فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي ثعلبة قال: «حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن أنس: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه جاءٍ فقال: أكلت الحمر، ثم جاءه جاء فقال: أفنيت الحمر؟ فأمر مناديًا فنادى في الناس: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس، فاكفئت القدور وانها لتفور باللحم».
وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي ثعلبة الخشي: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع».
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن ابن عباس قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير».
وأخرج أبو داود عن خالد بن الوليد قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر، فأتوا اليهود فشكوا أن الناس قد أشرفوا إلى حظائرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها، حرام عليكم حمير الأهلية وخيلها وبغالها، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير».
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنة عن جابر قال: «حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر الحمر الإِنسية، ولحوم البغال، وكل ذي ناب من السباع، وذي مخلب من الطير، والمجثمة، والحمار الإِنسي».
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه عن أبي هريرة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم يوم خيبر كل ذي ناب من السباع، وحرم المجثمة، والخلسة، والنهبة».
وأخرج الترمذي عن العرباض بن سارية: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن كل ذي ناب من السبع، وعن كل ذي مخلب من الطير، وعن لحم الحمر الأهلية».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن مكحول قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وعن الحبالى أن يقربن، وعن بيع المغانم يعني حتى تقسم وعن أكل كل ذي ناب من السباع».
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق القاسم ومكحول عن أبي أمامة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن أكل الحمار الأهلي، وعن أكل كل ذي ناب من السباع، وأن توطأ الحبالى حتى تضعن، وعن أن تباع السهام حتى تقسم، وأن تباع التمرة حتى يبدو صلاحها، ولعن يومئذ الواصلة، والموصولة، والواشمة، والموشومة، والخامشة وجهها، والشاقة جيبها».
وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة عن جابر بن عبد الله: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الهرة وأكل ثمنها».
وأخرج أبو داود عن عبد الرحمن بن شبل: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الضب».
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة عن ابن عمر قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الضب؟ فقال: «لست آكله ولا أحرمه».
وأخرج مالك والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة عن خالد بن الوليد «أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة، فأتى بضب محنوذ، فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فقال: بعض النسوة أخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يريد أن يأكل، فقالوا: هو ضب يا رسول الله، فرفع يده فقلت: أحرام هو يا رسول الله؟ قال: لا ولكن لم يكن بأرض قومي فاجدني أعافه. قال خالد: فاجتررته فأكلته ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر».
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن ثابت بن وديعة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش فأصبنا ضبابًا، فشويت منها ضبًا فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته بين يديه، فأخذ عودًا فعد به أصابعه، ثم قال: «إن أمة من بن إسرائيل مسخت دواب في الأرض، وإني لا أدري أي الدواب هي، فلم يأكل ولم ينه».
وأخرج أبو داود عن خالد بن الحويرث: «أن عبد الله بن عمرو كان بالصفاح، وأن رجلًا جاء بأرنب قد صادها فقال له: ما تقول؟ قال: قد جيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس فلم يأكلها ولم ينه عن أكلها، وزعم أنها تحيض».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أنس قال: انفجنا أرنبًا ونحن بمر الظهران، فسعى القوم فلغبوا وأخذتها، فجئت بها إلى أبي طلحة فذبحها، فبعث بوركيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبلها.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وضعفه وابن ماجة عن خزيمة بن جزيء السلمي قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الضبع فقال: ويأكل الضبع أحد؟ وسألته عن أكل الذئب قال: ويأكل الذئب أحد في خير؟ وفي لفظ لابن ماجة: قلت يا رسول الله جئتك لأسألك عن أجناس الأرض ما تقول في الثعلب؟ قال: ومن يأكل الثعلب؟ قلت: ما تقول في الضب؟ قال: لا آكله ولا أحرمه. قلت: ولم يا رسول الله؟ قال: فقدت أمة من الأمم ورأيت خلقًا رابني. قلت: يا رسول الله ما تقول في الأرنب؟ قال: لا آكله ولا أحرمه. قلت ولم يا رسول الله؟ قال: نبئت أنها تدمى».
وأخرج ابن ماجة عن ابن عمر قال: من يأكل الغراب وقد سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاسقًا والله ما هو من الطيبات.
وأخرج أبو داود والترمذي من طريق إبراهيم بن عمر بن سفينة عن أبيه عن جده قال: «أكلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم حباري».
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي موسى قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل لحم دجاج».
وأخرج أبو داود والترمذي وصححه النسائي وابن ماجة عن عبد الرحمن بن أبي عمار قال: قلت لجابر: الضبع أصيد هي؟ قال: نعم قلت: آكلها؟ قال: نعم قلت: أقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله: {مُحَرَّمًا} منصوب بقوله: {لا أجِدُ} وهو صِفَة لمَوْصُوف محذوف؛ حذف لدلال قوله: {على طَاعِم يَطْعَمُهُ}، والتقدير: لا أجد طعامًا مُحَرّمًا، و{عَلَى طَاعِمٍ} متعلِّق بـ {مُحَرَّمًا}، و{يَطْعَمُهُ} في محل جرِّ صِفَة لـ {طَاعِم}.
وقرأ الباقر ونقها مكيِّ عن أبي جَعْفَر: {يَطَّعِمُهُ} بتشديد الطَّاءِ، وأصلها يتطعمه افتعال من الطعم، فأبدلت التاء طاءً لوقوعها بعد طاء للتقارب، فوجب الإدغام.
وقرأت عائشة، ومحمَّد بن الحَنَفِيَّة، وأصحاب عَبْد اللَّه بن مَسْعُود رضي الله عنهم: {تَطَعَّمه} بالتاء من فَوْق وتشديد العَيْن فعلًا مَاضِيًا.
قوله: {إلاَّ أنْ يَكُون}: مَنْصُوب على الاسْتثْنَاء، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه مُتَّصِل قال أبو البقاء: استثناء من الجنْس، وموضعُه نَصْب، أي: لا أجد مُحَرَّمًا إلا المَيْتَة.
والثاني: أنه مُنْقَطِع، قال مكِّي: وأن يكُون في مَوْضِع نَصْب على الاستِثْناء المُنْقَطع.
وقال أبو حيان: و{إلاَّ أنْ يكون} استثناء مُنْقَطِع؛ دلالئله كَوْن، وما قَبْلَه عين، ويَجُوز أنْ يكُون مَوْضِعُه نَصْبًا بدلًا على لُغَة تَمِيم، ونَصْبًا على الاستثناء على لُغَة الحِجَاز، يعني أن الآستثنْاء المُنْقَطِع في لُغَتان:
إحداهما: لغة الحَجَاز، وهو وُجُوب النَّصْبِ مطلقًا.
وثانيتهما: لغة التَّمِيمِيٍّن- يجعلونه كالمُتَّصِل، فإن كان في الكلامِ نَفْيٌ أو شبْهُه، رُجِّح البدل، وهُنَا الكلام نَفْيٌ فيترَجَّحُ نَصْبُه عند التَّميميِّين على البدل، دُون النَّصْب على الاسْتثْنَاء؛ فنصْبه من وَجْهَين، وأمَّا الحِجَاز: فنصبه عِنْدهم من وجْهٍ وَاحِد، وظاهِر كلام أبي القَاسِم الزَّمَخْشَريِّ أن مُتَّصِل؛ فإنه قال: {مُحَرَّمًا} أي: طعَامًا مُحَرَّمًا من المطاعِم التي حَرَّمْتُمُوهَا إلاَّ أن يكُون مَيْتَة، أي: إلاَّ أن يكون الشَّيء المُحَرَّم مَيْتة.
وقرأ ابن عامر في روايةٍ: {أوحَى} بفتح الهمزة والحَاءِ منبيا للفَاعِل؛ وقوله تعالى: {قُل ءَآلذَّكَرَيْنِ} وقوله: {نَبِّئُونِي}، وقوله أيضًا: {آلذّكَرَيْن} ثانيًا، وقوله: {أمْ كُنْتُم شُهْدَاء} جمل اعْتِرَاض بين المَعْدُودَات الَّتِي وَقَعت تَفْصِيلًا لِثَمانِيَة أزْواج.
قال الزَّمَخْشَرِيُّ: فإن قُلْت: كيف فَصَل بين المَعْدُود وبين بَعْضِه ولم يُوَالِ بَيْنَه؟.
قلت: قد وقع الفَاصِل بَيْنَهُما اعْتِرَاضًا غير أجْنَبيِّ من المَعْدُود؛ وذلك أنَّ الله- عزَّ وجلَّ- مَنَّ على عِبَاده بإنْشَاء الأنْعام لمَنَافِهِم وبإياحتها لَهُم، فاعترض بالاحْتِجَاج على مَنْ حَرَّمها، والاحْتِجَاجُ على مَنْ حَرَّمَها تأكيدٌ وتَشديدٌ للتَّحْلِيلن والاعْتِراضَات في الكلامِ لا تُسَاقُ إلا للتَّوْكِيد.
وقرأ ابن عامر: {إلاَّ أنْ تكُون مَيْتَةٌ} بالتَّأنيث ورفع {مَيْتَةٌ} يعني: إلا أن يوجَد مَيْتَةٌ، فتكون تَامَّة عِنْدَه، ويَجُوز أن تكون النَّاقِصَة والخبرُ محذوف، تقديرهُ: إلا أنْ يَكُون هُنَاك مَيْتَة، وقد تقدَّم أن هذا مَنْقُولٌ عن الأخْفَشِ في قوله قبل ذلك {وَإِن يَكُن مَّيْتَةً} [الأنعام: 139].
وقال أبو البقاء: ويقرأ برفع {مَيْتَةٌ} على أن تكون تامَّة، وهو ضعيف؛ لأن المَعْطُوف مَنْصُوب.
قال شهاب الدِّين: كيف يُضَعَّف قراءة مُتواتِرة؟ وأما قوله: لأن المَعْطُوف مَنْصُوب فذلك غير لازم؛ لأن النَّصْب على قِرَاءة مَنْ رَفَع {مَيْتَة} يكون نَسَاٌ على مَحَلِّ {أنْ تَكُون} الواقِعَة مسْتَثْنَاة، تقديره: إلاَّ أن يَكُون مَيْتَة، وإلا دمًا مَسْفُوحًا، وإلاَّ لَحْم خِنْزِير.
وقال مكِّي: وقرأ أبو جعفر: {إلاَّ أنْ تكُون} بالتَّاء، {مَيْتَةٌ} بالرفع ثم قال: وكان يَلْزَم أبَا جَعْفَر أن يَقْرَأ أوْ دَمٌ بالرفع، وكذلك ما بَعْدَه.
قال شهاب الدين: هذه قِراءة ابن عامر، نَسَبَها لأبي جَعْفَر يزيد بن القَعْقاع المَدَنِي شَيْخُ نَافِع؛ وهو مُحْتَمل، وقوله: كان يَلْزَمُه إلى آخره هو مَعْنى ما ضَعَّفَ به أبُو البقاء هذه القراءة، وتقدَّم جواب ذلك، واتَّقَق أنَّ ابن عامرٍ يقرأ: {وَإِن تَكُنْ مَيْتَةٌ} بالتَّأنيث والرَّفْع وهنا كذلك.
وقرأ ابن كثير وحمزة: {تَكُون} بالتَّأنيث، {مَيْتَة} بالنَّصْب على أن اسْم {تكُونَ} مُضْمَر عَائِدٌ على مُؤنَّث أي: إلا أن يكُون المَأكُولُ أوالنَّفْسُ أو الجُثَّةُ مَيْتَة، ويجوز أن يَعُود الضَّمِير من {تكُون} على {مُحَرَّمًا} وإنَّما أنَّث الفعل لتأنيث الخبر؛ كقوله: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن} [الأنعام: 23] بنصب {فِتْنَتِهم} وتأنيث {تَكُنْ}.
وقرأ الباقون: {يَكُونَ} بالتَّذْكير، {مَيْتِةً} نصبًا، واسم {يَكُون} يعود على قوله: {مُحَرَّمًا} أي: إلاَّ أنْ يَكُون ذلك المُحَرَّم، وقدّره أبُو البقاء ومَكِّي وغيرُهما: إلاَّ أنْ يكُون المَأكولُ، أو ذَلِك مَيْتَةً.
قوله: {أو دَمًا مَسْفُوحًا} {دمًا} على قرءاة العامَّة: معطوفُ على خبر {يَكُون} وهو {مَيْتَة} وعلى قراءة ابن عامرٍ وأبي جعفرك معطوف على المُسَتَثْنَى، وهو {أنْ يَكُون} وقد تقدَّم تحرير ذلك.
و{مَسْفُوحًا} صفة لـ {دَمًا} والسَّفْحُ: الصبُّ، وقيل: السَّيَلان، وهو قريبٌ من الأول، وسَفَحَ يستعمل قاصِرًا ومتعدِّيًا؛ يقال: سَفَحَ زيدٌ دَمْعَه ودَمَهُ، أي: أهْرَاقَه، وسَفَح هُو، إلاَّ أن الفَرق بينهما وَقَع باخْتِلاف المَصدر، ففي المُتعدِّي يقال: سَفْح وفي اللاَّزِم يقال: سُفُوح، ومن التّعَدِّي قوله تعالى: {أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا}؛ فإن اسْم المفعُول التَّامَ لا يُبْنَى إلا مِنْ مُتَعَدِّ، ومن اللُّزُوم ما أنْشَده أبو عبيدة لِكُثَيِّرَة عَزَّة: [الطويل]
أقُولُ وَدَمْعِي وَاكِفٌ عِنْدَ رَسْمِهَا ** عَلَيْك سلامُ اللَّهِ والدَّمْعُ يَسْفَحُ

وقوله: {فإنَّهُ رِجْسٌ} إمَّا على المُبَالغَة بأن جُعِلَ نَفْسَ الرِّجْس، أو على حَذْف مضافٍ، وله نَظَائر.
قوله: {أوْ فِسْقًا} فيه ثلاثة أوجُه:
أحدها: انه عَطْف على خَبَر {يَكُون} أيضًا، أي: إلا أن يكُون فِسْقًا.
و{أهلَّ} في محل نصب؛ لأنه صِفَة له؛ كأنه قيل: أو فِسْقًا مُهَلًا به لِغَيْر اللَّه، جعل العَيْن المُحُرَّمَة نَفْس الفِسْق؛ مُبَالغَة، أو على حَذْف مُضَافٍ، ويُفَسِّره ما تقدَّم من قوله: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 21]
الثاني: أنه مَنْصُوب عَطْفا على محلِّ المسْتَثْنَى، أي: إلا أنْ يكون مَيْتَة أو إلاَّ فِسْقًا، وقوله: {فإنَّه رِجْسٌ} اعْتِرَاض بين المُتعاطِفَيْن.
والثالث: أن يكون مَفْعُولًا من أجْلِه، والعَامِل فيه قوله: {أهِلَّ} مقدَّمٌ عليه، ويكون قد فَصَل بين حَرْف العَطْفِ وهو أوْ وبَيْن المَعْطُوف وهو اجملة من قوله: أهِلَّ بهذا المَفْعُول من أجْلِه؛ ونظيره في تَقْدِيم المَفْعُول له على عَامِلهِ قوله: [الطويل]
طَرِبْتُ وَمَا شَوْقًا إلى البيضِ أطْربُ ** وَلاَ لِعِبًا مِنِّي وذُو الشَّيْبِ يَلْعَبُ

و{أهِلَّ} على هذا الإعْرَاب عَطْفٌ على {يكون} والضَّمِير في {به} عائدٌ على ما عَادَ عليه الضَّمِيرُ المُسْتَتِر في {يَكُون}، وقد تقدم تَحْقِيقه، قاله الزمخشري.
إلاَّ أن أبا حيَّان تعقَّب عليه ذلك؛ فقال: وهذا إعْرَاب متكَلِّفٌ جدًا، وترْكِيبُه على هذا الإعارب خارج عن الفَصَاحةِ، وغير جَائزٍ على قراءة من قرأ {إلا أنْ يكُون مَيْتَةٌ} بالرَّفْع، فيبقى الضَّمير في {به} لَيْس له ما يَعُود عليه، ولا يجوز أن يُتكَلَّف مَحْذُوف حتى يَعُود الضَّمير علي، فيكون التَّقْدير: أو شَيءٌ أهِلَّ لِغَيْر الله به، لأن مِثْل هذا لا يَجُوز إلاَّ في ضَرُورة الشِّعْر.
قال شهاب الدِّين: يَعْنِي بذلك: أنَّه لا يُحْذَف الموصُوف والصِّفَة جُمْلَةً، إلا إذا كان في الكلام مِنْ التَّبْعِيضيَّة؛ كقولهم مِنَّا ظَعَنَ ومنَّا أقَام أي: منا فَريقٌ ظعن، ومنَّا فَرِيقٌ أقَام فإن لم يكن فيه مِنْ كان ضَرورة؛ كقوله: [الزجر]
تَرْمِي بِكَفِّيْ كانَ مِنْ أرْمَى البَشَرْ

أي: بكفَّي رَجُلِ؛ وهذا رأي بَعَضهم، وأما غَيْرَه فَيَقُول: متى دلَّ على المَوْصُوف، حُذِف مُطْلقًا، فقد يجُوز أن يَرَى الزَّمَخْشَري هذا الرَّأي. اهـ. باختصار.