فصل: قال أبو حيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو حيان:

{وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم}
أعلم تعالى بأشياء مما شرعوها وتقسيمات ابتدعوها والتزموها على جهة الفرية والكذب منهم على الله، أفردوا من أنعامهم وزروعهم وثمارهم شيئًا وقالوا: هذا حجر أي حرام ممنوع.
وقرأ أبان بن عثمان: نعم على الإفراد.
وقرأ باقي السبعة بكسر الحاء وسكون الجيم والحجر بمعنى المحجور كالذبح والطحن يستوي في الوصف به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، لأن حكمه حكم الأسماء غير الصفات قاله الزمخشري.
وقرأ الحسن وقتادة والأعرج بضم الحاء وسكون الجيم.
وقال القرطبي: قرأ الحسن وقتادة بفتح الحاء وإسكان الجيم، وعن الحسن أيضًا {حجر} بضم الحاء.
وقرأ أبان بن عثمان وعيسى بن عمر بضم الحاء والجيم، وقال هارون: كان الحسن يضم الحاء من {حجر} حيث وقع وقع إلا وحجرًا محجورًا فيكسرها وقرأ أبيّ وعبد الله وابن عباس وابن الزبير وعكرمة وعمرو بن دينار والأعمش حرج بكسر الحاء وتقديم الراء على الجيم وسكونها، وخرج على القلب فمعناه معنى {حجر} أو من الحرج وهو التضييق {لا يطعمها} {لا يأكلها} {إلا من نشاء} وهم الرجال دون النساء، أو سدنة الأصنام {بزعمهم} أي بتقولهم الذي هو أقرب إلى الباطل منه إلى الحق.
{وأنعام حرّمت ظهورها} هي البحائر والسوائب والحوامي وتقدّم تفسيرها في المائدة.
{وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها} أي عند الذبح.
وقال أبو وائل: وجماعة لا يحجون عليها ولا يلبون كانت تركب في كل وجه إلا في الحج.
{افتراء عليه} اختلاقًا وكذبًا على الله حيث قسموا هذه الأنعام هذا التقسيم ونسبوا ذلك إلى الله وانتصب {افتراء} على أنه مفعول من أجله أو مصدر على إضمار فعل، أي يفترون أو مصدر على معنى وقالوا: لأنه في معنى افتروا أو مصدر في موضع الحال.
{سيجزيهم بما كانوا يفترون} تهديد شديد ووعيد. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَقَالُواْ} حكايةٌ لنوعٍ آخرَ من أنواع كفرِهم {هذه} إشارةٌ إلى ما جعلوه لآلهتهم والتأنيثُ للخبر {أنعام وَحَرْثٌ حِجْرٌ} أي حرام، فِعْلٌ بمعنى مفعول كالذِبح يستوي فيه الواحد والكثير والذكر والأنثى لأن أصله المصدر، ولذلك وقع صفةً لأنعامٌ وحرثٌ، وقرئ حُجُر بالضم وبضمتين وحَرَجٌ أي ضيق وأصله حرج وقيل: هو مقلوب من حجر {لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نَّشَاء} يعنون خدَمَ الأوثانِ من الرجال دون النساءِ والجملةُ صفةٌ أخرى لأنعامٌ وحرثٌ {بِزَعْمِهِمْ} متعلقٌ بمحذوف وهو حال من فاعل قالوا أي قالوه ملتبسين بزعمهم الباطلِ من غير حجة {وأنعام} خبرُ مبتدأ محذوفٍ والجملةُ معطوفةٌ على قوله تعالى: {هذه أنعام} الخ، أي قالوا مشيرين إلى طائفة أخرى من أنعامهم وهذه أنعامٌ {حُرّمَتْ ظُهُورُهَا} يعنون بها البحائرَ والسوائبَ والحواميَ {وأنعام} أي وهذه أنعام كما مرَّ وقوله تعالى: {لاَّ يَذْكُرُونَ اسم الله عَلَيْهَا} صفةٌ لأنعام لكنه غيرُ واقعٍ في كلامهم المحكيِّ كنظيره بل مَسوقٌ من جهته تعالى تعيينًا للموصوف وتمييزًا له عن غيره كما في قوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا المسيح عِيسَى ابن مَرْيَمَ رَسُولَ الله} على أحد التفاسير، كأنه قيل: وأنعامٌ ذُبحت على الأصنام فإنها التي لا يُذكر عليها اسمُ الله وإنما يُذكر عليها اسمُ الأصنام، وقيل: لا يحجّون عليها فإن الحجَّ لا يعرى عن ذكر الله تعالى. وقال مجاهد: كانت لهم طائفةٌ من أنعامهم لا يذكرون اسمَ الله عليها ولا في شيء من شأنها لا إن ركِبوا ولا إن حلَبوا ولا إن نُتجوا ولا إن باعوا ولا إن حمَلوا {افتراء عَلَيْهِ} نُصب على المصدر إما على أن ما قالوه تقوُّلٌ على الله تعالى، وإما على تقدير عاملٍ من لفظه، أي افترَوا افتراءً والجارُّ متعلقٌ بقالوا أو بافترَوا المقدّر، أو بمحذوف هو صفةٌ له لا بافتراءً لأن المصدرَ المؤكد لا يعمل، أو على الحال من فاعل قالوا، أي مفترين أو على العلة أي للافتراء فالجارُّ متعلق به {سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} أي بسببه أو بدله وفي إبهام الجزاءِ من التهويل ما لا يخفى. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَقَالُواْ} حكاية لنوع آخر من أنواع كفر أولئك الكفار، وقيل: تتمة لما تقدم {هذه} أي ما جعلوه لآلهتهم والتأنيث للخبر {أنعام وَحَرْثٌ} أي زرع {حِجْرٍ} أي ممنوع منها وهو فعل بمعنى مفعول كالذبح يستوي فيه الواحد والكثير والذكر والأنثى لأن أصله المصدر ولذلك وقع صفة لأنعام وحرث.
وقرأ الحسن وقتادة {حِجْرٍ} بضم الحاء، وقرأ أيضًا بفتح الحاء وسكون الجيم وبضم الحاء والجيم معا.
ويحتمل في هذا أن يكون مصدرًا كالحلم، وأن يكون جمعا كسقف ورهن.
وعن ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهما {حَرَجٌ} بكسر الحاء وتقديم الراء على الجيم أي ضيق وأصله حرج بفتح الحاء وكسر الراء، وقيل: هو مقلوب من حجر كعميق ومعيق.
{لاَّ يَطْعَمُهَا} أي يأكلها {إِلاَّ مَن نَّشَاء} يعنون كما روي عن ابن زيد الرجال دون النساء، وقيل: يعنون ذلك وخدم الأوثان، والجملة صفة أخرى لأنعام وحرث، وقوله سبحانه: {بِزَعْمِهِمْ} متعلق بمحذوف وقع حالا من فاعل {قَالُواْ} أي قالوا ذلك متلبسين بزعمهم الباطل من غير حجة {وأنعام} خبر مبتدأ محذوف والجملة معطوفة على قوله سبحانه: {هذه أنعام} أي قالوا مشيرين إلى طائفة من أنعامهم وهذه أنعام.
وقيل: إن الإشارة أولًا إلى ما جعل لآلهتهم السابق وما بينهما كالاعتراض وهذا عطف على {أنعام} [الأنعام: 136] المتقدم إدخاله فيما تقدم لأن المراد به السوائب ونحوها وهي بزعمهم تعتق وتعفى لأجل الآلهة {حرمات} أي منعت {ظُهُورُهَا} فلا تركب ولا يحمل عليها {وأنعام} أي وهذه أنعام على ما مر.
وقوله سبحانه: {لاَّ يَذْكُرُونَ اسم الله عَلَيْهَا} صفة لأنعام مسوق من قبله تعالى تعيينًا للموصوف وتمييزًا له عن غيره كما في قوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا المسيح عِيسَى ابن مَرْيَمَ رَسُولَ الله} [النساء: 157] في رأي لا أنه واقع في كلامهم المحكي كنظائره كأنه قيل: وأنعام ذبحت على الأصنام فإنها التي لا يذكر اسم الله تعالى عليها وإنما يذكر عليها اسم الأصنام.
وأخرج ابن المنذر وغيره عن أبي وائل أن المعنى لا يحجون عليها ولا يلبون.
وعن مجاهد كانت لهم طائفة من أنعامهم لا يذكرون اسم الله تعالى عليها ولا في شيء من شأنها لا إن ركبوا ولا أن حلبوا ولاولا.
{افتراء عَلَيْهِ} أي على الله سبحانه وتعالى، ونصب {افتراء} على المصدر إما على أن قولهم المحكي بمعنى الافتراء، وإما على تقدير عامل من لفظه أي افتروا افتراء أو على الحال من فاعل {قَالُواْ} أي مفترين أو على العلة أي للافتراء وهو بعيد معنى، و{عَلَيْهِ} قيل: متعلق بقالوا أو بافتروا المقدر على الاحتمالين الأولين وبافتراء على الاحتمالين الأخيرين.
ولا يخفى بعد تعلقه بقالوا، والذي دعاهم إليه ومنعهم من تعلقه بالمصدر على ما قيل أن المصدر إذا وقع مفعولًا مطلقًا لا يعمل لعدم تقديره بأن والفعل، وفيه نظر لأن تأويله بذلك ليس بلازم لتعلق الجار به فإنه مما يكفيه رائحة الفعل.
وجوز أبو البقاء أن يكون الجار متعلقًا بمحذوف وقع صفة لافتراء أي افتراء كائنًا عليه {سَيَجْزِيهِم} ولابد {بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} أي بسببه أو بدله، وأبهم الجزاء للتهويل. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ} عطف على جملة: {وكذلك زَيَّن لكثير من المشركين قتلَ أولادهم شركاؤُهم} [الأنعام: 137] وهذا ضرب آخر من دينهم الباطل، وهو راجع إلى تحجير التّصرّف على أنفسهم في بعض أموالهم، وتعيين مصارفه، وفي هذا العطف إيماء إلى أنّ ما قالوه هو من تلقين شركائهم وسدنة أصنامهم كما قلنا في مَعْنى زيّن لهم شركاؤُهم.
والإشارة بهذه وهذه إلى حاضر في ذهن المتكلّمين عند صدور ذلك القول: وذلك أن يقول أحدهم هذه الأصناف مصرفها كذا، وهذه مصرفها كذا، فالإشارة من مَحكِيّ قولهم حين يَشْرعون في بيان أحكام دينهم، كما يقول القَاسم: هذا لفلان، وهذا للآخر.
وأجمل ذلك هنا إذ لا غرض في بيانه لأنّ الغرض التّعجيب من فساد شرعهم، كما تقدّم في قوله تعالى: {فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا} [الأنعام: 136] وقد صنّفوا ذلك ثلاثة أصناف:
صنف محجّر على مالكه انتفاعه به، وإنَّما ينتفع به من يعّينه المالك.
والّذي يؤخذ ممّا روي عن جابر بن زيد وغيره: أنَّهم كانوا يعيّنون مِن أنعامهم وزرعهم وثمارهم شيئًا يحجّرون على أنفسهم الانتفاع به، ويعيّنونه لمن يشاءون من سدنة بيوت الأصنام، وخدمتها، فتنحر أو تذبح عندما يرى من عُيِّنَت له ذلك، فتكون لحاجة النّاس والوافدين على بيوت الأصنام وإضافتهم، وكذلك الزّرع والثّمار تدفع إلى من عُيّنت له، يصرفها حيث يتعيّن.
ومن هذا الصّنف أشياء معيَّنة بالاسم، لها حكم منضبط مثل البَحِيرة: فإنَّها لا تُنحر ولا تُؤكل إلاّ إذا ماتَت حتف أنفها، فيحلّ أكلها للرّجال دون النّساء، وإذا كان لها دَرّ لا يشربه إلاّ سدنة الأصنام وضيوفهم، وكذلك السائبة يَنتفع بدَرّها أبناءُ السَّبيل والسَدنة، فإذا ماتت فأكْلُهَا كالبَحِيرة، وكذلك الحامي، كما تقدّم في سورة المائدة.
فمعنى {لا يطعمها} لا يأكل لحمها، أي يَحرم أكل لحمها.
ونون الجماعة في {نشاء} مراد بها القائلون، أي يقولون لا يطعمها إلاّ من نشاء، أي من نُعيِّن أن يطعمها، قال في الكشاف: يعنون خدَم الأوثان والرّجال دون النّساء.
والحرث أصله شق الأرض بآلة حديديّة ليزرع فيها أو يغرس، ويطلق هذا المصدر على المكان المحروث وعلى الأرض المزروعة والمغروسة وإن لم يكن بها حرث ومنه قوله تعالى: {أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين} [القلم: 22] فسمّاه حرثًا في وقت جذاذ الثّمار.
والحِجْر: اسم للمحجّر الممنوع، مثل ذبح للمذبوح، فمنع الأنعام منع أكل لحومها، ومنع الحرث منع أكل الحبّ والتّمر والثّمار، ولذلك قال: {لا يطعمها إلا من نشاء}.
وقوله: {بزعمهم} معترض بين {لا يطعمها إلاّ من نشاء} وبين: {وأنعام حرمت ظهورها}.
والباء في: {بزعمهم} بمعنى (عن)، أو للملابسة، أي يقولون ذلك باعتقادهم الباطل، لأنَّهم لمّا قالوا: {لا يطعمها} لم يريدوا أنَّهم منعوا النّاس أكلها إلاّ من شاءوه، لأنّ ذلك من فعلهم وليس من زعمهم.
وإنَّما أرادوا بالنَّفي نفي الإباحة، أي لا يحلّ أن يطعمها إلاّ من نشاء، فالمعنى: اعتقدوها حرامًا لغير من عيّنوه، حتّى أنفسهم، وما هي بحرام، فهذا موقع قوله: {بزعمهم}.
وتقدّم القول على الباء من قوله: {بزعمهم} آنفًا عند قوله تعالى: {فقالوا هذا لله بزعمهم} [الأنعام: 136].
والصّنف الثّاني: أنعام حُرّمت ظهورها، أي حُرّم ركوبها، منها الحامي: لا يَركبه أحد، وله ضابط متّبع كما تقدّم في سورة المائدة، ومنها أنعام يحرّمون ظهورها، بالنّذر، يقول أحدهم: إذا فعلتْ النّاقةُ كذا من نسلٍ أو مواصلة بين عِدة من إناث، وإذا فعل الفحل كذا وكذا، حَرم ظهره.
وهذا أشار إليه أبو نواس في قوله مادحًا الأمين:
وإذا المَطيُّ بنا بلغّن محمدًا ** فظهورهن على الرجال حرام

فقوله: {وأنعام حرمت ظهورها} معطوف على: {أنعام وحرث حجر} فهو كخبر عن اسم الإشارة.
وعُلم أنَّه عطف صنف لوروده بعد استيفاء الأوصاف الّتي أجريت على خبر اسم الإشارة والمعطوف عليه عقبه.
والتّقدير: وقالوا هذه أنعام وحرث حجر وهذه أنعام حرّمت ظهورها وبُني فعل: {حرمت} للمجهول: لظهور الفاعل، أي حرّم الله ظهورها بقرينة قوله: {افتراء عليه}.
والصّنف الثّالث: أنعام لا يذكرون اسم الله عليها، أي لا يذكرون اسم الله عند نحرها أو ذبحها، يزعمون أنّ ما أهدي للجنّ أو للأصنام يُذكر عليه اسم مَا قُرّب له، ويزعمون أنّ الله أمر بذلك لتكون خالصَة القربان لما عُيّنت له، فلأجل هذا الزعم قال تعالى: {افتراء عليه} إذ لا يعقل أن ينسب إلى الله تحريمُ ذِكر اسمه على ما يقرّب لغيره لولا أنَّهم يزعمون أنّ ذلك من القربان الّذي يُرضي الله تعالى، لأنَّه لشركائه، كما كانوا يقولون: لَبَّيْك لا شريكْ لك، إلاّ شريكًا هُوَ لكْ، تَمْلِكُه ومَا مَلكْ.
وعن جماعة من المفسّرين، منهم أبو وائل، الأنعام التي لا يذكرون اسم الله عليها كانت لهم سنّة في بعض الأنعام أن لا يُحجّ عليها، فكانت تُركب في كلّ وجه إلاّ الحجّ، وأنَّها المراد بقوله: {وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها} لأنّ الحجّ لا يخلو من ذكر الله حين الكون على الرّاحلة من تلبية وتكبير، فيكون: {لا يذكرون اسم الله عليها} كناية عن منع الحجّ عليها، والظاهر أنّ هذه هي الحامي والبحيرة والسّائبة، لأنَّهم لمّا جعلوا نفعها للأصنام لم يجيزوا أن تستعمل في غير خدمة الأصنام.
وقوله: {وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها} معطوف على قوله: {وأنعام حرمت ظهورها} وهو عطف صنف على صنف، بقرينة استيفاء أوصاف المعطوف عليه، كما تقدّم في نظيره.
وانتصب: {افتراء عليه} على المفعولية المطلقة ل {قالوا}، أي قالوا ذلك قولَ افتراء، لأنّ الافتراء بعض أنواع القول، فصحّ أن ينتصب على المفعول المطلق المبين لنوع القول، والافتراء الكذب الّذي لا شبهة لقائله فيه وتقدّم عند قوله تعالى: {فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون} في سورة آل عمران (94)، وعند قوله: ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب في سورة العقود (103).
وإنَّما كان قولهم افتراء: لأنَّهم استندوا فيه لشيء ليس واردًا لهم من جانب الله، بل هو من ضلال كبرائهم.
وجملة: {سيجزيهم بما كانوا يفترون} استئناف بياني، لأنّ الافتراء على الخالق أمر شنيع عند جميع الخلق، فالإخبار به يثير سؤال من يسأل عمّا سيلقونه من جزاء افترائهم، فأجيب بأنّ الله سيجزيهم بما كانوا يفترون.
وقد أبهم الجزاء للتهويل لتذهب النّفوس كلّ مذهب ممكن في أنواع الجزاء على الإثم، والباء بمعنى (عن)، أو للبدلية والعوض. اهـ.