يانع كتاجر وتجر.
وقرئ بالضم وهي لغة فيه.
وقرأ ابن محيصن {ويانعه}، ولا يخفى أن في التقييد بقوله تعالى: {ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} على ما أشرنا إليه إشعارًا بأن المثمر حينئذ ضعيف غير منتفع به فيقابل حال الينع.
ويدل كمال التفاوت على كمال القدرة.
وعن الزمخشري أنه قال فإن قلت هلا قيل: إلى غض ثمره وينعه؟ قلت: في هذا الأسلوب فائدة وهي أن الينع وقع فيه معطوفًا على الثمر على سنن الاختصاص نحو قوله سبحانه: {وَجِبْرِيلَ وميكال} [البقرة: 98] للدلالة على أن الينع أولى من الغض وله وجه وجيه وإن خفي على بعض الناظرين. اهـ.

.قال ابن العربي:

قَوْله تَعَالَى: {اُنْظُرُوا إلَى ثَمَرِهِ إذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ}.
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي تَفْسِيرِ الْيَنْعِ: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: الطِّيبُ وَالنُّضْجُ؛ يُقَال: أَيْنَعَ الثَّمَرُ يَيْنَعُ وَيُونِعُ، وَالثَّمَرُ يَانِعٌ وَمُونِعٌ، إذَا أَدْرَكَ.
الثَّانِي: قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الْيَنْعُ جَمْعُ يَانِعٍ، وَهُوَ الْمُدْرِكُ الْبَالِغُ.
الثَّالِثُ: قَالَ الْفَرَّاءُ: يَنَعَ أَقَلُّ مِنْ أَيْنَعَ وَمَعْنَاهُ احْمَرَّ، وَمِنْهُ مَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ: {إنْ وَلَدَتْهُ أَحْمَرَ مِثْلَ الْيَنَعَةِ}، وَهِيَ: خَرَزَةٌ حَمْرَاءُ، يُقَالُ: إنَّهُ الْعَقِيقُ، أَوْ نَوْعٌ مِنْهُ؛ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ يَقِفُ جَوَازُ بَيْعِ الثَّمَرِ، وَبِهِ يَطِيبُ أَكْلُهَا، وَيَأْمَنُ الْعَاهَةَ، وَذَلِكَ عِنْدَ طُلُوعِ الثُّرَيَّا مَعَ الْفَجْرِ، بِمَا أَجْرَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْعَادَةِ، وَأَحْكَمَهُ مِنْ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، وَفَصَّلَهُ مِنْ الْحُكْمِ وَالشَّرِيعَةِ؛ وَمِنْ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ: {نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يُشَقَّحَ} قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: إذَا تَغَيَّرَ الْبُسْرُ إلَى الْحُمْرَةِ قِيلَ: هَذِهِ شُقْحَةٌ، وَقَدْ أَشَقَحَتْ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: {إلَى ثَمَرِهِ إذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} الْإِينَاعُ: الطِّيبُ بِغَيْرِ فَسَادٍ وَلَا نَقْشٍ.
قَالَ مَالِكٌ: وَالنَّقْشُ أَنْ تَنْقُشَ أَسْفَلَ الْبُسْرَةِ حَتَّى تَرْطُبَ، يُرِيدُ يَثْقُبُ فِيهَا، بِحَيْثُ يُسْرِعُ دُخُولُ الْهَوَاءِ إلَيْهِ فَيَرْطُبُ مُعَجَّلًا؛ فَلَيْسَ ذَلِكَ الْيَنْعُ الْمُرَادَ فِي الْقُرْآنِ، وَلَا هُوَ الَّذِي رَبَطَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْعَ؛ وَإِنَّمَا هُوَ مَا يَكُونُ مِنْ ذَاتِهِ بِغَيْرِ مُحَاوَلَةٍ، وَفِي بَعْضِ بِلَادِ التِّينِ، وَهِيَ الْبِلَادُ الْبَارِدَةُ، لَا يَنْضَجُ حَتَّى يَدْخُلَ فِي فَمِهِ عَمُودٌ قَدْ دُهِنَ بِزَيْتٍ، فَإِذَا طَابَ حَلَّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ضَرُورَةُ الْهَوَاءِ وَعَادَةُ الْبِلَادِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا طَابَ فِي وَقْتِ الطِّيبِ.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: قُلْت لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ وَقَدْ رَأَيْته يَأْكُلُ الرُّطَبَ يُقَصِّعُهُ، كَيْفَ تَفْعَلُ هَذَا، وَقَدْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَقْصِيعِ الرُّطَبِ»؟ فَقَالَ: إنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَقْصِيعِ الرُّطَبِ حَيْثُ كَانَ أَكْلُهُ: يَتَشَبَّعُ بِهِ؛ وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالرَّخَاءِ وَالْخَيْرِ، وَالْمُرَادُ هَاهُنَا بِالتَّقْصِيعِ أَكْلُ الرُّطَبَةِ فِي لُقْمَةٍ، وَذَلِكَ يَكُونُ مَعَ الشِّبَعِ؛ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهَا فَأَكْلُهَا فِي لُقَمٍ أَثْبَتُ لِلشِّبَعِ. اهـ.

.قال الفخر:

قال القاضي: المراد لمن يطلب الإيمان بالله تعالى، لأنه آية لمن آمن ولمن لم يؤمن، ويحتمل أن يكون وجه تخصيص المؤمنين بالذكر أنهم الذين انتفعوا به دون غيرهم كما تقدم تقريره في قوله: {هُدًى لّلْمُتَّقِينَ}.
ولقائل أن يقول: بل المراد منه أن دلالة هذا الدليل على إثبات الإله القادر المختار ظاهرة قوية جلية، فكأن قائلًا قال: لم وقع الاختلاف بين الخلق في هذه المسألة مع وجود مثل هذه الدلالة الجلية الظاهرة القوية؟ فأجيب عنه بأن قوة الدليل لا تفيد ولا تنفع إلا إذا قدر الله للعبد حصول الإيمان، فكأنه قيل: هذه الدلالة على قوتها وظهورها دلالة لمن سبق قضاء الله في حقه بالإيمان، فأما من سبق قضاء الله له بالكفر لم ينتفع بهذه الدلالة ألبتة أصلًا، فكان المقصود من هذا التخصيص التنبيه على ما ذكرناه. والله أعلم. اهـ.

.قال الألوسي:

{إِنَّ في ذلكم} إشارة إلى ما أمروا بالنظر إليه.
وما في اسم الإشارة من معنى البعد لما مر غير مرة {لاَيَاتٍ} عظيمة أو كثيرة دالة على وجود القادر الحكيم ووحدته {لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} أي يطلبون الايمان بالله تعالى كما قال القاضي أو مؤمنون بالفعل، وتخصيصهم بالذكر لأنهم الذين انتفعوا بذلك دون غيرهم كما قيل ووجه دلالة ما ذكر على وجود القادر الحكيم ووحدته أن حدوث هاتيك الأجناس المختلفة والأنواع المتشعبة من أصل واحد وانتقالها من حال إلى حال على نمط بديع لابد أن يكون بإحداث صانع يعلم تفاصيلها ويرجح ما تقتضيه حكمته من الوجوه الممكنة على غيره ولا يعوقه ضد يعانده أو ند يعارضه، ثم إنه سبحانه بعد أن ذكر هذه النعمة الجليلة الدالة على توحيده وبخ من أشرك به سبحانه ورد عليه. اهـ.

.قال سيد قطب في الآيات السابقة:

{إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95) فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98) وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)}.