فصل: قال سيد قطب في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ودخوله كلمة أو كدخولها في قوله تعالى: {ولا تطع منهم آثمًا أو كفورًا} [الدهر: 24] والمعنى كل هؤلاء أهل أن يعصى فاعص هذا واعص هذا فكذا هاهنا المعنى حرمنا عليهم هذا وهذا {ذلك} الجزاء وهو تحريم الطيبات {جزيناهم ببغيهم} بسبب قتلهم الأنبياء وأخذهم الربا واستحلالهم أموال الناس بالباطل وغير ذلك من قبائح أفعالهم {وإنا لصادقون} في هذه الأخبار أو فيما يوعد به العصاة. قال القاضي: نفس التحريم لا يجوز أن يكون عقوبة على جرم صدر عنهم لأن التكليف تعريض للثواب والتعريض للثواب إحسان. وأجيب بأن المنع من الانتفاع يمكن أن يكون لمزيد الثواب ويمكن أن يكون بشؤم الجرم المتقدم {فإن كذبوك} في ادعاء النبوّة والرسالة أو في تبليغ الأحكام، وعلى أصول المعتزلة فإن كذبوك في إنجاز إيعاد العصاة وزعموا أن الله واسع الرحمة وأنه يخلف الوعيد جودًا وكرمًا. {فقل ربكم ذو رحمة واسعة} فلذلك لا يعجل بالعقوبة {ولا يردّ بأسه} إذا جاء وقت عذابه {عن القوم المجرمين} يعني المكذبين. وعلى أصولهم رحمته واسعة لأهل طاعته ولا يرد بأسه مع ذلك عن الذين ارتكبوا الكبائر فماتوا قبل التوبة.
ثم حكى أعذار الكفار الواهية فقال: {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا} وإنما جاز العطف عل الضمير المرفوع المتصل من غير أن أكد بالمنفصل لمكان الفصل بعد حرف العطف بلا الزائدة لتأكيد النفي. أخبر الله تعالى بما سوف يقولونه ولما قالوه. قال في سورة النحل: {وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء} [النحل: 35] وإنما قال في سورة النحل بزيادة نحن ومن دونه مرتين لأن الإشراك مستنكر مطلقًا. فلفظ الإشراك يدل على إثبات شريك لا يجوز إثباته، وعلى تحليل أشياء وتحريم أشياء من دون الله فلم يحتج إلى لفظ من دونه، وأما العبادة فإنها غير مستنكرة على الإطلاق وإنما المستنكر عبادة شيء مع الله سبحانه، ولا تدل على تحريم شيء فلم يكن بد من تقييده بقوله: {من دونه} ولما حذف من الآية لفظة {من دونه} مرتين حذف معه {نحن} لتطرد الآية في حكم التخفيف. أما تفسير الآية فزعمت المعتزلة أنها تدل على قولهم في مسألة إرادة الكائنات من سبعة أوجه: الأول أن الذي حكى عن الكفار في معرض الذم والتقبيح وذلك قولهم: لو شاء الله منا أن لا نشرك لم نشرك هو صريح قول المجبرة فيكون هذا المذهب مذمومًا. الثاني قوله: {كذلك كذب الذين من قبلهم} فلم يذكر المكذب به تنبيهًا على أنهم جاؤا بالتكذيب المطلق لأن الله عز وعلا ركب في العقول وأنزل في الكتب ما دل على غناه وبراءته من مشيئته القبائح وإرادتها، والرسل أخبروا بذلك فمن علق وجود القبائح من الكفر والمعاصي بمشيئة الله وإرادته فقد كذب التكذيب كله وهو تكذيب الله ورسوله وكتبه ونبذ أدلة السمع والعقل وراء ظهره.
والحاصل أن هذا طريق متعين لكل الكفار المتقدمين منهم والمتأخرين في تكذيب الأنبياء وفي دفع دعوتهم عن أنفسهم لأنهم يقولون الكل بمشيئة الله تعالى. الثالث قوله: {حتى ذاقوا بأسنا} وذلك يدل على أنهم استوجبوا الوعيد من الله تعالى في هذا المذهب. الرابع قوله: {قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا} وإنه استفهام على سبيل الإنكار أي لا علم لهؤلاء القائلين ولا حجة الخامس: {إن تتبعون إلا الظن} السادس: {وإن أنتم إلا تخرصون} السابع: {قل فلَّله الحجة البالغة} لأنه أزال الأعذار بالتمكين والإقدار فلم يبق لكم على الله حجة وإنما الحجة البالغة له عليكم وذلك أنكم تقولون: لو أتينا بعمل على خلاف مشيئة الله لزم أن يكون الإله عاجزًا مغلوبًا. وهذا الكلام غير لازم لأن الله قادر على أن يحملكم على الإيمان والطاعة على سبيل القهر والإلجاء إلا أن ذلك يبطل الحكمة المطلوبة من التكليف وهذا هو المراد من قوله: {فلو شاء لهداكم أجمعين} وبوجه آخر إن كان الأمر كما زعمتم أن ما أنتم عليه بمشيئة الله فلَّله الحجة الكاملة عليكم فإن تعليقكم دينكم بمشيئة الله يقنضي أن تعلقوا دين من يخالفكم أيضًا بمشيئته فتوالوا جميع أهل الأديان ولا تعادوهم. أجابت الأشاعرة بأنا قد بينا بالدلائل القاطعة من أول القرآن إلى هاهنا صحة مذهبنا فوجب تأويل هذه الآية دفعًا للتناقض فنقول: إن القول كانوا يتمسكون بمشيئة الله تعالى في إبطال دعوة الأنبياء، وفي أن التكليف عبث فبين الله تعالى أن ذلك من تكاذيبهم وأكاذيبهم، وأن التشبث بهذا العذر لا يفيدهم لأنه إله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا اعتراض لأحد عليه، شاء الكفر من الكافر ومع ذلك بعث الأنبياء وأمر بالإيمان، وورود الأمر على خلاف الإرادة غير ممتنع ويؤيد ذلك ما روي عن ابن عباس: أول ما خلق الله القلم فقال: اكتب القدر فجرى بما يكون إلى قيام الساعة. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: «المكذبون بالقدر مجوس هذه الأمة» ثم إن ظاهر آخر الآية معناه وهو قوله: {فلو شاء لهداكم أجمعين} وحمل المشيئة على مشيئة الإلجاء والقسر تعسف والله أعلم. ثم لما أبطل جميع حجج الكفار بين أنه ليس لهم على قولهم شهود فقال: {قل هلم} ومعناه إذا كان لازمًا أقبل وإذا كان متعديًا أحضر. قال الخليل: أصله هالم من قولهم لمَّ الله شعثه أي جمعه كأنه قال: لمَّ نفسك إلينا أي أقرب والهاء للتنبيه واستعطاف المأمور، ثم حذفت ألفها لكثرة الاستعمال وجعلا اسمًا واحدًا يستوي فيه الواحد والجمع والتذكير والتأنيث في لغة أهل الحجاز، وأهل نجد يصرفونها هلما هلموا هلمي هلممن والأول أفصح وقد يوصل بإلى كقوله تعالى: {والقائلين لإخوانهم هلم إلينا} [الأحزاب: 18] وقال الفراء: أصلها هل أم أرادوا بهل حرف الاستفهام ومعنى أم اقصد. وقيل: إن أصل استعماله أن قالوا هل لك في الطعام أم أي اقصد. ثم شاع في الكل. أمر الله تعالى نبيه باستدعاء إقامة الشهداء من الكافرين ليظهر أن لا شاهد لهم على تحريم ما حرموه. وإنما لم يقل شهداء يشهدون لأنه ليس الغرض أحضار أناس يشهدون بالتحريم وإنما المراد إحضار شهدائهم الموسومين بالشهادة لهم المعروفين بنصرة مذهبهم ولهذا قال: {فإن شهدوا} أي فإن وقعت شهادتهم {فلا تشهد معهم} أي لا تسلم لهم ما شهدوا به ولا تصدقهم لأن شهادتهم محض الهوى والتعصب ولأجل ذلك قال أيضًا: {ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا} فوضع الظاهر موضع المضمر تسجيلًا عليهم بالتكذيب وليرتب عليه باقي الآية فيعلم أن المتصف بهذه الصفات لا تكون شهادتهم عند العقلاء مقبولة. اهـ.

.قال سيد قطب في الآيات السابقة:

{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141)} إلى قوله تعالى: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (150)}
بعد ذلك يردهم السياق إلى الحقيقة الأولية التي ضلوا عنها، والتي أشار إليها إشارة في أول هذا الحديث بقوله: {وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا}.. يردهم إلى مصدر الحرث والأنعام التي يتصرفون في شأنها هذه التصرفات؛ ويتلقون في شأنها من شياطين الإنس والجن الذين لم يخلقوها لهم ولم ينشئوها.. إن الله هو الذي ذرأ الحرث والأنعام، متاعا للناس ونعمة؛ ذرأها لهم ليشكروا له؛ ويعبدوه وما به سبحانه من حاجة إلى شكرهم وعبادتهم، فهو الغني ذو الرحمة، إنما هو صلاح حالهم في دينهم ودنياهم- فما بالهم يحكمون من لم يخلق شيئًا، فيما ذرأ الله من الحرث والأنعام؟ وما بالهم يجعلون لله نصيبا، ولأولئك نصيبا، ثم لا يقفون عند هذا الحد فيتلاعبون- تحت استهواء أصحاب المصلحة من الشياطين- في النصيب الذي جعلوه لله؟!
إن الخالق الرازق هو الرب المالك.
الذي لا يجوز أن يُتصرف في هذا المال إلا بإذنه ممثلا في شرعه. وشرعه ممثل فيما جاء به رسوله من عنده، لا فيما يدعي الأرباب المغتصبون لسلطان الله أنه شريعة الله!
{وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين}.
إن الله- سبحانه هو الذي خلق هذه الجنات ابتداء- فهو الذي أخرج الحياة من الموات- وهذه الجنات منها الإنسيات المعروشات التي يتعهدها الإنسان بالعرائش والحوائط؛ ومنها البريات التي تنبت بذاتها- بقدر الله- وتنموا بلا مساعدة من الإنسان ولا تنظيم. وإن الله هو الذي أنشأ النخل والزرع مختلف الألوان والطعوم والأشكال. وإن الله هو الذي خلق الزيتون والرمان، منوع الصنوف متشابها وغير متشابه، وإنه سبحانه هو الذي خلق هذه الأنعام وجعل منها {حمولة} عالية القوائم بعيدة عن الأرض حمالة للأثقال. وجعل منها {فرشًا} صغيرة الأجسام قريبة من الأرض يتخذ من أصوافها وأشعارها الفرش..
إنه هو سبحانه الذي بث الحياة في هذه الأرض؛ ونّوعها هذا التنويع؛ وجعلها مناسبة للوظائف التي تتطلبها حياة الناس فىلأرض.. فكيف يذهب الناس- في مواجهة هذه الآيات وهذه الحقائق- إلى تحكيم غير الله في شأن الزروع والأنعام والأموال؟
إن المنهج القرآنى يكثر من عرض حقيقة الرزق الذي يختص الله بمنحه للناس، ليتخذ منها برهانا على ضرورة إفراد الله سبحانه بالحاكمية في حياة الناس. فإن الخالق الرازق الكافل وحده؛ هو الحقيق بأن تكون له الربوبية والحاكمية والسلطان وحده.. بلا جدال:
وهنا يحشد السياق مشاهد الزرع والإثمار، ومشاهد الأنعام وما فيها من نعم الله.. يحشد هذه المؤثرات في صدد قضية الحاكمية، كما حشدها من قبل في صدد قضية الألوهية.. فيدل على أن هذه وتلك قضية واحدة في العقيدة الإسلامية.
وعندما يذكر الزروع والثمار يقول: {كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}..
والأمر بإيتاء حقه يوم حصاده هو الذي جعل بعض الروايات تقول عن هذه الآية إنها مدينة. وقد قلنا في التقديم للسورة: إن الآية مكية، لأن السياق في الجزء المكي من السورة لا يتصور تتابعه بدون هذه الآية. فإن ما بعدها ينقطع عما قبلها لو كانت قد تأخرت حتى نزلت في المدينة.
وهذا الأمر بإيتاء حق الرزع يوم حصاده، لا يتحتم أن يكون المقصود به الزكاة. وهناك روايات في الآية أن المقصود هو الصدقة غير المحددة.. أما الزكاة بأنصبتها المحددة فقد حددتها السنة بعد ذلك في السنة الثانية من الهجرة..
وقوله تعالى: {ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}..
ينصرف إلى العطاء، كما ينصرف إلى الأكل. فقد روي أنهم تباروا في العطاء حتى أسرفوا، فقال الله سبحانه: {ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}..
وعندما يذكر الأنعام يقول: {كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين}..
ذلك ليذكرهم أن هذا رزق الله وخلقه، والشيطان لم يخلق شيئا. فما بالهم يتبعونه في رزق الله؟ ثم ليذكرهم أن الشيطان لهم عدو مبين. فما بالهم يتبعون خطواته وهو العدو المبين؟!
ثم يأخذ السياق في مواجهة دقيقة يتتبع بها مكامن الأوهام الجاهلية. ليلقي عليها الضوء، ويستعرضها واحدا واحدا، وجزئية جزئية؛ فيكشف فيها عن السخف الذي لا يمكن تعليله ولا الدفاع عنه؛ والذي قد يخجل منه صاحبه نفسه، حين يكشف له في النور؛ وحين يرى أن لا سند له فيه من علم ولا هدى ولا كتاب منير:
{ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبئوني بعلم إن كنتم صادقين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}..
فهذه الأنعام التي يدور حولها الجدل؛ والتي ذكر في الآية السابقة أن الله خلقها لهم، هي ثمانية أزواج- وكل من الذكر والأنثى يطلق عليه لفظ زوج عندما يكون مع رفيقه- زوج من الضأن وزوج من المعز. فأي منها حرمه الله على أي من الناس؟ أم إنه حرم أجنتها في البطون؟
{نبئوني بعلم إن كنتم صادقين}..
فهذه الشؤون لا يفتى فيها بالظن، ولا يقضى فيها بالحدس، ولا يشرع فيها بغير سلطان معلوم.
وبقية الأزواج ذكر وأنثى من الإبل؛ وذكر وأنثى من البقر. فأيها كذلك حرم؟ أم أجنتها هي التي حرمها الله على الناس؟ ومن أين هذا التحريم: {أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا}..
فحضرتم وشهدتم وصية الله لكم خاصة بهذا التحريم. فما ينبغي أن يكون هناك تحريم بغير أمر من الله مستيقن. لا يرجع فيه إلى الرجم والظنون.
وبهذا يرد أمر التشريع كله إلى مصدر واحد.. وقد كانوا يزعمون أن الله هو الذي شرع هذا الذي يشرعونه. لذلك يعالجهم بالتحذير والتهديد: {فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}.
إنه لا أحد أظلم ممن يفتري على الله شريعة لم يأذن بها، ثم يقول: شريعة الله! وهو يقصد أن يضل الناس بغير علم، إنما هو يحيلهم إلى هدى أو ظن.. أولئك لن يهديهم الله؛ فقد قطعوا ما بينهم وبين أسباب الهدى. وأشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا.. والله لا يهدي القوم الظالمين..
والآن وقد كشف لهم عما في معقتداتهم وتصوراتهم وتصرفاتهم من وهن وسخف وهزال. وقد بين لهم أنها لا تقوم على علم ولا بينة ولا أساس. وقد ردهم إلى نشأة الحرث والأنعام التي يتصرفون فيها من عند أنفسهم، أو بوحي شياطينهم وشركائهم، بينما هؤلاء لم يخلقوها لهم، إنما الذي خلقها لهم هو الله، الذي يجب أن تكون له وحده الحاكمية فيما خلق وفيما رزق، وفيما أعطى من الأموال للعباد..
الآن يقرر لهم ما حرمه الله عليهم من هذا كله. ما حرمه الله حقًا عن بينة ووحي، لا عن ظن ووهم. والله هو صاحب الحاكمية الشرعية، الذي إذا حرم الشيء فهو حرام، وإذا أحله فهو حلال؛ بلا تدخل من البشر ولا مشاركة ولا تعقيب في سلطان الحاكمية والتشريع.. وبالمناسبة يذكر ما حرمه الله على اليهود خاصة، وأحله للمسلمين، فقد كان عقوبة خاصة لليهود على ظلمهم وبعدهم عن شرع الله!