فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



هذا ليعرف الإنسان أن طلاقة القدرة تحقق ما يريده الخالق، وبعد ذلك تلتفت فتجد الفصائل، فهذا برتقال منه بسرّة، ومنه برتقال بلدي. وبرتقال بدمّه ثم اليوسفي. ولذلك سنجد في الجنة ما يحدثنا عنه سبحانه فيقول: {كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُواْ هذا الذي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة: 25].
وحين يأكل منه ساكن الجنة يكتشف أن لفاكهة الجنة طعما مختلفا. ومن طلاقة القدرة أنه بعد التحليلات التي قام بها العلماء المعمليون- جزاهم الله عنا خيرًا- ل حبة العنب وجدوا أن القشرة التي تغلفها لها طبيعة البارد واليابس، واللحم لحبة العنب طبيعته مختلفة حار رطب ثم البذرة بارد يابس، وهذه ثلاث طبائع في الحبة الواحدة، وهذا شيء عجيب التكوين. وكذلك الأترجة وهي فاكة كالنارنج تجد القشرة حارة يابسة، واللحم فيها بارد رطب، والسائل الذي في اللحم بارد يابس والبذرة حار يابس، طبائع أربعة في الشيء الواحد، كيف؟ وبأية قدرة؟
إن العلماء قد تعبوا حتى عرفوا تكوينها ليظهروا لنا المسألة، وتلتفت لتجد ثمرة تأكل ظاهرها، وباطنها بذرة، وثمرة ثانية تأكل ما في داخلها كالجوز أو اللوز، وتقشر القشرة وتلقيها، والخوخة تأكل لحمها وتترك بذرتها، وذلك لتعرف أن المسألة ليست آلية خلق بل إبداع خالق.
وتجد الشيء له اللون، واللون بلا طعم، ثم الرائحة المميزة وكل ذلك دليل على طلاقة القدرة. وهذا هو السبب في أن الحق سبحانه وتعالى حينما يتكلم عن ثمار الجنة يأتي بثمار مثلها في الدنيا؛ لأنه لو أحضر ثمارًا ليس لها مثيل في الدنيا لقال الإنسان: هذه طبيعة الثمار، ولو وجدت في الدنيا لكان لها طعم مماثل. لكن هاهي ذي تتشابه، وطعومها مختلفة.. إنها طلاقة القدرة.
ويقول الحق: {انظروا إلى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} الحق سبحانه وتعالى لا يعطي الإنسان حتى يملأ بطنه فحسب لا، ولكنه يغذي كل الملكات في النفس الإنسانية حتى ملكات الترف، وملكات الجمال، وملكات الحسن، فيوضح لك قبل أن تأكل: انظر للثمر وشكله! لتغذي عينيك بالمنظر الجميل حين ترى الثمرة طالعة وتتبعها حتى تنضج، إنّها مراحل عجيبة تدل على أن الصانع قيّوم، وكل يوم لها شكل مختلف وحجم مختلف، وإن أكلتها اليوم فستجد طعمها يختلف عما إذا أكلتها بعد ذلك بيوم، وهذا دليل على أن خالقها قيّوم عليها. ما دامت كل لحظة من اللحظات فيها شكل، وفيها لون وفيها طعم وفيها رائحة جديدة.
{انظروا إلى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ}، و{ينعه} أي وصلت إلى النضج وذلك إشاعة للتمتع بنعم الكون لأن النظر إلى الثمر لا يعني أنني أملكه، فقد أراه في حقل جاري وأنظر له وأتمتع بشكله. إذن فالحق سبحانه وتعالى يريد أن يشيع الانتفاع بنعم الله حتى عند غير واجدها، لأن أحدًا لن يمنعني من أن أنظر، فأنبسط، فمن ناحية الكمال الإنساني هناك غذاء لملكات النفس؛ لأن النفس ليست ملكات جوع وعطش فقط بل هي ملكات متعددة، وكل ملكة لها غذاؤها. ولذلك فقبل أن يقول لي: إن الخيل والبغال تحمل الأثقال.. قال سبحانه: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأنفس إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [النحل: 6- 7].
إذن فهو يعطيني فائدة حمل الأثقال؛ لأن حمل الأثقال لمن يملكها، إنما الذي لا يملكها فهو يرى الحصان يسير بجمال، فيسعد برؤيته فيتمتع بما لا يملك، هذه إشاعة لنعم الله على خلق الله.
ويذيل الحق الآية الكريمة بقوله: {إِنَّ فِي ذلكم لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} أي يؤمنون بأن الإله الذي آمنوا به يستحق بصفات الجلال والجمال فيه أن يُؤْمَن به، وكلما رأى الإنسان خلقا جميلًا قال: الله، إذن أنا إيماني صحيح والآيات تؤكد صدق إيماني بالإله الذي خلق كل هذا، وكل يوم تبدو لي حاجة عجيبة تزيدني إيمانًا، وعقلي الذي وهبه الله لي هداني إلى الإيمان بهذا الإله.
ومن العجيب ان هناك من جعلوا لله شركاء!! إله له كل هذه الصفات من أول فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح، وجعل الليل ساكنًا، والشمس، والقمر، حسابنًا وبحسبان، والنجوم نهتدي بها في ظلمات البر والبحر، وأنزل لنا من السماء ماء، وأخرج لنا النبات منه خضر، كل هذه المسائل كان يجب أن تكون صارفة للناس إلى أن الله وحده هو الخالق المستحق للعبادة، ولا تتجه أبدًا بالعبادة أو بالإيمان بغيره، لكن هناك من جعلوا لله شركاء، وجاء بها سبحانه بعد كل ذلك حتى يحفظنا ويغضبنا عليهم لنحذرهم ونتقيهم.
وإذا أحفظنا عليهم استحمدنا أي استوجب علينا حمد إذْ أنه هدانا إلى الإيمان، فنقول: الحمد لله الذي هدانا إلى الإيمان. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا}.
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن البراء بن عازب {قنوان دانية} قال: قريبة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {قنوان دانية} قال: قصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {قنوان} الكبائس، والدانية المنصوبة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {قنوان دانية} قال: تهدل العذوق من الطلع.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {قنوان} قال: عذوق النخل {دانية} قال: متهدلة، يعني متدلية.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {مشتبهًا وغير متشابه} قال: مشتبهًا ورقه مختلفًا ثمره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله: {انظروا إلى ثمره إذا أثمر} قال: رطبه وعنبه.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {انظروا إلى ثمره} بنصب الثاء والميم {وينعه} بنصب الياء.
وأخرج أبو الشيخ عن محمد مسعر قال: فرضًا على الناس إذا أخرجت الثمار أن يخرجوا وينظروا إليها. قال الله: {انظروا إلى ثمره إذا أثمر}.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن البراء {وينعه} قال: نضجه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {وينعه} قال: نضجه.
وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {وينعه} قال: نضجه وبلاغه. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
إذا ما مشت وسط النساء تأوّدت ** كما اهتز عصن ناعم أنبت يانع

. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

.قال ابن عادل:

قوله: {فَأخْرَجْنَا} فيه التِفَاتٌ من غيبة إلى تَكَلُّم بنون العظمة والباء في {به} للسَّببية.
وقوله: {نَبَات كُلِّ شَيْءٍ} قيل: المراد كُلّ ما يسمّى نباتًا في اللغة.
قال الفراء: رزق كل شيء، أي: ما يصلح أن يكون غِذَاءً لكل شَيءٍ، فيكون مَخْصُوصًا بالمتغذى به.
وقال الطَّبري: هو جميع ما يَنْمُوا من الحيوان والنبات والمعادن؛ لأن كل ذلك يَتَغَذَّى بالماء.
ويترتب على ذلك صِنَاعَةٌ إعرابية وذلك أنَّا إذا قُلْنَا بقول غير الفراء كانت الإضافة رَجِعَةٌ في المعنى إلى إضافة شبه الصفة لموصوفها، إذ يصير المعنى على ذلك: فَأخْرَجْنَا به كُلَّ مُنْبَتٍ، فإن النبات بمعنى المُنْبَتِ، وليس مصدرًا كهو في {أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأرض} [نوح: 17] وإذا قلنا بقول الفراء: كانت الإضافة إضافة بين مُتباينين؛ إذ يصير المعنى غذاء كل شيء أو رزقه، ولم ينقل أبو حيان عن الفراء غير هذا القول والفرَّاء له في هذه الآية القَولانِ المُتقدَّمان، فإن قال: رزق كل شيء قال: وكذا جاء في التفسير، وهو وَجْهُ الكلام، وقد يجوز في العربية أن تضيف النبات إلى كُلّ شيء، وأنت تريد بكُلِّ شيء النَّبَات أيضًا، فيكون مثل قوله: حَقّ اليَقينِ واليقين هو الحق.
وقوله تبارك وتعالى: {فأخْرَجْنَا} هذه النون تمسى نون العَظَمَةِ لا نون الجمع كقوله: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: 1] {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر} [الحجر: 9] {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر} [القدر: 1] قوله: {فَأخْرَجْنَا مِنْهُ} في الهاء وجهان:
أحدهما: أن يعود على النَّبَاتِ، وهو الظاهر، ولم يذكر الزمخشري غيره، وتكون من على بابها من كونها لابتداء الغاية، أو تكون من للتبعيض، وليس كذلك.
والثاني: يَعودُ على الماء، وتكون من سَبَبِيَّةً.
وذكر أبو البقاء رحمه الله تعالى الوَجْهَيْنِ، فقال: {فَأخْرَجْنَا مِنْهُ} أي: بسببه، ويجوز أن تكون الهاء في {منه} راجعةً على النبات، وهو الأشبه، وعلى الأول يكون {فأخْرَجْنَا} بدلًا من {أخْرَجْنَا} الأول أي: أنه يكتفي في المعنى بالإخبار بهذه الجملة الثانية، وإلا فالبدلُ الصناعي لا يظهر، فالظاهر أن {فأخرجنا} عطف على {فأخرجنا} الأول.
وقال أبو حيان: وأجاز أبو البقاء رحمه الله تعالى أن يكون بدلًا من {فأخرجنا}.
قلت: إنما جعله بَدَلًا بِنَاءً على عَوْدِ الضمير في {منه} على الماء فلا يَصِحُّ أن يحكى عنه أنه جَعَلَهُ بدلًا مطلقًا؛ لأن البدليَّة لا تتصَوَّرُ على جعل الهاء في {منه} عائدةً على النبات، والخَضِرٌ بمعنى الأخْضَر كعَوِر وأعور.
قال أبو إسحاق: يقال: أخضر يخضر فهو خضر وأخضر كأعور فهو عَوِر وأعور.
والخُضْرَة أحد الألوان، وهو بين البياض والسواد ولكنها إلى السَّوادِ أقرب، وكذلك أطْلِقَ الأسود على الأخضر، وبالعكس، ومنه سواد العراق لِخُضْرَةِ أرضه بالشجر، وقال تبارك وتعالى: {مُدْهَآمَّتَانِ} [الرحمن: 64] أي: شَديدتَا السواد لريِّهِمَا، والمُخاضَرَةُ مُبايَعَةُ الخُضَرِ والثمار قبل بلوغها، والخضيرة: نخلة ينتثر بُسْرُهَا أخضر.
وقوله عليه الصلاة والسلام: «إيَّاكُمْ وخَضْرَاءَ الدِّمَنِ» فقد فَسَّرَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «المَرْأةُ الحَسْنَاءُ في المَنْبَتِ السُّوءِ» والدِّمنُ: مَطَارحُ الزِّبَالَةِ، وما يُسْتَفْذّرُ، فقد يَنْبُت منها ما يَسْتَحْسِنُهُ الرائي.
قال اللَّيْثُ: الخضر في كتاب الله الزَّرْعُ والكلأ، وكل نبت من الخضر.
قوله: {نُخْرِجُ مِنْهُ} أي: من الخضر.
والجمهور على {نخرج} مُسْنَدًا إلى ضمير المعظم نفسه.
وقرأ ابن محيصن والأعمش: {يخرج} بياء الغيبة مبنيًا للمفعول و{حَبٌّ} قائم مقام فاعله، وعلى كلتا القراءتين تكون الجملة صفةً لـ {خَضِرًا} وهذا هو الظاهر، وجوّزوا فيها أن تكون مُسْتَانَفَةً، ومتراكب رفعًا ونصبًا صفة لحب بالاعتبارين، والمعنى أن تكون الحبَّات متراكبةً بعضها فوق بعض، مثل سَنَابِلِ البُرِّ والشعير والأرز، وسائر الحبوب، ويحصل فوق السُّنْبُلَةِ أجسام دقيقة حادة كأنها الإبَرُ، والمقصود من تخليقها مَنْعُ الطير من التِقَاطِ تلك الحبَّاتِ المتراكبة.
قوله: {وَمِنَ النخل مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ} يجوز في هذه الجملة أوجه:
أحسنها: أن يكون {من النخل} خبرًا مقدمًا، و{من طلعها} بدل بعض من كل بإعادة العامل، فهو كقوله تعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله واليوم الآخر} [الأحزاب: 21].
و{قِنْوَانٌ} مبتدأ مؤخر، وهذه الجملة ابتدائية عطفت على الفعلية قبلها.
الثاني: أن يكون {قِنْوان} فاعلًا بالجار قبله، وهو {من النخل} و{من طلعها} على ما تقدَّم من البدليَّة، وذلك على رأي الأخفش.
الثالث: أن تكون المسألةُ من باب التَّنَازُعِ، يعني أن كلاَّ من الجارَّيْنِ يطلب {قنوان} على أنه فاعل على رأي الأخفش، فإن أعملت الثاني، وهو مختار قول البصريين أضمرت في الأوّل، وإن أعملت الأوَّل كما هو مختار قول الكوفيين أضمرت في الثاني.
قال أبو البقاءِ: والوجه الآخر أن يرتفع {قنوان} على أنه فاعل {من طلعها} فيكون في {من النخل} ضمير يفسره {قنوان} وإن رفعت {قنوان} بقوله: {ومن النخل} على قول من أمعلم أول الفعلين جاز، وكان في {من طلعها} ضمير مرفوع قلت: فقد أشار بقوله: على أنه فالع {من طلعها} إلى إعمال الثاني.
الرابع: أن يكون {قنوان} مبتدأ، و{من طلعها} الخبر، وفي {من النخل} ضمير، تقديره ونبت من النخل شيء أو ثمر، فيكون {من طلعها} بدلًا منه.
قاله أبو البقاء رحمه الله، وهذا كلام لا يصيح؛ لأنه بعد أن جعل {من طعلها} الخبر، فكيف يجعله بدلًا؟ فإن قيل: يجعله بدلًا منه؛ لأن {من النخل} خبر للمبتدأ.
فالجواب: أن قد تقدَّم هذا الوجه، وجعله مقابلًا لهذا، فلابد أن يكون هذا غيره، فإنه قال قبل ذلك: وفي رفعه وجهان:
أحدهما: هو مبتدأ، وفي خبره وجهان:
أحدهما: هو {من النخل}، و{من طلعها} بدل بإعادة الجار.
قال أبو حيان: وهذا إعراب فيه تخليط.
الخامس: أن يكون مبتدأ محذوف الخبر لدلالة {أخرجنا} عليه، تقديره: ومخرجه من طلع النخل {قنوان}.
هذا نص الزمخشري، وهو كما قال أبو حيان لا حاجة إليه؛ لأن الجملة مُسْتَقِلَّةٌ في الإخبار بدونه.
السادس: أن يكون {من النخل} متعلقًا بفعل مقدر، ويكون {من طلعها قنوان} جملة ابتدائية في موضع المفعول بـ {نخرج} وإليه ذهب ابن عطية، فإنه قال: {ومن النخل} تقديره: نخرج من النخل، و{من طلعها قنوان} ابتداء خبر مقدم، والجملة موضع المفعول بـ {نخرج}.
قال الشيخ: وهذا خطأ؛ لأن ما يتعدى إلى مفعول واحد لا تقع الجملة في موضع مفعوله إلا إذا كان الفعل مما يعلق، وكان في الجملة مَانِعٌ من العمل في شيء من مفرداتها على ما شرح في النحو، و{نخرج} ليس مما يعلّق، وليس في الجملة ما يمنع من العمل في مفرداتها؛ إذ لو سُلِّطَ الفعل على شيء من مفردات الجملة لكان التركيب: ويخرج من النخل من طلعها قنوان بالنصب مفعولًا به.